بينها الاغتيالات.. سيناريوهات نتنياهو لإجبار ترامب على بدء الحرب ضد إيران

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تدعي وسائل إعلام إسرائيلية أن سيناريو اغتيال قائد القوات الجوية للحرس الثوري الإيراني قد يفتح الباب أمام إسرائيل لضرب البرنامج النووي لطهران.

وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، نقلا عن مصادر بحثية، أنه في ظل قلق إسرائيل من احتمال إقدام إدارة دونالد ترامب على توقيع اتفاق نووي ضعيف مع إيران، فإن هناك بعض السيناريوهات التي قد تجنبها ذلك.

أحدها يتمثل في تنفيذ عملية محتملة للموساد تهدف إلى اغتيال المسؤول الإيراني البارز الذي أمر بإطلاق 400 صاروخ باليستي على إسرائيل في عام 2024.

استفزاز إيران

وبحسب الصحيفة، فالغرض من هذا السيناريو هو استفزاز إيران لشن هجوم مباشر جديد على إسرائيل، والذي يمكن استخدامه كأساس لشن ضربة واسعة النطاق على المنشآت النووية الإيرانية، حتى بعد إبرام اتفاق نووي جديد مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

وكان العميد أمير علي حاجي زادة، قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإسلامي، قد أعلن عن دوره في محاولة إلحاق الضرر بإسرائيل، في جولات متعددة من الهجمات عليها بحوالي 400 صاروخ باليستي عام 2024.

حتى إن عددا من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين ناقشوا اغتياله في أكتوبر/تشرين الأول 2024 كرد محتمل على الهجوم المباشر الثاني لطهران، لكن إسرائيل اكتفت في النهاية بتدمير قدرات إيران في الدفاع الجوي وإنتاج الصواريخ الباليستية.

وأضافت الصحيفة العبرية أن "على الرغم من فشل حاجي زاده في قتل إسرائيليين، إلا أن ذلك لم يكن إلا بفضل جهود دفاع جوي هائلة بذلتها الولايات المتحدة وإسرائيل والعديد من الحلفاء الآخرين".

وبالطبع، لا يزال هناك أمل في إقناع إدارة ترامب إما بالمطالبة باتفاق يقطع الطريق فعليا على آيات الله للحصول على قنبلة نووية، أو بمواصلة حملة الضغط القصوى الحالية، وفقا لما صرّح به ديفيد أولبرايت، رئيس "معهد العلوم والأمن الدولي"، لـ "جيروزاليم بوست".

وبحسب أولبرايت، "للمرة الأولى منذ سنوات، تؤتي سياسة الضغط الأقصى أُكلها، وهناك مجال لتكثيفها أكثر، علاوة على ذلك، بات الخيار العسكري معقولا، ذلك أن النظام الإيراني يواجه احتمال الانهيار".

وقال: "بدون تنازلات تتجاوز تلك التي قدمتها إيران في الاتفاق السابق، من الأفضل مواصلة حملة الضغط وتصعيدها".

وأضاف: "إذا رفض النظام الإيراني تقديم هذه التنازلات، فمن المنطقي تنفيذ ضربات دقيقة لتدمير الأصول والقدرات النووية الرئيسة، وربما استهداف بعض القادة أيضا".

"هذا مع التهديد بتدمير ما هو أكثر بكثير، كالأهداف الاقتصادية وقيادات النظام، في حال سعى إلى إعادة بناء منشآته النووية أو بدأ بتصنيع سلاح نووي".

ضمانات ترامب

بدوره، أكد الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، يعقوب ناجل، أن ترامب ينبغي ألا يتعمق في المفاوضات مع إيران -كما يبدو أنه يفعل الآن- ما لم يضمن أولا معظم التنازلات المطلوبة لإنهاء برنامجها النووي.

وبناءً على ذلك، اتفق كلٌّ من ناجل، وهو حاليا زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، وأولبرايت، على أن المفتاح يكمن في صياغة العملية على أنها تسليم إيران لبرنامجها النووي.

هذا مع التركيز بشكل أكبر على تفاصيل التفاوض بشأن توقيت تفكيك البرنامج وتخفيف العقوبات على إيران بعد امتثالها.

وتساءلت الصحيفة: لكن ماذا لو مضى ترامب قدما في إبرام اتفاق يصوّره على أنه أفضل من اتفاق عام 2015، ويتضمن بالفعل بعض المكاسب، لكنه يترك في الوقت ذاته عددا كبيرا من الثغرات لدولة باتت أقرب من أي وقت مضى إلى تخطي العتبة النووية؟

وحذر ناجل من أن التوجه الحالي لترامب يبدو وكأنه يسير نحو نموذج اتفاق نووي يقوم على "تنازلات محدودة مقابل مكاسب محدودة"، موضحا أن "النية هي اتخاذ تدابير مؤقتة لبناء الثقة".

وقال ناجل: "بعض اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة سيُخفف مقابل تخفيف جزئي للعقوبات"، وهو ما يعني التخلي عن معظم نفوذ أميركا على إيران، دون حتى العودة إلى اتفاق ضعيف على الاتفاق السابق.

وكرر المسؤول الإسرائيلي السابق تحذيره قائلا: "إذا جرت الأمور على هذا النحو، فستتلاشى فرصة إسرائيل للهجوم، وعندها ستصبح إيران أقوى مجددا".

وسُئل ناجل حول التنازلات النظرية التي قد يسعى ترامب للحصول عليها من إيران، والتي لن تؤدي إلى إنهاء البرنامج النووي، مثل إغلاق أو تدمير المنشأة النووية تحت الأرض في فوردو.

فأجاب قائلا: "فوردو لا تشكل أهمية، حتى إذا دمروا المنشأة الآن، فلن يكون لذلك أي قيمة، بل حتى تدمير نطنز [أكبر منشأة نووية في إيران] لن يكون له أي فائدة".

وشرح ناجل جميع الطرق الأخرى التي يمكن لإيران من خلالها التقدم نحو امتلاك سلاح نووي حتى بدون فوردو ونطنز، قائلا: "لديهم حوالي 275 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، ولديهم منشآت تحت الأرض، وأجهزة طرد مركزي متطورة تُخصب بمعدل يفوق 10 أضعاف الأجهزة القديمة".

وأفاد بأن "كل ما يحتاجونه هو 500 جهاز طرد مركزي متطور، ومجموعة أسلحتهم، وبعض الصواريخ، وبالتأكيد سيصلون في النهاية إلى سلاح نووي".

وعندما سُئل عن التنازلات المؤقتة -باستثناء إنهاء البرنامج النووي، وهو ما تريده إسرائيل- التي قد تُعيق طهران إلى حد ما، أجاب: "على الأقل إذا خفّضوا تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة (275 كيلوغراما)، فسنحصل على فترة سماح لبضعة أشهر حتى يتمكنوا من إعادة تخصيبه إلى مستويات عالية".

لكن في النهاية لن يكون ذلك كافيا لإسرائيل والغرب للبقاء في مأمن من التهديد النووي الإيراني المحتمل، وفق تأكيد المسؤول الإسرائيلي السابق.

تدمير أجهزة الطرد

ووفقا أولبرايت، فإن أهم التنازلات التي يحتاجها ترامب من إيران لإحداث أي تغيير حقيقي في قدرتها على امتلاك أسلحة نووية هو "تدمير أجهزة الطرد المركزي الزائدة، وتخفيف كل مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20 و60 بالمئة".

هذا فضلا عن "إظهار تعاون حقيقي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإحراز تقدم في قضايا المواد النووية غير المعلنة والأنشطة السرية، وذلك قبل تقديم أي تخفيف للعقوبات".

بعد تنفيذ تلك الإجراءات، يرى أولبرايت ضرورة أن يضغط ترامب بقوة لإغلاق منشأة فوردو والعودة إلى القيود الأولية وآليات الرقابة التي نص عليها الاتفاق النووي لعام 2015، ولكن لمدة عشرين عاما بدلا من عشر سنوات.

كما يوصي بأن يطالب ترامب بـ"التصديق على البروتوكول الإضافي والملحق 3.1، مع إظهار تعاون فعلي، كالسماح بالوصول إلى شخصيات أساسية ومعلومات مرتبطة بخطة آماد".

وكانت خطة "آماد" الاسم الرمزي الذي استخدمته إيران لوصف برنامجها النووي السري من عام 1999 إلى عام 2003، قبل اكتشافه من قبل الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأميركية.

علاوة على ذلك، قال أولبرايت: إنه لا ينبغي تمديد القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني لمدة 20 عاما فحسب، بل ينبغي أيضا استمرار التهديد بإعادة فرض العقوبات العالمية.

وتشبه صيغة ناغل لنزع السلاح النووي الدائم من إيران تلك التي طرحها أولبرايت، إذ تقوم على القضاء الكامل على أي أثر لعمليات تخصيب اليورانيوم، وإزالة كل ما يتعلق بتطوير الأسلحة النووية، إضافة إلى تفكيك برنامج الصواريخ الباليستية، خصوصا فيما يتصل بإمكانية تهيئته لحمل رؤوس نووية.

كذلك، فإن الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، مائير بن شبات، لديه موقف مماثل يدعو إلى القضاء التام على البرنامج النووي الإيراني.

وبعد كل هذا، رأى ناجل أن السيناريو الأكثر تعقيدا سيكون إذا اضطرت إسرائيل إلى التحرك، لكن ترامب قال ببساطة: “لا تتحركوا”، لا بصفته رفضا أو إحجاما عن الموافقة، بل كطلب مباشر بعدم شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.