الحوثيون ووقف إطلاق النار بغزة.. هدوء مؤقت أم استعداد لمعركة؟

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة عبرية أن الحوثيين ربما أوقفوا هجماتهم التي كانت تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكنهم لم ينسوا الحرب بالكلية.

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست": إن الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن أعلنوا تخريج 8 آلاف مقاتل، جاهزين لمواجهة ما وصفوه بـ"ثالوث الشر الأميركي-البريطاني-الصهيوني".

جبهة رئيسة

وتابعت: "من نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى يناير/كانون الثاني 2025، سعى الحوثيون إلى موضعة أنفسهم كجبهة رئيسة ضد إسرائيل".

وأضافت أنهم "كثّفوا من استخدامهم الصواريخ الباليستية لاستهداف وسط إسرائيل، مما أدى إلى إطلاق صافرات الإنذار في مناطق واسعة ودفع ملايين السكان إلى الملاجئ".

"واستمر هذا التصعيد لمدة شهرين، وأثبتت الجماعة قدرتها على إطلاق الصواريخ كل بضعة أيام، ومع ذلك، التزموا الصمت منذ وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني".

وأردفت أن التزام الحوثيين بوقف إطلاق النار أتى تماشيا مع المجموعات الأخرى المدعومة من إيران، والتي أعلنت أن هجماتها على إسرائيل جاءت تضامنا مع غزة، في إطار خطة إيرانية تهدف إلى "وحدة الساحات" ضد تل أبيب، مما يعني فعليا شن حرب على سبعة محاور، وفق قولها.

وأوردت أن "(حركة المقاومة الإسلامية) حماس أشعلت هذه الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول 2023)، بعدما أجرت على مدى السنوات الماضية محادثات مع إيران وحزب الله وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بشأن توثيق التعاون".

ومع مرور الوقت، أصبح الحوثيون جزءا متزايدا من هذه النقاشات، على الأرجح عبر قنوات تربط بيروت وطهران، في محاولة لضمهم إلى هذا المحور.

وبدأت جماعة الحوثي حملتها ضد إسرائيل تدريجيا عقب السابع من أكتوبر، مستهدفة إيلات وجنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة بالطائرات المسيّرة والصواريخ.

ثم وسّعت عملياتها لتركيز الهجمات على السفن في البحر الأحمر، على تقدير أنها مرتبطة بإسرائيل؛ حيث اختطفت إحداها وأغرقت أخرى.

ولاحقا، صعّدت عملياتها باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ بعيدة المدى لاستهداف وسط الأراضي المحتلة.

فشل ردع الحوثيين

وتساءلت الصحيفة: “ما مصير الحوثيين الآن؟” وأجابت بأن "إسرائيل شنت عدة جولات من الغارات الجوية ضدهم، مستهدفة مناطق في ميناء الحديدة وأماكن أخرى في اليمن، ومع ذلك، بدا أن الجماعة لم تتراجع".

وأوضحت أن التنظيم المسلح ربما يكون أوقف هجماته، لكنه لم ينسَ الحرب، فقد نظم الحوثيون أخيرا عرضا عسكريا في محافظة الحديدة باليمن، أعلنوا خلاله تخريج 8 آلاف مقاتل من "دورات طوفان الأقصى".

وقالت: "حقيقة أن الجماعة أطلقت اسم العملية التي وقعت في السابع من أكتوبر على هذه الدورات، تعكس بوضوح دعمها حماس".

وقالت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين: إن “العرض العسكري الكبير عكس مستوى الجهوزية القتالية لخريجي دورات طوفان الأقصى الذين يمثلون قوات احتياط مدربة على مختلف الأسلحة”.

وبينت أن هذا "الإعداد البدني والثقافة العسكرية تستند على مرجعية إيمانية جهادية راسخة للحفاظ على السيادة الوطنية وحماية الأرض والدفاع عن دين الله والمستضعفين".

وأضافت أن "الخريجين جسَّدَوا في العرض الروح الإيمانية الجهادية ومستوى الاستعداد لمواجهة الأعداء وجاهزية تنفيذ خيارات قائد الثورة للتصدي لكل مخطّطات ومؤامرات ثالوث الشر الأميركي البريطاني الصهيوني ومن يدور في فلكهم".

وأشارت إلى أن "خريجي الدورة الأخيرة رددوا شعارات احتفالا بإتمام دوراتهم، لكن الحدث برمته بدا رتيبا إلى حد ما".

وقالت وسائل إعلام الحوثيين: إن “الكلمات خلال العرض عبّرت عن الفخر والاعتزاز بتخرج هذه الدفعة الكبيرة من أبناء الحديدة”.

وأشارت إلى أن هذه الخطوة "تأتي في إطار الاستعداد المتواصل والتأهُّب لمواجهة أي تهديدات ضمن معركة اليمن لمواجهة العدوّ الأميركي البريطاني وكل من تسول له نفسُه المساسَ بالسيادة اليمنية".

ورأت أن هذا العرض يعد تجسيدا عمليا للموقف الصادِقِ للشعب اليمني وقيادته وقواته المسلحة في دعم الشعب الفلسطيني، في ظل تنصل حكام الدول العربية والإسلامية عن نصرة القضية الفلسطينية.

وفي 11 فبراير/شباط 2025، جدد زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، استعداد الجماعة لاستئناف الهجمات على إسرائيل حال تجدد الحرب على غزة.

وقال الحوثي: "أيدينا على الزناد وحاضرون للاتجاه الفوري للتصعيد ضد العدو الإسرائيلي إذا عاد للتصعيد في قطاع غزة".

مهمة معقدة

بدورها، قالت الباحثة المشاركة في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية، إيفانجلين تشنغ، إن فشل إسرائيل في التعامل بفعالية مع تهديد الحوثيين يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسة.

أولا، يقع معقل الحوثيين في اليمن على بُعد نحو 2000 كيلومتر من إسرائيل، مما يجعل المواجهة العسكرية المباشرة مكلفة ومعقدة. 

كما أن هذا البعد الجغرافي يعني أن الحوثيين لا يشكلون تهديدا وجوديا لإسرائيل كما هو الحال مع حماس أو حزب الله.

ثانيا، رغم وقف إطلاق النار، لا يزال تركيز إسرائيل الأساسي منصبا على غزة. فعلى الرغم من التدهور الكبير في القدرات العسكرية لحماس، فإن استمرار ظهور مقاتليها خلال عمليات تبادل الأسرى يبدد ادعاء تل أبيب بأنها نجحت في تدمير قدرة الحركة على الحكم، وفق الصحيفة.

أخيرا، يبدو أن فشل إسرائيل يعود أيضا إلى نقص المعلومات الاستخباراتية القابلة للتنفيذ بشأن الحوثيين.

"فلم يكن هذا الفصيل اليمني ضمن أولويات إسرائيل الاستخباراتية سابقا، ورغم تكثيف الجهود أخيرا لجمع المعلومات، فإن الطبيعة اللامركزية لقيادة الحوثيين وإجراءاتهم الأمنية، إلى جانب البعد الجغرافي، تشكل عقبات كبيرة" أمام تل أبيب.

وأضافت "تشنغ" أنه "ليس من المستبعد أن تجد إسرائيل نفسها مضطرة في النهاية إلى مواجهة الحوثيين بمفردها، لكن هذه المهمة قد تكون أكثر تعقيدا من حملاتها ضد حماس وحزب الله، خاصة في ظل غياب إستراتيجية واضحة لديها للتعامل مع التهديد القادم من اليمن".

وتابعت: "بينما لم تؤدّ الضربات الدقيقة إلى ردع الحوثيين، فإن هجوما واسع النطاق قد يخلق تحديات أكبر؛ حيث يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويؤجج الرأي العام الدولي ضد إسرائيل".

وأضافت أنه "قد يثير استياء كلٍّ من السعودية والإمارات اللتين تسعيان إلى تجنب زعزعة الاستقرار في المنطقة"

وأردفت: "في ظل هذه القيود، يبقى الحد الأدنى المطلوب من إسرائيل هو الحفاظ على التوازن الإستراتيجي وعليها أن تتعامل بحذر، فتوازن بين احتياجاتها الأمنية العاجلة وأهدافها طويلة المدى المتمثلة في إحداث تحول في الشرق الأوسط".

وقالت: "مع عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، قد تشعر إسرائيل بأنها أكثر جرأة لاتخاذ خطوات أكثر حدة ضد إيران وحلفائها، لكن هل من الممكن أن يحقق هذا الاستقرار أم لا؟ فذلك يبقى سؤالا مفتوحا".

وختمت قائلة: "بالنسبة لإسرائيل، فإن اليوم التالي لا يزال غامضا بقدر الخيارات التي تواجهها الآن".