دون رصاصة واحدة.. هكذا تسعى أميركا لكسر نفوذ إيران في العراق

يوسف العلي | منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

أثار مشروع قانون أميركي يحمل عنوان "تحرير العراق من هيمنة إيران" العديد من التساؤلات عن تفاصيله، ومدى انعكاسه على الواقع العراقي حال التصويت عليه في الكونغرس خصوصا أن البعض يقارنه بما شرّعه الأميركيون عام 1998 لإنهاء نظام صدام حسين.

صاحب المشروع، هو النائب الجمهوري، جو ويلسون، المعروف بعدائه لإيران ومحورها في المنطقة، وعراب قانون "قيصر" الأميركي الذي فرض عقوبات مشددة عام 2019 على نظام المخلوع بشار الأسد، جراء جرائمه ضد السوريين.

"تحرير العراق"

وفي 3 أبريل/ نيسان 2025، كتب جو ويلسون، على منصة "إكس"، أن المشروع جرى تقديمه بالشراكة مع النائب الجمهوري جيمي بانيتا، ويهدف إلى مواجهة نفوذ طهران في بغداد وتعزيز السيادة العراقية.

بموجب هذا المشروع الذي ينطوي على 8 فصول، تُلزم وزارتي الخارجية والخزانة والوكالة الأميركية بوضع إستراتيجية شاملة خلال 180 يوما لتقليص نفوذ إيران في العراق.

ويتضمن القانون حل المليشيات المرتبطة بإيران وقوات الحشد الشعبي، وإيقاف كل المساعدات الأميركية للعراق المتعّلقة بالأمن حتى إقصاء تلك القوى من الدولة العراقية.

ويحث على دعم المجتمع المدني في العراق، إضافًة إلى مواجهة الدعاية الإيرانية، وكذلك تعزيز عمل الإعلام الأميركي من أجل الكشف عن جرائم المليشيات، وتقديم خطة تنفيذية ضمن مهلة 60 يوما إلى الكونغرس.

ويشمل القانون تصنيف عدد من المليشيات الشيعية على لوائح الإرهاب، وهي: "لواء أبو الفضل العباس، فيلق بدر، حركة النجباء، كتائب الإمام علي، كتائب جند الإمام، كتائب سيد الشهداء، سرايا الجهاد، سرايا الخراساني، قوات الحشد الشعبي، المقاومة الإسلامية في العراق".

وكذلك ينص القانون على تصنيف “كل كيان أو منظمة تعد وكيلا أو مرتبطة أو مملوكة أو خاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني”، على لوائح الإرهاب الأميركية.

ونالت عقوبات مشروع القانون، شخصيات عراقية بارزة، وأدرجوا تحت بند وكلاء ومسهلين للمليشيات المدعومة من إيران التي تزعزع استقرار العراق.

وهم: "رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، قائد فيلق بدر هادي العامري، مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، ورئيس أركان الجيش عبد الأمير رشيد يار الله، ورئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم العميري".

وعلى صعيد مؤسسات الدولة العراقية، تنال عقوبات مشروع القانون الأميركي كلا من: مصرف الرافدين، والشركة العامة لتسويق النفط في العراق (سومو).

مشروع قانون "تحرير العراق من إيران"، الذي يحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يُنتظر تصويت الكونغرس الأميركي عليه، وبعدها توقيع الرئيس دونالد ترامب، حتى يدخل حيز التنفيذ.

"تمرير محتمل"

وعن إمكانية تصويت الكونغرس الأميركي على مشروع القانون، قال الباحث في الشأن العراقي، علي المساري: إنه "من المحتمل أن يجرى تمريره، لكنه لن ينهي الهيمنة الإيرانية بالكامل، وإنما يضعف دورها إلى حد كبير عبر معاقبة وكلائها في العراق، وإبعادهم عن قيادة المشهد السياسي".

وأوضح المساري في حديث لـ"الاستقلال" أن "توافق الحزبين الديمقراطي والجمهوري بخصوص العراق يعيد إلى الأذهان توحدهما ضد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قبل عام 2003".

وأشار إلى أن "توافق الحزبين لا يتعلق بمعاقبة إيران وأذرعها؛ لأنهما متفقين على ذلك، لكن الاتفاق على الصيغة والطريقة هو الغريب، على تقدير أن الديمقراطي يبحث دائما السبل اليسيرة أو الدبلوماسية على العكس من الجمهوري الذي يلجأ للصرامة والحسم في التعامل".

وأردف: "النادر في الموضوع أن الحزبين يتوافقان على اختيار الرئيس الحالي لأداء هذه المهمة (تحرير العراق)، ما يشير إلى أن هناك توجها للمؤسسة الأميركية لإنهاء دور إيران".

وأشار إلى أن الأمر له علاقة بتحجيم إيران في المنطقة كلها، “فبعد تقليص دورها في لبنان وسوريا، جاء الدور اليوم على اليمن والعراق”.

وأردف: “يجرى التعامل عسكريا مع الملف اليمني، لكن العراق بعيد عن الجهد العسكري كونه حليفا للولايات المتحدة التي أسست العملية السياسية في بغداد بعد احتلال البلد عام 2003”.

وتابع أنه "يجرى استئصال إيران بعناية أكبر، بعيدا عن الجهد العسكري، لكن إذا تطلب الأمر تدخلا عسكريا، فستشن واشنطن ضربات مدمرة ضد أذرعها هناك".

وفي السياق ذاته، توقع رئيس المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، غازي فيصل، تمرير القانون في الكونغرس الأميركي، مشددا على أن واشنطن عازمة على تحجيم دور إيران في العراق خلال المرحلة المقبلة.

ونقلت شبكة "الساعة" العراقية عن السكوتي في 7 أبريل، قوله: إن "مشروع القانون سيحظى بمناقشات مطولة في مجلسي النواب والشيوخ قبل التصويت عليه، ومن المتوقع أن يذهب الكونغرس إلى تمريره واعتماده كتشريع ملزم للإدارة الأميركية ومن ثم تقديمه إلى الرئيس ترامب".

وأشار إلى أن "هناك خيارين أمام الرئيس (ترامب) للتعامل مع القانون في حال تمريره في الكونغرس، الأول هو التوقيع عليه واعتماده رسميا من خلال إلزام الجهات التنفيذية الأميركية كوزارتي الخارجية والخزانة لغرض تنفيذه، بينما الخيار الآخر هو استخدام الفيتو ورفض التطبيق".

ولفت إلى أن "الأجواء العامة في الولايات المتحدة ذاهبة نحو فرض العقوبات على إيران وتحجيم دورها في الشرق الأوسط وإنهاء التهديدات التي تشكلها هي وأذرعها للمصالح الأميركية، لا سيما في الخليج العربي والعراق ودول أخرى في الشرق الأوسط".

وأكد فيصل أن "الولايات المتحدة جادة في الوقت الحالي في تحرير العراق من الهيمنة الإيرانية"، مشيرا إلى أنه "حال رضوخ إيران للشروط الأميركية بشأن ملفها النووي، فإن نفوذها وسيطرتها على بغداد أمنيا وعسكريا واقتصاديا وسياسيا ستنتهي بشكل كامل".

"فرصة ثمينة"

وعلى صعيد مضامينه وانعكاسه على واقع العراق في حال إقراره أميركيا، قال انتفاض قنبر، السياسي العراقي المقيم في واشنطن والمقرب من السيناتور الأميركي جو ويلسون، إن "القانون يتكلم عن خطوات عملية مهمة لإصلاح الوضع العراقي".

وأوضح قنبر خلال مقطع فيديو نشره على "إكس" في 5 أبريل، أنه "في حال جرى تمرير القرار في الكونغرس- وهذا متوقع- فإن الرئيس دونالد ترامب لن يتوانى عن توقيعه، لذلك هذه كلها خطوات لتغيير الوضع في العراق، لأنه لا يمكن أن يبقى البلد مستعمرة لإيران".

وأردف: "إذا تخلصنا من إيران فإن الشعب العراقي مسؤول عن النظام الحالي في البلد وليس أميركا، والقانون ليس فيه تحرك عسكري أميركي للإطاحة به، وإنما ينص على دعم الشعب في تحرير نفسه من النفوذ الإيراني الخبيث".

ورأى قنبر أن “العقوبات على مصرف الرافدين (الحكومي)، ستكون كارثية لأنه لن يستطيع بعد ذلك دفع رواتب الموظفين”.

وبين أن معاقبته المحتملة "سببها تورطه في العديد من المخالفات، فطيلة 16 عاما مضت لم تحصل له أي مراجعة مالية؛ لأن مديره حيدر خلخال يرفض ذلك".

وكذلك من أسباب معاقبة مصرف الرافدين المحتملة، وفق السياسي العراقي، هو أنه “أعطى الحشد الشعبي رواتب رغم أنه يضم مليشيات مصنفة على لوائح الإرهاب”.

وهذا إضافة إلى منح قروض إلى شركة المهندس التابعة للحشد بقيمة 2.5 مليار دولار، فضلا عن مساهمته في تهريب الدولار للخارج، وفق قوله.

وفي السياق ذاته، رأت الكاتبة العراقية، ولاء سعيد السامرائي، أن “قانون تحرير العراق من إيران سيكون فرصةً ثمينةً لا يمكن التفريط بها، في حال التصويت عليه وتنفيذه في ثلاثة شهور كما في النصّ”.

وقالت: إن هذه "فرصة يجب استغلالها وتوظيفها سريعا- قبل تدخّل طرف خارجي- من الشعب العراقي الصابر (والمظلوم) منذ أكثر من عشرين عاما".

ودعت الكاتبة خلال مقال نشرته في 7 أبريل، إلى "التحرك جماعيا في مدن العراق كلّها، منذ الآن، وأن يكون شعب ثورة تشرين العظيمة (أكتوبر 2019) الشرارة الأولى لتغيير النظام الولائي الطائفي الفاسد، والتخلّص منه، وإنقاذ العراق".

وشددت السامرائي على ضرورة "استعادة العراق من براثن احتلال غاشم، يعيش على الفتنة الطائفية ويتغذّى من تأجيجها، ويقدّم أبناء الشعب العراقي حطبا لحروبه وخططه التوسعية، وبرامجه الاستيطانية في المنطقة كلّها".