ألمانيا تقلص صادرات السلاح إلى إسرائيل.. ما انعكاسات القرار على حرب غزة؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في تحول واضح في سياسة برلين تجاه الشرق الأوسط، أعلنت الحكومة الألمانية عن فرض قيود فورية على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.

وفي هذا السياق، أوضح موقع "تاغسشاو" الألماني مبررات المستشار فريدريش ميرتس لاتخاذ هذا القرار.

كما سلط الضوء على طبيعة الأسلحة التي كانت تُصدر إلى إسرائيل، خاصة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وتطرق إلى التأثيرات المحتملة لهذا القرار على قدرات الجيش الإسرائيلي وتسليحه، كما استعرض جانبا من ردود الفعل والمواقف داخل ألمانيا تجاه هذه الخطوة.

نقطة تحول 

وأشار الموقع إلى أن القرار الألماني "جاء عقب إعلان مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي عزمه السيطرة الكاملة على غزة".

ويعتقد أن "هذا الإعلان كان بمثابة نقطة تحول في موقف ألمانيا من الحرب، ودفع المستشار ميرتس إلى اتخاذ موقف أكثر حزما".

في الوقت ذاته، شدد ميرتس، في بيان، على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس"، مؤكدا أن “الأولوية يجب أن تكون لتحرير الرهائن المحتجزين لدى الحركة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار”. 

وشدد على أن “حماس يجب ألا تلعب أي دور في مستقبل غزة”، وفق ادعائه.

ومع ذلك، أشار ميرتس إلى أن "التصعيد العسكري الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية يجعل من الصعب بشكل متزايد على الحكومة الألمانية رؤية إمكانية تحقيق هذه الأهداف".

وبناء عليه، قررت ألمانيا "تعليق الموافقة على تصدير أي معدات عسكرية يمكن استخدامها في قطاع غزة، حتى إشعار آخر".

وطرح قرار ميرتس التساؤلات حول طبيعة الأسلحة والمعدات العسكرية التي تقدمها برلين لإسرائيل.

في هذا الإطار، أوضح الموقع أن "صادرات ألمانيا إلى إسرائيل تشمل -وفق رد الحكومة الألمانية على استفسار برلماني من كتلة حزب اليسار في مطلع يونيو/ حزيران 2025- أسلحة مضادة للدبابات وذخائر يمكن استخدامها في غزة".

وأضاف: "هذا بالإضافة إلى أسلحة نارية وقطع غيار أسلحة، ومعدات خاصة بالقوات البرية والبحرية، ومعدات إلكترونية، وكذلك مدرعات خاصة، وذلك خلال الفترة الممتدة من 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى 13 مايو/ أيار 2025".

ولفت إلى أن "الحكومة الألمانية لم تحدد تفاصيل أكثر دقة حول نوعية هذه المعدات، إذ تُدرج تحت ما يُعرف بـ (قوائم التصدير) التي تنقسم إلى فئات فرعية، وفق لوائح التجارة الخارجية الألمانية".

وحسب الموقع، سبق لألمانيا تصدير غواصات لإسرائيل، "لكنها من الأنواع التي لا يمكن استخدامها في غزة".

ارتفاع ملحوظ

علاوة على ذلك، أوضح الموقع أن "قرار التقييد الحالي لا يشمل الأسلحة المخصصة لمواجهة تهديدات من دول مثل إيران".

وبحسب البيانات، فقد شهدت صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل ارتفاعا ملحوظا بعد 7 أكتوبر 2023، قبل أن تعود وتنخفض بشكل كبير لاحقا.

ووفقا للحكومة الفيدرالية، فقد وافقت على صادرات أسلحة إلى إسرائيل بقيمة إجمالية تزيد عن 485 مليون يورو خلال الفترة من 7 أكتوبر 2023 إلى 13 مايو/ أيار 2025.

وبحسب الموقع، شملت هذه الصادرات أسلحة نارية خفيفة وثقيلة وذخائر وقنابل، بالإضافة إلى معدات حماية وبرمجيات وأنظمة إلكترونيات.

ووفق بيانات وزارة الاقتصاد الألمانية، وافقت الحكومة على صادرات أسلحة إلى إسرائيل بقيمة 161 مليون يورو عام 2024 وحده، أما في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، فقد بلغت قيمة الصادرات نحو 28 مليون يورو فقط.

وتطرق الموقع الألماني للحديث عن أكثر الدول التي تمد إسرائيل بالأسلحة. 

فوفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كانت إسرائيل خلال الفترة من 2019 إلى 2023 في المرتبة الخامسة عشرة عالميا بين أكبر الدول المستوردة للأسلحة.

وأفاد الموقع بأنه "خلال هذه الفترة، حصلت إسرائيل على أسلحتها بشكل رئيس من الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا، حيث جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى كمورد للأسلحة بنسبة 69 بالمئة".

وأضاف: "بينما شكلت ألمانيا 30 بالمئة من الإمدادات -معظمها موجه للبحرية الإسرائيلية- في حين بلغت حصة إيطاليا 0.9 بالمئة فقط".

تأثير محدود 

ويرى عدد من الخبراء أن "قرار ألمانيا تعليق صادرات الأسلحة إلى إسرائيل سيكون له تأثيرات محدودة".

وأوضح الخبير في شؤون تجارة السلاح بالمعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، زين حسين، أن "الشركات الألمانية تمثل نحو 30 بالمئة من واردات إسرائيل العسكرية، معظمها معدات للبحرية".

وأشار إلى أن ألمانيا "لعبت دورا أساسيا في تزويد إسرائيل بالسفن الحربية المجهزة برادارات متطورة ومدافع من طراز (ساعر)، والتي استخدمت أخيرا في قصف أهداف بقطاع غزة".

ووصف حسين القرار الألماني بأنه "خطوة كبيرة"، خاصة أن ألمانيا تُعد من أقرب الحلفاء لإسرائيل.

لكنه استبعد أن "يؤدي القرار وحده إلى وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة"، مؤكدا أن "إسرائيل لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة كمصدر رئيس للأسلحة".

في الداخل الألماني، ذكر الموقع أن القرار حظي بدعم من نائب المستشار ووزير المالية لارس كلينجبيل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي وصفه بـ"الصحيح".

كما انتقد كلينجبيل “المعاناة الإنسانية في غزة”؛ حيث يرى أن "الحكومة الإسرائيلية تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية عنها".

وشدد المسؤول الألماني على "ضرورة عدم خلق وقائع جديدة تعيق حل الدولتين سواء في غزة أو الضفة الغربية".

ورغم تأكيده على "التضامن الكامل مع إسرائيل"، إلا أنه يشدد على ضرورة الإشارة إلى "الأخطاء التي ترتكبها إسرائيل".

في المقابل، انتقد المجلس المركزي لليهود في ألمانيا القرار، حيث وصف رئيس المجلس جوزيف شوستر الخطوة بأنها "مخيبة للآمال، ومناقضة لتصريحات التضامن الصادرة عن المستشار"، فيما رأت الجمعية أنها "انتصار دعائي لحماس على الصعيد العالمي".

أما كتلة اليسار، فقد رحبت بالقرار، إذ وصفته المسؤولة عن العلاقات الخارجية ليا رايزنر بأنه "خطوة متأخرة". 

وطالبت بمزيد من الإجراءات، مثل تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل والاعتراف بدولة فلسطين.

بدوره، رأى حزب الخضر أن الخطوة "غير كافية"، وقالت رئيسة الحزب، فرانتسيسكا برانتنر، لوكالة الأنباء الألمانية: "على المستشار ميرتس ووزير خارجيته يوهان فاديفول أن يتحركا بجدية نحو إطلاق عملية سياسية". 

وأضافت: "نحتاج إلى ضغط حقيقي لإنهاء الحرب وإنهاء الكارثة الإنسانية وتحرير الرهائن وفتح أفق سياسي جديد".