سفير إيران في بيروت: نقاش حاد حول سلاح حزب الله وزيارة لاريجاني تثير حساسيات

"حزب الله أعلن أن الأولوية تكمن في وقف الخروقات الإسرائيلية للهدنة"
في خضم التوترات المتصاعدة في المنطقة، جاءت زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى العاصمة اللبنانية بيروت لتحمل رسائل سياسية وأمنية بالغة الأهمية.
الزيارة التي حظيت باهتمام واسع في الإعلام الدولي، مثلت -بحسب إعلام إيراني- "اختبارا عمليا لمحاولات أميركا وإسرائيل وحلفائهما عزل طهران وإضعاف المقاومة اللبنانية عبر ملف نزع السلاح".
وفي مقابلة مع سفير إيران في بيروت، مجتبی أماني، جرى تسليط الضوء على أبعاد هذه الزيارة التي جرب في 13 أغسطس/ آب 2025، ورسائلها الإستراتيجية.
ظروف صعبة
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "جام جم" الإيرانية بأن "هذه الزيارة جاءت في وقت تعيش فيه المنطقة وضعا أمنيا بالغ التوتر والحساسية، في الوقت الذي يحيك فيه الصهاينة والأميركيون مخططات خطيرة".
وفي هذا السياق، ذكرت أن أولى الزيارات الإقليمية للاريجاني إلى بيروت، حظيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الدولية.
وأضافت أن “هذه الزيارة بحد ذاتها شكلت نجاحا مهما للدبلوماسية، لا سيما أنها تمت في وقت كان فيه خصوم طهران يسعون لتقديم إيران في صورة الدولة المعزولة”، وفق قولها.
وفي هذا السياق، أجرت الصحيفة حوارا مع السفير مجتبى أماني، لتسليط الضوء على أهمية الزيارة في الظروف الراهنة، وما حملته من رسائل ومضامين.
ورأى أماني أن "الزيارة أتت في ظل ظروف صعبة تمر بها المنطقة، حيث أن لبنان خرج لتوه من حرب شاملة، مع استمرار انتهاكات وقف إطلاق النار".
وأشار إلى أن نقاشا، وصفه بـ"الحاد للغاية"، يدور اليوم داخل لبنان، ويتمحور حول سلاح المقاومة.
ولفت إلى أن الساحة السياسية تتداول عناوين مثل "الاحتكار" و"الحصر" و"النزع" و"التسليم"، وكلها "تشير إلى هدف تجريد المقاومة من سلاحها وحصره بيد الدولة".
وذكر أماني أن الحكومة اللبنانية أصدرت قرارا أوليا يلزم الجيش بتقديم خطة خلال أسبوعين لإنجاز ما يسمى عملية "نزع السلاح" قبل نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2025.
وأكد أن جدلا واسعا دار حول هذا الموضوع، وأن دولا أجنبية تدخلت فيه، مشيرا إلى أن "الأميركيين دخلوا على الخط بخطة محددة ومؤقتة، بينما اتخذت بعض الدول الأخرى مواقف متفرقة".
وأفاد بأن "دولة عربية (لم يسمها) تتابع هذه القضية باهتمام وحساسية أكثر من الأميركيين والإسرائيليين"، وأن هذه الدولة "أبدت حرصا شديدا على عدم بقاء أي سلاح في يد المقاومة".
ورأى أن “هذا الموضوع بالغ الحساسية والخطورة”، مشددا على أن زيارة لاريجاني في هذا التوقيت “كانت بالغة الأهمية، خاصة أنه يمثل مباشرة مقام القيادة العليا في إيران داخل المجلس الأعلى للأمن القومي”.
سلاح الحزب
وعما إذا كان الأمر سيؤول في النهاية إلى النجاح في نزع سلاح حزب الله، قال السفير الإيراني: إن "مسألة نزع السلاح من عدمه مرتبطة بالدرجة الأولى بالتفاهمات الداخلية اللبنانية".
وأضاف أن “وقف الهجمات الإسرائيلية ومسألة نزع السلاح يشكلان تحديا”، مع تأكيده بأن "الأولوية لدى جميع المسؤولين اللبنانيين تقريبا هي وقف الاعتداءات الإسرائيلية قبل الحديث عن أي شيء آخر".
كما أكد أن "حزب الله أعلن بوضوح أن الأولوية تكمن في وقف الخروقات الإسرائيلية للهدنة، والانسحاب من المناطق المحتلة -خصوصا النقاط الخمس الجديدة- والإفراج عن الأسرى، وبعدها يمكن مناقشة إستراتيجية الدفاع الوطني، والتي قد تفضي إلى نتيجة".
وتساءلت "جام جم" الفارسية: “ما العوامل التي جعلت إيران ولبنان شركاء فاعلين في محور المقاومة رغم تنوع المجتمع اللبناني ووجود بعض المعارضة لهذا التوجه؟”
وهنا، أوضح الدبلوماسي الإيراني أن "زيارة لاريجاني، كأي زيارة لمسؤول إيراني إلى لبنان، تثير الحساسيات، ويسعى الأعداء دوما للتقليل منها ومن أثرها".
لكنه أكد أن "الزيارة كانت ذات أهمية بالغة للبنانيين"، ويرى أن "حضور لاريجاني ممثلا عن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية منح الزيارة بعدا خاصا في نظر جمهور المقاومة، خصوصا حزب الله وحركة أمل".
وفي ظل محاولات التهميش والتشويه للزيارة، أثيرت تساؤلات -وفق أماني- حول ما إذا كانت الزيارة ستسير على ما يرام أم أنها ستواجه عقبات وتحديات.
ولفت إلى أن معارضي حزب الله، والنظام الإسرائيلي والأميركيين، كانوا يزعمون أن حزب الله هُزم وفشل، وأنه غير قادر على إعادة البناء، وأن المشهد اللبناني تجاوزه.
وأشار السفير إلى أن "أحد المظاهر التي كان من شأنها إحباط هذا الادعاء هو وجود مسؤول إيراني رفيع المستوى في لبنان كداعم للمقاومة".
مخاوف اللبنانيين
وحول مخاوف المسؤولين اللبنانيين من التدخل الإيراني في لبنان، أفاد السفير بأنها طُرحت في اللقاءات الرسمية بين لاريجاني والرئيس اللبناني ميشيل عون ورئيس الوزراء نواف سلام.
ورأى أن ردود المسؤول الإيراني اتسمت بـ"الاقتدار"، مضيفا أنه "شرح القضية بشكل شامل وواضح".
من جانب آخر، تحدثت الصحيفة الإيرانية عن تصريحات نتنياهو الأخيرة حول "المؤامرة الغربية الصهيونية فيما يتعلق بإسرائيل الكبرى"، وفق تعبيرها.
وتابعت متسائلة “عما إذا كان يمكن عد الجهود الأخيرة لنزع سلاح المقاومة اللبنانية أحد جوانب هذه المؤامرة، وهوية الدول المتورطة في تعزيزها ودعمها، لا سيما في لبنان”.
بدوره، رأى السفير الإيراني لدى لبنان أن تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى" تعني بوضوح أن "الدول المجاورة لفلسطين المحتلة، بما فيها مصر والأردن وسوريا ولبنان، كانت على الدوام هدفا لأطماع النظام الصهيوني".
ولفت إلى أن التصريح يشير إلى أنهم "لا يزالون متمسكين بمبادئ احتلالهم الأول، التي سعوا إلى تنفيذها في حروب مختلفة"،.
وشدد أماني على أن "دور سلاح المقاومة وأسلحة الدول هو أن يكون عائقا أمام حلم (إسرائيل الكبرى)، الذي كان على الدوام محط اهتمام قادة هذا الكيان الغاصب منذ نشأته".
وأشار إلى أن "مخاوف النظام الصهيوني من وجود الأسلحة في الدول، لا سيما المجاورة، واضحة وجلية".
ودلل السفير على ذلك بأن "أول تحرك لإسرائيل، بمجرد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، هو قصف جميع الأسلحة هناك على الفور".
وأضاف: "كما أن الأيدي الخفية والظاهرة للنظام الصهيوني التي تعوق مصر والأردن عن تسليح أنفسهما بالأسلحة اللازمة واضحة وجلية".
وأوضح أن "العقود والاتفاقات التي تبرم عادة مع كليهما، وكذلك الأسلحة التي يشتريانها من الدول الغربية، تتم جميعها وفق تقديرات النظام الصهيوني".
واختتم أماني بالتأكيد على أن لـ"سلاح المقاومة مكانة خاصة في لبنان، وبطبيعة الحال، يسعى النظام الصهيوني دوما للقضاء عليه".