باحث إسرائيلي يشرح: كيف تمكن نتنياهو من الاستمرار على رأس إسرائيل حتى الآن؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

استعرض باحث إسرائيلي الأسباب التي مكنت رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من الاستمرار في قيادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، رغم التحديات الداخلية والخارجية التي تعترضه.

وفي مقال نشره موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي، أفاد الباحث في مركز مناحيم بيجين للتراث، يسرائيل ميداد، بأن "الانتقادات الموجهة لنتنياهو لا قيمة لها بالنظر إلى نجاحاته العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية".

وأوضح أن "هجوم 7 أكتوبر أسفر عن دمار هائل، وصدمة كبرى في حجمها وتداعياتها"، مشيرا إلى أن "الغضب والإحباط والذهول جراء إخفاقات الجيش والحكومة كان ملموسا في أوساط الرأي العام، ومع ذلك، لا يزال نتنياهو في السلطة".

خيبة أمل

وأشار ميداد إلى أن "الرئيس الأميركي جو بايدن على وشك الخروج من المشهد السياسي، وهناك رئيس وزراء جديد في بريطانيا، ورئيس فرنسا يترنح، وبشار الأسد هرب من سوريا، كل ذلك بينما لا يزال نتنياهو في منصبه".

ورأى  أن "هذه الاستمرارية تأتي رغم عملية 7 أكتوبر، ورغم استمرار (أسر) إسرائيليين في غزة، ورغم صرخات المعارضة في الكنيست والأناركيين الذين يتظاهرون في شارع كابلان".

وقال الباحث إن "أحد الانتقادات الرئيسة التي يوجهها معارضو نتنياهو له هو أنه يفتقر إلى الإستراتيجية والخطة أو أنه يفتقر إلى الرؤية، وقد ثبت أن هذه الادعاءات غير صحيحة".

وتابع: "رغم أن الجيش الإسرائيلي بدأ حملته ببطء، إلا أنه بات من الواضح الآن أن هناك خطة منذ البداية".

وأردف ميداد أن "كل ما في الأمر أن القادة العسكريين كانوا بحاجة إلى من يجبرهم على تنفيذ خطة كانوا قد رفضوها في السابق، لأنها تتعارض مع اعتقادهم بأن حماس رُدعت وأنها قوة عسكرية غير فعّالة".

وأكد على أن "الشخص الذي أجبر الجيش على تبني تلك الخطة هو نتنياهو، ولو لم يكن وزير الحرب السابق، يوآف غالانت، منشغلا بمستقبله الشخصي (حيث استعان بمحامٍ خاص لحمايته من تهم جرائم الحرب)، لكانت الشراكة بينهما أكثر نجاحا في الميدان".

علاوة على ذلك، وصف ميداد هذا النقد الموجه لنتنياهو بأنه “أشبه بمشاعر الغيرة أو خيبة الأمل، فهو في جوهره، ينبع من أن نتنياهو لم يتبع الإستراتيجية المدمرة التي أرادت المعارضة منه تبنيها”، وفق ادعائه.

وأوضح أن "من الأمثلة على مثل هذه الإستراتيجيات المدمرة ما قامت به حكومة يائير لابيد، حين تنازلت عن أراضٍ إسرائيلية لصالح لبنان تحت تهديدات زعيم حزب الله حينها، حسن نصر الله".

وفيما يتعلق بمسألة الأموال القطرية التي سُمح بدخولها إلى غزة، فقد قدّم رافي ديموغ، وهو اسم مستعار لباحث متخصص في الديمغرافيا السياسية، تفسيرا لذلك في مقال نشر في "موزايك" في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وأقرّ بأن نتنياهو تبنّى الفكرة السائدة التي تفيد بأن تحويل الأموال القطرية إلى غزة سيحمي أمن إسرائيل، لكنه في الوقت نفسه أوضح أيضا أنه لم يكن يملك بديلا حقيقيا.

ولفت إلى أنه حتى حكومة بينيت-لابيد (يونيو/حزيران 2021 - ديسمبر/كانون الأول 2022) لم تقم "بأي تغيير جوهري في السياسات التي وضعها نتنياهو منذ عقد تجاه غزة".

وقال ميداد إن "الاعتقاد بأن رئيس الوزراء كان بإمكانه وقف تدفق الأموال لحماس قبل 7 أكتوبر هو اعتقاد ساذج، وخطوة مثل هذه كانت ستواجهها المعارضة بصفتها دعوة للحرب مع حماس".

ورأى أن "الوضع في لبنان يوضح أن النجاح غالبا ما يكون نتيجة لتفوق الزعامة السياسية على قادة الجيش المسيّسين".

انتقادات قوية

وهناك جانب آخر يشير إلى نجاح نتنياهو -وفق ميداد- وهو الوضع الاقتصادي.

فأخيرا، أفادت صحيفة "غلوبس" بأرقام قياسية لعمليات الاندماج والاستحواذ في صناعة التكنولوجيا الإسرائيلية خلال العام 2023.

وأشار تقرير جديد صادر عن "Vintage Investment Partners" إلى أن صفقات الاندماج والاستحواذ سجلت قمة جديدة بلغت 10.5 مليار دولار، بزيادة قدرها 22 بالمئة عن القمة السابقة التي كانت 8.6 مليارات دولار عام 2021.

"وحتى قراءة سريعة للمواقع الإعلامية الاقتصادية تشير إلى أن جميع النبوءات القاتمة حول اقتصاد إسرائيل لم تتحقق، حتى مع اعترافنا بأن الوضع ليس مثاليا"، وفق الكاتب.

وأردف: “صحيح أن إسرائيل ستحتاج إلى استثمار مبالغ ضخمة في إعادة بناء النقب الغربي والشمال، بالإضافة إلى دعم الأعمال الصغيرة والصناعة، ومع ذلك، لا يزال رئيس الوزراء يدير توازنا اقتصاديا قويا وموثوقا”.

وقال ميداد: "لقد أظهر نتنياهو الزعامة الدبلوماسية والخبرة في تقديم الرواية الإسرائيلية، وهما مهارتان يقدرهما الناخبون".

ويعتقد أنه "من المحتمل جدا أن أداء نتنياهو منذ 7 أكتوبر قد ساعد في تحسين نتائج دونالد ترامب في الانتخابات، من خلال توفير سبب إضافي لمؤيديه للتصويت ضد النخبة الديمقراطية، التي يُنظر إليها على أنها ضعيفة ومتمحورة حول القضايا الهوياتية".

وعلاوة على ذلك، زعم الكاتب أن “الاتهامات التي وجهتها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب عززت قاعدته ووفرت له طبقة أخرى من الدعم الشعبي”.

ويرى ميداد أن "أخطاء نتنياهو والقضايا القضائية المتعلقة بشؤونه الشخصية لم تتفوق على براعته الظاهرة في إدارة شؤون الدولة، وحتى التأخر في إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس لم يؤثر على مكانته السياسية".

وزعم أن "ظهوره سواء على الساحة الدولية أو في دوائر السياسة والأمن الإسرائيلية كان ناجحا، والآن، مع تطورات الوضع في سوريا، قليلون هم من يرغبون في أن يترك منصبه".

دفاع ميداد عن نتنياهو يأتي في وقت يواجه فيه الأخير انتقادات داخلية قوية بسبب رفضه التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى في قطاع غزة من ناحية، واتهامات الفساد الموجهة إليه من ناحية أخرى.

وخلال الأشهر الأخيرة صعدت عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بقطاع غزة نشاطاتها الضاغطة على حكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق.

وتتهم المعارضة وعائلات الأسرى نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق للحفاظ على منصبه وحكومته، إذ يهدد وزراء متطرفون بينهم وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها في حال القبول بإنهاء تام للعدوان.

ويواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في 3 ملفات فساد معروفة بالملفات "1000" و"2000" و"4000" الأكثر خطورة، وقدم المستشار القضائي للحكومة السابق أفيخاي مندلبليت لائحة الاتهام المتعلقة بها نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

وبدأت محاكمة نتنياهو في هذه القضايا عام 2020، وما زالت مستمرة.

وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 152 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.