درس للأنظمة العربية والإسلامية.. إشادة بمواقف عمدة نيويورك المنتخب أمام ترامب

شدوى الصلاح | منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

بعدما فشلت الحملة الانتخابية العدائية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ضد الفائز بمنصب عمدة نيويورك، زهران ممداني، استقبله داخل البيت الأبيض في لقاء ودي، أشاد خلاله به ووصفه بأنه “يمكنه أن يفعل أشياء ستكون عظيمة حقا”. مؤكدا أنهما يتفقان في أمور أكثر مما توقع.

وأعلن ترامب في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، أنه عقد اجتماعا "مثمرا للغاية" مع زهران ممداني، الفائز بانتخابات رئاسة بلدية نيويورك، في لقاء مغلق بالبيت الأبيض جاء بعد أسابيع من توتر علني بين الرجلين على خلفية تصريحات متبادلة عقب الانتخابات البلدية.

وقال ترامب للصحفيين، عقب اللقاء: إن "نقطة الالتقاء الأساسية بيننا هي رغبتنا المشتركة في القيام بأشياء جيدة للمدينة التي نحبها". مشيدا بقدرة ممداني على الفوز في "سباق انتخابي مذهل" أمام منافسين "أقوياء وموهوبين منذ الانتخابات التمهيدية".

وأشار إلى أنه ناقش مع ممداني قضايا السكن، وبناء المنازل، والغذاء، والأسعار، وانخفاض أسعار النفط، لافتا إلى وجود "نقاط مشتركة قوية" بينهما في هذه الملفات.

وخاطب ترامب سكان نيويورك، قائلا: "سيكون لديكم بالفعل رئيس رائع.. كلما كان أكثر نجاحا، كنت أكثر سعادة.. سنساعد الجميع على تحقيق أحلامهم، وعلى أن تكون نيويورك قوية وآمنة للغاية". مؤكدا تغير بعض آرائه بعد لقائه ممداني وأن الأخير يريد أن تنعم نيويورك بالأمان.

وقال إن "ممداني يركز الآن على نيويورك، ولديه فرصة للقيام بأشياء رائعة، وسنساعده في ذلك"، موضحا أن تولي منصب عمدة نيويورك "حدث كبير"، ثم التفت إلى ممداني وقال: "أعتقد أنك تقف بالفعل عند منعطف مهم". 

وتابع ترامب مخاطبا ممداني: "يمكن أن تسير الأمور على نحو رائع أو في اتجاه مختلف، لكنني أرى أن أمامك فرصة كبيرة لتحقيق أداء ممتاز.. أنت ترى نفسك زعيما للديمقراطيين، وأعتقد أن هذا مناسب لك".

بدوره، أعرب ممداني عن ارتياحه للقاء ترامب، واصفا إياه بـ"اجتماع مثمر ركز على احتياجات نيويورك، بما في ذلك توفير مساكن بأسعار معقولة لـ8.5 ملايين من سكان المدينة، الذين يكافحون للعيش في واحدة من أغلى مدن الولايات المتحدة".

وأضاف أنه تحدث مع ترامب عن الإيجارات، والتسوق، والخدمات العامة، وطرق إخلاء الناس من منازلهم، قائلا: "لقد كنت سعيدا بالوقت وبالحوار الذي أجريته مع الرئيس. أتطلع للعمل سويا لتوفير مساكن ميسّرة للسكان".

وأوضح ممداني أنهما ركزا في الاجتماع على الهدف المشترك في خدمة سكان نيويورك، وليس على نقاط الاختلاف الكثيرة بينهما.

وفي سياق آخر، قال: إنه أبلغ ترامب بأن "الحكومة الإسرائيلية ترتكب إبادة جماعية في غزة، وأن الحكومة الأميركية تموّل ذلك". موضحا أنه شارك الرئيس قلق عدد كبير من سكان نيويورك الذين يريدون أن تُنفق أموال الضرائب لصالحهم ولحماية كرامتهم الإنسانية الأساسية".

وشدد ممداني على ضرورة التعامل مع الملف الإسرائيلي من زاوية "حقوق الإنسان الدولية". مؤكدا أن هذه الحقوق "تنتهك حاليا، ويجب العمل على معالجتها أينما كان".

مسلم منتخب

وتبوأ ممداني منصب عمدة المدينة بعد هزيمته للمرشح المستقل حاكم نيويورك السابق أندرو كومو، والجمهوري كورتيس سليا، محققا فوزا تاريخيا للجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي.

ويعد ممداني المولود في أوغندا لأبوين هنديين أول مسلم يتولى منصب عمدة نيويورك، كما يعد أصغر عمدة لنيويورك منذ عام 1917، ويعرف بمواقفه الحادة تجاه الكيان الإسرائيلي ودعمه لحركات مقاطعته.

وأطلق في حملته الانتخابية، فيديو دعائيا باللغة العربية استقطب ملايين المشاهدات، صُوِّر في متجر حلويات عربي بحي أستوريا وظهر فيه علم فلسطين في الخلفية، وتحدث خلاله عن خططه لتجميد الإيجارات وتوفير مواصلات عامة رخيصة وتأمين صحي مجاني للأطفال.

وتضم مدينة نيويورك البالغ عدد سكانها نحو 8.5 ملايين نسمة، أكبر جالية يهودية في العالم، تقدر عددها بأكثر من 950 ألف نسمة.

وخلال خطاب النصر، قال ممداني: "أنا مسلم، أنا اشتراكي ديمقراطي، أرفض الاعتذار عن أي من هذا". مضيفا "بهذا الفوز أطحنا بسلطنة سياسية في نيويورك، لقد منحتمونا الليلة تفويضا بالتغيير، منحتمونا تفويضا لنوع جديد من السياسة".

وكان ممداني، قد تعهد في تصريحات سابقة، باعتقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في حال وصل مدينة نيويورك؛ حيث يوجد مقر الأمم المتحدة.

وحظي لقاء ترامب وممداني باهتمام واسع بين الناشطين على منصات التواصل؛ إذ عدوه دليلا على أن الرئيس الأميركي يحترم الأقوياء ويبجلهم ويرغب في لقائهم، وهو ما حدث مع ممداني الذي أظهر قوة وثباتا في وجه ترامب وتصدى لسياساته وأعلن رفضها بقوة، مستنكرين خنوع حكام العرب.

وشاركوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #زهران_ممداني، #ترامب، #البيت_الأبيض، وغيرها، مقاطع فيديو وصورا من اللقاء، كان أبرزها محاولة إنقاذ الرئيس الأميركي لعمدة نيويورك المنتخب من سؤال محرج وجهته صحفية له تذكره بوصفه لترامب بـ"الفاشي".

وقدم ناشطون تحليلات وقراءات للقاء وتأثيراته على السياسات الأميركية داخليا وخارجيا، كما فسروا أسباب اللقاء وتداعياته. مشيرين إلى أن ممداني أكبر الرابحين منه بتحقيقه إيجاد أرضية مشتركة مع ترامب دون التنازل عن مبادئه، بينما ترامب أبدى قدرة على التعامل مع خصومه وتحسين صورته.

درس للعرب

وتحت عنوان: ممداني لا يتراجع ويكرّر قناعاته أمام "أزعر واشنطن" أشاد المحلل السياسي ياسر الزعاترة، بتصريحات عمدة نيويورك الجديد. مؤكدا أن المواقف الرجولية مُمكنة، حتى حين يكون الطرف الآخر بلطجي على شاكلة ترامب.

وأشار إلى أنها مواقف مُمكنة أيضا من قبل القوى الخارجية أيضا، خاصة في هذه المرحلة من مراحل الصراع الدولي المُحتدم، والذي تفقد خلالها أميركا التفرّد القديم بالوضع الدولي.

وعد الزعاترة تصريحات ممداني درسا للأنظمة العربية والإسلامية التي أبدت في الآونة الأخيرة حالة من الخوف غير المسبوق من غطرسة ترامب، تجلّت في دعم قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي يمنح واشنطن وصاية استعمارية على غزة، بجانب الصمت على العربدة الصهيونية في غزة والضفة وسوريا ولبنان، والتي تحظى بغطاء أميركي.

ورأى أستاذ العلوم السياسية خليل العناني، أن ممداني فعل ما لم يجرؤ عليه أي سياسي عربي أو غربي وهو واقف في قلب البيت الأبيض وأمام ترامب وذلك عندما وُجّه إليه سؤال عن غزة قال بوضوح وصراحة: "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. وبتمويل أميركي".

وأشار إلى أن ممداني قال كلماته بثقة ودون تلعثم، ودون خوف أو حسابات، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، مقسما بالقول: "والله لو لم يفعل في مسيرته السياسية سوى هذا الموقف، لكفاه شرفا وتاريخا، وطوبي لغزة وأهلها الذين حرروا العالم من قبضة الخوف من الصهيونية".

وأكد الأكاديمي حمود النوفلي، أن "صهاينة العرب هاجموا ممداني؛ لأنهم خافوا أن يكون أشجع ممن يُطبّلون لهم".

وقال: "الرجل قالها في وجه ترامب وأمام الإعلام أن حكومة أميركا تمول جرائم الإبادة في غزة، بينما من يطبلون لهم ولا واحد منهم يجرُؤ على مواجهة ترامب بكلمة، بل يرتعشون أمامه ويطبلون له ويصفون أهل الحق بالإرهاب".

وأثنى المغرد محمد، على نطق ممداني بالحق أمام أكبر مستكبر على الأرض، ووصفه بأنه أشجع وأصدق وأشرف من كل حكّام العرب الذين يتحكم بهم ترامب ويدفعون له أموالهم ثم يهينهم ويسخر منهم.

واستنكر أن حكام العرب لم يسألوا ترامب عن وقف المذبحة في غزة بل طلبوا منه كيف تتوقف الحرب بهزيمة المقاومة. مضيفا: "لا قعر من الذل والخسة والحقارة أدنى من الذي بلغوه".

وأشار أحد المغردين إلى أن ممداني وقف بدون وجل وبكل هدوء وثقة وبدون خوف أمام ترامب وصرح أن إسرائيل ترتكب إبادة في غزة بدعم من حكومة ترامب. 

وقال: "لو كان مسؤولا عربيا يتحدث أمام رئيس بلاده لوجدته يرتعش خوفا؛ لأن أنظمة العرب جعلت زرع الخوف ثقافة والفرعنة سياسة".

وأشار خبير إدارة الأزمات مراد علي إلى أن ممداني وقف أمام ترامب والإعلام الأميركي داخل البيت الأبيض ليؤكد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية وأنه طالب بألا تذهب أموال دافعي الضرائب الأميركان لها. مؤكدا أنه ‏"قال ما لم يقله أي من الزعماء العرب والمسلمين".

احترام القوي

وتأكيدا على أن الرئيس الأميركي يحترم الأقوياء، قال فرانسيوس باسيل: إن من علامات شخصية ترامب التي كانت واضحة منذ بداية حملته الأولى هو إعجابه الكبير بالرجال الأقوياء أيا كانت أفكارهم وممارساتهم.

وأشار إلى "إعجاب ترامب المثير لدهشة الكثيرين ببوتين ديكتاتور روسيا وبين جان أون ديكتاتور كوريا الشمالية، وكذلك بحكام الدول العربية الأقوياء غير الديمقراطيين، وأخيرا أبدى إعجابه برئيس سوريا الجديد الشرع". مؤكدا أنه "وجد في ممداني رجلا قويا".

ولفت باسيل إلى أن حد المذيعين لاحظ أنه رغم أن ترامب كان يجلس على مكتبه بينما وقف ممداني بجواره، فبدا لأول وهلة كأنه أحد الموظفين - staffers - لكنه ما إن فتح فمه وتكلم "حتى استولى على المشهد" وأثبت أنه لم يتخلَّ عن أفكاره ومواقفه، فبدا أكثر قوة من كثيرين يزورون ترامب ويقفون أو يجلسون أمامه في خوف أو قلق، ويحاولون التملص من أقوالهم السابقة.

ورأى الصحفي محمد عبدالمؤمن، أن ترامب أعجب بزهران ممداني، قائلا إن هذا الشخص لا يحترم إلا الشخص القوي الجريء أما الضعفاء مثل قادة العرب فلا.

وعلق أحمد القارئ على مقاطعة ترامب لعمدة نيويورك المنتخب خلال رده على سؤال صحفية له "هل تؤكد أنك تعتقد أن الرئيس ترامب فاشي؟"، بقوله: لا بأس. يمكنك ببساطة أن تقول نعم. لا أمانع، مؤكدا أن ترامب يعرف أن ممداني لن يقول "لا" إلا إذا كان مقتنعا بـ"لا" فاختصر عليه الجهد.

وقال إبراهيم البكير، إن لقاء ترامب وممداني في البيت الأبيض، يشير إلى أن ترامب يحترم القوي حتى ولو اختلف معه، وهذا درس للآخرين والخانعين.

وعلق هشام بشير على مقطع فيديو اللقاء بين ترامب وممداني، قائلا: إنه "فيديو توضيحي لطريقة تفكير الخواجات على إطلاقهم، الخواجة يحترم الشخص القوي القادر على السيطرة على الأمور وهو مستعد للتعاون معه إذا التقت المصالح".

وأكد أن "ذات الخواجة يزدري ويحتقر الشخص الضعيف الذي يعيش في ظل الأقوياء بلا مبادئ خاصة به". مشيرا إلى أن ذلك موجود في أدبياتهم وأفلامهم وإعلامهم بمختلف أدواته.

ودعا بشير إلى "مقارنة سلوك الضابط البريطاني غوردون باشا في الصين والهند وجنوب إفريقيا بسلوكه في السودان؛ حيث وجد رجالا شجعان أقوياء جديرون بالاحترام".

وحث على مراجعة الرسائل المتبادلة بين غوردون والمهدي في كتاب سعادة المستهدي بسيرة الإمام المهدي.

وغوردون باشا هو تشارلز جورج غوردون، ضابط بريطاني خدم في الجيش البريطاني والمصري، وُلد في 28 يناير 1833 بلندن، وتوفي في 15 يناير 1885 بالخرطوم.

وعرض الصحفي محمد هنية صورة تجمع ترامب وممداني ويبدو فيها إعجاب الرئيس الأميركي بعمدة نيويورك الجديد، قائلا: "هذا زهران ممداني، الذي أصرَّ على مواقفه، حتى تلك التي تتعلق باتهام الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، وقالها أمام ترامب وزاد عليها: حكومتنا موّلت هذه الجرائم".

وذكر أن ‏ممداني الذي لم يتنازل عن "اعتقال نتنياهو في ولايته". مشيرا إلى أن ترامب قال: "إنهما لم يناقشا الأمر".

وأكد هنية، أن ‏هكذا يحترم ترامب الأقوياء، وهكذا تُصبح النظرة حين تدخل بيته الأبيض صلبا صاحب موقف، لا مُطأطأ الرأس تدفع له ولا تأخذ منه سوى الإهانة، مضمنا الحدث لحكام العرب.

تحليلات وتفسيرات

وفي تحليلات وقراءات ومحاولة لتفسير تصرفات الرئيس الأميركي والتعليق على تصريحات عمدة نيويورك خلال وجوده بالبيت الأبيض، أكد الإعلامي حافظ المرازي، أن ترامب وممداني يتصالحان في المكتب البيضاوي لمصالح النقيضين في إرضاء ناخبي مدينة ترامب.

وأشار إلى أن كل منهما تصالح ومدح الآخر مع تأكيدهما على العمل معا لصالح سكان نيويورك، مرجعا ذلك إلى أن ترامب لا يحترم إلا القوي، حتى ولو وصفه ممداني من قبل بالمستبد والفاشي.

ولفت المرازي إلى أن الصحفيين حاولوا تذكير ترامب بما قيل عنه، وما قاله الرئيس الأميركي عن ممداني في حملته الانتخابية بأنه شيوعي وجهادي.

وأوضح أن ممداني يحتاج هذه الصورة لتحييد السلطات الرئاسية لترامب في حجب الدعم الفيدرالي عن المدينة أو الدخول في مواجهة بإرسال قوات الحرس الوطني رغما عن عمدة المدينة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين من خلال المباحث الفيدرالية.

وأكَّد أن ممداني يحتاج هذه الصورة أيضا لتحييد أغنياء نيويورك من أنصار ترامب الذين هددوا بمغادرة المدينة حين يصبح ممداني العمدة من أول العام الجديد.

وقال المرازي: إن ترامب الذي لا يمانع الآن أن يكون ممداني عمدة مدينته، يحتاج اللقاء التصالحي، أولا لمصالحه العقارية في نيويورك، ولتخفيف الهجمة عليه بأنه يحرض بالعنف ضد نواب الكونغرس من الديمقراطيين الذين يهاجمونه سياسيا.

وأضاف أن ترامب يخشى أيضا من تداعيات معركة الكشف عن اسمه في ملفات فضيحة إيبستين الجنسية باستغلال المراهقات من القُصر.

وتابع المرازي: "الأكثر أهمية للطرفين ولنا، أن ترامب يحاول كسب ود الجناح المعادي لإسرائيل في التحالف اليميني القومي الأميركي لحركة (ماجا MAGA) بالترحيب بممداني عدو إسرائيل ونتنياهو في البيت الأبيض، من أجل المصلحة الأميركية أولا ولو كانت مدينة نيويورك، صاحبة أكبر تجمع سكاني ليهود العالم خارج إسرائيل!".

ورأى أن المهم لممداني، أنه لم يعد العداء لحكومة إسرائيل من سياسي أميركي يمنعه من كسب مناصب مهمة بالانتخابات، ولا حتى الاحتفاء به في البيت الأبيض.

وأردف المرازي: "بالطبع، تغاضى ممداني، ولو بمنطق احترام سن رجل أكبر من والده، عن الصورة التي أراد بها ترامب إرضاء غروره بترك زُهران واقفا بجوار مضيفه ترامب الجالس على مكتبه البيضاوي، وكأن زهران أحد مساعديه وصغاره!".

وقال: إنها قد تكون صورة مقبولة لعمدة مدينة بمكتب رئيس جمهورية بلده، بالمقارنة بزعماء الدول الكبرى: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرهم الذين قبلوا على أنفسهم من قبل الجلوس في مقاعد التلاميذ والموظفين أمام مكتب ترامب البيضاوي، ولم يخجلوا من صورتهم تلك، لمجرد إرضاء غرور ترامب وكسب وده.

ورأى علي الوذين، أن ترامب شغال "تكويعات" في الفترة الأخيرة مثل تشجيعه الكونغرس لإطلاق ملفات ابستين، بعدما كان يمنع إطلاقها، ومدحه ممداني بعدما كان يشتمه ليل نهار. مؤكدا أن هذا ليس لأنه نضج أو غيّر رأيه، بل يحاول استرداد بعض شعبيته لأن الكفة ما لت بشكل كبير ضده.

وأشار الناشط تامر قديح إلى وجود تغطية إعلامية إسرائيلية واسعة للقاء ترامب وممداني، خصوصا بعدما تحدث الأخير بكل جرأة أمام ترامب قائلا إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وإن الولايات المتحدة هي من موّلت ذلك، وفي نهاية اللقاء، أشاد ترامب به وأعلن أنه سيتعامل معه، وعدّه رجلا عقلانيا ووطنيا.

ورأى أن هذا يعكس كيف أن ترامب مُجبَر على التعامل مع التغيرات السريعة داخل بلاده، ومع اقتراب الانتخابات النصفية يظهر تيار شبابي واسع ومتنام لم يعد يهتم بإسرائيل، ولا يريد تمويلها أو مساعدتها.

وذكر قديح، بأن الهجمات بين الطرفين قبل الانتخابات كانت شديدة، لكنها انتهت الآن على هذا القدر من الود.

وأشار إلى أن في أحد أكثر الفيديوهات انتشارا عن اللقاء، سألت صحفية ممداني في محاولة لإحراجه، إن كان ما زال يعتقد أن ترامب "فاشي"، وحاول ممداني الإجابة، فقاطعه ترامب قائلا: "قل لها نعم، هذا أسهل من الشرح، وأنا أتقبل ذلك".

وأرجع طاهر المعتز موافقة الرئيس الأميركي على مقابل عمدة نيويورك المنتخب إلى أنه يستفيد من شعبيته وشعبية سياساته الجارفة، وتحديدا لدى صغار الناخبين الغاضبين من غلاء المعيشة. 

وأشار إلى أن "وول ستريت جورنال" أعلنت عن تراجع شعبية ترامب لعدة أسباب، وعلى رأسها الغلاء، ولذلك صورته مع ممداني تفيده أكثر مما تفيد ممداني.

وأوضح المعتز أن ممداني طلب مقابلة ترامب لأنه يعلم وفريقه جيدا أن اللوبي الإسرائيلي سيفعل كل ما يمكن فعله لمحاربته، ويعلم أن الجمهوريين سيجعلونه هدفهم الأول في انتخابات التجديد النصفي عام 2026، بتقدير أن الخيار الآن بين "ماجا" والشيوعية. 

وذكر بأن "عضوة الكونغرس إليز ستيفانيك التي قادت الاستجوابات العلنية داخل الكونغرس ضد رؤساء الجامعات العام الماضي، أعلنت نيتها الترشح لمنصب حاكم ولاية نيويورك". 

وعد المعتز المقابلة ضربة استباقية عبقرية من ممداني ستجعل الجمهوريين يحاولون تبني سياساته بدلا من التركيز على محاربته.

وذكر أيضا أن العبقرية هنا ليست فردية ولكن جماعية، عبقرية ممداني الحقيقية في استماعه لفريقه. مشيرا إلى أن الرجل منذ اليوم الأول يسعى لبناء فريق من أهل الخبرة ولو على حساب أهل الثقة، وبشهادة من حوله، يحمل أسئلة أكثر مما يحمل إجابات، وهو ما يؤهله للوصول إلى إجابات مبتكرة وغير مسبوقة.

واختتم قائلا: "القوي يحب الأقوياء.. الضعفاء فقط ينبطحون".

وقال مخيمر: إن ممداني في المكتب البيضاوي الآن يتصرف كما توقع ترامب منذ أشهر عندما جاوب أحد الصحفيين عن ماذا إذا فاز ممداني، فأجاب ترامب: He will behave، أي إنه إذا فاز فسيلتزم بسلوك مؤدب.. سيتصرف مثل أي عمدة آخر.

​وأشار إلى أن توقع ترامب كان صحيحا في هذه النقطة؛ لأنهما يعملان لمصلحة أميركا ولا يجدان أي غضاضة في التعاون لتحقيق ذلك، كما أن نيويورك هي مدينة ترامب التي يعشقها وبها معظم أملاكه.

تعريفات وتوصيفات

وعرف ناشطون بممداني ونشأته وخلفياته السياسية والدينية وتاريخه واستحضارا لمواقفه المعارضة لسياسات الرئيس الأميركي، والمناهضة للاحتلال الإسرائيلي ولنتنياهو والداعمة لغزة، مشيدين بمواقفه وصلابته.