دمية بيد الكيان الإسرائيلي.. ماذا خسرت مصر بتوقيع اتفاقية الـ35 مليار دولار؟

إسماعيل يوسف | منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

بعدما أصبحت مصر رهينة “محبس المياه” عقب بناء إثيوبيا سدها الكبير، باتت رهينة أيضا لـ"محبس الغاز"، عقب توقيعها اتفاقا مثيرا للجدل مع الكيان الإسرائيلي تدفع بموجبه 35 مليار دولار حتى عام 2040.

وهو ما يجعلها رهينة المحبسين: الماء في الجنوب، والغاز في الشمال.

الاتفاق الذي وقعته مصر وإسرائيل يوم 7 أغسطس/آب 2025، يعني زيادة اعتماد القاهرة على الغاز الإسرائيلي المسروق من الشعب الفلسطيني؛ إذ كان اتفاق عام 2018، بـ15 مليار دولار، فيما بلغت قيمة الصفقة الجديدة 35 مليار دولار.

وهذا الأمر يجعل مصر رهينة للغاز الإسرائيلي حتى عام 2040، بالمقابل يُدر 35 مليار دولار لخزينة الكيان الإسرائيلي، ما يجعل اقتصاده هو الرابح الأكبر بعدما كان يعاني من تداعيات الحروب في غزة ولبنان وإيران.

صفقة خاسرة

وفقا للعقد، من المقرر أن يتم تصدير نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي إلى مصر حتى عام 2040، بدلا من حوالي 64 مليار متر مكعب تم الاتفاق عليها عام 2018.

البيان الصادر عن الشركة الإسرائيلية، أكد أنه بموجب الاتفاقية الموقعة مع شركة "أوشن إنرجي" (Ocean Energy) المصرية، سيتم تصدير (20 مليار متر مكعب) فور دخول التعديل حيز التنفيذ، بدءًا من أوائل 2026 في المرحلة الأولى.

وفي الثانية، سيتم تصدير 110 مليارات متر مكعب لمصر، لكنها هذه المرحلة تنتظر أعمال بنية تحتية متوقع اكتمالها في 2029.

وكانت شركة "دولفينوس" المصرية دفعت في اتفاقية 2018 مبلغ 15 مليار دولار مقابل حوالي 64 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي على مدار 10 سنوات، لصالح شركتي "ديليك" و"نوبل إنيرجي"، ملاك حقلي تمار وليفياثان في إسرائيل.

واللافت أنه وفقا لشروط الصفقة الجديدة، ستدفع مصر سعرا أعلى غير محدد بدقة، لكن موقع "مدي مصر" حدده بزيادة تصل إلى 14.8 بالمئة.

ومن خسائر مصر في هذه الاتفاقية إلغاء بند رئيس كان يمنح مصر الحق في تقليل الكميات المستوردة من إسرائيل إذا انخفض سعر خام برنت عن 50 دولارًا للبرميل.

ويعني هذا البند، أن مصر ستظل ملزمة بدفع كامل قيمة الصفقة وفقًا للأسعار المحددة حاليًا، حتى إذا تراجعت الأسعار مستقبلا أو انخفضت حاجة البلاد إلى الغاز.

ووفقا لـ"نص الاتفاقية"، يجري الاعتماد على صيغة "Take or Pay"، وهو بند شائع في عقود الطاقة، يُلزم المستورد بدفع قيمة كميات الغاز المتفق عليها سنويًا، سواء تسلّمها بالفعل أو لم يفعل لانخفاض الحاجة أو الأسعار. 

ويهدف هذا البند إلى ضمان دخل ثابت ومستقر للجانب الإسرائيلي بغضّ النظر عن التغيرات في السوق أو مدى حاجة مصر لما ستستورده من غاز.

وفي السنوات الماضية، كانت مصر تستورد الغاز من إسرائيل بأسعار تتراوح بين 5.5 إلى 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.

وكانت تل أبيب تطالب بزيادة سعر توريد المليون وحدة حرارية لأكثر من 8 دولارات، وقتما كان سعر السوق ما بين 4 و5 دولارات، واستغلت إبادة غزة ووقف التصدير لمصر، لممارسة ضغوط لرفع السعر.

وكان سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الإسرائيلي إلى مصر يبلغ حوالي 6.70 دولارات، ومع ذلك، طلبت إسرائيل زيادة السعر بنسبة 25 بالمئة.

مصر رهينة 

يكاد يُجمع الخبراء المصريين على خطورة هذه الصفقة من زاوية أن زيادة الاعتماد على الغاز الإسرائيلي حتى عام 2040، يجعل مصر رهينة له، وقد يتحول إلى "سلاح اقتصادي" تستخدمه تل أبيب مستقبلا.

وذلك مثلما حاولت مصر، حين كانت تُصدره لإسرائيل قبل انهيار الإنتاج، استخدامه كسلاح ضد الكيان الإسرائيلي.

استغربوا إقبال النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي على عقد صفقة طويلة الأجل مع إسرائيل، التي هي "عدو إستراتيجي"، وفي توقيت غريب بسبب العلاقات المتوترة بفعل إبادة غزة، وانتقاد السيسي نفسه لإسرائيل.

وعقد صفقة الـ 35 مليار دولار، في نفس يوم إعلان إسرائيل خطة السيطرة على غزة وتهجير الفلسطينيين للجنوب تجاه الحدود المصرية، ووصف السيسي ما تفعله بأنه إبادة جماعية.

الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، يري أنه يجب التعامل مع الغاز الإسرائيلي لا كسلعة سوقية وإنما كمسألة إستراتيجية؛ لأن تل أبيب يمكنها في أي وقت استخدام الغاز كأداة سياسية للضغط على مصر، لذا من الخطورة ربط أمن مصر القومي بمصادر الطاقة الإسرائيلية.

حذّر في تصريح لـ "الاستقلال" من أن أي تهديدات لمنصات إنتاج الغاز الإسرائيلية، كما حدث في حروب غزة ولبنان وإيران، سينتج عنه أضرار مباشرة لمصر، التي قطعت عنها إسرائيل الغاز 3 مرات منذ طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين أول 2023.

وأوضح أن مصر سلمت واحدة من أهم أدواتها الاقتصادية (الطاقة) لخصم وعدو (الاحتلال)، وفتحت له باب أرباح هائلة تمول سياساته العدائية، بينما مصر نفسها تعاني من فجوة في تأمين احتياجاتها.

كما أنها (الصفقة) ستضع القاهرة في موقع تفاوضي ضعيف؛ لأن تل أبيب يمكن أن تلعب بورقة الطاقة وتحولها لورقة سياسية، وتخنق مصر اقتصاديا وسياسيا، في أي أزمة سياسية أو تصعيد عسكري قد يحدث مستقبلا.

أيضا وصفت أستاذة الاقتصاد، وعميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة بجامعة القاهرة، الدكتور علياء المهدي، اتفاقية تصدير الغاز الأخيرة بأنها "وضعت رقبة مصر في أيدي إسرائيل"، أي جعلتها رهينة لإسرائيل.

كتبت عبر حسابها على فيس بوك تقول: بعدما كانت اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل قبل ثورة 2011 تهدف لوضع رقبة إسرائيل في أيدي مصر، "أصبحت رقبتنا إحنا في إيدين إسرائيل"، واستغربت غياب بنود الاتفاقية وعدم عرضها على البرلمان.

قالت: لماذا لم يتم التعاقد مع قطر أو ليبيا أو الجزائر أو روسيا وكلها دول تنتج غازا طبيعيا بغزارة بدلا من العدو الإسرائيلي، الذي تشهد علاقات مصر به “شد وجذب طول الوقت؟”

خسائر بالجملة

ويوضح المحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام، أن الصفقة تعني وقوع مصر في فخّ الغاز الإسرائيلي بشكل يهدد أمنها القومي والاقتصادي بشكل مباشر، وتضع رقبة اقتصاد مصر وشعبها تحت سكين الكيان الإسرائيلي.

وأوضح أنها سوف تُرهن مقدرات وأنشطة الدولة المصرية، الاقتصادية والصناعية والكهربائية، بما يتدفق إليها من غاز الكيان الإسرائيلي وحقوله الواقعة شرق البحر المتوسط، وتجعل التطبيع الاقتصادي أمرا واقعا.

ورأى "عبد السلام"، عبر حسابه على فيس بوك، أن هذه الصفقة تعني أن "ملف الغاز بات من أوراق الضغط الإسرائيلية على دوائر صنع القرار في مصر".

وأن "مفتاح تشغيل مئات من مصانع مصر الكبرى وشركات توليد وإنتاج الكهرباء وإنارة الشوارع قد يتم إدارته لاحقا من تل أبيب وليس من القاهرة.

وحذَّر من أن إسرائيل يمكنها أن تلعب في الاقتصاد المصري بموجب هذه الصفقة، وتؤثر على استقرار الجنيه المصري وسوق الصرف الأجنبي وتتلاعب به.

ويحذر خبراء مصريون من ربط السوق المحلي في مصر بما فيه من محطات كهرباء ومصانع أسمدة وأسمنت وغيرها من الصناعات الإستراتيجية بواردات الغاز الطبيعي من إسرائيل، ما يهدّد أمن مصر القومي لو قطعت إسرائيل الغاز مستقبلا لأي سبب.

ورغم أن حقول الغاز الإسرائيلية ملزمة بتوريد حوالي 4.5 مليارات متر مكعب من الغاز إلى مصر سنويًا، بموجب الاتفاقيات السابقة، يفترض أن ترفعها الصفقة الأخيرة إلى 5.6 مليارات متر سنويا.

فإن إسرائيل قطعت الإمدادات أكثر من مرة منذ اندلاع حرب الإبادة في غزة في 2023، وكان آخرها في يونيو 2025 خلال حرب الـ 12 يومًا بين إسرائيل وإيران.

هدية لإسرائيل

مثلما يرى الخبراء أن هذه الصفقة "كارثية بالمقاييس كافة"، وتعد تحولا إستراتيجيا خطيرا في أمن مصر القومي، وتخسر مصر بموجبها أمنها القومي، وتصبح تحت رحمة الاحتلال، ينظرون إليها بصفتها "هدية" للكيان الإسرائيلي.

أستاذ العلوم السياسية الدكتور مصطفي السيد، وصف اتفاقية الغاز بأنها "هدية سياسية ومالية وإستراتيجية للعدو الإسرائيلي".

قال: إن مصر حررت بذلك شيكا للاحتلال بقيمة 35 مليار دولار "لينفقها في تمويل حربه الوحشية على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة".

وطالب بإيقاف هذه الصفقة؛ لأنها "تعود علينا بأشدّ الضرر أخلاقيا وسياسيا وإستراتيجيا؛ لأنه ليس من الحكمة أن تسلم أمن إمداداتك من الغاز للعدو الذي يحارب على حدودك وينتهك الاتفاقات الموقعة معك".

وبجانب أنها صفقة كارثية خاسرة لمصر أمنيا واقتصاديا وسياسيا، ينظر خبراء ومحللون آخرون للصفقة من منظار خيانة الشعب الفلسطيني الذي يجرى ذبحه في غزة، إذ تمّ الإعلان عنها يوم خطة نتنياهو احتلال غزة.

عدوها "صفقة غاز ملطخ بدماء الأبرياء"، و"صفقة بدم الشهداء"، و"تمد يد التطبيع الاقتصادي للاحتلال كأنها تكافئه على إبادة وحرق غزة منذ عامين"، وتشجيع له على إسالة دم أهل غزة بلا توقف.

وحاول "مصدر مطلع" لـموقع القاهرة 24 الموالي للسلطة، 8 أغسطس 2025، وكذا لجان إلكترونية، تبرير الصفقة بأنها ليست جديدة، ولكن قديمة وجرى فقط تمديدها.

وردا على ما تُروِّجه لجان السلطة أن مصر ستوفر مليارات الدولارات نتيجة استيراد غاز رخيص من مصر، يقول البرلماني السابق وخبير اقتصاديات الطاقة، "محمد فؤاد": إن هذا لن يتحقق.

أوضح، عبر تويتر، أن مصر تعتمد على الغاز المحلي بنسبة 54 بالمئة (3.9 مليارات قدم مكعب يوميا)، و"المسال" بنسبة 31 بالمئة (2.2 مليار قدم مكعب يوميا)، وغاز الخطوط (من إسرائيل) بنسبة 15 بالمئة (1.1 مليار قدم مكعب).

وهو ما يعني أن الغاز (الإسرائيلي) عبر الخطوط أرخص من الغاز المسال، لكنه لن يُحدث وفرا اقتصاديا طالما أنه لا يحل محل كميات غاز مسال بالفعل؛ لأنه في حالة مصر، لا توجد كميات غاز مسال بديلة يتم إحلالها بالاتفاقية، ما يعني أن التأثير المالي للصفقة لا يتحقق، واتفاقية نيو ميد لن توفر أي أموال لمصر لكنها مجرد تأمين إمداد طويل لغاز الخطوط.

حيث ستؤمن الصفقة جزءًا كبيرا من غاز الخطوط لكنها لن تغير المعادلة الاقتصادية ولن تفيد مصر بالتالي في معادلة الغاز.

مكاسب إسرائيل

كان وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين أول من أشار لمكاسب الاحتلال من "أكبر صفقة غاز في التاريخ"؛ حيث عدها "خبرا مهما أمنيا وسياسيا واقتصاديا".

وعدها "أخبارا رائعة للاقتصاد الإسرائيلي، ستجلب مليارات الدولارات إلى خزائن الدولة الإسرائيلية".

وأكد أن "هذا يرسّخ مكانتنا كقوة إقليمية رائدة في مجال الطاقة، والتي يعتمد عليها جيراننا ويحتاجون إلينا"، وأشار إلى أن "اقتصاد الغاز الطبيعي، هو أحد الأصول الإستراتيجية لدولة إسرائيل".

وعقب توقيع الاتفاقية، أدلى الرئيس التنفيذي لشركة نيوميد الإسرائيلية، "يوسي أبو"، بتصريح لصحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، 8 أغسطس/آب 2025، أكد فيه "أن الغاز بمثابة مرساة لخلق التطبيع مع الدول العربية ونحن نستهدف ذلك"!

وأشار إلى أنها سوف تجلب "أموالا كثيرة للمواطنين الإسرائيليين"، ولخزينة الدولة الإسرائيلية؛ حيث تدفع نيوميد، ملايين الدولارات لوزارة المالية في صورة عوائد ورسوم وضرائب تذهب للشعب الإسرائيلي.

وأوضح أن الشركة دفعت 205 ملايين شيكل من جميع أنواع العوائد والرسوم والضرائب في الربع الثاني من عام 2025، ووصل إجمالي ما دفعته إلى خزينة الدولة الإسرائيلية منذ بداية عام 2025 إلى 428 مليون شيكل.

وهو ما أكَّدته أيضا صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" 7 أغسطس/آب 2025، متوقعة أن تؤدي الصفقة إلى "تحويل مئات الملايين من الشواكل من عائدات الغاز والضرائب إلى خزائن الدولة الإسرائيلية".

قالت: "ستؤدي الصفقة إلى مضاعفة كمية الغاز الطبيعي السنوية الموردة من حقل ليفياثان البحري إلى مصر إلى ثلاثة أمثالها تقريبًا، وتعزيز إيرادات الدولة من عوائدها".

شبكة مصالح

فور الإعلان عن الصفقة، شن خبراء سياسيون هجوما شديدا عليها وعدوها بمثابة تهديد لأمن مصر القومي سياسيا واقتصاديا، ليس فقط لأنه يرهن إرادة مصر لإسرائيل ويجعل تل أبيب تتحكم في القاهرة بالتهديد بقطع شريان الطاقة.

وإنما أيضا لأن الصفقة لا علاقة لها بأي مبررات اقتصادية وسياسية معقولة، وإنما هي "بيزنس" تستفيد منه، بخلاف إسرائيل، شركات موالية لسلطات السيسي في مصر.

ولأن صفقة الـ 35 مليار دولار لا علاقة لها بالتقديرات السياسية أو الاقتصادية المصرية، ولا تتماشى مع مصالح الدولة المصرية الوطنية، وتتعارض مع مفهوم الأمن القومي، رجح سياسيون أن يكون الهدف منها تحقيق مصالح أعوان نظام السيسي فقط كأفراد.

سياسي حزبي مصري أشار لترجيحه علاقة الصفقة بشبكة مصالح وشركات خاصة، تقوم بعملية استيراد الغاز وسعيها للربح، وهي شركات تابعة للسلطة وأركانها، وفسادها يضر بأمن مصر سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وفق قوله.

السياسي المصري، الذي فضل عدم ذكر اسمه، ربط لـ "الاستقلال" بين هذه الصفقة وبين تقرير استقصائي سابق قام به الصحفي والحقوقي حسام بهجت 21 أكتوبر 2018 تحت عنوان: "من يشتري غاز إسرائيل؟ شركة مملوكة للمخابرات المصرية".

وأوضح أنه حينها، حين تم توقيع الاتفاق الأول باستيراد 64 مليار متر مكعب بـ 15 مليار دولار عام 2018، تردد أن شركة "قطاع خاص" هي غاز الشرق (East Mediterranean Gas - EMG) هي التي وقعت عقد الاستيراد من إسرائيل، وظهر إنها مملوكة لجهاز المخابرات العامة المصرية، ومعها شركة "دولفينوس".

والآن، تقوم شركة مصرية تُسمى "بلو أوشن"، تابعة لـ "دولفينوس"، التي شاركت مع شركة أخرى تُسمى "غاز الشرق" (التي يملك جهاز المخابرات المصرية العامة حصة الأغلبية بها) في شراء صفقة 2018، بعقد الصفقة الجديدة في 2025.

وأوضح أن هذا يثير الاستغراب؛ لأن مصالح مصر ليست في هذه الصفقة، وحين كانت مصر تصدر الغاز لإسرائيل كان يتم أيضا عبر شركة تابعة للمخابرات، وقيل: إن الهدف هو رهن اقتصاد إسرائيل بمصر كهدف أمني للصفقة، والآن انقلب الوضع لصالح إسرائيل.

ورجح السياسي المصري أن يكون "انحراف ما" بهدف تحقيق أرباح، وراء الصفقة الأخيرة، بعيدا عن مصالح مصر وجهاز المخابرات "الذي يدرك مخاطر الصفقة على مصر"، حسبما قال دون توضيح.

وكان تقرير لموقع "مدى مصر" الاستقصائي، 21 أكتوبر 2018، والذي سعي وراء معرفة من سيتولى استيراد الغاز الإسرائيلي كشف تورط مخابرات السيسي بقيادة رئيسها السابق عباس كامل، وشركة مملوكة للمخابرات المصرية في شراء الغاز من إسرائيل.

كشفت المستندات أن "شركة غاز الشرق"، الرابح الأكبر من استيراد غاز إسرائيل وإعادة بيعه للدولة المصرية، هي شركة خاصة، ولكن غالبية أسهمها مملوكة لجهاز المخابرات المصرية، الذي يحصل على 80 بالمئة من أرباحها لحسابه.

وأنه من أجل إتمام الصفقة، تم إخفاء اللاعبين المصريين الحقيقيين والمستفيدين من أرباحها، لإعفائهم من دفع الضرائب، وحمايتهم من أية مساءلة قانونية محتملة.

كما كشف التقرير أن شركة غاز الشرق (المملوكة للمخابرات)، ورجال الأعمال الموالين بها، يكسبون ثلاث مرات من وراء صفقة الغاز مع إسرائيل.

الأولى: لحسابها الخاص من رسوم نقل الغاز من إسرائيل إلى مصر عبر الأنبوب الذي أصبحت تمتلك حصة فيه.

والثانية، من إعادة بيع الغاز نفسه إلى الحكومة المصرية، بعد إضافة هامش ربح.

والثالثة، من أي صفقة لنقل المزيد من الغاز الإسرائيلي من الأردن إلى مصر ثم إعادة بيعه للحكومة المصرية بهامش ربح بعد أن تكسب رسوم نقل الغاز عبر أنبوب العقبة-العريش الذي تملكه.

وهذا هو سبب إصرار هذه الشركات ورجال أعمال موالين للمخابرات على الاستيراد من الكيان الإسرائيلي.