منقلبا على رفيقه أكرم إمام أوغلو.. أوزغور أوزيل يطلق سباق رئاسيات تركيا

منذ ١٥ ساعة

12

طباعة

مشاركة

بعدما طالب الادعاء العام في تركيا بعقوبة السجن لأكثر من 2000 عام لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، المسجون منذ مارس/آذار 2025، على ذمة المحاكمة بتهم فساد، ظهر تطور جديد أثار الجدل بتركيا.

إذ كشف “أوزغور أوزيل” رئيس حزب الشعب الجمهوري، الذي يتبعه إمام أوغلو، عن إمكانية ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، رغم إعلانه سابقا دعمه إمام أوغلو، الذي كان يتمتع بشعبية قبل دخوله السجن.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "حرييت" التركية مقالا للكاتب المقرب من أردوغان "عبد القادر سيلفي" ذكر فيه أن الساحة السياسية التركية شهدت تحولات كبيرة مع بروز أوزغور أوزيل كمرشح محتمل للرئاسة، في وقت تعاني فيه البلاد من تحولات قانونية وسياسية كبيرة أثرت على منافسيه الرئيسين.

فرغم إصراره في تصريحات سابقة على أنه لن يترشح للرئاسة، فإن تطورات الأحداث الأخيرة، وخصوصا إصدار لائحة اتهام ضد إمام أوغلو، دفعت أوزيل إلى تغيير إستراتيجيته والمضي قدما نحو المنافسة السياسية الفعلية.

إستراتيجية جديدة

في البداية، كان أوزيل يتجنب الإعلان عن ترشحه بشكل مباشر، وكان يصرح باستمرار قائلا: "لن أترشح للرئاسة، ولن أحدد مرشحا بمفردي"، مشددا على أن المرشح القادر على الفوز سيكون الشخص الأجدر. 

لكن هذه التصريحات لم تكن سوى جزء من تحركاته السياسية الذكية؛ إذ استغل الأحداث الجارية لتثبيت موقعه داخل حزب الشعب الجمهوري وتهيئة قاعدة دعم شعبية له.

ومع صدور لائحة اتهام إمام أوغلو، وجه أوزيل نداءً مباشراً للرئيس أردوغان، موضحا أنه مستعد لمنافسته في الانتخابات إذا اعتذر أردوغان للمتهمين وعائلاتهم في قضية إمام أوغلو. 

بذلك، فإن هذا التحرك يمثل حيلة سياسية ذكية لإظهار الجدية وبناء شرعية داخل الحزب، مستفيدا من الظروف القانونية والسياسية التي أعاقت منافسه الرئيس.

وأشار الكاتب التركي إلى أن أكبر منافس لأوزيل كان أكرم إمام أوغلو، الذي واجه تحديات كبيرة على الصعيدين القانوني والأكاديمي. 

حيث تمّ إلغاء شهادته الجامعية، ووجهت إليه تهم فساد ورشوة وتزوير، مع طلب عقوبة تصل إلى 2430 سنة سجنا، ما يجعل احتمالية ترشحه قبل الانتخابات المقبلة في عام 2028 شبه مستحيلة. 

وهذا الفراغ السياسي أتاح لأوزيل فرصة التقدم إلى الصدارة، بينما خرج منصور يافاش من المعادلة بعد أن كان ضمن المنافسة في البداية، ليصبح أوزيل اللاعب الرئيس في الساحة.

استهداف الخصوم

ولم يكتفِ أوزيل بمجرد استغلال حالة الفراغ القانوني والسياسي التي سادت المرحلة، بل ذهب أبعد من ذلك، عبر توجيه تركيزه نحو شخصية حساسة وذات تأثير كبير في سير الأحداث، وهي المدعي العام في إسطنبول أكين غورليك، المسؤول المباشر عن إدارة التحقيقات الجارية ضد إمام أوغلو.

فقد اتخذ أوزيل من غورليك هدفا لانتقاداته العلنية والمتكررة، ولم تكن هذه الانتقادات مجرد تعبير سياسي، بل إستراتيجية محسوبة بعناية تهدف إلى تحقيق عدة مكاسب متقاطعة.

فمن جهة، سمح له هذا الأسلوب بتقديم نفسه كصوت قوي داخل الحزب، قادر على مواجهة شخصيات رسمية مؤثرة، ما عزز مكانته بين القيادات الحزبية. 

ومن جهة أخرى، أظهر لجمهوره أنه قادر على التدخل في الملفات الحساسة والتأثير في مسارها، ليبدو وكأنه لاعب يمتلك الجرأة والنفوذ في آن واحد.

وبمرور الوقت، أسهم هذا النهج في رفع مستوى حضوره السياسي، وترسيخ صورته لدى الجمهور كطرف فاعل في القضايا الكبرى، وليس مجرد شخصية ثانوية تتابع الأحداث. 

وهكذا تحولت انتقاداته لغورليك إلى وسيلة فعّالة لتعزيز موقعه داخل الحزب وتوسيع شعبيته بين القواعد، مقدّما نفسه كإحدى القوى الأساسية التي لا يمكن تجاهلها في المشهد السياسي.

وأحد أبرز عناصر إستراتيجية أوزيل هو تهيئة قاعدة الحزب لقبوله كمرشح للرئاسة. فهناك تقارير ومصادر داخل حزب الشعب الجمهوري تشير إلى وجود خطة واضحة لتوزيع المناصب داخل الحزب في حال ترشح أوزغور أوزيل للانتخابات الرئاسية. 

ووفق هذه الخطة، يُتوقع أن يتولى علي ماهر باشارير قيادة الحزب كبديل لأوزيل، ما يضمن استمرار الاستقرار التنظيمي والحفاظ على وحدة الحزب أثناء خوض أوزيل السباق الانتخابي. 

وهذا الترتيب يعكس إستراتيجية مدروسة لتعزيز الشرعية الداخلية، والحفاظ على تماسك القاعدة الحزبية، مع إتاحة الفرصة لأوزيل من أجل التركيز على حملته الرئاسية دون أن تتأثر قيادة الحزب أو سياساته اليومية. 

ويُظهر هذا الترتيب أيضا القدرة على التخطيط طويل الأمد، وربط المناصب القيادية بالخطط الانتخابية لضمان تحقيق أكبر قدر من الفعالية السياسية.

استثمار الأزمات 

ومنذ توقيف إمام أوغلو، خاض أوزيل صراعا سياسيا مكثفا؛ حيث حافظ على دعم القواعد الشعبية وقام بتوسيع نفوذه، إذ نظم نحو 70 تجمعا انتخابيا حتى الآن. 

واستغلاله للأحداث القضائية والسياسية يظهر ذكاء إستراتيجيا عاليا؛ حيث حول الفرص القانونية إلى مكاسب سياسية ملموسة، ما يزيد من احتمالية نجاحه كمرشح قوي في السباق الرئاسي.

وأوزيل الآن أمام تحدٍ مزدوج: أوّله المنافسة مع الرئيس الحالي أردوغان في انتخابات حاسمة، وثانيه ضمان الحفاظ على وحدة الحزب الداخلي ودعم القاعدة الشعبية. 

والإستراتيجية التي اتبعها أوزيل تضعه في موقع قوة؛ إذ تمكن من الاستفادة من أزمات منافسيه لرفع مكانته داخل الحزب ولدى الناخبين المحتملين. 

كما أن تحركاته تشير إلى قدرته على توظيف الأحداث لصالحه بذكاء، ما يعزز فرصه في الانتخابات المقبلة.

وهكذا أوزغور أوزيل بات لاعبا محوريا في المشهد السياسي التركي؛ إذ جمع بين الذكاء السياسي واستغلال الفرص القانونية والسياسية لصالحه، وبناء قاعدة دعم قوية داخل حزب الشعب الجمهوري. 

وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: إن تحركات أوزيل تشير إلى أنه يسعى ليس فقط للترشح للرئاسة، بل أيضا لإعادة تشكيل المشهد الداخلي للحزب وتعزيز مكانته على المستوى الوطني. 

وفي ضوء هذه الإستراتيجية، يمكن أن يكون أوزيل أحد الشخصيات الأكثر تأثيرا في الانتخابات التركية المقبلة، مع إمكانية تغيير خريطة القوى السياسية في البلاد.