انضمام السعودية لـ"بريكس".. هل يعيق خطة ترامب لتهجير فلسطينيي غزة؟

“ترامب قد يبعد السعودية ويدفعها مرة أخرى نحو بريكس”
في خضم تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتلاحقة حول خطته في غزة والشرق الأوسط، نشر ترامب بيانا هدد فيه مجموعة بريكس برسوم جمركية 100 بالمئة إذا تخلت المجموعة عن الدولار كعملة رئيسة.
وتعتقد صحيفة "زمان" العبرية، أن هناك علاقة بين دول بريكس والسعودية وبين خطة ترامب بتهجير فلسطينيي قطاع غزة.
وأوضحت الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه المملكة، فيما عدته “ثني" ترامب عن خطته في تهجير الفلسطينيين.
أحلام كاذبة
وأشارت الصحيفة إلى البيان "المفاجئ" لترامب عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، أواخر يناير/ كانون الثاني 2025".
وقال ترامب: "انتهت فكرة أن دول بريكس تحاول الابتعاد عن الدولار، في حين نقف مكتوفي الأيدي ونراقب".
وهدد بأن "هذه الدول المعادية ستواجه رسوما جمركية بنسبة 100 بالمئة، إذا أنشأوا عملة جديدة لمجموعة بريكس أو دعموا عملة أخرى لتحل محل الدولار".
واختتم ترامب بيانه قائلا: "لا يمكن لمجموعة بريكس أن تحل محل الدولار الأميركي في التجارة الدولية، أو في أي مكان آخر".
وترى الصحيفة العبرية أن هذا البيان “يثير سؤالا جديدا: هل باع ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحلاما كاذبة عن غزة المتلألئة من دون سكانها؟”
وجدير بالذكر أن مجموعة بريكس هي تحالف اقتصادي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وانضم إليهم أخيرا مصر وإثيوبيا والأرجنتين وإيران والإمارات.
وتعتقد الصحيفة أن "المجموعة التي بدأت كشراكة اقتصادية، أصبحت تدريجيا قوة مهمة على الساحة العالمية، ولكن الولايات المتحدة لا تحب هذا الأمر، وذلك لسبب وجيه".
وتابعت: "إن الرؤية الرئيسة لمجموعة بريكس هي الحد من الاعتماد العالمي على الدولار الأميركي، وتطوير مؤسسات اقتصادية مستقلة مثل بنك التنمية الجديد".
وتسعى المجموعة لـ"إنشاء مركز قوة، قادر على مواجهة هيمنة واشنطن وبروكسل".
وأضافت الصحيفة: "عندما تولى ترامب الرئاسة في الفترة الماضية، أدرك بسرعة أن المنافس الحقيقي للولايات المتحدة ليست روسيا فحسب، بل الصين في المقام الأول".
وردا على ذلك، شن حربا تجارية ضد بكين، وفرض عقوبات على روسيا.
ضغط سعودي
وأشارت الصحيفة إلى أن "ما يثير اهتمام ترامب حاليا أكثر من أي وقت مضى، هو حقيقة أن البديل المتمثل في مجموعة بريكس بدأ يتبلور".
وناقشت المجموعة إنشاء نظام مدفوعات عبر الحدود، وإمكانية إصدار عملة مشتركة، وهو ما يعنى انخفاض الطلب على الدولار، وتراجع السيطرة الأميركية على الاقتصاد العالمي.
وأردفت الصحيفة: "بينما كان ترامب يستعرض عضلاته، كانت دول مجموعة بريكس تتصرف بهدوء، حيث تقوم ببناء بديل اقتصادي للنظام الذي اعتاد عليه الأميركيون".
"وهنا تدخل السعودية إلى المشهد، إذ أدركت المخاوف الأميركية من مجموعة بريكس وقررت استغلالها كوسيلة ضغط على واشنطن لتحقيق أهدافها"، تقول صحيفة "زمان".
وتابعت: "كانت خطوتها الأولى الانضمام إلى تحالف بريكس قبل أقل من عامين، بل والمشاركة أيضا في المؤتمر السنوي للمجموعة".
واستطردت: "مع هذا تجنبت الرياض عن قصد عدم إكمال عملية الانضمام، أي بعبارة أخرى: أغلقت الباب أمام الأميركيين، لكنها لم تحكم إغلاقه".
واسترسلت الصحيفة: "إذا كان هناك سيناريو يقلق ترامب ويبقيه مستيقظا في الليل، فهو الانضمام الكامل للسعودية إلى بريكس، حيث يدرك، مثل سلفه جو بايدن، أن مثل هذه الخطوة، ستغير قواعد اللعبة العالمية تماما".
وأوضحت أن "التودد الحالي من السعودية إلى مجموعة بريكس وإمكانية بيع النفط للصينيين باليوان أو بعملات أخرى، يثير قلق الأميركيين".
وتعتقد أن "هذا الخوف يمنح السعوديين ميزة كبيرة في المفاوضات مع واشنطن بشأن صفقات الأسلحة المستقبلية واتفاقيات التجارة وقضايا الطاقة".
وأكملت: "وكذلك القرارات المتعلقة بالوضع الجيوسياسي في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالفلسطينيين".
مع ذلك، أكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة "لا تزال قوة اقتصادية هائلة، والدولار يبقى العملة المسيطرة بلا منازع في هذه المرحلة".
فحسب صندوق النقد الدولي، يشكل الدولار 58 بالمئة من احتياطيات العملات العالمية التي تحتفظ بها الحكومات والبنوك المركزية.
وبالمقارنة، يشكل اليورو، الذي يحتل المرتبة الثانية، 20 بالمئة، في حين تحتل العملة الصينية تحتل المرتبة السادسة فقط، بنسبة تزيد قليلا عن 2 بالمئة.
احتضان الرياض
ورغم ذلك، فإن "النقطة المقلقة لترامب هي التآكل المستمر في هيمنة الدولار، فقبل 25 عاما، كانت العملة الخضراء تشكل حوالي 72 بالمئة من الاحتياطيات العالمية".
وتساءلت الصحيفة: “كم من الوقت ستتمكن الولايات المتحدة من الحفاظ على هذه الريادة؟”
وأوضحت أنه "إذا انضمت السعودية رسميا إلى بريكس، وإذا ضعف الدولار واستمرت التحالفات في التوسع، فقد يبدو العالم مختلفا تماما بعد عقد أو عقدين".
ولفتت الصحيفة إلى علاقة كل هذه التطورات بملف غزة، فتقول: "لا يخفي ترامب قلقه من التأثير المتزايد لدول بريكس في الهيمنة الأميركية على الاقتصاد العالمي، لدرجة أنه يهدد بفرض رسوم جمركية غير مسبوقة بنسبة 100 بالمئة على دول المجموعة".
وتابعت: "الخطوة الأولى التي سيحتاج ترامب إلى اتخاذها لوقف تعزيز دول بريكس، بالإضافة إلى التهديدات بالرسوم الجمركية؛ هي منع تعزيز التحالف من قبل قوة إقليمية مثل السعودية".
وأضافت: "لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى احتضان الرياض وبناء الثقة، وخلق الظروف المناسبة، وإقناع السعودية بالانضمام إلى نادي الدول الغربية (المنافس)".
وترى الصحيفة أنه "إذا اختار ترامب سياسة (الإخلاء وإعادة الإعمار) في غزة وحجب أي أفق سياسي عن الفلسطينيين، فقد يبعد السعودية ويدفعها مرة أخرى نحو بريكس".
وتقدّر أن "مثل هذه الخطوة، قد تقوض استقرار الدولار وتضعف الاقتصاد الأميركي".
ورجحت الصحيفة أن ترامب "لا يرى استقرار الشرق الأوسط كهدف رئيس، بل كوسيلة لتحقيق استقرار الاقتصاد الأميركي ووقف التهديد الصيني والروسي".
وتابعت: "من ناحية أخرى، إذا عمل على تعزيز التطبيع بين المملكة وإسرائيل، فقد يتمكن من إبقاء الرياض قريبة من واشنطن، وتعزيز مكانة الدولار في العالم، وتقوية الاقتصاد الأميركي".