مجلة أميركية: ملك الأردن تنازل بما يكفي وقد يلحق بمبارك لو واصل ترامب الضغط

منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

في 11 فبراير/ شباط 2025 التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبعد الاجتماع تجنب الإجابة عن أسئلة الصحفيين بشأن إصرار ترامب على أن يقبل الأردن لاجئين فلسطينيين من غزة.

وقال الملك عبد الله: إنه سيحتاج إلى انتظار زعماء عرب آخرين، بما في ذلك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، قبل الرد بشكل مباشر.

وسيجتمع السيسي وقادة عرب آخرون في القاهرة في 27 فبراير/شباط 2025، فيما يبدو لاقتراح بديل لخطة ترامب لإخراج الفلسطينيين بالقوة من غزة، وهو ما سيكون جريمة حرب.

من جهته، زعم ترامب أن الفلسطينيين لا يريدون البقاء في غزة، وسيكونون سعداء بالمغادرة، ولن يرغبوا في العودة. ولم يتطرق إلى كيفية تعامله مع رفض الكثير من الفلسطينيين مغادرة ديارهم.

وبينما كان يجلس إلى جانب الملك عبد الله، الذي بدا متحفظا، بدا ترامب وكأنه يتراجع عن نيته إجبار الأردن على قبول الفلسطينيين من خلال حجب المساعدات الأميركية للمملكة.

وتفاعلا مع هذا المشهد، قالت مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركية، في تقرير لها: إن "الأردن يقف أمام تحدٍّ صعب بسبب اعتماده على الدعم الأميركي، الذي يمثل حوالي 10 بالمئة من ميزانيته الوطنية".

ضغوط وتحديات

وأوضحت أن "مصر تواجه وضعا مشابها؛ إذ تعتمد على المعونة الأميركية أيضا، وقد شهد كلا البلدين زيادة كبيرة في الدعم الأميركي بعد إبرامهما اتفاقيات سلام مع إسرائيل في 1994 و1979".

وعندما سأله الصحفي بريت باير من شبكة "فوكس نيوز" الأميركية عن كيفية إقناع الأردن ومصر باستقبال نحو مليون لاجئ فلسطيني لكل منهما، قال ترامب: "نحن نقدم لهما مليارات ومليارات الدولارات سنويا".

ويشمل خفض ترامب للمساعدات الخارجية 1.45 مليار دولار ترسلها الولايات المتحدة إلى الأردن سنويا، فيما استثنى من هذا القرار كلا من إسرائيل ومصر.

ومن الواضح أن ترامب يرى أن الأردن مدين للولايات المتحدة، وبالتالي ينبغي أن يكون مستعدا لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين.

واستدرك: "لكن ترامب قد لا يدرك أن محاولته إجبار الملك عبد الله على قبول الفلسطينيين لا تخاطر فقط بالعلاقات بين الولايات المتحدة والأردن، بل قد تؤثر أيضا على استعداد دول عربية أخرى للتعاون مع الولايات المتحدة".

وأضاف: "يبدو أن ترامب يرى أن واشنطن تقدم مساعدات عسكرية وإنسانية للأردن ودول أخرى دون مقابل يُذكر، بدلا من إدراك أن هذا الدعم لعب دورا محوريا في الحفاظ على الدور القيادي للولايات المتحدة".

واستطرد: "عندما تجد دول مثل الأردن نفسها مجبرة على قبول قرارات تضر بمصالحها من أجل دعم أجندة ترامب الإقليمية، فإنها ستبحث بشكل متزايد عن شركاء آخرين".

تهديد وجودي

"علاوة على ذلك، يبدو أن ترامب لا يدرك أنه يشكل تهديدا وجوديا لحكم الملك عبد الله واستقرار أحد الحلفاء الرئيسين من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو)"، وفق التقرير.

"فالسكان الأردنيون، الذين يشكل الفلسطينيون بالفعل نحو نصفهم نتيجة عمليات التهجير الإسرائيلية في 1948 و1967، يشعرون بالغضب من الحرب على غزة؛ حيث يقاطع 94 بالمئة منهم السلع الأميركية ردا على الدعم الأميركي لإسرائيل".

"وقد وقعت ثلاث هجمات بالفعل على الحدود والسفارة الإسرائيلية، وفي حال أُجبر مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الجدد على دخول الأردن، فمن المرجح أن ينهار الوضع الهش القائم حاليا"، وفق التقرير.

وأضاف: "قد يؤدي ذلك إلى الإطاحة بحكومة عبد الله، وحينها، بالنظر إلى نجاح الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في سبتمبر/أيلول 2024، فمن غير المرجح أن يكون البديل راغبا في توقيع اتفاق سلام جديد مع إسرائيل أو الاستعداد لاستضافة قوات أميركية".

"وبالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي قد ينتج عن ذلك، فإن الأردن ببساطة لا يملك الموارد الكافية لاستيعاب اللاجئين الإضافيين".

"فالأردن يفتقر إلى المياه الكافية لسكانه الحاليين، وهي الندرة التي تفاقمت بسبب عبء اللاجئين الذي تحمله الأردن نتيجة للصراعات السابقة، بما في ذلك الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 وسنوات الحرب الوحشية في سوريا".

وقالت المجلة: إن "الأردن ظل معقلا للاستقرار النسبي على الرغم من الاضطرابات الإقليمية، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى مساعدة الولايات المتحدة وأوروبا في دفع تكاليف استضافة الأردن للاجئين".

وعلى الرغم من هذا الدعم، فإن ديون الأردن بلغت بالفعل 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يعاني 22 بالمئة من سكان الأردن من البطالة.

الأردن يقدم الكثير بالفعل

وفي السياق، أوضحت المجلة الأميركية أن "من منظور عبد الله، فإن الأردن يقدم بالفعل الكثير للولايات المتحدة. فبناءً على إلحاح واشنطن، حافظ الأردن على معاهدة السلام مع إسرائيل طوال الثلاثين عاما الماضية، رغم عدم شعبيتها الكبيرة بين الأردنيين".

"كما يستضيف الأردن 15 منشأة عسكرية أميركية مختلفة وما يقرب من 4 آلاف جندي أميركي".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، أطلقت إيران صواريخ عبر الأجواء الأردنية باتجاه الكيان الإسرائيلي، وأعلن الجيش الأردني أنه تعاون مع القوات الأميركية لإسقاط بعضها، إلا أن أحد الصواريخ سقط على الأراضي الأردنية وأودى بحياة أحد المواطنين.

في اليوم التالي، عمّ الغضب الشارع الأردني، حيث تساءل الأردنيون: لماذا يساعد بلدهم الولايات المتحدة في الدفاع عن إسرائيل، حتى لو كان ذلك على حساب سلامتهم؟

وقالت المجلة: "لقد قبل شركاء أميركا، من السعودية إلى الإمارات ومصر، بالرؤية الأميركية للشرق الأوسط -وهي رؤية تعطي الأولوية لرغبات إسرائيل على حساب وجود الفلسطينيين- لأنها تخدم مصالحهم".

"فبفضل الدعم والأسلحة الأميركية، عزز الحكام العرب سلطتهم. ويستند تعاونهم مع واشنطن إلى ضمان الأخيرة بقاءهم في السلطة"، وفق المجلة.

وقالت: "عندما فشلت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، في إنقاذ نظام الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، من الانتفاضة الشعبية التي أطاحت به في عام 2011، أصيب العديد من المستبدين العرب بالصدمة إزاء ما عدوه خيانة من أوباما لحليف رئيس للولايات المتحدة".

وختمت بأنه "إذا لاحظ الحكام من الرياض إلى الرباط أن ترامب لا يكتفي بالتخلي عن حليف أميركي، بل يسعى لإجباره على اتخاذ قرار قد يهدد استقراره، فقد يدفعهم ذلك إلى إعادة النظر في علاقتهم بواشنطن".