الشراكة الجديدة بين تركيا وسوريا.. هل تحد من مناورة إسرائيل في المنطقة؟

منذ ٥ أيام

12

طباعة

مشاركة

في ضوء سيطرة إسرائيل على عدة مواقع داخل سوريا، ووفقا للواقع الجديد في دمشق الذي تتميز فيه أنقرة بمكانة جيدة، حذر تقرير عبري من أن "يؤدي تطور العلاقة بين تركيا وسوريا إلى تأثير كبير على العمليات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية".

وعلى وقع هذا الاحتمال، استعرض موقع “هآرتس” تفاصيل ما سماها "المعضلة الجديدة" التي قد تواجهها إسرائيل مع تركيا، خلال الآونة القادمة.

وفي السياق ذاته، أوضح الموقع حجم النفوذ التركي الكبير في سوريا، إذ عدها "تتمتع بموقع متميز، يؤهلها لقيادة الجهود الرامية إلى تطبيع علاقات النظام السوري الجديد دوليا".

بالإضافة إلى ذلك، أبرز الظروف المختلفة بين احتلال إسرائيل مناطق في سوريا، وبين عدوانها على قطاع غزة، حيث يرى أن "هناك عوامل عديدة ستجعل رد فعل المجتمع الدولي مختلفا حيال استمرار العمليات الإسرائيلية في التراب السوري".

ثاني انتهاك 

وتوقف الموقع عند التحركات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا، ورد فعل الحكومة الجديدة عليها، فبعد يوم واحد من احتلال "جبل الشيخ" والمناطق المحيطة بمدينة القنيطرة، سارعت الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع إلى إرسال رسالتين لمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، تطالب فيهما إسرائيل بالانسحاب من الأراضي السورية ووقف هجماتها.

وتابع: “جاء في أول رسالة رسمية من الحكومة إلى مجلس الأمن: أن الجمهورية العربية السورية تدخل فصلا جديدا في تاريخها، حيث يتطلع شعبها إلى بناء دولة قائمة على الحرية والمساواة وسيادة القانون، وتحقيق آمالهم في الاستقرار والسلام”. 

من جانبه، برر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء زيارته لمرتفعات الجولان المحتل تلك الخطوة قائلا: إن "الاتفاق الذي أُبرم عام 1974، والذي نص على فصل القوات بين إسرائيل وسوريا من خلال منطقة عازلة قد انهار، لقد تخلّى الجنود السوريون عن مواقعهم، ولن نسمح لأي قوة معادية بأن تُقيم نفسها على طول حدودنا".

ولفت "هآرتس" إلى أن "موقع (واللا) العبري ذكر أن نتنياهو أبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، بأن قوات الجيش الإسرائيلي ستبقى في المنطقة العازلة السورية (حتى يتم إنشاء قوة قادرة على فرض اتفاق الفصل)".

وانتقد الموقع تلك الخطوات الإسرائيلية قائلا: "هذا يمثل ثاني انتهاك إقليمي لاتفاق دولي من قبل إسرائيل، بعد استيلائها على ممر فيلادلفيا ونشر قواتها في غزة، وهي إجراءات تعدها القاهرة خرقا لكل من اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية محور فيلادلفيا عام 2005. ومع ذلك، تختلف الحالتان، فمع مصر، تحافظ إسرائيل على مفاوضات مستمرة".

وأردف: "في السابق، سمحت إسرائيل للقوات المصرية بتجاوز قيود كامب ديفيد عبر تعزيز وجودها العسكري في سيناء، بما في ذلك استخدام القوة الجوية؛ لمواجهة التنظيمات الإسلامية في شبه جزيرة سيناء".

واستدرك الموقع: "لكن مع سوريا، لا يوجد حوار بين الطرفين، ولا تظهر إسرائيل أي نية للانسحاب من الأراضي التي استولت عليها حديثا في المستقبل المنظور".

واستطرد: "وحتى مع تصريح الشرع بأن سوريا في وضعها الضعيف الحالي لا تنوي الدخول في مواجهة عسكرية، وليس لدينا مصلحة في التصادم مع إسرائيل، فإنه من غير المرجح أن تطمئن إسرائيل، أو تغير موقفها بشأن الأراضي المحتلة".

سلطة شرعية 

وأوضح الموقع الفرق بين التعامل الدولي مع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية، وبين موقفه من عدوانه على غزة، فيقول: "على عكس حرية العمل شبه المطلقة التي تتمتع بها إسرائيل في غزة –بدعم من الشرعية الدولية والعربية- فإن الموقف تجاه سوريا مختلف تماما".

وأضاف “رغم أن الشرع وحكومته لم يُنتخبا ديمقراطيا، وجاءا إلى السلطة عبر القوة العسكرية وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية محتملة، فإنهما اكتسبا بالفعل مصداقية عربية ودولية كبيرة”.

وتابع: "يواصل الشرع تعزيز هذا الدعم من خلال تصريحات دبلوماسية إستراتيجية توضح سياساته المستقبلية، وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها بالفعل".

وأشار الموقع إلى خطوات تمت على أرض الواقع، "فبجانب تلقي الشرع تهاني من دول عربية كبرى مثل (نظام) السعودية والإمارات، فقد أعادت تركيا فتح سفارتها في دمشق، وستحذو قطر حذوها".

واسترسل: "كما يبدو أن الدول الأوروبية مستعدة لتطبيع العلاقات مع سوريا بعد انقطاع دام 13 عاما، لا سيما أن بعضها كان يفكر بالفعل في إعادة التواصل مع نظام بشار الأسد".

وقد يمثل الاعتراف الدولي بسلطة الإدارة السورية الجديدة معضلة لإسرائيل، كما أوضح الموقع؛ إذ إن "الدعم الدولي المتزايد للحكومة السورية الجديدة قد يُترجم قريبا إلى ضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها مؤخرا".

وينتقل الموقع للحديث عن أنقرة، قائلا "من المحتمل أن ينعكس تطور العلاقات التركية- السورية بشكل سلبي على إسرائيل وطموحاتها الإقليمية في المنطقة".

وأضاف "قد يؤدي تطور العلاقة بين تركيا وسوريا إلى تأثير كبير على العمليات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، فإلى جانب قيادتها الجهود الدولية لإزالة القوات الإسرائيلية من المنطقة العازلة، قد تكون تركيا هي العامل المحدد لحرية العمليات الجوية الإسرائيلية في سوريا".

وأوضح الفرق بين الوضعين الحالي والسابق قائلا: "في الماضي، تمتعت إسرائيل بحرية شبه مطلقة في الأجواء السورية بتنسيق مع القيادة الروسية في قاعدة حميميم الجوية، لكن القوات الروسية بدأت بالانسحاب، وغادرت معظم طائراتها البلاد، فيما تجري موسكو حاليا مفاوضات للاحتفاظ بوجودها البحري في ميناء طرطوس".

وأضاف: "مع غياب القوات الجوية السورية والروسية، قد تصبح تركيا فعليا المسيطر على المجال الجوي السوري، ومن خلال شراكتها مع الحكومة السورية، قد تنهي حرية العمليات الإسرائيلية".

واستدرك: "رغم أن حاجة إسرائيل لهذه الحرية قد تتراجع بشكل كبير مع انسحاب معظم القوات الإيرانية وعزم الشرع على منع أنشطة حزب الله داخل سوريا، لا تزال إسرائيل متشككة في قدرة الحكومة السورية الجديدة على منع نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان".