"هذا ما كسبت أيديكم".. مقاطع مصورة للمقاومة توثق تجويع إسرائيل لأسراها

منذ ٩ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تحت عنوان "يأكلون مما نأكل"، عرضت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مشاهد جديدة لأسير إسرائيلي محتجز لديها، ظهر فيها بجسد هزيل، في مشهد يعكس نتاج التجويع الذي يفرضه الاحتلال على غزة والذي نال الأسرى.

وبدأ المقطع بلقطة تضمنها أحد مقاطع القسام، التي بثت خلال دفعات التبادل السابقة، عن أسرى سابقين؛ إذ ظهر الأسير أبيتار دافيد -وكان حينها في حالة صحية جيدة- وهو يراقب مشهد إطلاق سراح زملائه، ضمن صفقة التبادل الأخيرة.

وعرض مقطع الفيديو صورا للأسير وقد بدت عليه علامات الهزال الشديد، مقابل لقطات لأطفال غزة وقد ظهرت عليهم آثار المجاعة بشكل واضح نتيجة الحصار الإسرائيلي وعدم إدخال المساعدات الإنسانية، في محاولة لإظهار المعاناة المشتركة لدى المدنيين والأسرى في القطاع.

كما أظهر المقطع الأسير وهو ينظر إلى جدول يحمل عدد الأيام التي قضاها في الأسر، في مشهد يُوحِي بطول المعاناة والانقطاع عن العالم الخارجي، دون أن ينطق بكلمة واحدة.

وباللغات الثلاث العربية والإنجليزية والعبرية، قالت "القسام" في المقطع: إن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها "يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب". وأرفقته بمشاهد لأطفال من غزة وأجسادهم التهمها الجوع، وبرزت فيها عظامهم نتيجة تجويع الاحتلال وجريمته بحق القطاع.

وتضمن المقطع تصريحات للوزير المتطرف إيتمار بن غفير وهو يشير إلى أن ما يجب إرساله إلى القطاع القنابل فقط، وكذلك تصريحات لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وهو يتحدث عن إدخال الحد الأدنى من الغذاء إلى سكان القطاع لتجويعهم.

وجاء مقطع القسام بعد يوم من بث "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فيديو للجندي الأسير لديها روم بارسلافسكي، يرجو فيه حكومته أن تدخل الطعام قبل أن يموت من الجوع، قائلا: "أنا على حافة الموت وأعيش في جهنم".

ووصفت سرايا القدس رسالة الأسير بالأخيرة قبل فقدان الاتصال بالمجموعة الآسرة له في غزة، وظهر الأسير الذي يبلغ من العمر 22 عاما وهو من سكان القدس المحتلة، في مكان أسره باكيا ومتعبا ومنهكا وهو يتقلب في فراشه، وحمل الفيديو عنوان "غزة.. القتل تجويعا".

وأكد الأسير أنه محتجز لدى سرايا القدس منذ أكثر من عام و9 أشهر تقريبا، مشيرا إلى أن معاناته بدأت في أعقاب ما أسماه عملية "عربات جدعون".

ووصف بارسلافسكي حالته الصحية المتدهورة قائلا "أعاني من وضع غير جيّد، توجد آلام في قدمي وآلام في يدي، كلما حاولت القيام والذهاب إلى الحمام أشعر بدوار وأسقط، ولا أستطيع التنفس ولا أستطيع مواصلة الحياة".

وكشف الأسير عن تراجع كبير في كمية الطعام المقدمة له، مؤكدا أنه "من الصباح حتى الليل لا يوجد شيء"، وأنه يتناول "3 أقراص فلافل فقط طوال اليوم" أو "صحنا من الأرز بالكاد".

وأضاف باكيا "أنا لا آكل ولا أشرب ببساطة، لا يوجد طعام هنا، الطعام شحيح بالكاد نحصل عليه".

من جهتها، دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين حكومة نتنياهو إلى "وقف الجنون" الذي تمارسه بغزة والتوصل إلى صفقة شاملة مع حماس لاستعادة ذويهم.

وجابت مقاطع فيديو الأسيرين منصات التواصل الاجتماعي وتداولها ناشطون بقوة مع تأكيدهم أن ما يتعرض له الأسرى الإسرائيليون نتاج ما فعلته أيدي الاحتلال بالغزاويين.

بدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، في مطلع أغسطس/آب 2025، ارتفاع ضحايا سياسة التجويع الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 162 حالة وفاة بينهم 92 طفلا، وذلك إثر تسجيل 3 حالات وفاة خلال آخر 24 ساعة.

وندد ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #يأكلون_مما_نأكل #غزة_تقتل_جوعا، #غزة_تموت_جوعا، وغيرها، باستمرار الاحتلال في تصعيد الأزمة الإنسانية في القطاع، وعدوا مشاهد الأسرى دليلا دامغا أن الجوع واقع ينهش الجميع.

وأكدوا أن تشديد الاحتلال للحصار المفروض على القطاع وتسببه في نقص الإمدادات الغذائية والطبية وبلوغ أزمة الجوع أقصى مستوياتها نال أسراه، معربين عن قناعتهم بأن رئيس وزراء الكيان المحتل والوزراء المتطرفين لا يعنيهم وضع الأسرى.

حقيقة المجاعة

وعرض الناشط خالد صافي صورة للجندي الإسرائيلي المحتجز لدى القسام قبل الأسر وبعده، قائلا: الآن سيصدّق العالم "المتحضر" أن غزة في مجاعة، وستسارع الأنظمة المتواطئة لإدانة الجريمة، وسيعقد الوزراء المؤتمرات لإنقاذ الأسرى المجوّعين وستنهال الاتهامات على المقاومة وإجرامها.

وأضاف: "الآن سيحدثك علماء السلطان عن معاملة الأسير في الإسلام، وسيبدأ الإعلام نشراته بصورة الأسير النحيل والبكاء على حالته متجاهلا أكثر من مليوني مجوّع في غزة!".

ونشر الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، الصورة ذاتها للأسير الإسرائيلي، ووصفها بأنها "صورة صادمة تشبه بقية صور أهلنا في غزة لأسير قبل وخلال الأسر".

وكتب الناشط تامر قديح: "إن ظهر أطفال غزة بهياكل عظمية بسبب المجاعة التي تسببت بها إسرائيل في قطاع غزة، فإن جنودهم الأسرى سيظهرون بالشكل ذاته، وسيعانون المعاناة نفسها.. مما يأكله أطفالنا، سيأكله جنودهم.. العين بالعين، وهذا ما هو متاح للجميع".

تداعيات البث

وعن تداعيات مقاطع الأسرى التي أثبتت واقع المجاعة في القطاع، أكد الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، أن "فيديوهات الأسيرين، لا تدحض رواية المقاومة أمام العالم بل تدعمها، ولا تضرب فكرة التعاطف معها بل تؤكدها وتزيدها، ولا تقلب الرأي العالمي على المقاومة بل تعززه وتشجعه".

وأضاف: "نقول للعالم منذ عدة أشهر: إن المجاعة نالت الكبير والصغير والمرأة والطفل والرضيع والشيخ والمريض والطبيب، وكل منحى من مناحي الحياة المعدومة أصلا في غزة، وبالطبع، نالت المقاتل الفلسطيني وتأثر بها ومنها، وبالتالي من هم في قبضته".

وتابع أبو رزق: "الذي كان سيدعو للاستغراب، حقيقة، لو ظهر أحد منهم بصحة جيدة أو بنصف صحة جيدة، كفاكم ارتعاشا وحسابات كثيرة، فهذا العالم أقذر وأوقح وأقبح من تلك الحسابات، وأظنكم أكثر من يعرف هذا المستوى من القذارة والوقاحة والقبح…!".

فيما أكد راشد كباراتي، أن مشهد الأسير لدى القسام، قد لا يعني نتنياهو، أو ترامب ويتعامونَ عنه بسهولة وبرود، لكنه من شأنه تأليب العالم أجمع عليهم وعلىٰ أنظمتهم وإداراتهم.

وقال المغرد عمر: "عندما ترى صورة هذا الأسير الجائع، تُدرك أمرين، كلاهما مر: أولا: رُخص دماء أطفال ونساء غزة في عيون هذا العالم الحقير، ثانيا: نجاح الإعلام الغربي في نُصرة قضية الباطل، وفشل الإعلام العربي (المشغول بالمواسم والمهرجانات) في نُصرة قضية الحق".

وقع المشاهد

وعن وقع المشاهد التي ظهر فيها الأسرى لدى فصائل المقاومة على الداخل الإسرائيلي وعلى حلفاء الاحتلال، أشار الصحفي صالح أبو عزة، إلى أن 41 بالمئة من الإسرائيليين عبروا عن قناعتهم بوجود مجاعة في غزة في استطلاع صحيفة "معاريف" العبرية.

ولفت إلى أن سرايا القدس نشرت الأول تسجيلا لجندي إسرائيلي، فيما نشرت كتائب القسام تسجيلا لجندي آخر، يُظهِر تأثرهما الشديد بالمجاعة، متسائلا: “هل سيتحرك الشارع الإسرائيلي للضغط على حكومته؟!”

ونقل أحد المغردين عن القناة 13 العبرية قولها: إن “بعد مشاهدة الصور ومقاطع الفيديو لأسرانا خلال الساعات الأخيرة، يتضح لنا المعنى الحقيقي للمجاعة..”.

وأضاف "يا للعار على الصحفيين الإسرائيليين الذين انجرّوا وراء هذه الحملة، بينما أسرانا هناك في حالة هزال شديد، لا لحم على عظامهم. مشاهد تقشعر لها الأبدان.. عار لا يُغتفر".

وعلق على ما نشرته القناة قائلا: "بعض الصحفيين والمراسلين الإسرائيليين ممكن كانوا مروجين للخطاب السياسي العسكري الإسرائيلي صدقوا أن هناك مجاعة في غزة لما شافوا صورة الأسير نحيف وجائع.. نقحت عليهم الإنسانية فجأة".

وأشار الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حذيفة عبدالله عزام، إلى قول أليكس ويتكوف نجل المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن أبيتار دافيد قبل وأثناء أسر حماس كان شابا ذكيا ومعافى، أما الآن وبعد 665 يوما من الجوع والأسر أصبح بالكاد يمكن التعرف عليه.

وعلق عزام قائلا: "لعائن الله تترى على حكام البيت الأبيض وذراريهم الذين هالهم رؤية أسير واحد تسببوا هم في جوعه وضعفه وتنحيفه بحصارهم لغزة ومنع كل شيء عن أهلها ولم ترعهم مشاهد أكثر من مليوني غزي -مات منهم الآلاف جوعا وعطشا ومرضا وقصفا وحرقا وخسفا وحرا وبردا- يعانون أضعاف ما يعانيه هذا المسخ !!".

وأضاف: "لعائن الله تترى على من سن القوانين العرجاء وسلك المسالك العوجاء وشرع الشرائع العوراء".

واستبق عزام تغريدته، بالإشارة إلى أن الأسرى "كانوا يأكلون مما يأكل أهل غزة ويشربون مما يشربون حين كان في غزة طعام كان الأسرى، وحين جُوِّعتْ غزة جاعوا".

وأكد أن نتنياهو منذ اليوم الأول يأبه لنفسه ولا يأبه للأسرى ولا لمصلحة الكيان الغاصب كله، وأنه يأبه لمنصبه وكرسيه والتهرب من المحاكمات ولو على حساب زوال إسرائيل القادم لا محالة بإذن الله تعالى وبأسرع مما يظنون ويتوقعون.

ولفت الكاتب سليمان الفهد إلى أن فيديو الأسير دافيد يصدم الإسرائيليين، مؤكدا أن تجويع إسرائيل للفلسطينيين في غزة ينال أسراها.

وأشار إلى أن حالة من الصدمة في إسرائيل سادت بعد تداول فيديو للأسير دافيد نشرته "القسام"، بدا فيه هزيلا للغاية وفي حالة جسدية متدهورة، مع شح الغذاء في غزة جراء الحصار الإسرائيلي.

واستنكر جمول سندي، أنهم يتكلمون وينغز قلوبهم على بضع عشرات من الأسرى الإسرائيليين، بينما يسكتون وينكرون أنه لا يوجد مجاعة في غزة.

ودعا للنظر إلى أكثر من 2 مليون مسلم ومنهم أطفال ونساء وكبار السن ومرضى كلهم يحتاجون إلى غذاء ودواء، متسائلا: "أليس أنتم من حاصرتم غزة ومنعتوا دخول المساعدات الإنسانية؟".

توثيق للجريمة

وتفاعلا مع فيديو الأسير لدى سرايا القدس بارسلافسكي، عرض أحد المدونين، صورته، معلقا عليه بالقول: "هذه الصورة يترجمها الإنسان الطبيعي بأن الجوع في غزة وصل إلى كل شبر حتى الأسرى لم يعد حراسهم لديهم ما يعطوهم ليأكلوا فالجميع أصبح لحما على عظم".

وأشار إلى أن السياسيين يترجمون هذه الصورة بأنها ورقة ضغط تضع نتنياهو و حكومته في ورطة وأن هذا الأسير وباقى الأسرى ربما أيامهم أصبحت معدودة والقرار لكم، بينما يترجمها المتصهينين العرب بأن "حماس تسرق أكل الأسرى".

وأضاف المدون: "ويترجمها اللي مش متصهينين بس بيحترموهم: طالما مش قد انكم تأكلوهم طب ما تطلقوا سراحهم".

ونقلت فاطمة عرفة كلمات الجندي الأسير بارسلافسكي، متهكمة بالقول: "ربما غدا تُفتح المعابر، ويخرج علينا رؤساء العالم يجرمون ما تفعله المقاومة فى حق الأسرى من تجويع.. ويتحفنا حكام السلاطين بفتاوى تقضي بتحريم تجويع الأسرى".

وأوضح هاني أبو حطب، أن ظهور الأسير بارسلافسكي في مقطع الفيديو بهذا الشكل (هزيلا، شاحبا، وقد خسر جزءا كبيرا من وزنه)، هو توثيق جديد لجريمة الحرب الذي يستخدمها الاحتلال ويكشف حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من 2 مليون إنسان في قطاع غزة.

وعد هذا الفيديو رسالة للعالم، ليتحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية، قائلا: "أوقفوا سياسة العقاب الجماعي، أدخلوا الغذاء والدواء فورا إلى غزة، أوقفوا المجاعة الكبرى".

وأعرب أبو حطب، عن خشيته أن "نتنياهو، الذي طالما تَفنَّن في تحويل المحن إلى مِنح وأوراق ضغط سياسية، قد يستخدم هذه الرسالة لخدمة أجنداته وليس لإنهاء المعاناة".

واستنكر أحد المدونين، أن صورة الجندي الأسير التي انتشرت، جن جنون العالم على الأسير لأنه أصبح نحيفا من قله الطعام، ونسي أن في غزة 2 مليون أنحف منه ومات معظمهم بسبب قلة الطعام، واصفا العالم بأنه "ظالم".