الحوثيون يصعدون أمنيا وماليا ضد حزب المؤتمر الشعبي.. لماذا الآن؟

يوسف العلي | منذ ساعة واحدة

12

طباعة

مشاركة

في ذكرى تأسيسه، يتعرض حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، إلى تصعيد غير مسبوق من مليشيا الحوثي اليمنية، شمل مصادرة أموال وممتلكات، إضافة إلى فض اجتماعات بالقوة، وذلك بعد أيام من إصدار حكم بإعدام نائب رئيس الحزب أحمد علي صالح.

وتمر في 24 أغسطس/ آب 2025، الذكرى الـ43 لتأسيس الحزب، على يد الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد حتى عام 2012، بعدما أطاحت به ثورة شعبية عمت البلاد، ثم ذهب الأخير للتحالف مع الحوثيين الذين قتلوه بتهمة الخيانة في 2017.

انقلاب الحليف

ومنذ مطلع أغسطس 2025، ينفذ الحوثيون حملة ممنهجة للسيطرة على عقارات وممتلكات حزب "المؤتمر الشعبي العام"، حليفهم السابق في الانقلاب على الشرعية عام 2014، وذلك عبر أدوات قضائية وأمنية وإعلامية، تابعة للمليشيا التي تسيطر على مدن عدة في شمال اليمن.  

وبحسب ما نشر موقع "يني يمن" في 16 أغسطس، فإن "الحارس القضائي التابع للحوثيين، أجرى بالتنسيق مع محامين موالين، حصرا شاملا لأغلب ممتلكات الحزب، بما في ذلك مبنى اللجنة الدائمة وعدد من الفلل والمباني، تمهيدًا لرفع دعاوى قضائية بغرض الاستحواذ عليها".

وأوضح أن أحمد حامد، مدير مكتب ما يُسمى "مجلس حكم الانقلاب" (المجلس السياسي الأعلى)، قدّم مقترحا لتحويل مقر اللجنة الدائمة إلى "هيئة التصحيح"، فيما ادّعى "رئيس هيئة الأوقاف ملكية أراضٍ تابعة للحزب في مناطق الحصبة والمطار وأحياء أخرى لصالح الوقف".

وبحسب الموقع، فإن "بعض ممتلكات الحزب تعرضت سابقًا لاعتداءات من لجنة أراضي القوات المسلحة برئاسة القيادي الحوثي أبو حيدر جحاف، بينما جرى وضع بعضها تحت الحراسة القضائية أو تأجيرها رغم إثبات ملكية الحزب لها، في إطار عملية منظمة تهدف لإضعافه والسيطرة على أصوله".

وأشار إلى أن مليشيا الحوثي صادرت المبالغ المالية المخصصة لإحياء ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام في العاصمة صنعاء المقررة في 24 أغسطس، وحوّلت هذه الأموال بالقوة لصالح ما يُعرف بـ"القوة الصاروخية" التابعة لها.

وشدد على أن "هذه الخطوة قوبلت باستياء واسع بين قواعد الحزب الشعبية، حيث عدت جزءًا من جهود ممنهجة لتضييق الخناق على الأنشطة السياسية وتهميش حزب المؤتمر داخل مناطق سيطرة الجماعة".

ونوه إلى أن "تصرف الحوثي يعكس تصاعد سياسة السيطرة الاقتصادية على الموارد السياسية، وتقييد حرية الأحزاب التقليدية في أداء دورها العام، بما يدفع إلى إلغاء أو تحييد أي فعالية لافتة يجرى تنظيمها في العاصمة".

وفي 31 يوليو/تموز 2025، أصدرت محكمة تابعة للحوثيين حكما غيابيا قضى بإعدام أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس الأسبق، الذي يشغل منصب نائب رئيس حزب المؤتمر.

وكان هذا المنصب يتزعمه والده قبيل مقتله نهاية 2017، ليجرى اختيار أحمد له منذ مطلع مايو/ أيار 2019، لكن دون أن يمارس أي نشاط تنظيمي حزبي، بل انتهج الصمت مع مليشيا الحوثي حتى بعد مقتل الرئيس الأسبق.

تحريض للاستهداف

التصعيد الحوثي رافقه تحريض من كتاب مقربين من المليشيا ضد الحزب، فقد اتهم الكاتب إبراهيم الهمداني، عائلة علي صالح، بالخيانة والارتزاق، وأنهم يمارسون “أقبح وأحط أدوار الخيانة والعمالة، مدعين أنهم حراس الجمهورية، وأبناء حزب المؤتمر”، وفق تعبيره.

وقال الهمداني خلال مقال نشره موقع قناة "المسيرة" الحوثية في 16 أغسطس، إن ذلك وغيره يحتم على أحرار وشرفاء "المؤتمر العام"، تحرير "الحزب" من قبضة التملك العفاشي (عائلة علي صالح) الغاصب، وإعلان براءتهم  من ذلك النهج الخياني الإجرامي، ومن جميع حامليه والمتعصبين له.

ودعا إلى "قطع طريق الاستمرار في الخيانة - باسم المؤتمر الشعبي- على العفافيش مرتزِقة الإمارات وإسرائيل، الذين يريدون إحياء إرث الخيانة يوم 24 أغسطُس، باقتراف خيانة جديدة، وجريمة كبرى، بحق الوطن اليمني والأمة الإسلامية، وإثارة الشغب والفوضى وأعمال العنف والقتل والاقتتال الداخلي".

وأضاف الهمداني أن "ذلك يأتي بهَدفِ عرقلة الإسناد العسكري والبحري اليمني لغزة، وكسر الحصار عن دويلة الكيان الإسرائيلي الغاصب"، مطالبا "أحرار" الحزب، وقوات الجيش والأمن، والشعب اليمني، بالوقوف صفا واحدا، ضد أُولئك العفافيش المرتزِقة وضربهم بيد من حديد".

وأشار إلى أن "أُولئك العفافيش المرتزِقة، قد أعلنوا - وفي مقدمتهم العميل الخائن أحمد عفاش (علي صالح)، والعميل الخائن طارق عفاش - تماهيهم المطلق مع المشروع الصهيوني، واستعدادهم الكامل لممارسة ذات النهج الخياني الإجرامي، الذي خطَّهُ لهم قدوتهم الأول عفاش الأب".

وشدد الهمداني على ضرورة أن يعلن الحزب براءته منهم، ليعود مؤتمرا شعبيا عاما طاهرا نقيا، كما كان في نشأته الأولى، مشيدا بتصريحات الناطق باسم الحزب، عبده محمد الجندي، الذي قال: إنه أدان كُلّ من يقف في صف العدوّ، وتبرأ منه بوصفه عدوا لا يمكن مهادنته.

ولفت إلى أن تصريحات "الجندي"، رفعت الغطاء السياسي عن دعاة الفتنة، وأسقطت ذرائعهم وتبرأت من مواقفهم الخيانية، وهي وإن لم تعلن عزل "أحمد علي عفاش"، من منصب نائب رئيس حزب المؤتمر، فقد كشفت إقدامه على خدمة المشروع الصهيوني علنا.

وتساءل الكاتب في ختام مقاله بالقول: هل يمضي حراس الصهيونية العفافيش، مرتزِقة الإمارات، في الدور المرسوم لهم حتى النهاية، خَاصَّة وأنهم قد أصبحوا عماد الخطة البديلة (لم يكشف ماهيتها)، أم أنهم سيكتفون بإثارة البلبلة والإرجاف والتهويل الإعلامي فقط؟"

وكان نائب رئيس مجلس الشورى والناطق باسم المؤتمر الشعبي العام، عبده محمد الجندي، صرح أن "السلطة (في الحزب) ليست ملكاً لأولاد علي صالح"، لافتا إلى أن "المؤتمر لن يكون أداة بيد الإمارات أو السعودية أو أميركا والكيان الصهيوني".

وأضاف الجندي خلال مقابلة مع قناة "المسيرة" في 14 أغسطس، أن الانحراف عن دعم المقاومة هو انحراف عن جوهر وهوية الحزب، معلنا تجميد الخلافات الداخلية ومد اليد لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، وأن المعركة مع العدو الإسرائيلي تستوجب توحيد الصف الوطني.

تخوّف حوثي

وبخصوص توقيت التصعيد الحوثي ضد حليفهم، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إنه "بعد مقتل علي صالح، حاول الحوثيون تأسيس سلطة في صنعاء يهيمنون عليها، في وقت يشرفون على تحالف هش مع حزب المؤتمر".

وأوضح التميمي لـ"الاستقلال" أنه "في تلك المرحلة كان هناك ما يدعم نفوذ وسلطة هذه الجماعة، من موانئ ومطارات وامتيازات ومنح من المجتمع الدولي مقابل الهدنة ووقف إطلاق النار، وكان الحوثي يستحوذ على معظم الامتيازات التي كان يفترض أن تتمتع السلطة الشرعية بها".

وتابع: "لكن بعد تطورات طوفان الأقصى (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023) وقرار جماعة الحوثي الدخول في جبهة إسناد غزة، بدأت الخسائر تتوالى على الحوثيين، وجرى تصنيفهم كجماعة إرهابية، وضربت الموانئ، وبدأ استهدافهم وسحب الامتيازات التي كان يتمتع بها".

وبحسب التميمي، فإن "الحوثي بدأ يشعر بأن أحمد علي صالح- وبعد رفع العقوبات الغربية عنه- يمكن أن يشكل مصدر خطر سياسي، لأنه كان هناك نوع من المهادنة بين الطرفين كون الأخير اتخذ موقفا صامتا من مقتل والده ولم يصعّد".

وأشار إلى أنه "في الفترة الأخيرة وبعد رفع العقوبات عنه، وتزايد نفوذ طارق نجل شقيق علي عبد الله صالح، في الساحل الغربي، بدأ الحوثيون يضيقون الخناق على حزب المؤتمر الشعبي في صنعاء".

وألغى مجلس الأمن العقوبات عن قائد الحرس الجمهوري السابق أحمد علي صالح عام 2024، بعدما فرضها عليه عام 2015، لاتهامه بتوزيع السلاح لألوية الحرس، وشيوخ قبائل، تورطوا في جرائم قتل بحق المتظاهرين السلميين في ثورة فبراير/شباط 2011.

ورأى التميمي أن "الحوثي بدأ يشعر أنه إذا ما تطورت الأمور إلى مواجهة عسكرية ضدهم، فإنه يمكن لجماعة المؤتمر الشعبي العام في صنعاء أن يشكلوا فارقا، ولهذا بدأ في التضييق عليهم بدءا من استباحة مكانتهم السياسية وأيضا مصادرة أموالهم".

وأردف: "كل ما كان يتمتع به المؤتمر الشعبي العام ضمن التحالف الهش مع الحوثيين قد فقده الآن تماما، وذلك في ظل ضربات حلفائهم السابقين من جماعة الحوثي، وهذا أمر متوقع لأن الأخيرة لا تقبل الشراكة السياسة مع أي أحد".

ولفت إلى أن "ما نراه اليوم أمر متوقع وما دفع به قدما هو شعور الحوثي بمخاوف حقيقية وتحديات في المرحلة المقبلة ومن إمكانية الدخول في مواجهة عسكرية  تتوفر فيها كل الإمكانيات لدى خصومهم، وبالتالي يتشكل تحول مفصلي في تاريخهم".

وأوضح التميمي أن “المؤتمر الشعبي جُرد من كل عوامل القوة، لكنه يعتمد على شبكة الولاءات الجماهيرية والشعبية ووجوده داخل التشكيلات العسكرية للحوثيين”، مبينا أن الطرف الوحيد الذي لديه الإمكانيات هو طارق صالح.

واستدرك قائلا: "إذا حصل تحوّل عسكري يمكن أن توفر الإمكانيات بسهولة للمؤتمر الشعبي العام، وأن تحدث استهدافات مفاجئة تغير الوضع بالميدان".