شبح ترامب يدفع مليشيات إيران بالعراق للتدافع نحو نزع السلاح.. ما القصة؟

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

ادّعت وكالة “رويترز” أن "أعنف المليشيات الموالية لإيران في العراق والتي تعد من ألدّ أعداء إسرائيل بين المنظمات الإقليمية؛ تستعد لنزع سلاحها لتجنب المواجهة المباشرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإسرائيل".

وتفاعلا مع هذا الادعاء، استعرضت صحيفة "معاريف" العبرية تفاصيل مباحثات جرت أخيرا بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والفصائل الشيعية المدعومة إيرانيا، حول خطوات نزع سلاحها.

كما تناولت الصحيفة موقف الحرس الثوري الإيراني من القرار، واستعرضت وجهات نظر محللين سياسيين بشأن جدية القرار، وإمكانية تنفيذه على أرض الواقع، وتأثيره على النفوذ الإيراني في العراق.

مرحلة متقدمة

صرحت عشرة مصادر رفيعة في العراق، بينهم ستة من كبار قادة المليشيات، بأن “الفصائل الشيعية المسلحة تنوي نزع سلاحها، لأول مرة منذ تأسيسها، لتجنب هجمات شرسة من ترامب في العراق، وربما أيضا من إسرائيل”، بحسب رويترز.

وذكرت المصادر أن "الولايات المتحدة حذرت بغداد من أنها قد تهاجمها جويا، إذا لم تتحرك لتفكيك المليشيات العاملة على أراضيها".

وقال سياسي شيعي كبير مقرب من الحكومة العراقية: إن "المناقشات بين المليشيات والسوداني وصلت إلى مرحلة متقدمة للغاية، وإن الجماعات المسلحة تميل إلى الاستجابة للدعوات الأميركية لنزع السلاح".

وأردف: "لا تتصرف الفصائل بعناد أو تصر على الاستمرار في العمل بالشكل الحالي؛ إنها تدرك تماما أن الولايات المتحدة قد تهاجمها".

وذكرت الوكالة أن قائدا في كتائب حزب الله العراقية، أُجريت معه مقابلة وهو يرتدي قناعا أسود ونظارة شمسية، قال: "ترامب مستعد لجر الحرب معنا إلى مستويات صعبة للغاية، ونحن نعلم ذلك ونريد منع مثل هذا السيناريو".

ونقلت عن أحد زعماء المليشيات قوله: "إذا لم نستجب لنداء رئيس الوزراء العراقي طواعية، فمن الممكن أن  يُفرض علينا ذلك من الخارج". 

من جانب آخر، كشف تقرير "رويترز" أن العديد من قادة المليشيات "عززوا إجراءاتهم الأمنية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، من خلال تغيير أجهزة وأرقام الهواتف، واستبدال المركبات، وتغيير عناوينهم السكنية بشكل متكرر".

وأفاد أيضا بأن بعض المليشيات "أخلت بالفعل العديد من مقراتها، وخففت من وجودها في بعض المدن الكبرى خوفا من الضربات الجوية".

منع الاحتكاك

وبحسب الصحيفة العبرية، فقد جاء قرار المليشيات "تتويجا لجهود طويلة مارسها السوداني منذ أشهر على الفصائل حتى تقلص على الأقل نشاطها، وتجنب تعرض العراق للهجمات العسكرية سواء من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة".

وأضافت: "قبل أسابيع، أفادت الأنباء بأن إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، زار بغداد ودعا قادة المليشيات إلى تقليص وجودهم ونشاطهم في الوقت الحالي، وعدم تنفيذ هجمات خارج حدود العراق".

وأوضحت: "ويقصد بذلك عدم ضرب أهداف إسرائيلية، وعدم زيادة الاحتكاك مع قوات الجيش الأميركي الموجودة في العراق".

وأشارت الصحيفة إلى أن "الحرس الثوري منح القادة العراقيين موافقته لاتخاذهم أي قرار يرونه مناسبا بشكل مستقل، بصفته قرارا من شأنه أن يمنعهم من الانجرار إلى صراع صعب مع الولايات المتحدة وإسرائيل".

ولفت التقرير إلى أن "القادة الكبار الذين أُجريت معهم المقابلات في التقرير ينتمون إلى ميليشيات كتائب حزب الله في العراق وحركة النُجَباء وكتائب سيد الشهداء، وغيرها من التنظيمات، التي سبق أن أعلنت مسؤوليتها عن مئات الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ والقذائف الصاروخية ضد أهداف في إسرائيل، وقواعد للجيش الأميركي في الشرق الأوسط خلال الحرب الدائرة".

تغيير جذري 

وتفاعلا مع القرار، رأى إبراهيم الصميدعي، المستشار السياسي السابق للسوداني، في مقابلة مع تلفزيون عراقي محلي، أن "التطورات تشير إلى تغيير مفاجئ في التوجهات في بلد عانى لسنوات من وجود قوات مسلحة غير نظامية".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تزيد الضغوط على الحكومة العراقية لحل المليشيات، وهناك شعور في واشنطن بأن هناك فرصة حقيقية للتقدم هذه المرة".

وتأتي هذه التطورات عقب مكالمة هاتفية جرت بين وزير الدفاع الأميركي بيت هاسيث ورئيس الوزراء العراقي، في مارس/ آذار 2025، طالب خلالها الأول باتخاذ خطوات لوقف هجمات المليشيات ضد الأهداف الأميركية والإسرائيلية، خاصة منذ استئناف الإبادة في غزة.

من جانبه، أعرب مسؤول أميركي عن تشككه في هذه الخطوة، قائلا: إن "هناك حالات سابقة أوقفت فيها المليشيات هجماتها بسبب الضغوط الأميركية"، لكنه ذكر أنه "يجد صعوبة في تصديق إمكانية استمرار خطوة طويلة الأمد ودائمة".

وأكمل المسؤول العسكري: "من الصعب في الوقت الراهن تحديد مدى إمكانية تحقق هذا الأمر".

وتابع: "ربما تكون هذه محاولة من جانب المليشيات وداعميها الإيرانيين لخفض التوترات في الوقت الحالي، من أجل تجنب الانجرار إلى صراع عنيف في الوقت الراهن، الذي تعيش فيه معظم المنظمات الإرهابية الإيرانية في الشرق الأوسط -حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله والحوثيون- وضعا صعبا للغاية، كما سقط نظام الأسد وحل محله نظام معادٍ لإيران والحرس الثوري".

ويتفق مع هذا الطرح عديد من المحللين السياسيين؛ حيث حذروا من أن "تحقيق نزع السلاح فعليا لا يزال بعيدا، وربما يكون هذا مجرد تصريح يهدف إلى إرضاء المجتمع الدولي، وليس إلى إحداث تغيير كبير على أرض الواقع".

لكن في حال حدوث ذلك وتنفيذه فعليا، ترى الصحيفة العبرية أن ذلك "سيمثل تغييرا جذريا في توازن القوى داخل العراق". 

وتوقعت أن “يؤدي تفكيك هذه القوات إلى تقليص نفوذ إيران في البلاد، وتعزيز الاستقرار الداخلي، وصولا إلى تغيير مسار التحالفات في المنطقة”، على حد زعمها.