فيتو أميركي ضد وقف حرب غزة.. وناشطون: رخصة لإسرائيل لمواصلة القتل

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

"شريك وليس وسيطا".. هكذا نعى ناشطون على منصات التواصل الولايات المتحدة الأميركية التي تدعي ممارسة دور الوساطة لإنهاء حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، بعدما استخدمت حق الفيتو ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يدعو لوقف النار.

مجلس الأمن الدولي فشل في 4 يونيو/حزيران 2025، في تبني مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بعد استخدام أميركا حق النقض الفيتو.

وتقدمت بمشروع القرار الدول العشرة غير دائمة العضوية في المجلس (الجزائر، الدنمارك، اليونان، غيانا، باكستان، بنما، جمهورية كوريا، سيراليون، سلوفينيا، الصومال)، وصوتت لصالحه 14 دولة، لكن أسقطته الولايات المتحدة.

وطالب مشروع القرار بالرفع الفوري وبدون شروط لجميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها بصورة آمنة وبدون عوائق على نطاق واسع، بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني عبر أنحاء القطاع.

كما طالب باستعادة جميع الخدمات الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية المتمثلة في "الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال"، وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وادعت القائمة بأعمال المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا، أن رفض بلادها مشروع القرار "يجب ألا يكون مفاجأة". قائلة: "لن ندعم أي إجراء لا يدين (حركة المقاومة الإسلامية) حماس.. أي قرار يقوض أمن حليفتنا الوثيقة إسرائيل مرفوض تماما".

وبدورها، استنكرت حركة حماس استخدام الولايات المتحدة للفيتو، قائلة: إنه "يجسد انحياز الإدارة الأميركية الأعمى لحكومة الاحتلال الفاشية ويدعم جرائمها ضد الإنسانية التي ترتكبها في قطاع غزة".

واستهجنت بشدة تصدي الإدارة الأميركية لإرادة العالم بأسره، وانفرادها بمعارضة قرار المجلس رغم تأييد 14 دولة من أصل 15، واصفة موقفها بالمتعجرف الذي يعكس استهتارها بالقانون الدولي ورفضها التام لأي مسعى دولي لوقف نزيف الدم الفلسطيني.

ورأت حماس أن موقف الولايات المتحدة "يشكل ضوءا أخضر لمجرم الحرب (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، لمواصلة الإبادة الوحشية ضد المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، ويؤكد شراكتها الكاملة في هذه الجريمة المستمرة".

وقالت: إن فشل مجلس الأمن في إيقاف حرب الإبادة المستمرة منذ 20 شهرا وعجزه عن كسر الحصار وإدخال المواد الغذائية إلى المدنيين المجوعين في القطاع، يثير “تساؤلات جوهرية حول دور مؤسسات المجتمع الدولي وجدوى القوانين والمواثيق الدولية التي يواصل الاحتلال انتهاكها”.

وبدوره، شكر نتنياهو الولايات المتحدة؛ "لأنها أظهرت لأعدائنا مجددا أنه لا فرق بيننا"، وفقا لما جاء في بيان لمكتبه. وقال: إنه "يجب على العالم المتحضر أن يطالب بإطلاق سراح الرهائن (الأسرى الإسرائيليين في غزة) بشكل فوري وغير مشروط"، وفق قوله.

كما أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عن شكره لواشنطن "على وقوفها إلى جانبنا واستخدامها الفيتو ضد القرار الأحادي الجانب بمجلس الأمن"، قائلا: إنه "لا يسهم إلا في تقوية حماس وتقويض الجهود الأميركية للتوصل إلى صفقة تبادل".

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن الولايات المتحدة ستواصل وقوفها إلى جانب إسرائيل، ولن تدعم “أي إجراء يساوي بينها وحماس بشكل زائف ويتجاهل حقها في الدفاع عن نفسها”، وفق تعبيره.

وزعم روبيو أن بلاده استخدمت الفيتو لأن القرار كان سيخدم حماس ويقوض الجهود الدبلوماسية، مضيفا أن أي إجراء من قبل الأمم المتحدة ينبغي أن يدين الحركة بوضوح وأن يدعوها إلى نزع سلاحها ومغادرة غزة.

وندد ناشطون باستخدام أميركا للفيتو وعدوا موقفها رخصة وموافقة رسمية وضوءا أخضر للاحتلال بمواصلة الإبادة واستمرار سفك دماء الفلسطينيين، والتنكيل بالأحياء منهم وتجويعهم.  

وعبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الفيتو_الأميركي، #الولايات_المتحدة، #أميركا، #غزة_تباد_وتحرق، وغيرها، صبوا جام غضبهم على الأنظمة العربية الحاكمة المتمسكة بعلاقتها مع واشنطن.

ورفض ناشطون التعويل على التكهنات بتصاعد الخلافات بين الإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي ممثلين في شخص نتنياهو والرئيس دونالد ترامب، وعدوا الفيتو برهانا ساطعا على زيف وجود هذه الخلافات من الأساس.

دعم أميركي

وتذكيرا بالدعم الأميركي للاحتلال، أوضح الخبير العسكري فايز الدويري، أن واشنطن هي التي تزود الكيان بـ 75 بالمئة من صفقات السلاح، وأرسلت أكثر من مئة ألف طن من الصواريخ والقنابل وبطاريات ثاد عدد 2، وأرسلت 2000 جندي وتشارك في قتل أبناء غزة.

وأضاف أن أميركا هي التي ترتكب كل الموبقات سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، قائلا: إن مما يثير الاشمئزاز أنها تدعي أنها تقوم بدور الوسيط والزعماء العرب يصدقون ذلك ويأملون منها خيرا.

وتابع الدويري: "هذه أميركا التي قتلت الهنود الحمر وألقت القنابل النووية على اليابان وارتكبت الفظائع في فيتنام وكوريا والصومال والعراق وأفغانستان"، مؤكدا أن هذه هي ثقافة رعاة البقر والغرب الأميركي.

وقال الصحفي تامر أبو عرب: "مرة تانية وعاشرة ومليون بتثبت أميركا أنها العدو الحقيقي وأن إسرائيل مجرد ذراع ووكيل لها في المنطقة".

وذكر بأن 90 بالمئة من القنابل والصواريخ التي نزلت على دماغ أهل غزة هي أسلحة أميركية.

كما أن الجسر الجوي لا يزال مفتوحا ولم يمر يوم إلا ويصل لإسرائيل أسلحة أميركية جديدة على كل الطيارات العسكرية والتجارية المتاحة.

وأشار أبو عرب إلى أن أميركا أجهضت كل محاولات وقف العدوان، وعاقبت كل المنظمات الأممية التي تساعد أهل غزة وعلى رأسها الأونروا، وتصدت لكل جهود ملاحقة ومعاقبة مجرمي الحرب في إسرائيل، وعاقبت المحاكم والقضاة الذين أصدروا الأحكام.

وأضاف: "المؤسف والمخجل أنه رغم كل ده لسة بنجري على أميركا نتمسح فيها ونطلب منها الحماية وندعم اقتصادها ونتعامل معاها كحليف وصديق في الوقت اللي هي حرفيا بتحتقرنا وبتشوفنا منستحقش نعيش أصلا ولا أرواحنا لها ثمن".

وندد الصحفي فايد أبو شمالة بمواصلة إدارة ترامب ما فعلته نظيرتها في عهد الرئيس السابق جو بايدن، قائلا: "السفيرة دوروثي شيا تواصل ما فعلته سابقتها ليندا غرينفيلد.. لا فرق سوى الأسماء أما أميركا فهي كما هي".

وأضاف: "كل العالم يقول أوقفوا حرب الإبادة في غزة وأدخلوا المساعدات ووحدها أميركا تقول لا"، مؤكدا أن واشنطن تقتل أهلنا وأطفالنا بالقنابل والأسلحة وبالدبلوماسية والسياسة وبالفيتو في مجلس الأمن، وتقول: "نحن مع إبادة الشعب الفلسطيني".

وكتب الأكاديمي حمود النوفلي: الوسيط الظالم الشريك في الحرب لم يكتف بالمشاركة بأطنان من القذائف، بل منع وقف العدوان وعطل إرادة المجتمع الدولي".

وأردف: “لم تنفع معه لا شيلات ولا رقصات ولا هدايا ولا مليارات ولا تلريونات”، في إشارة إلى ما قدمته دول الخليج إلى ترامب خلال زيارته إلى المنطقة في مايو/أيار 2025.

تنديد واستنكار

وتحت عنوان "الفيتو الأميركي… تمديد لعمر كيان هزلي مسخ آيل للسقوط"، قال إيهاب أبو مصطفى: إن النقض الأخير لا يعكس قوة مبدئية بقدر ما يكشف إدارة براغماتية لوظيفة انتهت صلاحيتها تدريجيا.

وأكد أن أميركا لا تكتفي بإطالة عمر الكيان، بل تُعيد تعريف الاحتلال والمقاومة، وتُعيد كتابة قواعد اللعبة وفق هندسة "الحدود الأخيرة".

وحذَّر أبو مصطفى، من أن الأخطر من الفيتو، أن أميركا بدأت خصخصة الاحتلال، كما تجلى في تمويل مؤسسة أمنية توزّع المساعدات في غزة وسط القنص والموت، في مشهد يُقصي الأمم المتحدة لصالح "مقاول إنساني" مدجَّج بالسلاح.

 واستنكر الأكاديمي إسماعيل المدني، الفشل العبثي لـ 14 دولة في مجلس الأمن بتمرير القرار بسبب دولة واحدة فقط هي أميركا، وعدّه دليلا على موت الديمقراطية على المستوى الدولي.

وأكَّد أن الفيتو الأميركي يعني موافقة واشنطن على استمرار الإبادة الجماعية للبشر، وعلى استمرار أول مجاعة جماعية من صنع البشر، إضافة إلى عجز العالم عن منع الكارثة الإنسانية.

وقال عمر الحميد: إن الفيتو الأميركي خنجر في قلب الإنسانية، مضيفا: "في لحظةٍ كان يمكن أن يتوقف فيها نزيف غزة، أن يصمت السلاح، وأن يمنح الأطفال حق الحياة، اختارت أميركا أن تقول: لا".

وأشار إلى أن أميركا قالت: "لا لوقف إطلاق النار، لا لحماية الأرواح، لا للعدالة"، وأسقطت بكلمة واحدة قرارا عالميا، ومررت مجددا رخصة مفتوحة للقتل، ومنحت الغاصب حصانة، وسحقت أمل المحاصر.

وأكد الحميد أن الفيتو لم يكن مجرد إجراء سياسي، بل حكم إعدام جماعي، وثيقة خيانة لقيم طالما ادعت أميركا الدفاع عنها، منها حقوق الإنسان، الكرامة، السلام"، قائلا: "وتستمر غزة تحت القصف والمسلمون تحت الصمت".

وعلق أستاذ الأخلاق السياسية محمد المختار الشنقيطي، على موقف واشنطن، قائلا: "هكذا لو وقف (الشجر والحجر) ضد همجية الصهاينة، فستظل (شجرة الغرقد) الأميركية تدافع عنهم حتى النهاية".

لا خلافات

وتأكيدا على أن أميركا لا تصلح لممارسة دور الوساطة ورفضا للحديث عن وجود خلافات بينها وبين الاحتلال والتعويل على ذلك، استنكر الكاتب محمد حامد العيلة، أن الدولة التي "تتوسط" لوقف الحرب، تمنع وقفها في مجلس الأمن.

وتساءل أحمد يوسف: "كيف تكون -أميركا- وسيطا لإنهاء الحرب أصلا وهي لا تريد إنهاءها!".

وقال الكاتب ماجد الزبدة: إن استخدام الفيتو يؤكد دعم ترامب لاستمرار الإبادة الجماعية، والانحياز الأميركي لليمين الصهيوني.

وأكد أن رغبة ترامب في تهجير الفلسطينيين تتناقض مع حيادية الوسيط، وتوضح الهدف الحقيقي من مقترح المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وأضاف أن استخدام الفيتو علاوة على كونه يكشف كذب ادعاء ترامب بأنه يسعى لوقف الحرب؛ فهو يوضح دور المبعوث ويتكوف في تضليل العرب ومنح الوقت الكافي لنتنياهو؛ وهي إشارة على أن مقترحه تم تقديمه بصياغة إسرائيلية كي ترفضه حماس.

وأكد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، أن هذا هو الموقف الحقيقي للولايات المتحدة الأميركية، وأي خلافات لها مع الكيان لا ترقى لمستوى التأثير الجوهري في مسار الحرب.

واستنكر أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، استخدام الولايات المتحدة كعادتها للفيتو لإجهاض مشروع القرار.

وأشار إلى أن ذلك يعد استمرارا لانحياز أميركا لإسرائيل، مع التفريق بين التزام واشنطن بدعم ومساندة وتسليح تل أبيب بدون قيود ولا شروط، مقابل خلافات وقرصات أذن ترامب المتعددة لنتنياهو والعمل على تفكيك حكومته.

خذلان العرب

وعن موقف الأنظمة العربية الحاكمة، استهجن الصحفي فوزي العشماوي، أن يمر استخدام أميركا للفيتو لإجهاض قرار في مجلس الأمن يوقف الحرب، ببساطة وبدون أي قرارات أو إجراءات من الدول العربية مجتمعة أو حتى أي دولة عربية منفردة.

ووصف ذلك بأنه "منتهي الخنوع والانبطاح، وسيذكره التاريخ مجللا بالعار والخزي والخجل".

وعد السياسي والحقوقي أسامة رشدي، الفيتو الأميركي "موقفا مخزيا يفضح التواطؤ الكامل في الإبادة الجماعية التي تجرى بحق أكثر من 2 مليون إنسان تحت الاحتلال ويتعرضون للغزو والقتل والتجويع".

ورأى أن موقف النظام الرسمي العربي الخانع هو الأكثر خزيا وهم يطأطئون رؤوسهم ويقبلون بهذا الظلم وهذا التوحش ويغلقون حدودهم جبنا وخسة.

وأضاف رشدي: "غزة للأسف منكوبة بجيرانها من بني جلدتها بعد أن تسلط على بلادنا أنظمة عميلة باتت أكثر صهيونية ربما من الصهاينة أنفسهم، متسائلا: “ماذا ينتظرون؟!”

وقال الصحفي محمد السطوحي: "وأنا أفكر في الفيتو المشين.. تذكرت كلام وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت جيتس منذ أيام وهو يعبر عن دهشته من أن دول الخليج وبقية الدول العربية لم تتخذ موقفا قويا بشأن ما يحدث في غزة".

وأضاف: "هذه الأصوات ترتفع أيضا في دول أخرى مثل جنوب إفريقيا حيث يتساءل الكثيرون: لماذا ندفع الثمن ونتحمل الضغوط لموقفنا ضد إسرائيل بينما الدول العربية صامتة". 

وتمنى السطوحي، أن تجرى دراسات حقيقية لتحليل المواقف العربية وليس الاكتفاء كما يحدث دائما بتوجيه اتهامات تتراوح بين التخاذل والعمالة.

واستنكر الناشط بلال نزار ريان، استقبال عواصم العرب لترامب بالأحضان ورفع صوره في شوارعهم ودفع المليارات له والاحتفاء به برقصات جوفاء لا تراعي حرمة دماء أهل غزة ولا صرخات أطفالها تحت الركام.