منافذ نشطة رغم سقوط الأسد.. كيف تُهرب الأسلحة من سوريا إلى لبنان؟

مصعب المجبل | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

ما تزال الدولة السورية الجديدة تكثف جهودها لقطع أي خطوط إمداد أسلحة من سوريا إلى حزب الله في لبنان، وتجفيفها بشكل نهائي لما لها من تأثير على استقرار البلاد.

إذ تشير المعطيات إلى أن إيران ماضية في استخدام الأراضي السورية كممر عبور لنقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان بطرق التفافية وبعيدة عن أعين سلطات دمشق الجديدة.

تهريب أسلحة 

وهناك مؤشر واضح على وجود ترسانة كبيرة من الأسلحة خلّفها نظام بشار الأسد وحليفته إيران في أماكن مجهولة أو يصعب الوصول إليها.

وهذا ما يفسّر تكرار عمليات ضبط قوات الأمن السورية لمحاولات تهريب أسلحة وصواريخ من سوريا إلى لبنان المجاور.

وفي أحدث واقعة، أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص، في 18 أغسطس/آب 2025 عن ضبط شاحنة محملة بصواريخ من نوع غراد، أثناء محاولتها العبور باتجاه الأراضي اللبنانية، في كمين نفذته قرب الحدود مع سوريا.

وأوضحت قيادة الشرطة، أنها نصبت الكمين بعد توفر معلومات حول محاولة تهريب أسلحة، مشيرة إلى أن الشاحنة كانت متجهة إلى لبنان عبر أحد المعابر غير الرسمية في ريف حمص الغربي.

وصادرت القوات الأمنية الصواريخ المضبوطة، وفتحت تحقيقا لتنظيم الضبط اللازم واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين، دون أن تكشف عن عدد المعتقلين أو الجهات المسؤولة عن التهريب.

وسبق ذلك، في 24 يونيو/حزيران 2025 إعلان مديرية الأمن الداخلي في مدينة القصير بريف حمص، عن إحباط عملية تهريب جديدة تتضمن أسلحة نوعية وصواريخ موجهة، كانت في طريقها إلى لبنان. 

وأوضح مسؤول أمني عبر مقطع مصور نُشر في معرّفات محافظة حمص، أن عملية التهريب تقف خلفها مجموعة محلية تتبع لـ"حزب الله" اللبناني، فيما تمكنت القوى الأمنية من إحباط العملية بعد ورود معلومات أمنية. 

وتتضمن الشحنة صواريخ موجهة مضادة للدروع، وقاعدتي صواريخ وقذائف صاروخية، بحسب المسؤول. 

وفي الخامس من يونيو 2025، تمكنت مديرية الأمن الداخلي في مدينة القصير بريف حمص من إحباط عملية تهريب شحنة أسلحة تحتوي صواريخ موجهة من طراز "كورنيت كانت معدّة للتهريب إلى الأراضي اللبنانية.

وتنشط عمليات تهريب الأسلحة في المناطق الحدودية مع لبنان، وتحديدا في منطقة القصير؛ حيث كان ينشط "حزب الله" قبل سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024.

وما تزال الحدود السورية اللبنانية تشكّل "بؤر توتر" مرتبطة بعمليات التهريب غير القانونية التي كان يشرف عليها نظام الأسد قبل سقوطه.

ولتمتين هذه الخاصرة الرخوة أمنيا في المرحلة الحالية، أطلقت إدارة أمن الحدود السورية حملة في 6 فبراير/ شباط 2025 للقضاء على المتورطين في تهريب الأسلحة والممنوعات عبر الحدود مع لبنان.

وآنذاك دارت اشتباكات كبيرة هناك بين إدارة أمن الحدود السورية ومجموعات من المهربين أدت إلى سقوط قتلى من الطرفين، قبل أن تبسط دمشق السيطرة على بعض النقاط.

عوامل فاعلة

يتشارك لبنان وسوريا حدودا بطول 375 كيلومترا غير مرسمة في أجزاء كبيرة منها، خصوصا شمال شرق البلاد، وهو ما جعل الحدود منطقة سهلة للاختراق من جانب المهربين أو الصيادين وحتى اللاجئين.

بينما يمتلك حزب الله اللبناني معابر خاصة غير شرعية بين البلدين، وكان يستخدمها قبل سقوط نظام الأسد لنقل الأسلحة والمقاتلين بين البلدين.

اللافت، أنه عقب سقوط الأسد احتفظت مليشيات محلية تتبع لإيران ونظام الأسد المخلوع بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.

وأدى ذلك، لبروز ظاهرة تجارة الأسلحة من قبل تجار ومهربين، دفعت الدولة السورية الجديدة لإطلاق إستراتيجية أوسع لإعادة بسط سيادة القانون، وإنهاء التهديد الذي تشكّله عمليات التهريب على سوريا ودول الجوار. 

وقد ضبطت مديرية الأمن الداخلي في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، في يوليو/تموز 2025 شحنة صواريخ غراد كانت بحوزة مجموعة من تجار السلاح في المنطقة.

كما أعلن الأمن العام السوري، في 19 فبراير 2025 توقيف مهربي أسلحة في منطقة القلمون بريف دمشق القريبة من الحدود اللبنانية، متورطين في التعامل مع "حزب الله" اللبناني.

وحينها نشر الأمن العام السوري صورا لما قال: إنها لمهربين جرى إلقاء القبض عليهم أثناء محاولتهم تهريب الأسلحة إلى لبنان.

وضمن هذا السياق، أكد المحلل والخبير العسكري والإستراتيجي، العقيد أحمد حمادة، لـ "الاستقلال" أن "هناك طريقا للتهريب من حمص ومناطق أخرى بريف دمشق باتجاه لبنان وذلك لأسباب عديدة".

أولها "رغبة إيران في إيصال الأسلحة والذخائر إلى حزب الله بأي طريقة نظرا لتوفر كمية كبيرة منها خلفتها إيران ومليشياتها في سوريا". 

وأضاف أن "هناك عمليات بيع أسلحة مرتبطة بتلك التي سُرِقت من ثكنات ومستودعات الجيش السوري عقب سقوط الأسد". 

وعد حمادة أن “العامل الأبرز في هذا الملف، وجود شبكات مهربين منظمة وفاعلة وممتدة على طرفي الحدود وهي من تنفذ الدور الأكبر في تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان”.

وذكر أن تلك المجموعات تتلقى مبالغ مالية وإغراءات مالية لإتمام عمليات التهريب من الداخل السوري إلى الحدود، خاصة أن حزب الله كان يمتلك معابر غير شرعية ومجهولة وغير مكشوفة اعتمد عليها منذ عام 2012.

وراح يقول: "إن انقطاع طريق الإمداد من إيران إلى لبنان عبر سوريا جعل عمليات التهريب نشطة ومستمرة من قبل طهران، مما يحتّم على الدولة السورية الجديدة تكثيف الجهود لتجفيف طرقها وملاحقة المهربين". 

"خطر محلي"

وتستخدم شبكات التهريب طرقا عديدة لنقل الأسلحة والذخائر منها سيارات مُحمّلة بالخضراوات أو منتجات غذائية أخرى.

وتتحدث تقارير صحفية عن رصد ذخائر متطورة كان يحتفظ بها حزب الله في سوريا خلال فترة احتلاله للمناطق الحدودية ويسعى في الوقت الراهن لنقلها إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية.

ويرتبط ذلك بضعف قدرة حزب الله عقب سقوط الأسد على استخدام سوريا كقاعدة لوجستية لتخزين ونقل الأسلحة لمواجهة العدو الإسرائيلي.

ولا سيما أن قوات الاحتلال الإسرائيلي كثفت قصفها خلال السنوات الماضية على مناطق سورية، قائلة: إنها كانت تستهدف إحباط عمليات تهريب السلاح إلى حزب الله اللبناني.

وهنا يشير، العميد السوري زياد حاج عبيد، لـ “الاستقلال” إلى أن "إيران وعبر الموالين لها من المليشيات السابقة ما تزال تستخدم عمليات التهريب غير المألوفة لإيصال السلاح إلى لبنان ومنها تقديم مغريات مالية لأصحاب سيارات تجارية لنقلها إلى نقاط حدودية كمرحلة أولى".

وأضاف عبيد أن "حكومة دمشق تعتقد أن قسما كبيرا من مواقع الأسلحة المخزنة التي تتبع لإيران ومليشيات الأسد، تستخدم حاليا في عمليات هجومية تستهدف القوى الأمنية والعسكرية السورية وهذا قبل كل شيء خطر على المجتمع المحلي". 

ونوه إلى أن “هناك كثيرا من المليشيات الإيرانية من الجنسية السورية تحولوا إلى تجار سلاح بعيدا عن أعين الدولة وبشكل خفي بعد نقل أسلحة ثقيلة إلى أماكن مجهولة”.

وبين أن هؤلاء يختبئون ربما في أماكن لا تسيطر عليها الدولة الحالية مثل مناطق قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في شمال شرقي البلاد.

وما يزال الساحل السوري معقل ضباط وعناصر نظام الأسد البائد، يشكل "بيئة خلفية لشبكات منظمة"، تواصل التخطيط لضرب جهود الدولة السورية الجديدة في بسط الاستقرار.

وحاول فلول الأسد في 6 مارس/آذار 2025 عزل الساحل السوري، وتهديد الانتقال السياسي في البلاد، حينما هاجم ضباط وعناصر ومليشيات تتبع نظام الأسد المخلوع، دوريات الأمن التابعة للدولة الجديدة بمحافظتي طرطوس واللاذقية على البحر الأبيض المتوسط.

وإلى جانب التمويل الخارجي لفلول الأسد، تشير محاولة التحرك هذه من جديد إلى وجود طرق إمداد خاصة من حزب الله عبر لبنان المجاور، وهو ما أكّده تقرير لجنة تحقيق سورية في 22 يوليو 2025، بشأن أحداث الساحل.

وخلال الفترة الأخيرة تمكنت قوات الأمن السوري من إلقاء القبض على قادة عسكريين يتبعون لنظام الأسد المخلوع، قالت دمشق: إنهم يقودون خلايا تعمل على التنسيق والتخطيط لاستهداف نقاط أمنية وعسكرية ومواقع حيوية، بهدف زعزعة الاستقرار في اللاذقية معقل آل الأسد في البلاد.

وقُتِل عنصران من قوى الأمن الداخلي السوري في محافظة طرطوس غربي البلاد، في 18 أغسطس 2025 إثر إطلاق رصاص من قبل مسلحين مجهولين بالقرب من كراج المدينة، في إشارة جديدة على وجود استمرار التهديد الأمني من قبل فلول الأسد.