ترامب وفون دير لاين ورئيسة دبلوماسية أوروبا الجديدة.. مثلث يحاصر فلسطين

منذ ٨ أيام

12

طباعة

مشاركة

سعيا منه للموازنة لعدم إثارة غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أصبح موقف الاتحاد الأوروبي فاترا، فيما يتعلق بالإبادة الجماعية الإسرائيلية التي تتعرض لها غزّة وأخطاء ترامب في هذا الصدد. 

فتتسم مواقف ممثلة الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية “كايا كالاس” في هذه القضية بالضعف، فيما تواصل رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” عدم المبالاة بالإبادة. 

وفي السياق، قالت صحيفة "الدياريو" الإسبانية إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وانتقال مهمة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إلى “كالاس”، بعد رحيل جوزيب بوريل، فضلا عن تحالف فون دير لاين مع إسرائيل، يشكل مثلثا يحاصر فلسطين.

وأوضحت أن الوضع في الشرق الأوسط، خاصة في غزة، بات من الاهتمامات الثانوية للاتحاد الأوروبي.

موقف ضعيف

وأوردت الصحيفة الإسبانية أن المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي التزموا الصمت في البداية بعد أن دعا ترامب  فلسطينيي غزة إلى مغادرة القطاع، وأكد أن الولايات المتحدة ستسيطر على المنطقة. 

وحتى بعد أن رد الاتحاد الأوروبي في وقت متأخر، التزم حذرا مبالغا فيه للرد على مقترحات ترامب. 

وفي نظام بيئي رقمي يتفاعل فيه الساسة مع كل شيء بشكل مباشر، لم يصدر أي تعليق خلال الساعات الأولى من الزعماء الأوروبيين على هذا القرار بتهجير المواطنين في غزة، والذي يتم تفسيره على أنه تطهير عرقي، يقترحه الرجل الأكثر نفوذا في العالم.

في الحقيقة، استغرق الأمر ساعات من المتحدثين باسم المفوضية الأوروبية للتعليق. 

وجاء في الرد الفاتر بالقول: "لقد أخذنا علما بتعليقات الرئيس ترامب. يظل الاتحاد الأوروبي ملتزما بشدة بحل الدولتين، والذي نعتقد أنه الطريق الوحيد لتحقيق السلام الطويل الأمد لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين". "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية".

في المقابل، ردت الأمم المتحدة بقوة أكبر. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك: "القانون الدولي واضح للغاية، وتقرير المصير مبدأ أساسي ويجب على جميع الدول حمايته". وحذرت المنظمة من أن "أي ترحيل من الأراضي المحتلة ممنوع".

انقسام الاتحاد

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أن "غزة ملك للفلسطينيين". ورفضت دول أوروبية أخرى، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، خطة ترامب بدرجات متفاوتة من الشدة.

فيما باركت الحكومة اليمينية المتطرفة في المجر نوايا ترامب. 

وقال وزير الخارجية المجري، بيتر سيارتو، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأميركية، إن "المجر مهتمة بكل الحلول التي تجلب السلام والاستقرار إلى الشرق الأوسط". 

وأكد سيارتو أنه "عندما يتعلق الأمر بترامب، فلا شيء مستحيل".

ومنذ أن بدأت الإبادة الإسرائيلية على غزة في أعقاب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في الرد بالإجماع، وكان يفعل ذلك عادة بما يتماشى مع أوامر واشنطن، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى هذا الانقسام الداخلي والمسافة المتساوية بين العديد من العواصم وتل أبيب.

في الحقيقة، استغرق الأمر عدة أشهر حتى دعت الدول السبع والعشرين إلى وقف إطلاق النار في حين وصل عدد القتلى من فلسطينيي غزة إلى الآلاف بسبب عدم وجود إجماع داخل المجلس الأوروبي. 

وتأخر طلب إسبانيا وأيرلندا لمراجعة اتفاقية التجارة مع إسرائيل في أعقاب المجازر في غزة.

في الأثناء، اتفق وزراء الخارجية على عقد اجتماع مجلس الشراكة بعد ثلاثة أشهر من الطلب الذي تقدم به بيدرو سانشيز ورئيس الوزراء الأيرلندي آنذاك، ليو فارادكار، بعد أن تجاهل نتنياهو أمر العدالة الدولية بوقف الهجوم على رفح. 

ومن المقرر أن يعقد الاجتماع بعد أكثر من سنة، في 24 فبراير/ شباط 2025. 

وفي هذا الصدد، عبرت مصادر دبلوماسية إسبانية عن خوفها من أن يكون جدول الأعمال غير طموح فيما يتعلق بمساءلة إسرائيل في جرائمها.

التغيير بقدوم كالاس

ونقلت الصحيفة أن المسؤولة الألمانية فون دير لاين تجاهلت مرارا وتكرارا قضية إبادة غزة، في حين أن تصريحاتها بشأن قضايا دولية أخرى، خاصة الحرب في أوكرانيا، متكررة.

فقد أثارت فون دير لاين حفيظة الاتحاد الأوروبي في بداية تصعيد الصراع في أعقاب هجمات حماس من خلال زيارتها لإسرائيل، التي كانت بالفعل تقصف المدنيين الفلسطينيين، وقدمت لها دعمها القوي. 

وفي ذلك الوقت، أيدت رئيسة المفوضية الأوروبية حق الكيان في الدفاع عن النفس دون قيد أو شرط، في حين دافعت دول أوروبية عن ضرورة امتثال إسرائيل للقانون الدولي، الذي يحظر الهجمات الجماعية التعسفية ضد الشعوب.

في ذلك الوقت، كان الممثل السامي للاتحاد الأوروبي آنذاك، جوزيف بوريل، يواجه فون دير لاين بقوة، وكان من أشد الأصوات صرامة ضد المذبحة التي ارتكبها نتنياهو في غزة. لكن وزن خليفته أقل بكثير، خاصة في شؤون الشرق الأوسط. 

في الواقع، تعد كالاس، رئيسة الدبلوماسية التي اختارها زعماء الدول السبع والعشرين، "صقرا معاديا لبوتن" وجعلت من أوكرانيا محور سياستها الخارجية. 

وفي كلمتها أمام البرلمان الأوروبي، ذكرت الحرب في أوكرانيا 17 مرة، بينما لم تذكر حرب الإبادة في غزة، على الرغم من مقتل 43 ألف شخص.

وأشارت الصحيفة إلى أن الانقسام والابتعاد عن الصراع من جانب جزء كبير من القيادات الأوروبية يضاف إلى الخوف من ردود فعل ترامب. 

وقد تهربت المفوضية الأوروبية من المسؤولية بعد تعليق التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا. 

وقال متحدث باسم الوزارة في رده على ذلك: "نحن لا ننوي التكهن أو الرد بشكل مباشر على تعليقات السلطات الأميركية". 

في الأثناء، أكدت بروكسل أن نشاط الوكالة التابعة للأمم المتحدة حيوي للمنطقة وانتقدت حظر إسرائيل لنشاطها، بما في ذلك كالاس، عندما دخل القانون حيز التنفيذ.

في الحقيقة، إن قرار عدم الرد على كل استفزازات ترامب هو خدعة تساعد الاتحاد الأوروبي على احتواء ردود الفعل المحتملة لساكن البيت الأبيض، وهو ما قد يعرض الدعم لأوكرانيا للخطر أو يبعد الأوروبيين عن المفاوضات.

لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو خطر تصعيد الحرب التجارية. ويفترض الاتحاد الأوروبي أنه سيكون هناك نوع من الرد الجمركي ويتوقع حدوثه بحلول نهاية فبراير. 

وبشكل عام، أصبح الاتحاد الأوروبي أكثر استعدادا لمواجهة تقلبات ترامب مقارنة بما كان عليه خلال ولايته الأولى، ولكنه لا يزال يتحرك بحذر ويخاطر بلعب دور ثانوي في السياق الجيوسياسي غير المؤكد.