ما مدى استعداد دولة جنوب السودان للمشاركة في عملية تهجير أهالي غزة؟

منذ ساعة واحدة

12

طباعة

مشاركة

ضمن مساعي الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملية تهجير قسري بحق سكان قطاع غزة، كشفت عدة تقارير إعلامية في الآونة الأخيرة، أن إسرائيل تجري مناقشات مع خمس دول في محاولة لإقناعها باستقبال فلسطينيين من غزة.

ووفقا للتسريبات ذاتها، برزت جنوب السودان كإحدى الدول المرشحة لاستقبال الفلسطينيين، ما أثار جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية داخل البلاد.

وبينما سارعت وزارة الخارجية إلى نفي هذه الأنباء جملة وتفصيلا، ووصفتها بأنها "عارية تماما من الصحة"، لا تزال التساؤلات تتزايد حول طبيعة الاتفاقيات الموقعة في الأيام الأخيرة بين إسرائيل والدولة الإفريقية.

وفي هذا السياق، تناولت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية موقف الشخصيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في جنوب السودان من فكرة استقبال فلسطينيين مهجرين من قطاع غزة.

محادثات قائمة 

استهلت الصحيفة العبرية تقريرها مشيرة إلى ما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز" من أن "مسؤولين في جنوب السودان يأملون أن يسهم التعاون مع إسرائيل، من خلال استقبال نازحين من غزة، في دفع كبار المسؤولين الإسرائيليين للتوسط لدى إدارة دونالد ترامب لرفع حظر التأشيرات المفروض على مواطني جنوب السودان".

فضلا عن "رفع حظر الأسلحة والعقوبات المفروضة على نائب الرئيس بنيامين بول ميل، الذي يُنظر إليه كمرشح محتمل لقيادة البلاد في المستقبل"، وفق ما أوردته الصحيفة الأميركية.

ويُذكر أن إدارة ترامب قد ألغت، في أبريل/ نيسان 2025، جميع تأشيرات السفر لمواطني جنوب السودان الراغبين في دخول الولايات المتحدة، بعد أن اتهمت جوبا برفضها التعاون في إعادة مواطنيها المرحّلين.

وأضافت "يديعوت أحرونوت": "وفي يوليو/ تموز 2025، وافقت جنوب السودان على استقبال ثمانية مُرحلين من الولايات المتحدة، لم يكن بينهم سوى مواطن واحد من جنوب السودان".

مع ذلك، ترى الصحيفة أن “الأمر يختلف تماما مع الفلسطينيين”؛ حيث تعتقد أن "استقبال أعداد كبيرة من نازحي غزة قد يشكل خطرا على جنوب السودان، نظرا لما تواجهه البلاد من أزمات إنسانية خانقة واضطرابات سياسية متواصلة".

ورغم ذلك، أفادت الصحيفة، نقلا عن جو سزلافيك، مؤسس شركة ضغط أميركية تعمل مع جنوب السودان، بأن "محادثات بين جوبا وتل أبيب بدأت بالفعل في وقت سابق من عام 2025".

وأشار إلى أنه "ناقش هذا الملف مع مسؤولين رسميين في الدولة".

وأضاف سلافيك أن "دولة جنوب السودان تدرس حاليا مقترح استقبال نازحين من غزة، رغم المخاوف من أن تتحمل البلاد وحدها الأعباء المالية المترتبة على رعاية أعداد كبيرة من المهاجرين الفلسطينيين".

وقال: “الجنوبيون يتساءلون: من سيدفع التكاليف؟”

وذكرت الصحيفة أنه "بحسب مصادر في الشرق الأوسط وجنوب السودان، فقد أجرى وزير خارجية جنوب السودان، موندي سمايا كومبا، محادثات مع مسؤولين إسرائيليين حول هذا الملف".

واستدركت: "إلا أن المتحدث باسم حكومة جنوب السودان امتنع عن التعليق، فيما نفى مكتب وزارة الخارجية في البلاد وجود أي محادثات مع إسرائيل، واصفا التقارير بأنها (لا أساس لها من الصحة)".

رفض داخلي 

على الصعيد الداخلي، أشارت الصحيفة إلى أن "هذه التقارير أثارت ردود فعل غاضبة داخل جنوب السودان، حيث أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، جوزيف ملوال دونق، أنه سيستدعي وزير الخارجية للمساءلة وتقديم توضيحات بشأن القضية". 

بدوره، أعرب إدموند ياكاني، رئيس إحدى منظمات المجتمع المدني في جنوب السودان، عن رفضه لفكرة إعادة توطين الفلسطينيين في بلاده، ويرى أن هذه الخطوة "تضر بمعتقداتهم السياسية وبموقفهم وهويتهم المرتبطة بحقهم في دولة مستقلة".

وأوضح أنه "ناقش هذا الموضوع في يوليو/ تموز 2025 مع مسؤولين في وزارة الخارجية بجنوب السودان".

وأضاف ياكاني: "مهما كانت حاجة جنوب السودان إلى الدعم الدولي مُلِحّة، فلا ينبغي للحكومة أن تستخدم قضية الفلسطينيين كورقة تفاوض لتحسين علاقاتها الخارجية؛ لأن ذلك سيكون بمثابة دعم لعملية تطهير عرقي".

في غضون ذلك، زعمت الصحيفة العبرية أنه "بعد ما يقرب من عامين من الجوع الناجم عن الحرب، والخوف والقصف في قطاع غزة، فإن بعض الفلسطينيين على استعداد لمغادرة غزة".

"وذلك رغم أن كثيرين منهم لديهم تاريخ عائلي من التهجير أو الفرار خلال الحروب التي رافقت تأسيس دولة إسرائيل، ولم يُسمح لهم أبدا بالعودة من حينها"، وفق قولها.

مع ذلك، رجّحت الصحيفة أن "يتردد عدد كبير منهم في التوجه إلى جنوب السودان الغارقة في صراعات عرقية وجوع وفساد منذ استقلالها عام 2011".

"كما أن إعادة توطينهم في دولة يغلب عليها الطابع المسيحي والوثني، والتي استقلت عقب نزاع ممتد مع جارتها السودان ذات الأغلبية المسلمة والعربية؛ قد يُقابل بقدر من التحفظ والتوجس لدى المجتمع المحلي". بحسب رأيها.

في سياق متصل، ذكرت الصحيفة العبرية أن "السلطات الليبية نفت ما تردد عن استعدادها لاستقبال نازحين فلسطينيين في إطار اتصالات تجريها إسرائيل مع عدة دول من بينها إندونيسيا وإثيوبيا ودولة إفريقية أخرى".

وتابعت: "فقد صرح رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة في مقابلة صحفية أن (الادعاءات التي تقول إننا وافقنا على جريمة تهجير الفلسطينيين هي تسريبات كاذبة)". 

كما أضافت الصحيفة أن "وزارة الخارجية الأميركية عبر سفارتها في ليبيا نفت هذه المزاعم بشكل كامل".

كذلك نفى الدبيبة الاتهامات بأن "حكومته تسعى لتطبيع العلاقات مع إسرائيل"، مؤكدا أن "رفض التطبيع هو قضية متفق عليها بين الليبيين".