ترامب سيفرش له السجاد الأحمر.. ما دلالات زيارة بن غفير إلى واشنطن؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

قلة من الساسة الأميركيين يمكنهم مجاراة النائب ريتشي توريس (ديمقراطي عن نيويورك) في حماسته اللافتة لدعم الكيان الإسرائيلي.

فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كرّس توريس جهوده للدفاع عن إسرائيل ومهاجمة منتقدي إبادتها للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حتى بات يُلقب بأنه "صوت إسرائيل العالي في الكونغرس".

وقد حظيت مواقفه بإشادة كبيرة من الكيان؛ إذ قال وزير الحرب الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، بعد لقاء جمعهما: "يُجسّد النائب توريس روابطنا الاستثنائية وصداقتنا الحقيقية".

لذا قد يبدو الأمر غريبا أن يهاجم توريس، المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، الزيارة المزمعة لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إلى واشنطن.

فقد غرّد قائلا: "لا توجد أي إمكانية أن ألتقي متطرفا مثل [إيتمار] بن غفير"، مضيفا أنه يكنّ "الاحتقار الكامل" لهذا الوزير الإسرائيلي.

وفي السياق، تساءلت مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركية: هل يفرش ترامب السجادة الحمراء للمتطرف الإسرائيلي بن غفير؟

ومن المقرر أن يتوجه بن غفير، رئيس حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف إلى الولايات المتحدة في 21 أبريل/نيسان في زيارة تستغرق أسبوعا، في أول رحلة رسمية له إلى الخارج منذ انضمامه إلى حكومة نتنياهو في ديسمبر/كانون الأول 2022.

ليس مسؤولا عاديا

وقالت المجلة، في تقرير لها: "كما توحي تصريحات توريس، فإن بن غفير ليس مجرد مسؤول إسرائيلي عادي، فهو يمثل رمزا للتيار الأكثر تطرفا في السياسة الإسرائيلية، وهي سمعة اكتسبها عبر عقود من النشاط الداعم لليهود المتهمين بشن هجمات على المدنيين الفلسطينيين".

وقد رسّخ هذه السمعة بمواقفه الداعية لضم الأراضي الفلسطينية، ودعمه الصريح للجماعات الاستيطانية العنيفة في الضفة الغربية.

هذه الخلفية دفعت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، إلى مقاطعته رسميا، بل وطرح احتمال فرض عقوبات عليه، رغم موقعه البارز داخل حكومة بنيامين نتنياهو.

وقالت المجلة: "لحسن حظ بن غفير، هناك قائد جديد في واشنطن، بعيد كل البعد عن أن يقاطعه، بل يبدو أنه مستعد لفرش السجاد الأحمر له".

ومن المنتظر أن تشمل جولة بن غفير فلوريدا وواشنطن العاصمة، حيث سيلتقي بمسؤولين أميركيين وشخصيات محافظة بارزة، إلى جانب قيادات من الجالية اليهودية.

لكن أبرز لقاء في جدول زيارته سيكون مع وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم.

وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لا توجد مؤشرات واضحة على ما سيتناوله اللقاء بين نويم وبن غفير، لكن ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن الانسجام بينهما سيكون سريعا، وفق التقرير.

فـ "نويم" تقدّم نفسها على أنها السياسية الأكثر حزما في مواجهة الجريمة، وقد التقطت لها أخيرا صورة مثيرة للجدل في سجن سيئ السمعة في السلفادور؛ حيث رحّلت الإدارة الأميركية أكثر من 230 مهاجرا متهمين بالانتماء إلى عصابة فنزويلية، رغم أنها لم تتبع معهم الإجراءات القانونية الواجبة.

أما بن غفير، الذي يشرف على نظام السجون في إسرائيل، يدعو إلى حل صارم في التعامل مع من يعدهم معتقلين غير مرغوب فيهم.

فقد قال العام الماضي: "من المؤسف أنني اضطررت في الأيام الأخيرة إلى الانشغال بما إذا كان ينبغي تقديم سلال فواكه للأسرى الفلسطينيين"، مضيفا: "ينبغي إعدامهم برصاصة في الرأس".

حركة "كاخ"

وأشارت المجلة الأميركية إلى أن بن غفير بدأ مسيرته السياسية مطلع التسعينيات، عندما كان ناشطا مراهقا في صفوف حركة "كاخ" الإسرائيلية.

في تلك الفترة، كانت الحركة تتعرض لضغوط من جميع الجهات، فالمحاكم الإسرائيلية حظرتها من خوض الانتخابات، وزعيمها الكاريزمي الحاخام الإسرائيلي-الأميركي "مئير كاهانا"، اغتيل على يد مهاجم مصري-أميركي.

وتحت قيادة كاهانا، كانت حركة "كاخ" تركز بشكل كبير على ضمان التفوق اليهودي في إسرائيل، وقد دعت إلى فرض عقوبات جنائية على الزواج بين اليهود وغير اليهود، كما طالبت بسحب الجنسية من جميع المواطنين الفلسطينيين في دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ومن بين مواقف كاهانا الأكثر جدلا هو أن أي عربي يُضبط وهو يرمي الحجارة على الجنود الإسرائيليين يجب أن يُعامل كإرهابي، مما يعني، وفقا لكاهانا، أن الشخص يجب أن يُقتل وأن قريته بأكملها يجب أن تُطرد من البلاد.

وفي الولايات المتحدة، تعهدت "رابطة الدفاع اليهودية"، التي أسسها كاهانا، بحماية اليهود باستخدام "جميع الوسائل اللازمة"، ونفذت سلسلة من الهجمات ضد من يُزعم أنهم معادون للسامية، مما أدى في النهاية إلى تصنيف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI) لها كجماعة إرهابية يمينية.

واستمرت حركة "كاخ" في عملها بشكل محدود حتى عام 1994، حينما ارتدى أحد أتباع كاهانا -يُدعى باروخ غولدشتاين- زيه العسكري الإسرائيلي، واقتحم المسجد الإبراهيمي في الخليل وفتح النار على المصلين، مما أسفر عن استشهاد 29 شخصا وإصابة 125 آخرين.

وقد وصفت حركة "كاخ" غولدشتاين بـ "البطل"، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى حظرها نهائيا.

لكن ذلك لم يخفف حماسة بن غفير، ففي مقابلة عام 1995، رفع الناشط الشاب زينة سيارة قال إنه أخذها من سيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، وقال: "وصلنا إلى سيارته، وسنصل إليه أيضا".

وبعد أسابيع قليلة، أقدم ناشط إسرائيلي من اليمين المتطرف على إطلاق النار وقتل رابين، مما أحبط عملية السلام في أوسلو، هذا على الرغم من أنه لا علاقة معروفة لـ"بن غفير" بهذا الهجوم.

وقضى بن غفير بقية تسعينيات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة في الدعوة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وبعد العديد من المواجهات مع القانون، بما في ذلك عدة إدانات بالتحريض ودعم الإرهاب، نقل بن غفير نشاطه من الشوارع إلى المحاكم.

دافع عقائدي

أصبح بن غفير محاميا في عام 2012 وكرس نفسه للدفاع عن الإسرائيليين اليهود المتهمين بقتل الفلسطينيين، وقال في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" عام 2016: "أنا لا أفعل ذلك من أجل المال، أنا حقا أؤمن أنني بحاجة لمساعدة هؤلاء الناس".

وقالت المجلة الأميركية: "بعد عقود من بداياته السياسية، لا يزال بن غفير متمسكا بفكر كاهانا، ففي عام 2021، وصف الحاخام مئير كاهانا بأنه "رجل مقدس وصالح" ورأى أنه "قُتل من أجل تقديس اسم الله".

كما يحتفظ بن غفير بمكانة خاصة في قلبه لمنفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، غولدشتاين، إلى درجة أنه علّق صورته على جدار غرفة معيشته حتى عام 2020.

وأشارت المجلة إلى أن "كثيرا ما وجّه بن غفير انتقادات لإدارة بايدن، واتهمها بدعم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس بعد أن علّقت مؤقتا شحنات الأسلحة إلى إسرائيل".

ويُرجّح أن العقوبات التي فرضها بايدن على أحد أقرب حلفاء بن غفير في حركة المستوطنين زادت من حدة التوتر.

لكن بن غفير رأى في الولاية الثانية للرئيس ترامب ما يثير إعجابه. فعندما اقترح ترامب تهجير جميع الفلسطينيين من غزة وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، سارع بن غفير إلى الإشادة بالفكرة. مؤكدا أن "تشجيع" الغزيين على المغادرة هو "الحل الوحيد" للحرب.

وقال بن غفير: "الجميع يعرف أنني كنت محقا بشأن تشجيع الهجرة، واليوم، رئيس أقوى دولة في العالم يقول الشيء نفسه".