عبر الصومال وصوماليلاند.. هكذا تسعى واشنطن لتغيير موازين الحرب مع الحوثيين

الهدف الحقيقي من ضربات ترامب ضد الحوثيين هو تقويض نفوذ إيران
على مدار عام كامل، لم تفشل الولايات المتحدة الأميركية في القضاء على الحوثيين باليمن فحسب، بل باتت الجماعة "تزداد قوة في أعين الأميركيين".
ومن أجل ذلك، رأى موقع سوهو الصيني أن واشنطن تسعى في الآونة الأخيرة لحصار الحوثيين بطريقة مختلفة وأنها "وجدت ضالتها في الصومال (وأيضا جمهورية أرض الصومال- صوماليلاند) الذي وجَّه ضربة صادمة وقاسية للغاية للجماعة اليمنية".
واستعرض الموقع آخر الضربات المتبادلة بين واشنطن وجماعة الحوثي التي تشن هجمات على السفن الأميركية والإسرائيلية وتلك المتوجهة لإسرائيل إسنادا لقطاع غزة.
ففي الساعات الأولى من يوم 2 أبريل/نيسان 2025، شنت الجماعة هجوما جديدا بالصواريخ والطائرات المسيّرة على مجموعة حاملة الطائرات الأميركية "هاري ترومان".
وجاء الهجوم بعد مرور 24 ساعة فقط على إسقاط الحوثيين لطائرة أميركية مسيّرة من طراز MQ-9 (ريبر) تبلغ قيمتها 218 مليون دولار باستخدام صاروخ مضاد للطائرات.
وفي أقل من يوم، تعرضت الحاملة الأميركية لهجوم جديد، هو الثالث الذي تشنه جماعة الحوثي ضد السفن الحربية الأميركية خلال 24 ساعة فقط.
أفضلية الأرض
وفي الوقت الذي تهاجم فيه جماعة الحوثي حاملة الطائرات الأميركية، كان اليمن بدوره يتعرض لهجمات من الولايات المتحدة؛ إذ شنّت القوات الأميركية في الأول من أبريل 2025، وحده 15 غارة جوية على محافظة صعدة، كما أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصريحات نارية قائلا: "الألم الحقيقي لم يبدأ بعد".
ويرى الموقع أن الهدف الحقيقي من ضربات ترامب ضد الحوثيين هو "تقويض نفوذ إيران في الشرق الأوسط".
ويتحدث عن تمتع الحوثيين بما يمكن تسميته بـ"أفضلية الأرض"، فمعقلهم يقع في جبال اليمن، وهي منطقة لطالما كانت مستنقعا للحروب عبر التاريخ.

وأضاف: "صحيح أن حاملات الطائرات الأميركية تمتلك قدرات هائلة، لكن طائراتها الهجومية تضطر في كل مرة إلى عبور معظم مساحة البحر الأحمر لتنفيذ عملياتها، مما يقيد حمولتها ومعدل طلعاتها".
أما على الجانب الآخر، فيقاتل "الحوثيون في عقر دارهم، ويستخدمون صواريخ رخيصة الثمن لمهاجمة معدات عسكرية أميركية باهظة، وهي معادلة رابحة بكل المقاييس".
وأردف: "ورغم أن اليمن بلد لا تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي من الغذاء فيه 20 بالمئة، واحتياطاته النفطية محدودة للغاية، فإن الحوثيين تمكنوا بدعم من إيران، من تطوير أساليب حرب العصابات إلى مستوى غير مسبوق".
وتابع: "بل إنهم استطاعوا إطلاق صواريخ باليستية استهدفت مطار تل أبيب في إسرائيل، وهو ما أثار قلقا بالغا لدى دول الشرق الأوسط بسبب قدراتهم على تنفيذ ضربات بعيدة المدى".
طعنة عربية
واستدرك الموقع: "لكن هذا الصراع شهد في الأيام الأخيرة نقطة تحول مفصلية، فعندما كان الحوثيون والجيش الأميركي يقاتل بعضهم بعضا، طعنت دولة الصومال الإفريقية الصغيرة الجماعة فجأة في الظهر"؛ إذ "قررت تسليم حقوق التشغيل لقاعدتي بربرة البحرية وبوصاصو ومطار مجاور لهما، بالكامل، إلى الولايات المتحدة".
وأوضح أهمية هاتين القاعدتين قائلا: "لا يبعد الموقعان الإستراتيجيان سوى 200 إلى 300 كيلومتر عن السواحل اليمنية، ما يعني أن الصومال وضعت فعليا مدفع هاون في فناء الحوثيين الخلفي".
ورأى الموقع الصيني أن "هذه الخطوة جاءت قاسية وصادمة؛ فالصومال بانحيازها إلى الولايات المتحدة لا توجه تهديدا عسكريا مباشرا فقط للجماعة، بل تبعث برسائل أعمق تتجاوز ساحات القتال".
وأكد أهمية هذا التحول الإستراتيجي لصالح واشنطن، "فمن الناحية الاقتصادية، كانت الولايات المتحدة في السابق تعتمد على مجموعات حاملة الطائرات في معاركها، وكان ذلك يكلفها يوميا أكثر من عشرة ملايين دولار فقط في الوقود".
واستطرد: "أما الآن، ومع وجود قواعد جوية برية، يمكن لطائرات إف 35 الإقلاع من الصومال والوصول إلى اليمن خلال 20 دقيقة لتنفيذ ضربات جوية، وهو ما خفض التكاليف بنسبة تصل إلى 90 بالمئة".
أما من الناحية الإستراتيجية، يشير الموقع إلى أن "نشر 1300 صاروخ تكتيكي أميركي جديد في الصومال، يعني أن خطوط الإمداد البحرية التابعة للحوثيين باتت مكشوفة بالكامل ضمن شبكة نيران أميركية".
ورأى أن هناك ما هو أخطر من ذلك، "فهذه المواقع لا تبعد كثيرا عن خطوط الشحن البحري الإيرانية، ما يعني أن الولايات المتحدة أصبحت تمسك فعليا بنقطة الضعف الأساسية للحوثيين".
"لكن الأخطر على الإطلاق هو عامل الزمن"، فالحصار لشهر واحد قد لا يكون قاتلا، لكن ماذا لو استقر الوجود الأميركي في الصومال لعشرين عاما؟"
وأشار إلى أن ذلك "يأتي في وقت يعاني فيه اليمن أصلا من ضعف كبير في إمدادات الغذاء والطاقة، ولن يتحمل استنزافا طويل الأمد، وحينها لن يكون القتال هو المشكلة بل سيصبح تأمين لقمة العيش للسكان التحدي الأكبر".
حسابات قديمة
ويفسر الموقع الصيني سبب تأدية الصومال فجأة هذا "الدور الشرير"، فيقول: إن "النظر إلى خريطة نفوذ الدول الأجنبية في مقديشو يوضح سبب إقدامها على هذه الخطوة".
وأردف: "استثمرت الإمارات مبالغ ضخمة في بناء قاعدة بربرة (في جمهورية أرض الصومال). وقد وعدت، رفقة السعودية، الولايات المتحدة باستثمارات تبلغ قيمتها 2.4 تريليون دولار، كما أرسلت تركيا 5000 عنصر من قواتها لمساعدة الحكومة الصومالية في قتال حركة الشباب".
واستطرد: "كل هذه الأطراف لديها حسابات قديمة مع الحوثيين، وترغب في كبح جماحهم في الشرق الأوسط".
وأضاف: "علاوة على ذلك، تسيطر الجماعة على مضيق باب المندب، الذي يعد شريان النفط، ولا تتردد في استهداف المنشآت النفطية السعودية بصواريخها، وكانت قد أوشكت سابقا على إفشال معرض إكسبو دبي".

أما مصر، فهي تعاني بشدة من هجمات الجماعة؛ إذ "تُعد رسوم عبور قناة السويس مصدر دخل أساسيا لها، والآن باتت السفن التجارية تخشى المرور عبر البحر الأحمر، مما يتسبب في خسائر يومية تقدر بمئات الملايين من الدولارات".
ويؤكد الموقع أن العديد من الدول في الشرق الأوسط تشعر بالحماسة مع دخول القوات الأميركية في مواجهة مباشرة مع جماعة الحوثي".
وأضاف: يبدو أن تصريح ترامب القائل بأن “الألم الحقيقي لم يبدأ بعد”، لم يكن مجرد كلام عابر.
إستراتيجية ذكية
أما إيران فقد سبق وصرح ترامب أنه سيحمّلها المسؤولية عن كل صاروخ يطلقه الحوثيون، وأنه إذا لم تجلس إلى طاولة المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، فسيعمل على مهاجمتها ويفرض رسوما جمركية من الدرجة الثانية عليها.
وفي خطوة عملية، نقلت الولايات المتحدة أخيرا 6 طائرات قاذفة B-2 الشبحية إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي؛ حيث تنتظر هذه الطائرات الإشارة لبدء الهجوم على إيران.
وفي مواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في الأول من أبريل 2025، أن "إيران لن تسعى تحت أي ظرف من الظروف لإنتاج أسلحة نووية".
من جهة أخرى، ذكر الموقع أن إيران قدمت كذلك شكوى إلى مجلس الأمن ضد الولايات المتحدة، محذرة من أن طهران تراقب عن كثب التحركات في جزيرة دييغو غارسيا، وأنها ستمنع أي هجوم أميركي على الفور.
من جانبه، رد علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بقوة على تهديدات الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن إيران "لا تسعى إلى امتلاك الأسلحة النووية".

واستدرك: "لكن إذا تعرضنا لهجوم، فلن يكون لدينا خيار آخر، وعندها سيتعين علينا اتخاذ قرارات مختلفة بشأن البرنامج النووي".
ورأى الموقع أن هذه التصريحات "توضح بشكل جلي نية إيران في الرد بشكل قوي إذا تعرضت لتهديد، وهي بذلك تشير إلى استعدادها لاستخدام السلاح النووي إذا لزم الأمر، ولا شك أن هذه الإستراتيجية الإيرانية ذكية للغاية".
وأوضح أن "رد إيران على الولايات المتحدة ليس مجرد تهديد نووي، بل في الواقع محاولة لتمرير رسالة دبلوماسية بذكاء".
وتابع: "فالقضية النووية دائما ما تكون موضوعا حساسا، وعندما تنتشر أخبار عن تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 90 بالمئة، فإن ذلك يثير إنذارا في مجلس الأمن".
ورأى أن "الهدف من الرسائل الإيرانية الثقيلة هو منح المجتمع الدولي سببا للتدخل والوساطة في النزاع بين الولايات المتحدة وإيران، وبالتالي كبح الطموحات الإستراتيجية الأميركية".