لماذا تمنع الجزائر العملات المشفرة؟

"الجزائر تخاطر بعزل نفسها ماليا ورقميا"
في خطوة وُصفت بأنها "صادمة" وتسير عكس التوجهات العالمية، أقدمت الجزائر على حظر شامل للعملات المشفرة؛ حيث منعت استخدامها وشراءها وبيعها وحتى حيازتها أو الترويج لها، فضلا عن أنشطة التعدين المرتبطة بتقنية "البلوكشين".
وأوضحت السلطات الجزائرية أن هذا القرار يندرج ضمن إستراتيجيتها لمحاربة "غسل الأموال وتمويل الإرهاب"، بعد أن أُدرجت مادة جديدة (6 مكرر) في القانون رقم 25-10 تجرم التعامل بالأصول الرقمية.
وحسب تقرير نشرته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، فقد أثار هذا التوجه، الذي يفضل المنع التام على التنظيم، انتقادات واسعة، خصوصا أنه لا يقتصر على الأفراد، بل يشمل الشركات الناشئة ورواد التكنولوجيا المالية الذين كانوا يراهنون على استخدامات بديلة للبلوكشين في الدفع والاستثمار.
ويرى مراقبون أن الجزائر تخاطر بعزل نفسها ماليا ورقميا في وقت تنخرط فيه عدة دول إفريقية في عالم العملات الرقمية.
عكس التيار
ففي نهاية يوليو/ تموز 2025، أصدرت السلطات الجزائرية قانونا يقضي بمنع إصدار أو تداول العملات الرقمية والأصول الافتراضية، وهو ما أثار ضجة بين الجزائريين، وكذلك بين المتخصصين الذين انقسموا بشأنه.
جدير بالذكر أن المنع جاء بموجب المادة 6 مكرر من قانون مكافحة تبييض الأموال الصادر في الجريدة الرسمية.
ويشمل هذا المنع إصدار أو شراء أو بيع أو استعمال أو حيازة أو الاتجار أو الترويج لأي أصول افتراضية، إلى جانب منع إنشاء أو تشغيل أي منصات مخصصة لتداولها، بصفتها ممتلكات أو عائدات أو أموالا أو أصولا أخرى ذات قيمة مالية.
كما تحدث النص القانوني عن أن "الأصول الافتراضية، بما في ذلك العملات الرقمية، لا يجوز استخدامها كوسيلة للدفع أو الاعتراف بها كعملة أو كوسيلة استثمار".
وخلافا للاتجاه الرقمي العالمي، تعد الجزائر من الدول القليلة التي تحظر بيتكوين، مما قد يعرّضها للتهميش.
وفي هذا السياق، قالت "جون أفريك": إن "هذا القرار يبدو جذريا ويسبح عكس التيار، غير أن الهدف المعلن لا يقبل الجدل".
وذكرت أنه "في الوقت الذي تستكشف فيه دول عديدة آليات مبتكرة لتنظيم التمويل الرقمي من أجل الاستفادة من الفرص التكنولوجية، تختار الجزائر إقصاء العملات الافتراضية، بدعوى إمكانية تتبع التدفقات المالية ومكافحة الاستخدامات غير المشروعة للعملات".
تهميش وعزلة
ولفتت المجلة إلى أن "الحظر الذي كان يمكن أن يقتصر على الأفراد، يمتد بلا تمييز لجميع الفاعلين في التحولات الاقتصادية، مثل روَّاد الأعمال في الشركات الناشئة أو الباحثين في مجال التكنولوجيا المالية، الذين يدرسون حلولا بديلة للدفع والاستثمار في إطار استخدام سيادي لتقنية البلوكشين".
وأشارت بعض الأوساط إلى أن "الجزائر لم تستثمر بدلا من ذلك في تجربة وضع أطر تنظيمية لتقنين الأصول المشفرة".
وفي ظل رواج الأصول الرقمية على الصعيد العالمي وازدهارها الذي يتجاوز الضجة الأولية، تساءلت المجلة الفرنسية عما إن كانت الجزائر التي وصفتها بأنها "تحكم قبضتها"، تهمش نفسها في هذا القطاع الناشئ وتسهم بذلك في عزلتها الرقمية والمالية؟
وتابعت: "صحيح أن تأثير إفريقيا على سوق العملات الرقمية المتداولة عالميا محدود، إلا أن بعض دول القارة السمراء تنخرط فيه بقوة".
وأوضحت أن "نيجيريا، في النصف الثاني من عام 2023، أصبحت ثاني مستخدم للعملات المشفرة في العالم".
ولفتت إلى أن "العديد من النيجيريين يعدون البيتكوين بمثابة ملاذ آمن".
وأشارت كذلك إلى أن "بعض السلطات الإفريقية سارت في ركب الرقمنة، مثل سلطات جمهورية إفريقيا الوسطى التي اعتمدت منذ عام 2022 البيتكوين كعملة رسمية".
واختتمت: "في المقابل، ظل قادة آخرون متحفظين وحذرين، مثل مسؤولي البنك المركزي في زيمبابوي الذين حظروا عام 2022 تداول الأصول المشفرة".