صحيفة إسبانية: إيران تمتلك المادة النووية لصنع قنبلة.. وهذا ما ينقصها
يرى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي، أنه لا توجد إمكانية للعودة لاتفاقية 2015، ويدعو إلى إزالة عمليات التفتيش من المفاوضات.
تجنب غروسي، للتو أزمة جديدة مع إيران من خلال التوصل في فبراير/شباط 2021، إلى التزام يقضي بتمديد الوقت لإعادة العمل بالاتفاقية النووية.
ووقعت إيران والقوى العظمى تلك الاتفاقية في 2015، لكن الولايات المتحدة تخلت عنها بعد ثلاث سنوات.
وخلال حوار صحيفة البايس الإسبانية معه، يقول غروسي: "تمتلك إيران بالفعل ما يكفي من المواد لصنع قنبلة، لكن الحصول على سلاح نووي يتطلب أكثر من ذلك".
وأوردت الصحيفة أن الدبلوماسي الأرجنتيني غروسي، يعترف بأنه يخصص "الكثير" من الوقت للعمل على القضية الإيرانية.
وجهان للوكالة
في الآن ذاته، يسلط غروسي الضوء على "العمل الهائل" للوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة الدعم الذي قدمته خلال انتشار وباء كورونا العالمي إلى 128 دولة، من خلال مدهم بالتكنولوجيا والمعدات لإجراء اختبارات المسح التي "تعتمد على التكنولوجيا النووية".
ويوضح المسؤول خلال محادثة عبر الهاتف من مقره الرئيس في فيينا، قائلا: "إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لها وجهان".
أولا، وجه إستراتيجي وسياسي، والقضية الإيرانية، وكوريا الشمالية، والأسلحة النووية، والسعي إلى عدم انتشار الأسلحة النووية. وآخر، وهو أكثر ما يهم الغالبية العظمى من الدول الأعضاء، وهو التعاون الفني.
وتحدثت الصحيفة عن الخطوة المهمة التي اتخذها غروسي، وتمثلت في التمكن من دعوة الولايات المتحدة وإيران لاستعادة الاتفاق النووي.
وتعليقا على الجهة التي يجب أن تتخذ خطوة العودة إلى الاتفاق أولا؛ قال غروسي متسائلا: "من عليه أن يتخذ الخطوة الأولى؟ من ترك الصفقة أم من بقي ولكن في وضع مثقل بالمشاكل؟ أعتقد أن على الجميع اتخاذ خطوات، وعليهم أن يفعلوا ذلك بسرعة".
وواصل غروسي: "من جهتنا، نحاول إعطاء مجالا للدبلوماسية للعمل. ولهذه الغاية، تمكننا من التفاوض بشكل جدي في إيران خلال بداية السنة للحفاظ على بعض الترتيبات الدنيا لعمليات التفتيش.
في جميع الأحوال، لا توجد إمكانية للعودة الخطية والتلقائية لاتفاقية 2015، لأن الكثير من الجوانب خرجت عن السيطرة. في الواقع، لقد عملت إيران على تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى بكثير مما يسمح به الاتفاق.
وأضافت الصحيفة أن الزيادة في قدرة إيران على التخصيب جعلت بعض جيرانها يحذرون من أنه سيكون لديها قريبا ما يكفي من المواد لصنع قنبلة ذرية.
وتعليقا على هذا الجانب، قال غروسي: "نحن نقدم تقارير منتظمة إلى مجلس المحافظين التابع للوكالة".
وتجدر الإشارة إلى أن إيران قريبة جدا بالفعل من الحد الأدنى من كمية المواد النووية، التي لا يمكن استبعاد إمكانية استخدامها لصنع قنبلة؛ هذا في حال عدم امتلاكها بالفعل.
لكن هذا في حد ذاته لا يمثل خطرا، إنها معلومة مهمة. وعموما، يتطلب الحصول على سلاح نووي أكثر من ذلك، وفق قوله.
وأضاف: "في الواقع، هناك مواد لصنع القنابل في العديد من البلدان في أوروبا، أو في اليابان، وهذا لا يعني تلقائيا أن هناك تطورا في الحرب.
في حالة إيران، نظرا لكونها دولة انتهكت التزاماتها في مناسبات مختلفة في الماضي، فإن هذا يأخذ طابعا خاصا.
وعموما، يميل الإيرانيون أنفسهم ضمنيا إلى هذه الديناميكية منذ اللحظة التي يريدون فيها إثراء المزيد من اليورانيوم المخصب. لكن، من المهم أن يكون هناك حضور دولي لمعرفة ما يحدث".
الاتفاق النووي
وفي سؤال الصحيفة عن أي مدى يستحق الأمر العودة إلى الاتفاقية النووية الحالية، وهل توجد حاجة إلى اتفاقية جديدة؛ صرح المسؤول قائلا: "عكست هذه الاتفاقية إرادة الطرفين في وقت ما وسمحت بمستوى كبير من عمليات التفتيش، والتي تم تقليصها الآن بشكل كبير".
عموما، فإن إطار وشروط الاتفاقية يجب أن يحددها المشاركون. من المهم ألا يوجد تطور للحرب، وألا تعمل إيران على التخصيب بمستويات عالية، وألا تصنع سلاحا نوويا.
وتابع: "ما أحتاجه لأمنح المجتمع الدولي تلك الضمانات، هو ضمان وصول المفتشين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى ما يحتاجون إليه. خلافا لذلك، فإنه مستحيل… وهذا ما يقلقني".
وحول سؤال الصحيفة عن حقيقة استخدام إيران لوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعمليات التفتيش، كورقة مساومة في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة؛ أجاب غروسي أنه "في الواقع كان هذا هو الحال".
وقال المسؤول الدولي ذلك رغم عدم علمه بالنوايا، لأنه من الواضح أن القدرة على التفتيش أو عدمه تم تضمينها في خطة العمل المشترك الشاملة، الاسم الرسمي للاتفاق النووي، ويمكن لإيران استخدام هذا كعملة للمساومة.
وأردف: "طلبت من كل من الإيرانيين والأطراف الأخرى في الاتفاقية عدم إدراج عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قائمة المفاوضات؛ حيث لا يمكن أن تكون عمليات التفتيش مكافأة أو عقوبة، لكنها القاعدة التي لا غنى عنها والتي يمكن أن تبنى عليها اتفاقية".
وأشارت الصحيفة إلى أن المملكة المتحدة أعلنت أنها ستزيد من ترسانتها النووية بنسبة 40 بالمئة. وتساءلت عن حقيقة إثارة هذا الجانب مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
من جهته، أجاب غروسي أنه: "من حيث المبدأ لا، ولكن بشكل عام نعم. الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست هيئة نزع السلاح، لكنها هيئة لمنع انتشاره".
وواصل: "من جانب آخر، تعتبر المملكة المتحدة واحدة من الدول الخمس المعترف بها في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لأنه عند توقيعها كان لديهم بالفعل أسلحة نووية وبالتالي يتم التخطيط لامتلاكها".
لكن المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية تنص على أنه يتعين على كل من يمتلك تلك الأسلحة اتخاذ خطوات نحو نزع السلاح النووي. ويقول "إنه التزام من جميع البلدان، بما في ذلك المملكة المتحدة".
وأضافت الصحيفة أنه إلى جانب خطر الانتشار، فإن الطاقة النووية هي أيضا مثيرة للجدل في العديد من البلدان. ومع ذلك، يدافع غروسي عن إمكانية أن تكون بديلا لتحدي تغير المناخ.
في هذا المعنى، قال المسؤول الدولي: "إنها مسألة مصلحة اجتماعية، إنها ليست فكرتي". وعموما، تلعب الطاقة النووية دورا اليوم في مواجهة تغير المناخ: فهي تمثل 10 أو 12 بالمئة من الطاقة في العالم وثلث الطاقة النظيفة.
في الواقع، أدركت اللجنة الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي ليست بالضبط مجموعة من جماعات الضغط النووي، أنه بدون مساهمة الطاقة النووية، فإن إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي أمر مستحيل عمليا,
وواصل مفسرا: "في البلدان التي لديها اعتماد أكبر على الفحم وانبعاث أكبر لغازات الاحتباس الحراري، مثل الصين والهند، فإنهم يرون أن الطاقة النووية بديلا لا غنى عنه". وأضاف: أجد أنه من المفارقات أن بعض الناس يعارضونها لأسباب ليست علمية أو تقنية بل أيديولوجية.
هناك مشكلة خطيرة تتعلق بالسمعة لا ينبغي التقليل من شأنها أو إنكارها في القطاع النووي. أما ما هو مطلوب، وهناك أيضا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هو أن تعمل الصناعة النووية بأمان.