"ثلاثة عصافير بحجر واحد".. هكذا يتعامل ترامب مع إيران مخالفا شروط إسرائيل

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

في تطور لافت، اجتمع الممثل الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مباشرة بوزير خارجية طهران، عباس عراقجي، بالعاصمة العمانية مسقط في 12 أبريل/ نيسان 2025.

ورأت مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأميركية أن المحادثات مع إيران قد تتيح للرئيس ترامب “ضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد”، وبهذا، تكون إدارته قد أنجزت أكثر مما حققته إدارة جو بايدن في أربع سنوات.

وقبيل انطلاق الجولة الأولى من المفاوضات، وجّه البيت الأبيض تحذيرا من أن فشل التوصل إلى اتفاق جديد حول البرنامج النووي الإيراني قد يدفع واشنطن إلى خيارات “باهظة الثمن”.

وشدد على أن “ترامب يفضل معالجة هذا الملف عبر محادثات مباشرة مع طهران”.

أحمر وحيد

وأوضح نائب الرئيس التنفيذي لمعهد "كوينسي" الأميركي، تريتا فارسي، أن "أولى خطوات ترامب الدبلوماسية مع طهران تسير على أحسن ما يكون".

ووصف الجانبان المحادثات التي جرت في سلطنة عُمان بأنها إيجابية وبنّاءة، لكن المؤشر الحقيقي على نجاحها -وفق المقال- تمثّل في موافقة الوزير عراقجي، على الحديث مباشرة مع المبعوث ويتكوف.

وفي 14 أبريل/نيسان 2025 أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أن الجولة الثانية من المفاوضات مع الولايات المتحدة حول ملف طهران النووي ستعقد في العاصمة العمانية مسقط.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) عن المسؤول الإيراني أن الجولة الثانية ستعقد في 20 أبريل 2025.

وقال فارسي: "طوال سنوات بايدن الأربع، لم توافق إيران ولو لمرة واحدة على لقاء مباشر مع مسؤولين أميركيين على مستوى وزارة الخارجية، أما ترامب، فبات أمام فرصة لانتزاع (صفقة أفضل) تضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد".

وأضاف أن "ترامب صرّح مرارا بأن خطَّه الأحمر الوحيد هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي، لكن ما يزال من غير الواضح إذا ما كان يسعى لتحقيق ذلك عبر تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني على طريقة (النموذج الليبي)، كما تطالب إسرائيل، أم عبر تسوية قائمة على التحقق والرقابة تُحدّ من البرنامج دون القضاء عليه".

وأردف فارسي: "بالطبع، تكمن مشكلة (النموذج الليبي) في أن إيران لن تقبل أبدا بمثل هذا الشكل من الاستسلام، وهذا بالتحديد ما جعل إسرائيل تدفع بهذا الطرح".

واستطرد: “فهي تراهن على أن مثل هذه المطالب ستضمن فشل المسار الدبلوماسي، وتدفع ترامب في نهاية المطاف نحو الخيار العسكري”.

المكاسب النووية

لكن ويتكوف لم يأتِ على ذكر التفكيك خلال المحادثات، بل تناول الجانبان مستويات الحد من البرنامج، مقابل تخفيف العقوبات الذي يبدي ترامب استعدادا لتقديمه.

وقال فارسي: "رغم أن التفكيك يبدو خيارا أكثر صرامة وحزما، إلا أنه غير ممكن، أما النموذج القائم على الرقابة، فهو ليس فقط ممكن التطبيق، بل إن طهران سبق أن وافقت عليه ويمكن أن توافق عليه مجددا".

والتحدي الحقيقي -وفق المقال- يكمن في أن البرنامج النووي الإيراني شهد تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، وإعادته إلى مستواه في عام 2015 ستكون مهمة شاقة للغاية.

واستدرك: "لكن ترامب في وضع أفضل لاستعادة هذه المكاسب؛ وذلك لأنه مستعد لتقديم تخفيف العقوبات الأساسية لطهران، أي العقوبات التي منعت الشركات الأميركية من التجارة معها".

وقال فارسي: "لم يفكر الرئيس الأسبق باراك أوباما قط في المساس بحزمة العقوبات الأساسية الأميركية على إيران خوفا من أن يولّد ذلك معارضة أقوى للاتفاق من جانب الحزب الجمهوري، كما أنه كان يريد أن يكون الاتفاق محصورا فقط في المجال النووي".

ويرى أن "إدخال تخفيف العقوبات الأساسية في المعادلة ربما كان يعرض أوباما لاتهامات -باطلة- بمساومة الأمن النووي مقابل مكاسب اقتصادية للشركات الأميركية".

وتابع: "من ناحية أخرى، كان بايدن، بحسب مبعوثه إلى إيران روب مالي، غير متحمس تجاه الاتفاق، وكان يركز بشكل أكبر على التكاليف السياسية الداخلية لتخفيف العقوبات، بدلا من التركيز على المكاسب النووية التي يمكن أن تحققها العقوبات المناسبة".

مصالح الشركات

وأكد فارسي أن "ترامب مختلف؛ فهو يميل إلى رؤية العقوبات على أنها عقاب للشركات الأميركية، ويبدو أنه متحمس لرفعها للسماح لهذه الشركات بالعودة إلى إيران".

وأضاف "نظرا لتقدم برنامج إيران النووي، قد يثبت أن استعداد ترامب لرفع العقوبات الأولية هو بالضبط السبب في أن لديه فرصة لإعادة عقارب الساعة النووية إلى عام 2016".

واستطرد: "بإمكان ترامب تبني إستراتيجية (المزيد مقابل المزيد) التي تختلف عما حصل عليه أوباما وما فشل بايدن في الوصول إليه، لكونه مستعدا لتقديم المزيد".

ويعتقد فارسي أنه "من خلال تبني هذا النموذج القائم على التحقق مع جعل الأسلحة النووية خطه الأحمر الوحيد، يستطيع ترامب تحقيق فوز ثلاثي للولايات المتحدة".

يتمثل هذا الفوز في منع إيران من الحصول على قنبلة نووية، وتجنب الحرب معها، وفي الوقت نفسه توفير فرص هائلة للشركات الأميركية، ما يسهم في زيادة فرص العمل في الولايات المتحدة.

وفي الواقع، تكبد الاقتصاد الأميركي خسائر هائلة نتيجة للعقوبات المفروضة على إيران، فقد أظهرت دراسة في عام 2014 أن العقوبات الأميركية بين عامي 1995 و2012 كلفت الاقتصاد الأميركي ما بين 135 مليار دولار و175 مليار دولار من عائدات التصدير المحتملة إلى إيران.

وقد ترتّب على ذلك أيضا خسارة هائلة في سوق العمل الأميركي، فوفقا للتقديرات، فإن الخسائر في الصادرات تعني خسارة ما بين 50 ألفا و66 ألف وظيفة سنويا في المتوسط، مع ارتفاع هذا الرقم عام 2008 إلى 279 ألف وظيفة ضائعة.

وقال فارسي: "إذا تمسّك ترامب بإستراتيجية تضع الملف النووي في صدارة أولوياته -بدلا من التركيز على صواريخ طهران الباليستية أو علاقتها بجماعات مثل حزب الله أو الحوثيين- وسعى إلى اتفاق قائم على الرقابة بدلا من نموذج (التفكيك الكامل) على الطريقة الليبية، واستخدم تخفيف العقوبات الأولية كأداة للضغط على النووي الإيراني وفتح السوق الإيرانية أمام الشركات الأميركية، فسيحقق بذلك ثلاثية الانتصار ".

وختم: "حينها فقط يمكن القول: هذه صفقة أفضل بكل المقاييس".