سجانو صيدنايا يواجهون ضحاياهم.. هذه أبرز جرائمهم بحق السوريين

"لا تسامح مع من يعبث بأمن الوطن والمواطن"
"عندما تدور الأيام ويلتقي السجين مع سجانه.. بهذه العبارة ومرادفاتها تفاعل ناشطون على منصات التواصل مع مقطع فيديو عرضته وزارة الداخلية السورية للقاء جمع ثلاثة سجانين كانوا يعملون في معتقل صيدنايا التابع لنظام بشار الأسد البائد بمسجونيهم.
وأعلنت الداخلية السورية في 23 أغسطس/آب 2025 القبض على عدد من السجّانين السابقين في سجن صيدنايا، المتورطين في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين، مؤكدة أن قوى الأمن الداخلي ماضية في ملاحقة المتورطين في جرائم بحق الشعب السوري.
وأوضحت أن العملية تمت ضمن خطة أمنية محكمة، تضمنت عملاً استخبارياً ورصداً مسبقاً، بالتنسيق بين وحدات الأمن في منطقتي الحولة وتلكلخ بريف حمص، مؤكدة أن الموقوفين كانوا يحاولون الفرار خارج البلاد قبل أن يتم اعتقالهم وتقديمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.
وشددت الداخلية السورية على أن "لا تسامح مع من يعبث بأمن الوطن والمواطن" وأنها "لن تدخر جهدا في حماية كل فرد على هذه الأرض الطيبة"، مذكرة بأهمية وعي المجتمع في مكافحة الجريمة وعدم التستر على المجرمين.
ونشرت مقطع فيديو يحمل مشاهد جديدة حول المسلخ البشري في سجن صيدنايا سيئ السمعة، ويظهر لقاء الضحية بجلاده وجها لوجه، ويوثق شهادات صادمة للضحايا، واعترافات للسجانين الذين ارتكبوا الجرائم.
ويتضمن المقطع لقاء معتقلين سابقين بسجانيهم وجها لوجه وهم يروون ما تعرضوا له على أيديهم من أساليب تعذيب وحشية.
منها إجبار أحد السجانين المعتقلين على شرب الشاي ممزوجا ببول السجان، واعتراف آخر باغتصاب النساء، والثالث بالمشاركة في عمليات تعذيب حتى الموت.
واعترف السجانون بأنهم كانوا ينفذون أحكام إعدام جماعية بحق مئات المعتقلين، بينما كشف آخر عن طلبه "بنات لاغتصابهن" بتسهيل من مسؤولين داخل السجن قدموا له 9 منهن، مؤكداً وقوع اعتداءات متكررة على النساء.
وتضمن المقطع روايات معذبين داخل السجن أمام سجانيهم أولهم يدعى أحمد خالد عبدالحميد روى أنه جرى توقيفه في 19 أبريل/نيسان 2013، وكان السجان المدعو ماهر درويش من ضمن 12 عسكريا يستقبلون المعتقلين بالضرب والتعذيب والإهانات.
وأوضح أن العسكريين كانوا يحتجزون المعتقلين في غرفة يخلعون فيها ملابسهم ثم ينقلونهم إلى مكان آخر ليقيموا عليهم حفلة تعذيب.
وذكر أن السجان درويش تبول في الشاي وأجبر المعتقلين على شربه، وساومهم إذا أنهم لم يشربوه فسيقتلون، وكان يسبهم ويحرض عليهم.
والمقطع الثاني كان لمعتقل مبتور القدم وتظهر على ظهره ندوب غائرة وحروق وآثار تعذيب، وقد واجه سجانه بكل وسائل التعذيب التي مارسها عليه وبالأدوات التي استخدمها في ذلك.
وعرض وزير الداخلية السوري أنس خطاب، لقطة من مقطع الفيديو الذي بثته الوزارة تظهر فيها مواجهة المعتقل لسجانه، قائلا: "تكفي هذه الصورة لإيصال رسالةٍ لكل حرٍّ مظلوم، مفادها أنه مهما طال ليل الظلم والإجرام، فلا بد لشمس الحرية والكرامة أن تشرق من جديد مهما طال انتظارها".
وأعرب ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #صيدنايا، #سجن_صيدنايا، وغيرها عن تقديرهم وامتنانهم لإصرار سوريا الجديدة على معاقبة الجلادين وملاحقة رموز النظام السابق وتقديمهم لمحاكمات عادلة تقتص للضحايا.
وتحدثوا عما تحمله الاعترافات التفصيلية للسجانين عن أساليب التعذيب والإعدامات الميدانية والاغتصاب داخل سجن صيدنايا من دلالات على فاشية ودموية وديكتاتورية النظام المخلوع، وما تبرهن عليه الفظائع المفصح عنها من أن الثورة السورية كانت حتمية للخلاص من وطأة الظلم.
مسلخ بشري
وصيدنايا أحد أكثر السجون العسكرية السورية تحصينا، ويقع قرب دير صيدنايا على بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة دمشق.
يطلق عليه "المسلخ البشري"؛ بسبب التعذيب والحرمان والازدحام داخله، كما لُقب بـ"السجن الأحمر" نتيجة الأحداث الدامية التي شهدها خلال عام 2008.
وكان سجن صيدنايا قد شهد عصيانا في 5 يوليو/تموز 2008، قتل فيه 25 سجينا على الاقل.
وتمكنت قوات الثورة السورية من اقتحامه، وتحرير المعتقلين كافة منه، وذلك بعد دخولها العاصمة السورية دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، ثم أعلنت إسقاطها حكم بشار الأسد وانسحاب قواته من وزارتي الدفاع والداخلية ومطار دمشق الدولي.
وبني سجن صيدنايا في 1987، ويتكون من 3 مبان كبيرة تلتقي في نقطة يطلق عليها "المسدس"، وينقسم إلى جزأين.
يُعرف الجزء الأول بـ"المبنى الأحمر"، وهو مخصص للمعتقلين السياسيين والمدنيين، أما الثاني فيعرف بـ"المبنى الأبيض"، وهو مخصص للسجناء العسكريين.
كان سائدا أن يفرز المعتقلون داخل أقسام سجن صيدنايا حسب التهم السياسية الموجهة إليهم، فكان يضم معتقلي جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي وحركة التوحيد الطرابلسية.
كما ضم السجن معتقلين لبنانيين من أطراف عدة غير موالية لسوريا، وفلسطينيين متهمين بأن لهم علاقة جيدة مع ثوار سوريا، ومعتقلين شيوعيين ومن الأحزاب الكردية على اختلافها، إضافة إلى بعض العسكريين السوريين.
ومن مظاهر المعاناة التي عاشها سجناء صيدنايا منع الماء والطعام عنهم لفترات تصل إلى أيام عدة حتى إنهم يضطرون لشرب بولهم، بحسب ما صرح أحد المعتقلين السابقين في السجن.
وعانى السجناء في صيدنايا أشد أنواع التعذيب، من ضرب بالخراطيم أو أنابيب التمديدات الصحية أو الهراوات وغيرها من الأدوات على نحو مستمر.
رسالة للمدافعين
وقدم ناشطون اعترافات السجانين لمن لا يزالون يدافعون عن آل الأسد ونظامهم وحكمهم، معربين عن سعادتهم باعتقالهم.
وعرض خالد محمد الضبيبي المقطع الذي نشرته وزارة الداخلية، قائلا: "هذا الإجرام الذي حصل في عهد الأسد المجرم فليخسأ المتباكون على سقوطه".
وقال الصحفي هادي العبدالله: "لن أتحدث في الفيديو عن إجرام السجانين فهو معروف ولا عن العدالة التي تتحقق"، موضحا أنه سيتحدث عن “المنافقين” الذين يبثون سمومهم ويلبسون ثوب "الثورة" و"الإصلاح" ليقولوا إن الأوضاع لم تفرق شيء بين الآن وعهد الأسد!.
ونصح الباحث طالب أبو محمد بتقديم اعترافات السجانين بصيدنايا لأي أحد يقارن بين عهد الأسد والعهد الوطني الجديد، قائلا: "تلك حقبة مضت وسنبذل قصارى جهدنا حتى لا يعيش السوريون مثل تلك الأيام المأساوية.. الحمد لله على نعمة سقوط هذا النظام السادي".
وأعرب الصحفي قتيبة ياسين، عن سعادته بأن وحوش صيدنايا في قبضة العدالة، مؤكدا وجوب أن يقروا على جميع زملائهم.
إشادة وثناء
وإشادة بدور الحكومة السورية وتقديما لمزيد من الروايات حول التعذيب بصيدنايا، أثنى محمد الهاشمي، على نشر اعترافات السجانين وعدها خطوة مهمة جدا.
ولفت إلى أنه كتب أكثر من مرة أنه من الضروري نشر تقارير أسبوعية أو شهرية عن المسلخ البشري سجن صيدنايا على قناة الإخبارية وباقي المواقع.
وقال: "يجب أن يعرف العالم بأسره حجم المعاناة التي كنا نعيشها في ظل حكم الخنازير البرية عصابة الأسد ومن معهم".
وأشاد مدير الإعلام الحكومي في محافظة طرطوس حسن مصطفى، بجهود قوى الأمن الداخلي التي بذلت كل ما في وسعها لملاحقة مرتكبي الجرائم في صيدنايا، أولئك الذين أزهقوا أرواح آلاف الأبرياء وعذبوهم بطرق وحشية لا توصف.
وأكد أن معاناة سجناء صيدنايا لم تنتهِ بعد وستظل ذكريات تلك الأيام القاسية محفورة في وجدانهم وآثارها المخزية لن تُمحى من التاريخ.
وروى موفق شامي، أنه فقد في صيدنايا 4 من أعز أصدقائه، شاكرا الله أنه عاش اليوم الذي تتحقق فيه العدالة الإلهية لهؤلاء.
ودعت رهف راشد الله أن يصبر قلب أهالي المعتقلين ويربط على قلبهم ويجزيهم الجنة، ولعنت بشار الأسد وحاشيته وكل من سانده ودعمه ولو بكلمة، قائلة: "الله ينتقم منكم شر انتقام حسبنا الله ونعم الوكيل".
وأضافت: "سقط ربكم بشار وبقي وجه الله العزيز الجبار المتكبر المنتقم منكم أشد انتقام"، مؤكدة أن شيئا لن يشفي الغليل بالدنيا وأنها تنتظر محكمة الآخرة.
ظلم وطغيان
وهجوما على النظام السابق وفي دعوة للقصاص منه، قال أنس كنكري: "وأنت تستمع لاعترافات سجّاني صيدنايا، تشعر أن ما شهدناه لم يكن سوى قطرة في محيط الظلم، وأننا كنّا بحاجة إلى مئات الثورات لا ثورة واحدة، حتى نكسر قيود الطغيان الذي نخر عظام هذا الوطن واجتثاث آل الأسد".
وأضاف: "لكن في خضمّ هذه الحقيقة، يصيبنا الألم من بعض المشاهد والتفاصيل التي خرجت للنور، تفاصيل عن طرق تعذيب لا تليق حتى بسردها".
وتمنّى كنكري، لو بقيت هذه الحقيقة مخفية، لا خوفًا منها بل احترامًا لذوي الشهداء الذين أكل الحزن قلوبهم، ورحمةً بقلوب المعتقلين الذين حملوا في أرواحهم جراحًا لا تندمل، وأوجاعًا لا تُروى.
وكتب مصطفى عطار: "لعنة الله على سجاني صيدنايا، لعنة لا تحول ولا تزول إلى يوم الدين يا أعداء الإنسانية يا وحوش البشرية، يلعن روحك يا حافظ، يلعن روحك أنيسة، يلعن روح آل الأسد من الجد للولد".
وأعاد المدون أبو سفيان، نشر اعترافات السجانين، قائلا: "لعنكم الله يا ظالمين يا حقراء يا أنجاس أنتم وبيت الأسد وكل من والاكم إلى جهنم إن شاء الله".
وطالب المغرد زيد بالقصاص وأن نوقع في السجانين ما أوقعوه في الضحايا، وأن يتجرعوا من الألم منتهاه ثم يتجرعوا من الألم منتهاه، ثانية بثانية ودهرا بدهر؛ وأن نمد أعمارهم على زمن العذاب؛ وألا يدفنوا حين يأتي أمر الله في أرضنا.
ودعا أحد المغردين، لتعليق مشانق السجانين في الساحات ليكونوا عبرة، وحتى يكتمل نصر الثورة، مطالبا بالقصاص من المغتصبين والقتلة والمجرمين. وأشار إلى أن هؤلاء لم يبقوا جريمة في الكون لم يرتكبوها وأعظمها الاغتصاب.
تبادل أدوار
وسعادة بتبدل الأدوار وجلوس المعذب لمحاسبة جلاده، قال أحد المغردين: "في هذه اللحظة، لم تعد الذاكرة مجرد شعور، بل أصبحت قاضيًا.. هذا ليس لقاءً، بل هو أولى جلسات المحكمة".
وأشار إلى أن الضحية يجلس حرًا، بملابسه العادية، شاهدًا على التاريخ، بينما يرتدي جلاده زيّ العار الذي صممه بنفسه، مضيفا أن كل خط على تلك "البيجامة" هو صرخة ضحية، وكل نظرة من الناجي هي إدانة.
وتساءل أحمد تاكو عن شعور السجانين الآن وهل لديهم إحساس وهل هذا النوع من البشر يحس، وكيف عاشوا بين الناس قبل الثورة تحت سماء واحدة.
وعرض منهال نادر، صورة السجان الذي كان يبول في الشاي ويجبر مساجين صيدنايا على شربه، مشيرا إلى أنه ينتمي إلى طائفة العلويين.
وتساءل: "هل كان ينفذ أوامر بشار الأسد بذلك أم أنه مجهود شخصي نابع عن كره دفين لكل مسلم؟"، مؤكدا أن كل علوي هو بشار الأسد، بل الأخير هو أقلهم إجراماً.
وركز ماجد سبات على اعتراف أحد السجانين بأنه كان يقدم طلبا لمدير سجن صيدنايا لاغتصاب البنات، وفعل ذلك مع 9 سجينات، واصفا اعترافه واعتراف زملائه بأنها "صادمة".
وعلق مالك المالك على اعتراف أحد السجانين الموقوفين بأنه اغتصب 9 بنات وقتلهن، قائلا: "عينة من الخنازير البشرية التي كانت حاكمة في سوريا باسم السفاح بشار الأسد".
وتحدث عن وجوب تأسيس محكمة سورية- عربية - دولية للنظر في جرائم الإبادة ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام بشار الأسد، مؤكدا أن هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم.