نزع السلاح وانتخابات 2026.. هكذا تخطط إسرائيل لضربة جديدة لحزب الله

"حزب الله لا يزال القوة العسكرية الأقوى في لبنان"
رأى خبير إسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط أن الواقع اللبناني الحالي “يمثل فرصة تاريخية لحل الأزمة المزمنة المتعلقة بسلاح حزب الله”، على افتراض أن الأخير في أسوأ حالاته منذ تأسسه عام 1982.
وأوضح البروفيسور في جامعة حيفا أماتسيا برعام أن "التناقض بين رغبة حزب الله في الاحتفاظ بالسلاح، وبين قرار الحكومة اللبنانية حصره بيد الدولة، يكشف عن عمق الصراع داخل لبنان".
وهو صراع، يقدر برعام أن “ملامحه قد تحسم في الانتخابات العامة المقبلة، المقررة في مايو/أيار 2026”، وفق ما قال خلال مقابلة مع صحيفة معاريف الإسرائيلية.

عرض أميركي
ونوه برعام إلى التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، التي أعلن فيها بشكل صريح أنهم "لن يتخلوا عن السلاح".
وهذه التصريحات تكشف عن تناقض بين موقف حزب الله والحكومة اللبنانية التي تشمل الرئاسة والأغلبية البرلماني؛ حيث إن جميع الجهات المنتخبة ديمقراطيا في لبنان تطالب بنزع سلاحه، وفق قوله.
وزعم أن 70 بالمئة على الأقل من اللبنانيين يؤدون نزع سلاح الحزب، مضيفا: "من الواضح أن هناك أغلبية كبيرة، سواء في صفوف الشعب أو في المؤسسات المنتخبة ديمقراطيا في لبنان، تدعم هذه الخطوة".
لكنه حذر في الوقت نفسه من أن "حزب الله لا يزال القوة العسكرية الأقوى في لبنان، بل أقوى حتى من الجيش اللبناني".
وأوضح برعام أن المطالب الدولية لا تشمل نزع جميع أنواع الأسلحة بالكامل، فيقول: "لا أحد يطالبهم بتسليم آخر بندقية كلاشينكوف".
وتابع: "ستظل لديهم الكلاشينكوفات، وقاذفات الآر بي جي، وحتى المدافع الرشاشة الثقيلة، لن يتم نزع هذه الأسلحة؛ لأنها موجودة أيضا لدى مليشيات أخرى".
وبين أن "المطلوب فقط هو تسليم الأسلحة الثقيلة مثل الصواريخ، والقذائف من نوع كاتيوشا، والطائرات المسيرة، وأنظمة الدفاع الجوي، وكل المعدات الثقيلة".
مفتاح الحل، وفقا لتحليل برعام، يكمن في العرض الأميركي الأخير الذي سلمته واشنطن في يونيو/حزيران إلى بيروت ويتضمن إنقاذ اللبنانيين من أزمتهم المالية والاقتصادية الحادة.
وذلك "من خلال تقديم قرض ضخم بمليارات الدولارات، مقابل شرطين: إصلاح إداري لمكافحة الفساد، وتجريد حزب الله من سلاحه".
وأردف أن نجاح هذه المبادرة مرتبط إلى حد كبير بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتقدا أن تطبيقها "قد يساعده في الحصول على جائزة نوبل للسلام".

خسارة متوقعة
ويرى برعام أن "الوقت حاليا يعمل ضد حزب الله"، مبينا أنه "في انتخابات مايو 2022، خسر الأغلبية التي كان يتمتع بها تحالفه في البرلمان، الأمر الذي جعله يدرك أنه في حالة تراجع".
بناء على ذلك، يتوقع برعام أن يخسر "حزب الله المزيد من المقاعد في الانتخابات القادمة". وعزا ذلك إلى “تراجع قوته العسكرية، وما ألحقه من معاناة بالشعب اللبناني إثر هجماته ضد إسرائيل، إلى جانب الضربة التي تلقتها إيران”. وفق تقديره.
ورجح أنه آنذاك "ستشكل حكومة لبنانية غير خاضعة لهيمنته، ما سيحرمه من استخدام حق النقض الذي كان يتمتع به سابقا".
من الناحية الاقتصادية، يرى برعام "فرصة واعدة للبنان حال تخلي حزب الله عن السلاح الثقيل، وتحوله لحزب سياسي عادي".
وقال: "اللبنانيون شعب موهوب ومتعلم، ويتميز بأخلاقيات عمل ملحوظة". وزعم أنه "عندما كان لبنان يدار ذاتيا دون وجود حزب الله المسلح أو مليشيات فلسطينية، كانت دولة مزدهرة اقتصاديا".
ومن وجهة نظره، فإن "الاستثمار في لبنان بعد نزع سلاح الحزب، سيكون فرصة واعدة". واستدركت الصحيفة: "لكن برعام لا يكتفي بالجزرة فقط، بل يقترح أيضا التلويح بالعصا".
إذ يعتقد أن على إسرائيل “توجيه رسالة واضحة إلى اللبنانيين قبل الانتخابات، مفادها أنه في حال لم تتحرك الحكومة اللبنانية بنفسها لنزع سلاح حزب الله، فإنها ستتحمل مسؤولية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر عام 2006، والذي يطالب بتنفيذ هذه الخطوة”.
واستخدم برعام استعارة من عالم القانون لشرح رؤيته قائلا: "الولايات المتحدة ودول الخليج وفرنسا، وربما ألمانيا أيضا، سيتصرفون كشرطي طيب، ويعرضون على لبنان قرضا بمليارات الدولارات، أشبه بخطة مارشال جديدة (إشارة إلى خطة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية)".
"أما نحن فسنكون الشرطي السيئ، وسنقول: إذا لم يُنزع سلاح حزب الله، فإننا سنطبق قرار الأمم المتحدة بالقوة"، وفق تعبيره.
علاوة على ذلك، توقع برعام أنه "مع حلول ربيع 2026، وقبيل الانتخابات اللبنانية، سينضم عامل ثالث إلى الجزرة الأميركية-الخليجية والعصا الإسرائيلية".
وهي إيران التي يتوقع ألا تكون قادرة على مواصلة دعمها المالي لعائلات عناصر حزب الله كما في السابق.
وبالتالي، توقع أن "وعود إعادة الإعمار ستمثل إغراء للقاعدة الشيعية التي يعتمد عليها الحزب، مما قد يدفعها إلى إعادة النظر في دعمها للحزب في الانتخابات".

ضربة موجعة
ويرسم برعام صورة مستقبلية للمشهد كالتالي: "مع اقتراب الانتخابات سيتلقى حزب الله ضربة موجعة، وقد يتخلى عنه معظم حلفائه، بما في ذلك حتى حركة أمل، ثاني أكبر حزب شيعي في لبنان".
في مثل هذا الوضع، رجح أن "يضطر الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، إلى اللجوء إلى إيران".
وقال: "أفترض أن قاسم سيتوجه إلى القيادة الإيرانية طالبا الإذن بالتخلي عن السلاح الثقيل، مع الحفاظ على صفة المليشيا القوية والتموضع كحزب سياسي، وحينها سيدرك المرشد الأعلى علي خامنئي والنخبة الإيرانية الواقع الجديد".
إذ إنه "من دون الصواريخ والطائرات المسيرة، سيفقد حزب الله القدرة على ضرب المدن الإسرائيلية وقواعدها العسكرية، مما يعني خسارة إيران لوسيلة ضغط أساسية على إسرائيل".
وذهب برعام إلى أبعد من ذلك، مقدرا أن "تحول حزب الله إلى كيان سياسي شرعي، قد يفتح الباب أمام تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل".
واستدرك: "لكن ذلك لا يزال مرهونا بموقف القيادة الإيرانية، خاصة خامنئي، إذا ظل حيا حتى ذلك الحين".
إذ يرى أن خامنئي "قد يسمح لحزب الله بالتطبيع، من أجل بقائه نشطا كمليشيا شرعية حتى تتعافى إيران من أزماتها، خصوصا بعد أن رأينا كيف أن الحزب لم يدعم إيران خلال أصعب لحظاتها في حرب الأيام الـ 12" خلال يونيو 2025.
ويشدد برعام على أهمية التوقيت قائلا: "كل شيء يجب أن يتبلور في فبراير/شباط أو مارس/آذار 2026، ولا بد أن تصل التهديدات والوعود إلى الرأي العام وتترك أثرا واضحا قبيل الانتخابات".
وأضاف أن: "هذه ستكون اللحظة التي سيتلقى فيها حزب الله أقوى صفعة في تاريخه".
في الوقت ذاته، يؤكد برعام على "ضرورة توفير الحكومة اللبنانية والجهات الاستثمارية الدولية وظائف مدنية بديلة لمقاتلي حزب الله النظاميين".
ورجح أن "الكثير منهم قد يقبلون الانتقال إلى وضعية الاحتياط كما هو الحال الآن، لكنهم سيحتاجون إلى فرص عمل مدنية حقيقية".
بالتوازي مع ذلك، يأمل برعام أن تكون هناك تسوية إقليمية شاملة، و"أن نكون قد توصلنا بالفعل إلى تفاهمات أمنية مع سوريا بحلول ذلك الوقت، لأن هذا سيشكل فرصة تاريخية لتغيير وجه المنطقة".