ما زالت تسيطر على أراضٍ سورية.. هل تستجيب "قسد" لدعوات الشرع التصالحية؟

مصعب المجبل | منذ ٣ أيام

12

طباعة

مشاركة

تواصل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة من الولايات المتحدة، التلكؤ في تسليم مناطق سيطرتها إلى الإدارة السورية الجديدة في دمشق.

فمنذ سقوط نظام بشار الأسد البائد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، مازالت أجزاء من محافظات الرقة والحسكة ودير الزور باقية تحت سيطرة قوات "قسد" الانفصالية.

وفي الوقت الراهن تخوض الإدارة السورية الجديدة مفاوضات مع "قسد" بشأن مصير تلك المناطق التي تشكل العقبة الكبرى أمام إعلان السيطرة بشكل كامل على الأراضي السورية.

مصير “قسد”

فقد التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في 30 ديسمبر وفدا من قوات سوريا الديمقراطية، وفق ما أفاد مسؤول مطلع على الاجتماع لوكالة الصحافة الفرنسية والذي قال: إن المحادثات كانت "إيجابية".

وهذه أول محادثات ُجريها الشرع مع قادة أكراد منذ إطاحة بشار الأسد، وعقدت في وقت تجرى فيه معارك بريف حلب بين قوات "قسد" وفصائل متحالفة مع "إدارة العمليات العسكرية" لكنها مدعومة من تركيا في شمال سوريا.

وقال المسؤول طالبا عدم كشف اسمه إن الاجتماع كان "لقاء تمهيديا لوضع أساس للحوار المستقبلي"، مضيفا أنه "تم الاتفاق على مواصلة اللقاءات وتكثيف الحوارات والاجتماعات للوصول لتفاهمات مستقبلية".

وسبق أن دعا الشرع قوات "قسد" في 18 ديسمبر 2024 إلى "الانسحاب من تلك المناطق أو أنها ستواجه "عملية عسكرية لن تبقي منهم أحدا"، وفق قوله.

بالمقابل، قال مرهف أبو قصرة وزير الدفاع السوري في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، إن "قسد ستنضم إلى الإدارة الجديدة، مؤكدا أن "سوريا لن تتجزأ ولن توجد فيها فيدراليات".

أمام ذلك، أبدت "الإدارة الذاتية الكردية" التي تتبعها قوات "قسد"، استعدادها للحوار مع السلطة الجديدة في دمشق.

فقد أبدى قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي استعداد قواته لحل نفسها والانضمام إلى جيش سوري جديد بقيادة السلطات التي ستتولى الحكم، شريطة ضمان حقوق الأكراد والأقليات الأخرى.

وفي تصريح لصحيفة "تايمز" البريطانية، قال عبدي في 25 ديسمبر 2024: "نحن ندرك أن هناك وضعا جديدا في سوريا".

وأضاف: "ما نريده هو أن تكون سوريا لا مركزية، تقوم على مبادئ ديمقراطية تعددية، مع مجالس محلية تتقاسم بعض الصلاحيات بالتوافق مع السلطة المركزية".

وأكد أن الأكراد القادمين من الخارج الذين انضموا إلى "قسد" لقتال تنظيم الدولة بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، باتوا مستعدين للمغادرة.

"بحث عن امتيازات"

وتواجه قوات “قسد” تحديات متزايدة من تخلي عناصرها من المكون العربي عنها وهم الغالبية من قوامها، وسط رغبة محلية للمدن في الاندماج تحت مظلة دولة واحدة، بعيدا عن التقسيم أو الاقتتال من جديد.

لا سيما أن جميع الفصائل في سوريا اتفقت في 24 ديسمبر 2024 مع القائد الشرع، على حل نفسها والاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع السورية الجديدة.

وفي هذا السياق، أكد العقيد المنشق عن قوات نظام الأسد إبان اندلاع الثورة، فايز الأسمر، لـ "الاستقلال"، أن "قسد حاليا في مفاوضاتها مع الإدارة السورية الجديدة تتخذ نفس الأسلوب الذي اتخذته مع نظام الأسد البائد من حيث طلباتها بإقامة فيدرالية، أو اللامركزية السياسية".

وأضاف: "قسد تريد أن تكون قواتها العسكرية ككتلة واحدة في صفوف الجيش الجديدة وهذا غير ممكن في ظل مطالبتهم بأن يكونوا العمود الفقري ضمن الجيش أو النواة الرئيسة له، إذ إن قسد لم تشارك في تحرير سوريا ولا مقاتلة نظام بشار الأسد البائد بل نفذوا فقط أجندتهم الخاصة وأصبحوا أداة بيد الولايات المتحدة تحركهم كيفما تشاء".

ورأى الخبير العسكري أن "قسد الآن في أضعف حالاتها فالذي كانت تفكر فيه إذا انسحب الأميركان من سوريا عقب وصول دونالد ترامب للحكم، وهو الهرولة إلى حضن النظام وروسيا أو إيران انتهى تماما وهي تعي وتدرك هذا جيدا وأنها ستقع بين مطرقة تركيا وسندان الجيش السوري الجديد".

واستدرك: "بالتالي قسد تريد المماطلة لحين وصول ترامب للحصول على بعض الامتيازات مثل بعض الحقائب الوزارية وغيرها".

وتسيطر "قسد" التي يتحكم بها حزب العمال الكردستاني “بي كا كا” على قرابة 90 بالمئة من حقول النفط و45 بالمئة من إنتاج الغاز بسوريا تتوزع على محافظتي الحسكة ودير الزور شمال شرقي البلاد.

وهذه المقدرات الأساسية إضافة إلى تعداد قوات قسد تشكل جوهر المناقشات الحالية مع الإدارة الجديدة لسوريا التي تريد توحيد مساحة البلاد ومواردها تحت سلطة واحدة.

خلافات جوهرية

 وضمن هذه الجزئية، يشير الخبير الاقتصادي السوري، يونس الكريم إلى وجود مجموعة من الاختلافات بين قسد والإدارة السورية الجديدة.

حيث تريد الأخيرة السيطرة على 80 بالمئة من الموارد النفطية والسيطرة على المعابر الحدودية وجعل قوات قسد أفرادا داخل الجيش السوري الجديد وتخدم في مناطق الإدارة الذاتية في حين تريد قسد أن تكون عبارة عن فرقة عسكرية كاملة وقرارها داخليا".

واستدرك الكريم  لـ"الاستقلال" قائلا: "لكن الأخطر أن قسد في ملف الاستخبارات تريد أن تكون هي من تسيطر وتدير هذا الجهاز".

وأشار إلى "أن هناك مشكلة في حجم تعداد قوات قسد البالغ مئة ألف وبين هيئة تحرير الشام المقدر بعشرة آلاف مقاتل ومن هنا يجد أحمد الشرع أنه لا يمكن دخول قسد إلا كأفراد".

ولفت الكريم إلى أن "هناك خلافا على الآبار النفطية التي عملت قسد على تأهيلها منذ ثلاث سنوات بينما الإدارة الجديدة بسوريا أن تعطي قسد 20 بالمئة كرسوم إدارية".

وألمح الكريم إلى أن "هناك خلافا سياسيا حول مطالبة الإدارة الجديدة بسوريا لقسد أن تحارب تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) وهذه إشكالية كبيرة تجعل كل طرف متمرس حول نقطة معينة ما يعيق التوافق قبل حل هذه الخلافات".

وذهب الكريم للقول: "كل تلك الخلافات بين قسد والإدارة الجديدة في دمشق مرتبطة باستمرار إدارة ترامب في دعم قسد".

وانتظار دخول ترامب البيت الأبيض، بقدر ما يشكل عاملا لكسب الوقت لـ"قسد"، فإنه يعد مبعث قلق لها لكون كثير من المراقبين يعتقدون أن ترامب سيسحب القوات الأميركية من سوريا.

وبذلك يضعف موقف "قسد" أكثر وينتهي الدعم المالي والعسكري في إطار الحرب على تنظيم الدولة، لا سيما مع ضغط أنقرة عليها لإنهاء تمركزها شمال شرق سوريا المتاخمة للحدود الجنوبية لتركيا.

وهنا يشير الباحث في مركز "جسور" للدراسات، وائل علوان، إلى أن "قوات قسد تلقت دعما وتمويلا من الحرس الثوري الإيراني وبغض الطرف من الولايات المتحدة الأميركية التي تشهد انتقال الإدارة من الديمقراطيين إلى الجمهوريين".

وقال علوان لـ "الاستقلال": "هذا الأمر أعطى قسد بعض الوقت لتفاوض الإدارة في دمشق لعلها تحصل على مكتسبات". 

وذهب علوان للقول: "الآن جميع الفاعلين المحليين والخارجيين ينتظرون السياسات الأميركية الجديدة لترامب وتسلمه صلاحياته وإعلانه عن سياساته الخارجية بشكل عملي، وعندها تتضح آليات حسم مصير قوات قسد في ضوء التطورات الكبيرة التي حصلت بسوريا".