بيان قمة الذكاء الاصطناعي في باريس.. ما سر عدم توقيع واشنطن ولندن؟

“إدارة ترامب مستمرة في تبني سياستها الرافضة للحوكمة المتعددة الأطراف”
ترجمات
خلافات عميقة
موقف متحفظ
حسابات خاصة
بيان قمة الذكاء الاصطناعي في باريس.. ما سر عدم توقيع واشنطن ولندن؟
حسابات خاصة.. لماذا رفضت واشنطن ولندن بيان قمة باريس للذكاء الاصطناعي؟
https://static.srpcdigital.com/styles/1037xauto/public/2025-02/953922.jpeg.webp
مقابل توقيع فرنسا والصين والهند والاتحاد الأوروبي وعدة دول ومنظمات دولية على “إعلان بشأن تطوير ذكاء اصطناعي شامل ومستدام يعود بالنفع على البشرية والكوكب”، امتنعت الولايات المتحدة وبريطانيا عن ذلك.
جاء ذلك في ختام “قمة العمل حول الذكاء الاصطناعي” بالعاصمة الفرنسية باريس في 12 فبراير/ شباط 2025، والتي استمرت لمدة يومين.
وفي هذا السياق، تساءل موقع “سوهو” الصيني عن الدوافع وراء امتناع الدولتين عن التوقيع.
موقف متحفظ
وفي معرض إجابته عن هذا التساؤل، قال الأستاذ بمعهد الدراسات العليا للحوكمة الإقليمية والعالمية في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، تسوي هونغ جيان، إن "عدم توقيع الولايات المتحدة وبريطانيا على هذا الإعلان يعكس عدة تقديرات".
وتابع: "فمن ناحية، ترى الولايات المتحدة نفسها القائدة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد أكد نائب رئيسها، جيه دي فانس، الذي مثّل حكومة بلاده في القمة، على هذا التفوق خلال كلمته، حيث روّج لخطة حكومية ستستثمر 500 مليار دولار في تطوير الذكاء الاصطناعي".
إضافة إلى ذلك، انتقد فانس في خطابه النهج التنظيمي الصارم الذي تتبناه أوروبا تجاه تطوير الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا على خلاف دائم في مجالات الاقتصاد الرقمي والإنترنت والتكنولوجيا المتقدمة.
من جهة أخرى، أوضح تسوي هونغ جيان أن "الإدارة الأميركية في عهد دونالد ترامب، خلال ولايته الثانية، مستمرة في تبني سياسته الرافضة للحوكمة المتعددة الأطراف".
وأردف: "فالولايات المتحدة تسعى للحفاظ على حريتها في اتخاذ القرارات، مع تأكيدها على استثنائيتها في التعامل مع القوانين الدولية".
وتابع: "ولهذا السبب، تتجنب واشنطن أي آليات أو قواعد تتعلق بالحوكمة العالمية، خصوصا تلك القائمة على التعددية، وغالبا ما تتخذ موقفا متحفظا أو حتى معارضا تجاهها".
ودعت قمة باريس، إلى جعل هذه التقنية الجديدة والمتسارعة "مفتوحة وشاملة وأخلاقية" وتخضع للحوكمة الدولية.
وذكر بيان صادر عن قصر الإليزيه، أن المنتدى ناقش أسئلة متعلقة بالذكاء الاصطناعي في جو متعدد الأطراف "للمرة الأولى".
وأكد على ضرورة زيادة الوعي بتأثيرات التقنية الجديدة على قطاع الأعمال وتشجيع التقنيات التي لها تأثير إيجابي على مستقبل هذا القطاع.
وشدد البيان على ضرورة تعزيز التنسيق في حوكمة الذكاء الاصطناعي ومنع الاحتكار في السوق بهدف جعلها تكنولوجيا سهلة الوصول إليها.
عدم الرغبة
وفيما يتعلق بالمملكة المتحدة، شرح جيان أن "رؤية بريطانيا لتطوير الذكاء الاصطناعي تختلف عن رؤية الدول الأوروبية القارية".
وأوضح: "فبينما تدعو فرنسا إلى تخفيف القيود التنظيمية لتعزيز التطوير التكنولوجي، لا يزال الاتحاد الأوروبي يميل إلى نهج قائم على الرقابة الصارمة على المدى القصير".
وأردف: "لذا، يبدو أن بريطانيا تتريث في اتخاذ موقفها؛ حيث تريد مراقبة توجه أوروبا لمعرفة ما إذا كانت ستُعطي الأولوية للتطوير أم ستظل متمسكة باللوائح التنظيمية".
إلى جانب ذلك، يرى جيان أن "بريطانيا لديها حساباتها الخاصة، حيث تعد نفسها الدولة الرائدة عالميا في مبادرات حوكمة الذكاء الاصطناعي".
ولفت إلى أنها "كانت هي المضيف الأول لقمة أمن الذكاء الاصطناعي عام 2023".
وتابع: "وبالتالي، فإن بريطانيا لا ترغب في أن تستحوذ فرنسا أو أي دولة أوروبية أخرى على الريادة في هذا المجال، كما لا تريد أن تكون مجرد داعم للاتحاد الأوروبي وفرنسا في هذا السياق".
وأعاد الموقع التأكيد على أن "امتناع الولايات المتحدة وبريطانيا عن التوقيع على إعلان باريس حول الذكاء الاصطناعي يعكس خلافاتهما العميقة مع أوروبا بشأن حوكمة التكنولوجيا والتنظيمات المرتبطة بها".
واختتم قائلا: "ففي حين تسعى الولايات المتحدة للاحتفاظ بتفوقها التكنولوجي والحد من أي التزامات دولية قد تعرقل مصالحها، تفضل بريطانيا اتباع نهج مستقل وعدم الاصطفاف خلف فرنسا والاتحاد الأوروبي في هذا الملف".