عبر السودان وليبيا ومصر.. ما حقيقة الطريق الجديد لتهريب الأسلحة الإيرانية لحزب الله؟

منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

توقف إعلام عبري عند مزاعم بشأن ثلاث دول إفريقية أضحت مسارات محتملة تديرها إيران لصالح “حزب الله”، بهدف إعادة إحياء شبكة تهريب الأسلحة والأموال إلى لبنان. 

وأبرزت صحيفة “معاريف” ليبيا كخيار إستراتيجي لطهران، في ضوء عدة عوامل داخلية وإقليمية، وعلى رأسها الانقسام القائم بين الشرق الذي يسيطر عليه الانقلابي خليفة حفتر المدعوم من روسيا، والغرب الذي تسيره حكومة معترف بها دوليا.

كما تناولت مساعي إيران تعزيز نفوذها في السودان، من خلال التعاون العسكري مع الجيش، وانعكاسات ذلك على مستقبل صراعها مع إسرائيل، بالإضافة إلى مصر وصحرائها الشاسعة.

إعادة حسابات

وقالت الصحيفة العبرية: "في ظل انهيار الممر الإيراني التقليدي، الذي كان يمر عبر العراق وسوريا، يحاول حزب الله بدعم من إيران في استمرار تجديد مسارات تهريب الأسلحة والأموال إلى لبنان".

وأردفت: "اتخذ الإيرانيون بعد الحرب، قرارا إستراتيجيا بمواصلة دعم حزب الله واستثمار موارد متجددة في جهود تعزيز وإعادة بناء التنظيم". 

وأشارت إلى أن "مستشارين إيرانيين من الحرس الثوري وصلوا إلى لبنان بعد الحرب، ويعملون حاليا عن كثب مع عناصر حزب الله في إطار إعادة بناء قوة التنظيم، خاصة في الجوانب العسكرية، إضافة للجوانب المدنية".

ولفتت كذلك إلى أن الإيرانيين وحزب الله "باتوا يواجهون اليوم تحديات وصعوبات كثيرة في عملية إعادة بناء القوة والتعافي".

ومن وجهة نظر الصحيفة، فإن أحد التحديات الرئيسة هو انهيار الممر الإيراني، الذي كان يمر عبر العراق وسوريا إلى لبنان.

وأوضحت أن "هذا الممر كان يعد بمثابة بنية تحتية إستراتيجية إيرانية، تهدف إلى تعزيز المحور الشيعي في العراق وسوريا ولبنان من الناحية العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والأيديولوجية، لكن حاليا هذه البنية تعطّلت وانهارت بعد سقوط نظام بشار الأسد".

وأضافت الصحيفة: "من أجل مواصلة دعم حزب الله، خاصة من الناحية الاقتصادية والعسكرية، كان على الإيرانيين إعادة التفكير في المسار".

وأردفت: "يبدو أنهم، بالتعاون مع حزب الله، بدأوا في إنشاء مسارات بديلة لممر جديد لنقل الأموال والأسلحة".

ووفق قولها، "فبعض هذه المسارات استُخدم سابقا، ولدى الإيرانيين معرفة وخبرة مسبقة بها، إضافة إلى المعرفة والخبرة الكبيرة التي تراكمت من تشغيل الممر الإيراني الأصلي، الذي امتد لأكثر من 1800 كيلومتر عبر العراق وسوريا إلى لبنان".

وقدّرت الصحيفة أن "هناك عدة خيارات أمام الإيرانيين اليوم، فإما أن يتم التهريب عبر الطريق البحري المباشر، أو الطريق البحري المشترك".

وأوضحت أن “الطريق البحري المباشر ينطلق من إيران، ويمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس، ويخرج إلى البحر الأبيض المتوسط ومنه مباشرة إلى لبنان”.

وأكملت: "أما الطريق البحري المشترك (بحر-بر-بحر)، فإنه يتضمن طريقا بحريا من إيران إلى السودان، ومن السودان برا إلى ليبيا أو مصر، ثم إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، عبر ليبيا أو مصر، وصولا إلى لبنان".

فوضى وخيارات

وادعت الصحيفة أن "إيران نجحت في استغلال الفوضى في السودان بشكل جيد، لتعزيز تدخلها ونفوذها في البلاد". 

وتابعت: "فبعد انقطاع دام عدة سنوات، عادت العلاقات الدبلوماسية بين طهران والخرطوم إلى طبيعتها بشكل كامل، بعد أن كانت السودان قطعت علاقتها مع إيران، تضامنا مع السعودية".

وبحسب "معاريف"، فقد كان "من المفترض أن تذهب جهود تحسين العلاقات السودانية الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، ولكن اندلاع الحرب في السودان أدى إلى وقف التطبيع".

ووفقا لتقديرات مركز "ألما" للدراسات الإسرائيلي، "ازداد الاهتمام الإيراني بالسودان في ضوء إغلاق الممر البري والجوي والبحري عبر سوريا، والضرر الإستراتيجي الجسيم الذي لحق بالنشاط والنفوذ الإيراني في سوريا نتيجة لذلك".

ورأى أن إيران "تسعى لإحياء الخيار السوداني كممر بديل إلى لبنان، على غرار الاستخدام السابق -قبل 15 عاما- للجغرافية السودانية كمجال مهم لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة".

في المقابل، زعمت الصحيفة العبرية أن "السودانيين أكدوا للحرس الثوري أنهم لن يوافقوا على إنشاء ميناء بحري إيراني داخل الأراضي السودانية، كما أنهم شددوا على أنه لا مكان لممثلي الحرس الثوري أو فيلق القدس في الصراعات الداخلية".

واستدركت: "لكن الإيرانيين لا يكترثون كثيرا طالما سيكون لهم وجود على أي حال داخل السودان، وتحديدا في منطقة البحر الأحمر، من أجل الحفاظ على خيار إستراتيجي مفتوح في مواجهة إسرائيل".

وقالت معاريف: “بعد السودان، يمكن لإيران استخدام مجالين جغرافيين لدولتين: ليبيا ومصر؛ حيث كان محور التهريب الرئيس لنقل الأسلحة إلى قطاع غزة في الماضي يتم من إيران عبر السودان، ثم إلى سيناء، ومنها عبر رفح المصرية (محور فيلادلفيا) إلى قطاع غزة، سواء عبر الأنفاق أو عبر المعابر البرية”.

واستطردت: "بهذه الطريقة، هرّب الإيرانيون إلى قطاع غزة مئات الصواريخ، ومئات قنابل الهاون، وعشرات الصواريخ المضادة للدبابات، وأطنان من المتفجرات".

وتابعت: “وقد ساعدت الحدود بين مصر والسودان على هذا الطريق، فطول الحدود بين البلدين يتجاوز 1200 كيلومتر، ومعظمها غير خاضع للمراقبة”.

وذكرت الصحيفة أنه "بالإضافة إلى ذلك، معظم الأراضي المصرية صحراء قاحلة، يمكن التنقل فيها بمساعدة شبكات تهريب إجرامية محلية نحو ساحل البحر المتوسط وتحميل الأسلحة على السفن".

واسترسلت: “وهو ما يُبرر مساعي سيطرة إسرائيل بشكل كامل على منطقة محور فيلادلفيا، لمنع أي محاولة إيرانية مستقبلية لتجديد تهريب الأسلحة إلى حركة حماس، أو منظمات أخرى، في قطاع غزة”.

مع ذلك، تعتقد الصحيفة أن "الخيار المصري عبر البر نحو البحر المتوسط، ومنه بواسطة سفينة إلى لبنان لم يعد اليوم ممكنا ومناسبا".

خريطة السيطرة

من زاوية أخرى، ذكرت "معاريف" أن "إيران ترى في المجال الجغرافي الليبي بيئة أكثر ملاءمة لنشاطها التهريبي، وقد يحدد الإيرانيون هذا الخيار كبديل مفضل عن الخيار المصري".

وتابعت: "فالحدود المشتركة بين السودان وليبيا، التي يبلغ طولها حوالي 450 كيلومترا، غير خاضعة للمراقبة في معظمها، كما أن معظم أراضي التنقل في ليبيا، من الحدود مع السودان نحو البحر المتوسط، هي أراض قاحلة وغير خاضعة للمراقبة، تماما كما هو الوضع في مصر"، "غير أن ليبيا تكتسب ميزة إضافية من منظور طهران؛ حيث يسيطر حفتر على شرق ووسط ليبيا، وهي منطقة محتملة لمسار التهريب الإيراني"، وفق الصحيفة.

وتعتقد أنه "إذا نفذ الإيرانيون مسارات تهريب عبر ليبيا، فمن المرجح، وفقا لخريطة السيطرة على الأرض في البلاد، أن تكون في منطقة تحت نفوذ قوات حفتر، التي تسيطر أيضا على جزء من الحدود مع السودان".

وأضافت: "على سبيل المثال، يمكن للإيرانيين التنقل من حدود السودان-ليبيا إلى منطقة الجوف-الكفرة في جنوب شرق ليبيا، ومن هناك مباشرة نحو منطقة أجدابيا، قرب الساحل الليبي، جنوب غرب بنغازي".

وترى "معاريف" أنه "من الصعب تجاهل تداخل المصالح المحتمل في ليبيا، فحفتر يتلقى دعما من الروس الذين تدعمهم طهران بالأسلحة الإيرانية في الحرب ضد أوكرانيا، كما أن الأراضي الليبية منقسمة، وهي أقل استقرارا بكثير من مصر من جميع النواحي، سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا".

وأردفت: "عدم الاستقرار هو حالة مثالية للإيرانيين لإنشاء موطئ قدم، سيكون من الأسهل للإيرانيين العمل على الأراضي الليبية مقارنة بالأراضي المصرية".

واسترسلت الصحيفة: "في إدارة المخاطر، يفضل الإيرانيون أن يُكشفوا في ليبيا بدلا من مصر، فعلى الأرجح، سيكون الضرر الناتج عن كشفهم في ليبيا أقل ضررا من كشفهم في مصر".