من بوابة إعادة الإعمار.. صحيفة إسرائيلية: الإمارات تسعى لبسط نفوذها على سوريا

منذ ٥ أيام

12

طباعة

مشاركة

بينما تبدي من جهةٍ قلقَها بشأن الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، تسعى الإمارات من جهة أخرى لبسط نفوذها على الإدارة السورية الجديدة من بوابة “إعادة الإعمار”، بحسب صحيفة “معاريف” العبرية.

وسلطت الصحيفة الضوء على مخططات الإمارات بشأن سوريا، مستعرضة جهود ودوافع أبوظبي في دعم نظام الأسد خلال السنوات الأخيرة، وصولا إلى الوضع الجديد، الذى "يضع سياستها الخارجية على المحك".

ويكشف تقرير الصحيفة تفاصيل التواصل بين أبوظبي وواشنطن بشأن كيفية التعامل مع القيادة السورية الجديدة، موضحا كيف يشكل الاستثمار في سوريا مكسبا اقتصاديا وأمنيا وإستراتيجيا لأبوظبي.

وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بحث وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد خلال اتصال هاتفي مع أسعد الشيباني، وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، آخر التطورات السورية، وسبل تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات ذات الاهتمام المشترك.

فوضى كبيرة

يبدأ التقرير بتوضيح موقف الإمارات الرسمي من سقوط النظام السوري قائلا: "على خلفية الانهيار الدراماتيكي لنظام الأسد في دمشق، أعلنت الإمارات أنها "قلقة للغاية بشأن الفوضى والأضرار التي لحقت بسلامة الأراضي السورية".

من جهته، يرى الموقع أن "سقوط نظام البعث العلماني، بعد أكثر من 60 عاما من الحكم القمعي الاستبدادي والوحشي، قد يخلق فوضى سياسية وأمنية خطيرة".

وتابع مزاعمه: "حيث تعد سوريا بالفعل مركز جذب لعدد لا يحصى من الجماعات المسلحة المختلفة، وتتدفق هذه الجماعات من العراق وأفغانستان وباكستان، وكذلك من دول آسيا الوسطى، بما في ذلك أوزبكستان وطاجيكستان القريبة من الصين".

ويتابع: "علاوة على ذلك، فإن المراقبة الجيوسياسية والإستراتيجية الواسعة تظهر أن سقوط النظام وتفكك سوريا، وبشكل رئيس على خلفية إضعاف إيران وانهيار المحور الشيعي، يؤثر بشكل جذري على خريطة العلاقات والمخاطر في الشرق الأوسط".

وأردف: "إن صعود الإسلام السياسي في سوريا، خاصة دعم تركيا للمعارضين السوريين والتنظيمات المسلحة هناك، هي عمليات وتطورات خطيرة للغاية بالنسبة للإمارات".

كل ذلك "يعكس وضعا جديدا شديد الانفجار، يضخم أبعاد التهديد الأمني، ويزعزع ميزان القوى في العالم الإسلامي، ويلقي بظلاله على مستقبل سوريا ومصير المنطقة برمتها".

ويوضح الموقع أن "الدول غير العربية في المنطقة كتركيا وإسرائيل، وحتى إيران، هي التي تتنافس هذه الأيام على تشكيل وجه سوريا وتنظيم حكومتها الجديدة".

قلق متزايد

في هذه الأثناء، تبرز الإمارات كلاعب قلق من ذلك التغيير، ويوضح التقرير بواعث هذا التوجس.

قائلا: "فدولة الإمارات، إلى جانب العديد من الدول العربية بقيادة السعودية ومصر والأردن، يشعرون بقلق متزايد بشأن دعم تركيا وقطر للجماعات الإسلامية، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام".

ويضيف: "بل إن بعض الجماعات ترتبط بحركة الإخوان المسلمين، التي تعدها تلك الدول تهديدا خطيرا لها؛ حيث يمكن أن يعمل إسقاط نظام الأسد على تعزيز فروع الإخوان في جميع أنحاء الشرق الأوسط والخليج".

وأردف: "كما أن الاستيلاء السريع لهذه الجماعات المسلحة على مناطق واسعة في وسط سوريا، مع مهاجمة القوات الكردية بمساعدة الجيش التركي، يعقّد الأزمة".

بالإضافة إلى ذلك، "فإن اتساع نطاق الصراع على السلطة بين هذه الجماعات، إلى جانب تعدد القوى المتمردة، بما في ذلك مقاتلو تنظيم الدولة والقاعدة، الذين يتنافسون فيما بينهم على الموارد ومناطق السيطرة، يزيد من تفاقم أبعاد الفوضى السورية"، يقول التقرير.

ويكمل: "كل ذلك يزيد من حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار الأمني، الذي يشع على دول المنطقة كافة ويهدد، من بين أمور أخرى، استقرار الدولة الإماراتية".

"وتُفسر هذه المعطيات، دعوة كبار قادة أبوظبي إدارة بايدن في واشنطن، إلى الامتناع عن التعاون مع الفصائل السنية والجماعات الإسلامية التي أطاحت بالنظام في دمشق، ويقومون الآن بتشكيل الحكومة الجديدة في سوريا"، وفقا للموقع.

ومع ذلك، "وعلى الرغم من هذه التصريحات العلنية، انضمت الإمارات شريك إسرائيل الكبير في اتفاقيات أبراهام إلى بيان يدين بشدة قرار إسرائيل "توسيع المستوطنات في مرتفعات الجولان المحتلة"، كما يقول التقرير.

وتابع: "ورأت أبوظبي أن هذا القرار الخاطئ ينتهك السياسة الدولية، حيث تشكل تحركات إسرائيل تهديدا لأمن واستقرار وسيادة الجمهورية العربية السورية، بل وربما تؤدي إلى مزيد من التصعيد في التوترات الأمنية الإقليمية".

حساب المصالح 

وينتقل الموقع إلى تحليل سياسة الإمارات خلال السنوات السابقة مع نظام الأسد، حيث "إن الإمارات تُعد واحدة من الدول العربية القليلة التي اعترفت بسوريا منذ عام 2018".

وأضاف الموقع: "استضافت الإمارات لأول مرة الرئيس بشار الأسد في أبو ظبي، وقادت جهود إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية في عام 2023".

واستطرد: "وقفت قيادة الإمارات وراء تجديد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية ومصر والبحرين ودول أخرى مع سوريا، بعد قطيعة بدأت مع اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، حيث كانت تهدف إلى استعادة مكانة سوريا وصورتها في العالم الإسلامي".

اقتصاديا، كانت "تسعى أبوظبي لإعادة إعمار الدولة واقتصادها المنهار، حيث وصلت نسبة التضخم إلى أكثر من 100 بالمئة، مع تدهور كبير في قيمة العملة وشحّ شديد في الموارد؛ إذ يعيش 70 بالمئة من السكان تحت خط الفقر، حيث رأت الإمارات أن هذا التحرك يُعد خطوة سياسية واقتصادية غاية في الأهمية".

وبحسب التقرير، كان "يهدف هذا التحرك الإستراتيجي إلى إحداث شرخ في علاقات سوريا مع إيران، وعرقلة تعزيز نفوذ إيران وتأثيرها في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط".

علاوة على ذلك، كانت ترى القيادة الإماراتية من خلال رؤيتها الإستراتيجية أن إعادة إدماج الأسد في المنطقة وإعادة بناء النظام في دمشق، يُعد فرصة لتعزيز نطاق المصالح الإماراتية خارج الشرق الأوسط.

وتابع الموقع موضحا أنه "إلى جانب ترسيخ موقعها القيادي أمام السعودية وتعزيز مكانتها بين دول الخليج، تسعى حكومة أبو ظبي إلى توطيد علاقاتها مع روسيا، التي أسهمت مع إيران في منع انهيار النظام في دمشق عام 2015".

كما "كانت تهدف الإمارات إلى منع حدوث انقسامات داخل العالم العربي، قد تؤدي إلى تعميق الشروخ الداخلية بين الدول، خصوصا على خلفية تصاعد التوتر بين الصين والولايات المتحدة".

ويوضح التقرير دور أبوظبي في تحييد سوريا عن الحرب مع الاحتلال قائلا: ولم يقتصر الأمر على تسريع عملية تطبيع العلاقات مع سوريا، وخاصة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بل استغلّت الإمارات ذلك للضغط على دمشق من أجل الامتناع عن التدخل في حرب الإبادة بغزة.

وأردف: "يأتي هذا في وقت لم تُوجّه فيه سوريا أي انتقاد لعلاقات الإمارات مع إسرائيل، ويُعد ذلك إنجازا دبلوماسيا مهما في حد ذاته، يُبرز الأهمية الإستراتيجية لاتفاقيات إبراهيم بصورة أكبر".

اختبار صعب

وبخصوص الوضع الحالي في سوريا، يعتقد التقرير أنه "في ضوء كل تلك المعطيات، فإن سقوط نظام الأسد يضع السياسة الخارجية للدولة الإماراتية أمام اختبار صعب".

ويشرح وجهة نظره قائلا: "حيث يتطلب استمرار تأثير الإمارات في سوريا تقديم تنازلات كبيرة في مجال إنجازاتها الدبلوماسية، وتبني نهج جديد ومواصلة الحوار مع أي حكومة سورية جديدة قد تتشكل في دمشق، سواء كانت إسلامية أو جهادية، ومهما كانت متطرفة".

في الوقت ذاته، يتوقع الموقع أن "يؤدي تقويض الاستقرار في سوريا، الذي بدأ يؤثر بالفعل على الأمن الإقليمي، إلى استمرار فرض العقوبات الدولية عليها".

مع ذلك، يشير التقرير إلى أن "الضغط الذي تمارسه أبوظبي والرياض على إدارة بايدن في واشنطن، في هذه الأيام، للمطالبة بتجنب تجديد العقوبات على سوريا بعد انتهاء مهلتها، قد يسمح لهما باستثمار موارد ضخمة في تطوير وإعادة إعمار الدولة والاقتصاد السوري".

"ورغم أن نظام الأسد ترك وراءه (أرضا محروقة)، فإن هذه الوضعية تمثل (منجم ذهب) بالنسبة لهما"، يقول الموقع.

ويضيف: "إذ بخلاف حل مسألة اللاجئين السوريين، فإن الاستثمار في تطوير وبناء البنية التحتية للطاقة، والنقل، والتجارة في سوريا –الذي من المتوقع أن يستمر لعشر سنوات ويصل إلى حوالي 400 مليار دولار حسب تقديرات الأمم المتحدة– سيحقق عوائد إستراتيجية ضخمة".

وتابع: "أيْ من شأن ذلك تعزيز وتوسيع وتسريع نمو اقتصادات دول الخليج العربي، التي ستؤثر على اقتصاد سوريا ودول المنطقة".

ولهذه الاستثمارات انعكاس إستراتيجي إيجابي على الإمارات، فيقول التقرير: "من المحتمل أنه على المدى القصير، ستشكل هذه الاستثمارات محورا اقتصاديا مهما جنبا إلى جنب مع الجبهة الأمنية الإقليمية، مما سيساعد في منع تصعيد الأوضاع الأمنية في المنطقة".

وأكمل: "لا شك أن تفاقم الفوضى في سوريا –وهي نقطة جيوسياسية حاسمة في الشرق الأوسط– سيؤثر بشكل كبير على مكانة وتأثير أبو ظبي في المشهد الجيوسياسي والجيو-اقتصادي في الإقليم".