مارجوري غرين.. حليفة ترامب المتطرفة تنقلب عليه بسبب مجازر إسرائيل في غزة

غرين دخلت حربا كلامية مع أيباك بكشف دورها في التحكم بأميركا
بين ليلة وضحاها تحولت النائبة الأميركية مارجوري تيلور غرين أيقونة اليمين الجمهوري المتطرف في الكونغرس، من أحد أبرز حلفاء وداعمي الرئيس دونالد ترامب إلى أخرى من ألدّ خصومه.
فحتى أوائل 2025 كانت عضوة الكونغرس "غرين"، تحظى بتغطية إعلامية واسعة بسبب جنونها بنظريات المؤامرة التي يعتنقها الحزب الجمهوري وتيار "ماغا" الإنجيلي المتطرف، ودعمها اليهود بحجة “معاداة السامية”.
حتى إن غرين المعادية للإسلام اعترضت عام 2019 على استخدام النائبتين المسلمتين رشيدة طليب وإلهان عمر "القرآن" للقسم عليه في الكونغرس، وطلبت استبداله بالإنجيل.
ولكن فجأة، ومع توالي ظهور الحقائق عن الإبادة وعمليات التجويع الإسرائيلية في غزة، تحولت غرين (51 سنة) إلى خصم كبير للوبي الصهيونية في الولايات المتحدة.
أطلقت عشرات التصريحات النارية ضد "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" (أيباك) AIPAC، وهاجمته واتهمته بالسيطرة والتلاعب بالكونغرس لصالح تل أبيب وتمويل رحلات لأعضائه، وأكّدت أن اللوبي المذكور "يشتري الولاء الأميركي لإسرائيل بالمال".
وتقدم أيباك تبرعات لنواب في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتنظم رحلات سنوية لهم إلى إسرائيل، وفي رحلة أوائل أغسطس/آب 2025، جلبت رئيس مجلس النواب مايك جونسون ورعت لقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

التحكم بالكونغرس
كانت مسألة سيطرة اللوبي الصهيوني، أو على قرار الولايات المتحدة ورؤسائها ونواب الكونغرس، محور هجوم النائبة الأميركية مارجوري تيلور غرين.
لعبت على وتر مهاجمة هذا اللوبي مستفيدة من وجود وثائق سبق أن نشرها زملاء لها من النواب، عن نفوذ هذا اللوبي إلى حد استثنائه من القوانين الأميركية بعدم تسجيل نشاطه كوكيل أجنبي.
وبدأت تحرج ترامب وتيار "ماغا" وترد على انتقاد أيباك لها بكشف دورهم ضد المصالح القومية الأميركية بعد أن وصفت ما تفعله إسرائيل في غزة بـ "الإبادة الجماعية".
غرين التي تعتزّ بأنها “أم ومسيحية” وتعبر عن انزعاجها من صور الأطفال القتلى والجوعى في غزة، كانت في السابق من مؤيدي إسرائيل ولطالما هاجمت النواب المسلمين في الكونغرس بحجة أنّهم يريدون تطبيق الشريعة في أميركا.
لكنها تحولت تماما لتعكس بتصريحاتها الأخيرة أصوات الجيل الشاب، حتى من المسيحيين المحافظين، بضرورة عدم السماح لإسرائيل بتوريط أميركا في حروبها سواء مع إيران أو غيرها، ضمن مكاسب "طوفان الأقصى" المعنوية والثقافية.
وقد هاجمت جيش الاحتلال بشدة مؤخرا، وقالت: “لقد قصفوا الكنيسة الكاثوليكية في غزة بالأسلحة الأميركية” في 17 يوليو/تموز مما أسفر عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 9 آخرين، بينهم كاهن الكنيسة الأب جبرائيل رومانيلي.
وطالبت غرين بتمرير تشريع لخفض نصف مليار دولار من المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل (قدمت 22 مليارا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى أغسطس 2024)، بسبب "مذبحة غزة"، كما وصفتها، ما أغضب اللوبي الصهيوني.
ولم تكن مارجوري غرين الجمهورية الوحيدة التي بدأت تنشق على ترامب وتياره بسبب الجرائم الإسرائيلية في غزة وهيمنة اللوبي الصهيوني على قرارات الكونغرس.
فقد بدأ العشرات غيرها من الجمهوريين وتيار ماغا، يرفعون أصواتهم ضد إسرائيل واللوبي اليهودي الأميركي، ما تسبب في انزعاج حزب ترامب، خشية تأثير ذلك عليه مع اقتراب انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني 2025.
وقد كتبت "غرين" تغريدة تشرح فيها الأسباب التي دفعتها لتغيير مواقفها وقيادة حملة ضد اللوبي الإسرائيلي، وفضح انتهاكاته واتهمته بخيانة القيم الأميركية.
قالت: حين قلت إن ما حدث في 7 أكتوبر في إسرائيل كان مروعا، وإنه يجب إطلاق سراح جميع الأسرى (الإسرائيليين)، وأكّدت أن الأمر نفسه ينطبق على الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية والمجاعة التي تحدث في غزة، أرسل أيباك رسائل بريد إلكتروني يهاجمني فيها.
أوضحت: “أنا أمثل أميركا، وواحدة من قلة من أعضاء الكونغرس الذين لا يأخذون أموالاً من أيباك، التي تتبرع بأموال أكثر بكثير للجمهوريين مقارنة بالديمقراطيين، لذا هاجموني وهددوني”.
شددت على أن "أيباك تمثل الحكومة العلمانية لإسرائيل النووية، بنسبة 100 بالمئة، فلماذا ترفض هذه المنظمة أن تُسجل نفسها بموجب القانون الأميركي كـ "جماعة ضغط ووكيل أجنبي، وهي تخدم وتضغط لصالح دولة أجنبية هي إسرائيل"؟
قالت لهم: توقفوا عن مخالفة القانون وسجلوا أيباك بموجب قانون تسجيل العملاء الأجانب، وفق المادة 22 من قانون الولايات المتحدة.
كما اتهمتهم بانتهاك القوانين الأميركية، ووضعت على مكتبها شعارا يقول: "لا للوبيات الأجنبية.. أميركا أولا".
كما ظهرت على شبكة "وان أميركا نيوز" في برنامج يقدمه النائب السابق مات غيتز (جمهوري من فلوريدا)، لتؤكّد أنه "يجب على أيباك التسجيل كجمعية ضغط أجنبية".
وعادت لتقول لهم: "لا تدخلوا مكتبي لأنكم غير مسجلين بموجب قانون تسجيل العملاء الأجانب، أنا أعمل فقط لصالح الشعب الأميركي، وظيفتي هي تمثيلهم".

الولاء لإسرائيل
وقد كشفت النائبة الجمهورية، خلال مقابلة مع المذيع الشهير تاكر كارلسون، يونيو/حزيران 2025، عن أحد أكبر الأسرار في الكونغرس، وهي أن أعضاءه يتعرضون لضغوط متواصلة لـ “إعلان الولاء لإسرائيل”.
أشارت إلى أنه يطلب من السياسيين الأميركيين بشكل متكرر التعبير عن دعمهم العلني لـ "الدولة الوكيلة"، أي إسرائيل، عبر ترديد شعارات نمطية من قبيل أنها "أعظم حليف لنا".
وكشفت أنه: "منذ أن أصبحتُ عضوا في الكونغرس عام 2021 صوتنا على 22 قرارا مؤيدا لإسرائيل، ولم نصوت على قرار واحد داعم لبلدنا أميركا، حيث يُضغط على الأعضاء لإعلان أنها (تل أبيب) حليفنا الأعظم".
ووصفت ارتماء زملائها في الكونغرس بأحضان إسرائيل وإظهار ولائهم لـ “قوة أجنبية”، بأنه "أمر مقزز وغير أخلاقي".
وفي حوار على شبكة "وان أميركا نيوز" 8 أغسطس، قالت: "كل عضو جديد في الكونغرس هذا العام (2025)، استضافوه أخيرا ودعوه للقاء رئيس وزراء إسرائيل".
وأضافت: "يأخذونهم للقاء حكومة إسرائيل المسلحة نوويًا، والتي تُمول الرعاية الصحية والتعليم الجامعي من دافعي الضرائب الأميركيين".
وفي تبريرها لطلب رفض تمويل أميركا لإسرائيل ومدها بالسلاح، قالت: إن تل أبيب قادرة على الدفاع عن نفسها لدرجة "الإبادة الجماعية كما يحدث في غزة".
وقد تسببت تصريحاتها في اندلاع جدل مع اللوبي الذي اشتهر بشراء ولاءات السياسيين والنواب الأميركيين لصالح إسرائيل حتى ولو كانت مصالح بلادهم تتعارض مع ذلك.
وبعد وصف "أيباك" لها بأنها "خائنة للقيم الأميركية" و"منضمة إلى صفوف اليسار المتطرف"، ردّت غرين بحزم، متهمة المنظمة بأنها "لوبي أجنبي" يخدم إسرائيل، وأنها لا تتلقى تمويلا منهم، بينما هي ملتزمة بـ"أميركا أولا".
فقد زعم اللوبي الصهيوني في تغريدة عبر حسابه على "إكس" أن “خمسة ملايين مواطن أميركي، منهم أكثر من تسعة آلاف، انتخبوا النائبة غرين هم أعضاء أيباك”.
ردت عليهم ساخرة بالقول: إن التسعة آلاف ناخب والخمسة ملايين أميركي الذين تقول "أيباك" إنهم أعضاء بها “لا يمثلون سوى 0.011 بالمئة من منطقتي”.
وحين حاولوا إظهار أنها نجحت بمجهود اللوبي الصهيوني ودعمه لها، قالت: "لقد سئمت من الافتراءات والأكاذيب"، و"أرفض استغلال أصوات وأموال دافعي الضرائب الأميركيين الذين حصلوا عليها بشقّ الأنفس لتمويل المساعدات الخارجية والحروب الأجنبية (أي حرب غزة)".
وأكّدت أنها كونت صافي ثروتها بالكامل قبل أن تصبح عضوًا في الكونغرس عام 2021، من شركة البناء الخاصة بعائلتها.
وأردفت: "ثروتي التي كسبتها بشق الأنفس لم تأتِ من السياسة بأي شكل من الأشكال"، مضيفة: “اذهبوا إلى الجحيم”.
وحاول اللوبي الصهيوني اللعب على وتر العداء للسامية، فردت قائلة: إنهم يفعلون هذا "لأنني لا أريد الاستمرار في إرسال المليارات إلى حكومة إسرائيل العلمانية المسلحة نوويا".
سر التحول
في يوليو 2025، أصبحت غرين أول نائبة جمهورية في مجلس النواب الأميركي تصف ما يجرى في غزة بأنه “إبادة جماعية”، مستشهدة بالأزمة الإنسانية الجسيمة هناك، خاصة المجاعة والدمار الهائل الناتج عن الحرب، ما عُدّ تحولا كبيرا.
ويرى محللون أميركيون وإسرائيليون أن سر التحول في موقف النائبة، من دعم إسرائيل إلى مهاجمتها وشن حملة على اللوبي الصهيوني، يرجع للتغير في المزاج العام في أميركا والعالم من تل أبيب بسبب مجازرها في غزة.
أشاروا إلى أن الرئيس ترامب نفسه بدأ يتحدث عن مجاعة غزة ويعلن رفضه لتجويع الفلسطينيين بعدما تحدثت عنها النائبة "غوين" وهاجمت إسرائيل بسببها.
كما تغيرت نسبيا بفعل التغير الذي أظهره الجيل الجديد في أميركا بالجامعات والشوارع خلال نحو 22 شهرا من العدوان، والذي اعترفت إسرائيل بأنه أثر عليها في صورة زيادة المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية خصوصا في أوروبا.
ونجم عن هذا خلافات داخل الحزب الجمهوري؛ حيث تبنى بعض الأعضاء مثل غرين، مواقف أكثر تشككا تجاه الدعم غير المشروط لإسرائيل، خاصة في ظل حكومة بنيامين نتنياهو التي تواجه انتقادات دولية بسبب سياساتها في الضفة الغربية وغزة.
وفي 18 يوليو 2025، قدمت "غرين" مشروع قانون لوقف تمويل الولايات المتحدة لدرع "القبة الحديدية" الإسرائيلي، وهو ما يُعد تحديا مباشرا للدعم العسكري التقليدي المقدم لتل أبيب.
وقد أشار لهذا التحول المحلل الإسرائيلي الذي يعيش في أميركا “مايكل هرتسوغ”، مؤكدا: "لم أشهد تدهورا في صورة إسرائيل ومكانتها كما نشهده أخيرا بسبب الحرب في غزة".
أكّد خلال مقال نشره بصحيفة "يديعوت أحرونوت" في 6 أغسطس 2025، أن "الصور القادمة من غزة كانت أقوى من ألف كلمة صادرة عن إسرائيل، ووجهت إلينا ضربة قاسية على صعيد الوعي العام، ووصلت حتى إلى معاقل الجمهوريين، وخصوصا بين فئة الشباب".
وحذر قادة دولة الاحتلال من "خطر يتهدد مكانتنا في أميركا، ويجب أن يُقلق القيادة الإسرائيلية، حتى ونحن نحظى حاليا بإدارة أميركية متعاطفة".
وبعدما كانت "غرين" تهاجم أهالي غزة وتدعم إسرائيل وحربها، أصبحت أخيرا أول نائبة جمهورية تصرح بوجود إبادة جماعية في القطاع، وفق صحيفتي "الغارديان" البريطانية ونيويورك تايمز" الأميركية 9 أغسطس 2025.
بل وانتقدت بعنف النائب عن ولاية فلوريدا، راندي فاين، الذي قال: إن غزة يجب أن تُقصف نوويًا، ووصف الفلسطينيين بأنهم شياطين لا يستحقون إلا الموت.
وذلك بعد رفضه تقريرًا عن "تجويع إسرائيل القسري لأهالي غزة"، ووصفه بأنه "دعاية"؛ حيث ردت عليه قائلة إن تل أبيب تجوع الفلسطينيين بالقطاع المحاصر.
المصادر
- Greene Calls Gaza Crisis a ‘Genocide,’ Hinting at Rift on the Right Over Israel
- Marjorie Taylor Greene blasts AIPAC after it criticizes her
- What is going on with Marjorie Taylor Greene?
- “Bring It On”: Marjorie Taylor Greene Goes Scorched Earth on AIPAC
- Marjorie Taylor Greene and AIPAC Unleash Fundraising War Over Gaza Genocide Claims