نتنياهو يروج لـ"إسرائيل الكبرى" ومخطط تهجيري لجنوب السودان.. ما الجديد؟

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في مواجهة الانتقادات والضغوط السياسية والعسكرية المطالبة بإنهاء العدوان على غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين منها، خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بتصريحات يقدم فيها نفسه على أنه مكلف بمهمة إلهية ذات بعد تاريخي.

ففي مقابلة مع قناة "i24" العبرية في 12 أغسطس/آب 2025، عبر نتنياهو عن اعتقاده بأنه يؤدي "مهمة تاريخية وروحية"، مؤكداً ارتباطه بما يُعرف بـ"رؤية إسرائيل الكبرى"، والتي تشمل امتداد هذا الكيان ليشمل كل فلسطين وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا ومصر والسعودية والعراق.

واستُخدمت عبارة "إسرائيل الكبرى" بعد حرب الأيام الستة في يونيو/ حزيران 1967 للإشارة إلى الكيان الإسرائيلي والمناطق التي احتلها حينها وهي شرق القدس والضفة الغربية، ومرتفعات الجولان، إضافة إلى قطاع غزة شبه جزيرة سيناء (انسحب من المنطقتين الأخيرتين في سنوات لاحقة).

وحين سئل نتنياهو أثناء المقابلة عما إذا كان يشعر بأنه "في مهمة نيابة عن الشعب اليهودي" أجاب بأنه "في مهمة أجيال"، مضيفا: "لذلك إذا كنت تسألني عما إذا كان لدي شعور بالمهمة تاريخيا وروحيا، فالجواب هو نعم".

حرب ومفاوضات وتهجير

وفيما يتعلق بالحرب على غزة أعلن نتنياهو أن "الصفقة الجزئية" بشأن القطاع انتهت، وأنه يسعى لإنهاء الحرب وفق شروط تحددها إسرائيل، مع استعادة جميع الأسرى، قائلا: "هناك تحفظات علي من اليسار واليمين، لكن أنا من يقرر، وكل قرار اتخذته كان صحيحاً"، على حد زعمه.

ويأتي إعلان نتنياهو عن انتهاء الصفقة الجزئية وسط تجدد الحديث عن انعقاد مباحثات حول "صفقة شاملة" تنهي الحرب وتطلق سراح كل الأسرى.

وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم.

وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في ساعة متأخرة من 12 أغسطس، وصول وفد برئاسة رئيسها في غزة خليل الحية إلى القاهرة، وبدء محادثات تمهيدية للقاءات المقررة في اليوم التالي لبحث سبل وقف الحرب، وإدخال المساعدات، وإنهاء معاناة الفلسطينيين في القطاع.

وقال القيادي في حماس طاهر النونو في بيان: "بدعوة مصرية كريمة، وصل وفد قيادة حركة حماس برئاسة الدكتور خليل الحية إلى القاهرة لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين حول آخر التطورات المتعلقة بحرب الإبادة في غزة ومجمل الأوضاع في الضفة والقدس والأقصى".

وقبيل ذلك، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أن بلاده تعمل مع قطر والولايات المتحدة على “العودة إلى مقترح هدنة الـ60 يوما في قطاع غزة مع الإفراج عن بعض الرهائن وبعض المعتقلين الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع بدون عوائق وشروط”.

ومن جانبها، تدرس "إسرائيل" إمكانية إرسال وفد رفيع المستوى إلى العاصمة القطرية الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع للقاء مسؤولين قطريين ضمن جهود لبحث صفقة شاملة تنهي الحرب وتطلق سراح كل الأسرى-وفق ما نقله موقع أكسيوس الأميركي عن مصادر -.

وبينما يبحث الوسطاء آليات للتهدئة بمشاركة، تحدث نتنياهو مجددا عن تهجير الفلسطينيين، معلنا "السماح" لسكان غزة الذين يريدون الفرار من الحرب المستمرة بالمغادرة إلى الخارج.

وجرى الحديث أخيرا عن دول عديدة مرشحة من بينها جنوب السودان وإثيوبيا وليبيا وغيرها، في ظل التخطيط لاحتلال مدينة غزة ونقل السكان إلى جنوب القطاع تمهيدا لتهجيرهم.

وأكد 6 أشخاص مطلعين على المحادثات الأخيرة لوكالة أسوشيتد برس أن إسرائيل تتفاوض مع جنوب السودان لتهجير الغزيين إليها، دون أن يتضح بعد مدى التقدّم في هذه المفاوضات.

وقال جو سلافِك، مؤسس شركة ضغط أميركية تعمل مع جنوب السودان، إنه أُبلغ من قبل مسؤولين في الدولة بهذه المحادثات.

وأضاف أن وفدًا إسرائيليا يخطط لزيارة البلاد لبحث إمكانية إنشاء مخيمات للفلسطينيين هناك، دون تحديد موعد معروف للزيارة. وأشار إلى أن إسرائيل قد تدفع تكاليف هذه المخيمات المؤقتة.

وتأتي تصريحات نتنياهو بعد أيام من تصديق الحكومة الإسرائيلية، في 8 أغسطس على الخطة التدريجية لاحتلال كامل غزة تبدأ بالمدينة التي يسكنها نحو مليون فلسطيني.

وقال نتنياهو: إنه يريد تحقيق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثلة في نقل جزء كبير من سكان غزة من خلال ما سماها بـ"الهجرة الطوعية"؛ والتي طرحها الأخير في فبراير/شباط 2025.

وكان نتنياهو قد صرح في وقت سابق بأن حكومته تعمل على إيجاد دول تستقبل سكان قطاع غزة، وذلك عقب اقتراح ترامب تهجيرهم وتطوير القطاع كوجهة سياحية.

وقال صحيفة "جيروزاليم بوست": إن الصفقة المحتملة لإعادة توطين سكان غزة في جنوب السودان قد تمهد الطريق لتعزيز العلاقات بين البلدين.

وأشارت إلى أن وفدًا إسرائيليًا يستعد لزيارة جنوب السودان قريبًا من أجل بحث إقامة مخيمات للفلسطينيين الراغبين في الانتقال.

ولم يقتصر التصعيد الإسرائيلي على تصريحات نتنياهو؛ إذ يواصل الاحتلال تصعيد عدوانه على قطاع غزة والضفة الغربية بالقتل والاعتقالات.

وكشف تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم للعام 2024، أن العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية المحتلة وصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2005.

وأشار التقرير الذي استفاض في الإشارة إلى هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى أن 90 بالمئة من سكان قطاع غزة، وفقا للأمم المتحدة، تعرضوا للنزوح نتيجة لأوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي.

فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الجماعية التي تواصل "إسرائيل" ارتكابها منذ 7 أكتوبر إلى أكثر من 61 ألفا، وما يزيد على 154 ألف إصابة.

وأوضحت أن حصيلة الضحايا الفلسطينيين من منتظري المساعدات الأميركية ارتفعت إلى أكثر من 1800 شهيد، وما يزيد على 13 ألف إصابة.

وحذر ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #إسرائيل_الكبري، #جنوب_السودان، #غزة_تُباد، وغيرها، الأنظمة العربية الحاكمة من أن سقوط القطاع سيتبعه سقوط كل الدول المذكورة في رؤية نتنياهو واحدة تلو الأخرى.

وأعربوا عن عدم ثقتهم في جدية نتنياهو بالذهاب نحو "صفقة شاملة"، في ظل تصعيده الميداني، واستمراره بالحديث عن مخططات تهجير الفلسطينيين.

أطماع نتنياهو

وهجوما على رئيس وزراء الاحتلال وفضح لأطماعه، عد المغرد عبدالكريم، تصريحه أخطر تصريح يصدر منه عن فكرة إسرائيل الكبرى التي كنا نسمع عنها ونظنها مبالغات.

وأشار إلى أن نتنياهو قالها بلسانه معتقداً أنه يقوم بمهمة إلهية لاحتلال الأردن ومصر بعد السيطرة على فلسطين وربما ينتقل إلى شمال السعودية حسب رؤية الصهاينة التوسعية.

وقال مصطفى عماد: إن "إسرائيل الكبرى" تشمل أجزاء من العراق والسعودية وسوريا ومصر وتركيا وكل الأردن والكويت ولبنان.

وقال نبيل أبو ياسين، إن تصريح نتنياهو باحتلال دول الجوار يؤكد أن الخطر ليس مقتصرًا على فلسطين، متسائلا: “لماذا تستمر الأنظمة العربية في علاقاتها معه، وتنتظر أن ينفذ تهديداته؟”

وأكد أن الوقت حان لقطع العلاقات فورًا، وأن بقاء هذه الأنظمة صامتة هو ضوء أخضر لمشروع إسرائيل الكبرى الذي يهدد الجميع.

واوضح الناشط الإنساني محمد الدباس، أن نتنياهو يعني بالمفهوم الروحي رغبته في احتلال أجزا من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق وفلسطين، وأنه بذلك يهدد باحتلال الدول العربية المجاورة، متسائلا: “هل من مجيب على هذا التصريح الصادر من أكبر رأس بإسرائيل؟ في زلم ترد؟”

وأشار الحقوقي أسامة رشدي إلى أن نتنياهو ليس ناشطا سياسيا بل هو المسؤول عن الإبادة التي تجرى على حدودنا لاحتلال غزة وطرد أهلها منها.

وبين أن نظام عبد الفتاح السيسي في مصر يساعده تارة بالحصار وتارة أخرى بالدعم الاقتصادي والتجاري وبالتخطيط والمساعدة في الضغط على المقاومة للاستسلام في غزة.

وأكد أن نتنياهو ومن خلفه جيل من الصهاينة الأشد تطرفا منه من المستعمرين والمدعومين من الصهيونية الإنجيليّة في واشنطن، مهوسون جميعا بالأساطير والهرطقات والنبوءات الدينية التي يفسرونها وفقا لاهوائهم، ويعتقدون أن إبادة البشر من أصحاب الأرض، والاستيلاء عليها مهمة اللاهية.

وأعرب عن أسفه أن من يساعدهم في ذلك " نظام عربي جبان وتصهين أيضا، مؤكدا أن "عداءهم موجه فقط لشعوبهم ويعدون كل صاحب رأي إرهابيا وذلك لتفريغ الساحة تماما أمام النتنياهو بإضعاف الأوطان وتفريغها من أي مقاومة حتى يسهل احتلالها".

وأكد الصحفي خير الدين الجبري، أن نتنياهو يقول هذا الكلام وهو يعلم تماماً أنه لن يستطيع أحد في عمّان أو القاهرة لجمه ووضع حجر في فمه، خصيصاً بعد فعل ما فعل في غزة، متهكما بالقول: "خطط واشتغل لـ"إسرائيل الكبرى"، براحتك الطريق فاتحة شرقاً وغرباً".

ودعا الإعلامي حفيظ دراجي الأنظمة العربية المطبعة للرد على تصريحات نتنياهو، قال: "ردّوها عليه إن استطعتم، يا من فضلتم التطبيع مع مجرم يعلنها صراحةً أنه لن يكتفي بفلسطين".

وقدم المحلل السياسي ياسر الزعاترة نسخة من تصريحات نتنياهو لرؤساء الأنظمة العربية الداعية "لحل الدولتين" وعُصبة "إحمونا" -في إشارة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وأشار إلى أنها المرّة الأكثر وقاحة من جهة التعبير، لكن روحية التصريحات سبق أن تردّدت بصيغ شتى خلال السنوات الماضية، بما في ذلك على لسان ترامب (هل تذكرون مقولته عن إسرائيل الصغيرة مثل "رأس القلم"؟!).

وأضاف الزعاترة: "قلنا وما نزال نقول إن المقاومة في غزة وفي الضفة تنوب عن الأمّة في مواجهة مشروع صهْينة المنطقة، ومَن يعادونها أو يحاربونها سرّا وعلنا، أو يطاردون مؤيّديها وداعميها، إنما يخدمون ذلك المشروع الذي يمثّل تهديدا وجوديا لبعض الدول أيضا".

صفقة وهمية

وعن المفاوضات، رأى الباحث في الشأن السياسي مأمون أبو عامر أن لا معنى لصفقة وقف إطلاق النار "تهدئة" بعد كل هذه الكارثة، مؤكدا أن المطلوب الآن وقف الحرب.

وعد المحلل السياسي ياسين عز الدين كل الأخبار عن تجدد المفاوضات والصفقات "كلاما فارغا ضعوه في أقرب حاوية قمامة".

وأوضح أن الهدف من كل هذا الهراء هو التغطية على العدوان ومذابح الاحتلال في غزة، داعيا لملاحظة أنه جاء بعد جريمة قتل مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف والصحفيين، لإزاحة الأنظار عن جرائمهم بهذا الهراء.

وأشار عزالدين إلى زيادة وحشية الهجوم على مدينة غزة خلال اليومين الأخيرين فيما يبدو أنه تمهيد للعدوان المرتقب، مطالبا بعدم التوقف عن فضح الاحتلال وجرائمه ونسيان هذا الهراء الذي يلهون به.

وعد الصحفي محمد هنية الحديث عن صفقة شاملة لهاية جديدة، قائلا: "وفود رايحة جاية، تنفيذ عملياتي لاحتلال غزة، كسب الوقت بأخبار مبشّرة، ضغط عملياتي بذريعة تفاوضية، فشل جولة المفاوضات، تدمير المدينة بالكامل، والتجهيز لمنطقة ثانية.. ‏كلاكيت عاشر مرّة".

تنديد واستنكار

وحول مخطط تهجير الفلسطينيين لجنوب السودان، سلط رياض عواد، الضوء على الحالة الاقتصادية والسياسية والمعيشة للبلد المستهدف وطبيعة أجوائها المناخية.

وأشار إلى أنها من أفقر دول العالم، وقد عانت من سلسلة من الحكومات الفاشلة والفاسدة، والحرب، والجفاف، والمجاعة، وديون خارجية هائلة. 

ولفت إلى أن جنوب السودان، عاشت في دوامة من العنف وعدم الاستقرار منذ نشأتها عام 2011، وظلت سنوات عديدة تحت وطأة الاضطرابات السياسية والمواجهات العسكرية الداخلية، موضحا أن مناخها استوائيا حارا على مدار العام.

وأشار عواد إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في جنوب السودان بلغ حوالي 516 دولارا أميركيا عام 2023، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، وهو المعدل الأدنى في العالم، ومعدل البطالة وصل إلى 12.5 بالمئة في عام 2023.

واستهجن عواد قائلا: “هذه أحد الدول المرشحة لتهجير أهل غزة والدول الأخرى لا تقل سوءا ومعظمها من الدول العربية التي تعاني من الحروب الداخلية والصراع القبلي”.

وقال: "إذا بدكم تهجرونا هجرونا على أوروبا كندا أستراليا، غير هيك ما بنقبل، الموت في بلادنا أفضل".

واستهجنت الصحفية سمر الجراح نشر صحيفة أسوشيتد برس خبر اعتزام الاحتلال تهجير الفلسطينيين إلى جنوب السودان بعبارات خادعة تلمع صورته وتظهرها كأنها تعمل لمصلحة الفلسطينيين، متسائلة: "إعادة توطين ولا تطهير عرقي؟ صحافة خانعة!".

وسخر الكاتب الفلسطيني يحيى بشير من المباحثات الجارية بين جنوب السودان وإسرائيل حول استقبال أعداد كبيرة من الغزيين الذين سيخرجون ضمن برامج الهجرة الطوعية من غزة في الأشهر القادمة.

وقال: "هو صحيح الغزازوة كتير منهم نفسهم يطلعوا من غزة فسحة، علاج، تعليم، دراسة، عمل ...الخ بس مش لدرجة نطلع من الحفرة وننزل بدحديرة".

ووصف مكاوي الملك التقارير الأميركية والإسرائيلية عن تهجير الفلسطينيين إلى جنوب السودان قسرا مع خطة لزيارة وفد إسرائيلي قريبا لإنشاء مخيمات مؤقتة ممولة من إسرائيل بأنها "مصيبة وكارثة".

وأكد أن خطة النتن -في إشارة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي- واضحة، وهي "تجويع في غزة ثم تهجير (طوعي) على مراحل وتوزيعهم بدول عدة.. بينها جنوب السودان".

غزة والضفة

وندد ناشطون بتصعيد الاحتلال عملياته في غزة وتصعيد عدوانه على أنحاء القطاع كافة، وشنه حملات اعتقال على الضفة الغربية، محذرين من أنه يتدرج في فرض كامل سيطرته على الأراضي الفلسطينية ليتبع ذلك بتنفيذ مشروعه التوسعي من الفرات للنيل.