الكنيسة الروسية.. كيف عمقت أزمة دير سانت كاترين بين مصر واليونان؟

منذ ساعة واحدة

12

طباعة

مشاركة

منذ أكثر من شهرين، تحاول كل من أثينا والقاهرة التوصل إلى تسوية بشأن النزاع على ملكية أراضي دير سانت كاترين الواقع في جنوب شبه جزيرة سيناء، إلا أن التطورات الأخيرة في قلب الدير نفسه زادت الأمور تعقيدا.

فقد أعلن عدد من الرهبان تمردهم على رئيس الدير وقرروا عزله، ونقل سلطته إلى بطريرك القدس، في خطوة أثارت رفضا قاطعا من السلطات المصرية، وتحفظا في الأوساط الرسمية اليونانية، ما أدى إلى توقف المحادثات بين البلدين، وسط غياب أي بوادر للحل، بحسب صحيفة يسرائيل هيوم العبرية.

قرار وانقلاب

تعود جذور الأزمة إلى 28 مايو/أيار 2025، حين أصدرت محكمة مصرية حكما يقضي بنقل ملكية الأراضي المحيطة بدير سانت كاترين، التي تعود ملكيتها للدير منذ مئات السنين، إلى الدولة المصرية.

ويقف دير سانت كاترين في قلب صحراء سيناء عند سفح جبل موسى، شامخا منذ قرون، شاهدا على حكاية من أقدم الحكايات الدينية في العالم المسيحي، لكنه تحوّل اليوم من معلم ديني إلى عبء سياسي.

إذ تدور معركة دبلوماسية بختم محكمة مصرية، فتحت الباب على أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين القاهرة وأثينا بسبب هذا المكان.

وأثار قرار المحكمة المصرية موجة من الغضب في اليونان، حيث تمتلك الكنيسة الأرثوذكسية نفوذا كبيرا، مما أدى إلى اندلاع أزمة دبلوماسية بين البلدين.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "تدخل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي شخصيا في محاولة لاحتواء الأزمة المتفاقمة بين الطرفين".

في هذا السياق، أفادت بأن "القاهرة وأثينا بدأتا مفاوضات مكثفة لحل القضية، التي أثارت موجة غضب شعبي عارم في اليونان".

وفي محاولة منه للوصول لحل يرضي جميع الأطراف، زار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أثينا مطلع أغسطس/ آب 2025، حيث كانت قضية دير سانت كاترين في صلب محادثاته مع نظيره اليوناني جورجيوس جيرابيتريتيس.

واستدركت الصحيفة: "في الوقت الذي بدا فيه أن الأزمة في طريقها نحو الانفراج، جاءت تطورات داخل الدير لتقلب الطاولة وتعيد الأزمة إلى نقطة الصفر".

وأوضحت تفاصيل الأزمة الجديدة قائلة: “في نهاية يوليو/ تموز 2025، أعلنت مجموعة من رهبان دير سانت كاترين عزل رئيس الدير، المطران داميانوس”.

وبرروا عزل داميانوس، البالغ من العمر 91 عاما، بدعوى كبر سنه وضعف قدرته على إدارة شؤون الدير.

وفي خطوة مفاجئة، طلب الرهبان المتمردون تدخل بطريركية القدس، مستغلين ثغرة في الوضع القانوني الذي ينظم تبعية الدير.

في المقابل، ذكرت الصحيفة العبرية أن "بطريركية القدس، التي ترى تقليديا أن دير سانت كاترين يقع ضمن نطاق وصايتها الروحية، لم تُفوت الفرصة".

فقد أرسلت وفدا خاصا إلى سيناء ضم ثلاثة من كبار رجال الدين، بحجة السعي للمصالحة، لكن من دون أن تدين التمرد أو تتخذ موقفا محايدا.

وفسرت الصحيفة هذا الموقف قائلة: "الرسالة كانت واضحة: بطريرك القدس ثيوفيلوس الثالث، يسعى للسيطرة على دير سانت كاترين، بدعم غير معلن من الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا".

رفض مشترك

من جانبها، أعربت السلطات المصرية عن رفضها القاطع لأي تدخل من بطريرك القدس في إدارة دير سانت كاترين، سواء من الناحية الروحية أو الإدارية، مقدرة أن الدير يقع تحت السيادة المصرية الكاملة.

أما في أثينا، فرغم المفاجأة وعدم صدور رد رسمي فوري، أوضحت الحكومة اليونانية لاحقا أن تمرد الرهبان لا يحظى بدعمها، خاصة أنه أوقف المحادثات التي كانت على وشك أن تسفر عن حل نهائي.

وبحسب الصحيفة، تخشى أثينا من أن "تؤدي تدخلات بطريرك القدس إلى تقويض ما تحقق حتى الآن في المفاوضات مع القاهرة، الأمر الذي يهدد بخسارة الموقف التفاوضي اليوناني وتفجير الأزمة من جديد".

في غضون ذلك، أشارت إلى أن "رئيس الدير المعزول، المطران داميانوس، لم يلتزم الصمت، ورد على حركة التمرد بإجراءات كنسية صارمة".

إذ أبلغ داميانوس المتمردين بعقوبات الحرمان الكنسي، وبتعليق عضوية بعضهم في الكنيسة، ودعا الرهبان المتمردين إلى التوبة وطلب المغفرة.

ومن جهتهم، أرسل الرهبان المتمردون رسالة رسمية إلى السلطات المصرية أعلنوا فيها أن المطران داميانوس لم يعد ممثلا قانونيا للدير، وطالبوا بنقل إدارة جميع حسابات الدير المالية إليهم".

ونقلت الصحيفة عن مصادر كنسية تحدثت إلى وسائل إعلام يونانية، قولها: إن "الإدارة المالية لماريانوس أثارت شبهات، وتحدثت عن علاقاته مع أشخاص مقربين منه خارج الكنيسة"، دون الخوض في التفاصيل.

مع ذلك، أفادت بأن "عددا من رهبان دير سانت كاترين أعربوا، خلال اجتماعهم مع مجموعة من الأساقفة الذين حضروا للتوسط في الأزمة، عن استعدادهم لقبول عودة المطران داميانوس، ولكن بشرط واضح: ألا يصطحب معه أي شخص من محيطه لا يرتدي الثوب الرهباني".

برر الرهبان هذا الشرط بما وصفوه بأنه مركز غير رسمي لصنع القرار نشأ خلال السنوات الأخيرة تحت إشراف المطران، خارج نطاق الدير، وتسيطر عليه شخصية علمانية محددة، وفق الصحيفة.

وأضافت: "بحسب الرهبان، فإن هذه الشخصية تمارس نفوذا كبيرا على قرارات المطران، وتؤثر على حكمه، مما أدى إلى تآكل استقلالية إدارة الدير".