ليس اعتباطا.. لماذا اختارت حماس هذا التوقيت لبث رسالة أسير أميركي؟

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

مع الحديث المتتالي عن عودة مفاوضات إطلاق النار وتبادل الأسرى، بثّت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس تسجيلا مصورا لجندي إسرائيلي أميركي أسير لديها، يتهم فيه رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتخلي عنهم في غزة.

وجاء الفيديو في توقيت حساس تحاول فيه حماس التأكيد على أوراق قوتها؛ حيث عادت المفاوضات بوساطة مصرية قطرية من جديد، مع حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قرب حل قضية الأسرى والحرب في غزة.

وبثّت القسام في 12 أبريل/نيسان 2025 تسجيلا مصورا للجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر، قال فيه: إن "الجميع كذبوا علي؛ شعبي وحكومة إسرائيل والإدارة الأميركية والجيش". مؤكدا أن الوقت ينفد أمام الأسرى.

وأضاف: "نعتقد أننا سنعود للديار أمواتا، ولا أمل لدينا". مشيرا إلى أنه سمع قبل 3 أسابيع أن حماس مستعدة لإطلاق سراحه لكن إسرائيل رفضت وتركته أسيرا.

وهاجم الأسير المحتجز في قطاع غزة منذ أكثر من 550 يوما، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بقوله: "كل يوم أرى أن نتنياهو يسيطر على الدولة مثل الديكتاتور"، معاتبا ترامب، بسؤاله: “لماذا وقعت ضحية لأكاذيبه؟”

ويعد هذا ثاني تسجيل مصور لألكسندر، بعدما ظهر في فيديو سابق بثته القسام يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قال فيه: "لا أريد أن يكون مصيري مثل مواطني الأميركي هيرش (غولدبرغ بولين)".

وتعليقا على التسجيل المصور الأخير، قالت عائلة الجندي: إنه بينما "إسرائيل" تحيي عيد الفصح (اليهودي) "نذكّر بأنه لا معنى لهذا العيد، ما دام عيدان و58 أسيرا آخرون لم يعودوا بعدُ إلى ديارهم".

وأضافت العائلة أن "عيدان ابننا جندي وحيد هاجر إلى إسرائيل وانضم إلى صفوف لواء غولاني لحمايتها ومواطنيها، وهو الآن أسير".

وفي رد فعل سريع للرسالة المصوَّرة التي وجَّهها ألكسندر، وعرضتها القسام، أعلن ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، عن اتصال مباشر جرى بين نتنياهو وعائلة الجندي الأسير عيدان ألكسندر.

وقال ديوان نتنياهو على منصة إكس: “تحدَّث رئيس الوزراء مع والدَي الجندي عيدان ألكسندر بعد نشر فيديو الدعاية القاسية لحماس، وأبلغهما بأن جهودا هائلة تُبذل لإعادته مع جميع المختطفين إلى ديارهم في أقرب وقت”.

وجاء بث القسام لمقطع الفيديو في أعقاب توجّه وفد من حماس إلى القاهرة لإجراء محادثات جديدة مع المسؤولين المصريين بشأن وقف إطلاق النار، في وقت تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقترح جديد.

كما جاء في أعقاب تعمق الشرخ والانقسام داخل الكيان المحتل، خاصة المؤسسة العسكرية، بسبب رفض قطاع عريض من الإسرائيليين مواصلة الحرب على غزة.

وتجلت مظاهره في توقيع نحو ألف طيار من جنود الاحتياط في سلاح الجو على عريضة تطالب بوقف الحرب وإعادة الأسرى؛ حيث ما تزال حماس تحتجز نحو 59 أسيرا منهم 24 على قيد الحياة.

ودعت إلى رفض أداء الخدمة العسكرية في حال استمرّت حكومة نتنياهو في انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار مع غزة، وواصلت المماطلة في إتمام صفقة تبادل الأسرى مع حماس.

وانضم للطيارين فئات عدة ترفع المطالب ذاتها، وتوالت العرائض الاحتجاجية، إذ وقع نحو 100 طبيب عسكري في جيش الاحتلال عريضة تطالب بإعادة المحتجزين في غزة ووقف الحرب، مع تحذير من استمرار القتال والتخلي عن الأسرى الإسرائيليين.

كما وجّه عناصر من الوحدة 8200 الاستخباراتية رسالة، أكدوا فيها رفضهم استمرار الحرب دون توضيح إستراتيجيتها، وأن الاتفاق وحده هو ما يمكن أن يعيد المحتجزين بسلام. 

ووقع أيضا نحو 2000 أستاذ جامعي من أعضاء الهيئة التدريسية في مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية عريضة تطالب بإنهاء الحرب، مؤكدين أن الحرب في غزة ذات مصالح سياسية وشخصية ولا مصالح أمنية فيها.

وسبق هؤلاء أكثر من 150 ضابطا سابقا في سلاح البحرية الإسرائيلية وقّعوا على رسالة مشابهة تدعو إلى وقف الحرب على قطاع غزة، مشيرين إلى أن السلوك الحكومي يزعزع "أسس" إسرائيل ويثير مخاوف جديّة من قرارات أمنية تُتخذ على تقديرات غير شرعية. 

وبعد موجة العرائض التي وُقعت من قبل أجهزة مختلفة ضمن المنظومة الأمنية والمدنية، وصف نتنياهو الموقعين عليها بـ"الأعشاب الضارة"، رافضا توصيف ما يحدث بأنه "موجة جارفة من العرائض"، واتهم وسائل الإعلام الإسرائيلية بالتهويل.

وهدّد في تصريح أصدره مكتبه بـ"فصل" العسكريين الداعين لوقف الحرب أو رفض الخدمة العسكرية، قائلا: "أي شخص يشجع على التمرد، سيتم طرده فورًا.. التمرد هو التمرد، بغضّ النظر عن الاسم القذر الذي يطلقونه عليه".

وتحدث ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيس بوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #عيدان_ألكسندر، #كتائب_القسام، وغيرها، عن الرسائل والأهداف التي أرادت القسام إيصالها من وراء بثّ التسجيل المصور للأسير الأميركي الإسرائيلي.

وأثنوا على قدرة القسام على استخدام ورقة الأسرى الإسرائيليين، والاستمرار في الضغط على أعصاب الاحتلال وإثارة غضب الشارع الإسرائيلي من خلال المقاطع التي تنشرها للأسرى، مشيرين إلى أنها وجهت رسالة قوية للإدارة الأميركية والإسرائيلية.

"ضربة معلم"

وعد المحلل السياسي ياسر الزعاترة، الفيديو "ضربة معلم" من القسام أصابت نتنياهو في جبْهته على نحو موجع ومباشر، فكان أن بادر للاتصال سريعا بوالد الأسير. مؤكدا أن تلك هي البطولة وتلك هي العظمة في أروع تجليّاتها.

وقال: إن الشاب كان يتحدّث بعفوية، وأكثر ما يخيف نتنياهو في كلامه هو الجزء الموجّه إلى ترامب؛ لأن الأخير يحب "الشو" بشكل عام، فضلا عن أن يكون من أميركي أسير، ولأنه الوحيد (ترامب أعني) الذي يمكنه فرض رأيه.

وأضاف الزعاترة: "سيحدّثك مجرم تل أبيب عن حرب نفسية تشنّها حماس عليه وعلى كيانه، كأن طائراته تلقي عليها الورود صباحا ومساء".

وأكد أن بعد عام ونصف العام من حرب كونية، ما زالت المقاومة حاضرة، والصمود كذلك، فيما لم يصل الغُزاة إلى أسراهم، قائلا: إن نشر الفيديو عشية وصول وفد "حماس" إلى القاهرة، لسماع جديد المقترحات، كان مدروسا أيضا، وبانتظار معرفة النتائج.

وأكدت المغردة سارة، أن عيدان ألكسندر ورقة ضغط قوية.

وقال أنس أحمد: " قد يكون فيديو القسام الخاص بالأسير الأميركي ألكسندر رسالة خاصة بالمفاوضات بأنه على قيد الحياة".

وأكد أحد المدونين، أن الحرب النفسية التي تديرها كتائب القسام دفاعا عن دينهم وعرضهم وأرضهم تبقى أسطورة يفتخر بها بالرغم من كل الآلام.

الدلالات والأهداف

وعن دلالات فيديو ألكسندر والأهداف والرسائل من وراء بثه، ذكر الباحث سعيد زياد، بأن القسام بثّت في 24 أبريل 2024، أي قبل عام كامل بالتمام والكمال، فيديو للأسير الإسرائيلي أميركي الجنسية هيرش بولين، مبتور اليد يصرخ بشكل هستيري مناشدا الإفراج عنه. 

وأشار إلى أن جيش العدو أعلن في الأول من سبتمبر/أيلول، أي بعد بث الفيديو بقرابة 4 أشهر فقط، عثوره على ست جثث لأسرى إسرائيليين في نفق في رفح، من بينهم كانت جثة هيرش بولين.

وأوضح زياد، أن ما يُعقّد مسألة الأسير عيدان ألكسندر أنه آخر أسير إسرائيلي أميركي حيّ، وأنه على سلم أولويات أي صفقة قادمة، وبالإمكان عودته حيّا بالفعل إذا ما قررت إسرائيل عدم التخلي عنه.

وأكد أن المقاومة تريد أن تقول عبر الفيديو الذي بثته، إن مصير عيدان ألكسندر قد يتحول إلى مصير هيرش بولين، ويجب عدم إضاعة فرصة مبادلته حيّا.

وأشارت الإعلامية مايا رحال إلى أن ألكسندر، أسير مزدوج الجنسية لدى حماس ويحمل الجنسية الأميركية هو جندي سابق لدى الاحتلال.

وقالت: "المعروف أن الجنود تحديدا يتعاطف معهم المجتمع والجمهور الإسرائيلي وها هم يخرجون للشارع لأجل ألكسندر ويصبون جام غضبهم على نتنياهو"، مؤكدة أن هذه أهداف كتائب القسام من نشر هذه المقاطع.

وعدّد المحلل السياسي أحمد الحيلة، دلالات بث الكتائب الفيديو، ومنها أنه جاء في أوّل أيام عيد الفصح اليهودي الذي يسمى (عيد الحرية)، ويتزامن نشره مع دعوات عائلات الأسرى الإسرائيليين للتظاهر ضد نتنياهو وحكومته المتطرفة.

وأشار إلى أن بث المقطع جاء في ظل عرائض لآلاف الضباط والجنود من سلاح الجو والبحرية والاستخبارات، وآلاف الأكاديميين، يطالبون نتنياهو بوقف الحرب على غزة وإطلاق سراح الأسرى. 

ولفت الحيلة إلى أن نشر الفيديو يتزامن مع عودة المفاوضات من جديد، لوقف إطلاق النار، ووفد للحركة في القاهرة للمتابعة.

وقال: إن الجندي أليكسندر يطالب الرئيس ترامب، كمواطن أميركي، بالإفراج عنه، ويتهم نتنياهو بالكذب والديكتاتورية، ويحمّله مسؤولية تعطيل الإفراج عنه قبل عدة أسابيع.

وأكد الحيلة، أن الفيديو مهم توقيتا ومضمونا، ويشكّل عنصر ضغط على نتنياهو والإدارة الأميركية التي أعطت نتنياهو ضوءا أخضر لتجويع الفلسطينيين وقصفهم بالطائرات، ما قد يعرّض هؤلاء الأسرى للقتل أو لمصير مجهول.

واستهزأت الصحفية ديما الحلواني، بإعلان مكتب نتنياهو اتصاله بعائلة الأسير الإسرائيلي الأميركي، وقوله لهم: إن "هذه الساعات بالذات تشهد بذل جهود كبيرة من أجل إعادة "عيدان ألكسندر" وجميع الأسرى من غزة".

وتساءلت: “مع من يتفاوض نتنياهو؟ أم هو فقط يتلاعب بعواطف أهالي الأسرى الإسرائيليين، ويعدهم ويمنّيهم، وما يعدهم إلا غرورا!”.

وأشارت إلى قول القيادي في حماس طاهر النونو بالتزامن مع تصريحات نتنياهو: إن الاحتلال ينشر أخبارا مضللة بشأن التقدم في المفاوضات.

ولفتت الحلواني إلى قول النونو: إن الحركة لم تتلق أي مقترحات جديدة بشأن صفقة تبادل ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.

صفعة لترامب 

وعما يمثله التسجيل المصور للأسير الأميركي الإسرائيلي، قال عادل محمد: "فيما يعد لطمة للإدارة الأميركية ويغل يدها في مواصلة تحريض إسرائيل على مواصلة ارتكاب المذابح.. القسام تبث فيديو لأسير يحمل الجنسية الأميركية شبه منهار يتهم الإدارة الأميركية والإسرائيلية بالكذب".

ورأى خليل قحطان، أن فيديو الأسير الأميركي الإسرائيلي بمثابة قنبلة هيروشيما على الداخل الأميركي والإسرائيلي، مؤكدا أن القسام يناور لتفكيك حكومة نتنياهو.

وقال مختار عيدودي: إن الكرة الآن في ملعب ترامب وإدارته في البيت الأبيض ويجب على الحكومة الأميركية أن تتحمل المسؤولية كاملة في التعجيل بإتمام صفقة مع حركة حماس والعمل على إخراج الجندي الأميركي من أنفاق المقاومة؛ لأن حالته النفسية محطمة.