خورشيد الهركي.. زعيم كردي قبلي ذو نفوذ سياسي أطلق النار على البيشمركة

"كان سابقا عضوا بارزا في الحزب الديمقراطي الكردستاني لكنه ترك الحزب بسبب خلافات مع عائلة البارزاني"
في حدث نادر اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين القوات الأمنية وإحدى العشائر في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، وذلك بعد إعلان خورشيد الهركي، أحد أبرز الشخصيات العشائرية، التمرد على السلطات أثناء محاولة اعتقاله نتيجة نزاعات قبلية.
وتحوَّلت أطراف أربيل، وتحديدا ناحية خبات (43 كيلومترا عن مركز المدينة)، إلى جبهة صدامات مسلحة، وذلك بعدما احتشد أفراد قبيلة الهركي قرب مسكن زعيمهم خورشيد، لمنع السلطات الأمنية من اعتقاله، ما أدى إلى سقوط قتيلين و11 مصابا من الطرفين.

ضابط بيشمركة
تصدر اسم خوريشد وسائل الإعلام المحلية في العراق، لا سيما الكردية منها، وذلك عقب الاشتباكات الأخيرة بين قبيلة الهركي وقوات البيشمركة في إقليم كردستان في 8 يونيو/ تموز 2025.
وبدأت الاشتباكات على إثر خلاف بين قبيلتي الزيرفاني، والهركي على قطعة أرض، حتى تطور الأمر بتدخل قوات البيشمركة من أجل اعتقال خورشيد الهركي، كونه هو من أطلق تهديدات بحق العشيرة الأخرى وتسبب باندلاع الأزمة.
وطالب خورشيد الهركي عبر مقطع فيديو تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، أنصاره بمواجهة المسلحة مع قوات البيشمركة، داعيا إلى "انتفاضة وطنية" ضد حكومة إقليم كردستان، ورئيس الحزب الحاكم مسعود البارزاني، الذي اتَّهمه بتقويض وحدة الشعب الكردي وقوته.
وعلى إثر ذلك، قامت قبيلة الهركي، بدعم من بعض القبائل المتحالفة معها، بإغلاق الطرق الرئيسة المؤدية إلى أربيل، بما في ذلك طريق خبات، لمنع وصول تعزيزات البيشمركة.
وصرّح المسؤول في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، نوشيروان الهركي ، أن النزاع اندلع بين الضابطين في البيشمركة خورشيد الهركي وبشار مشير آغا، وتطور إلى استخدام أسلحة متوسطة من قبل أنصار خورشيد، الذين عدوا تحويل المياه اعتداء على أراضيهم.
وأسفرت الاشتباكات التي استمرت باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة، عن مقتل وإصابة عدد من الجانبين، فيما هدد خورشيد الهركي باستهداف مصفاتي النفط "كار" و"لاناز" في حال استمرار التوترات، مما قد يؤثر سلبا على طاقة التكرير في إقليم كردستان.
وبعد يوم من الاشتباكات العنيفة، أُعلن مساء 9 يوليو، عن إنهاء النزاع وذلك بعد تدخل مباشر من رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، ورئيس الحكومة مسرور البارزاني، بعدما أرسلا مبعوثا خاصا إلى خورشيد الهركي.
وفي مؤتمر صحفي عقده بمقر إقامته في منطقة خبات، صرّح خورشيد الهركي قائلا: "ملتزم بأوامر الرئيس (مسعود) البارزاني، وأنا كمقاتل بيشمركة ألتزم بتوجيهاته، وبناءً على أمره أنهينا المشكلة".
وأضاف: "أتوجه بالشكر للرئيس (مسعود) البارزاني، ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، ورئيس الوزراء مسرور البارزاني، على جهودهم في إنهاء هذا الخلاف".

زعيم قبلي
خورشيد الهركي المولود بمدينة أربيل، ويعتقد أنه في عقد الخمسينيات من العمر، هو أحد أبرز شيوخ قبيلة الهركي في إقليم كردستان العراق، يُعرف بأنه زعيم قبلي ذو نفوذ اجتماعي وسياسي كبير هناك.
قبيلة الهركي، التي يُعد خورشيد أحد رموزها، إحدى القبائل الكردية الرئيسة الموجودة في الدول الثلاث: إيران والعراق وتركيا، وتنقسم إلى ثلاثة فروع رئيسة: مندان، وسرحتي، وسيدان.
وينتمي خورشيد هركي إلى عشيرة الملا (مالح ملا) في منطقة سرحتي، التي قادتها تاريخيًا؛ حيث تتمتع هذه العشيرة بمكانة خاصة نظرًا لنفوذها التاريخي والبنيوي في المنطقة.
وطالما كانت قيادة هذا الفرع بيد قبيلة الملا (الهركية)، وفي كردستان العراق، لعب أشخاص مثل موسى الهركي وابنه حاجي فقو الهركي من هذه القبيلة أدوارًا رئيسة قبل خورشيد الهركي.
في الماضي، كانت هذه القبيلة بدوية تقليديًا، تسافر إلى إيران وتركيا صيفًا والعراق شتاءً. أما إقليم كردستان، إنها توجد هذه القبيلة في محافظات أربيل ودهوك، إضافة إلى الموصل التي تقع خارج حدود الإقليم.
كان خورشيد الهركي سابقا عضوا بارزا في الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكنه ترك الحزب بسبب خلافات مع عائلة البارزاني، لكنه عاد إلى صفوف الحزب بعد الانفصال، من خلال وساطة.
بصفته قائدا عسكريا وقبليا، تمكن خورشيد من خلق نفوذ كبير بين قبائل الهركي، وحتى بين بعض القبائل الأخرى، وأن دعوته للانتفاضة ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني تظهر سلطته وقدرته على حشد القوى العشائرية.

"رجل عصابات"
لكن الأزمة الحالية التي اندلعت في أربيل لم تكن الأولى من نوعها؛ إذ اعتادت عشيرة الهركي على النزاعات المسلحة مع الأجهزة في إقليم كردستان، كونها تتحدى السلطات هناك، حسبما أكَّد مصدر خاص من مدينة أربيل.
وأوضح المصدر لـ"الاستقلال" طالبا عدم الكشف عن هويته، أن "قبيلة الهركي معروفة بامتلاكها السلاح وتمردها المستمر على السلطات في إقليم كردستان، وأن الكثير من أبنائها قتلوا نتيجة هذه الشيء".
ولفت المصدر إلى أن "الكثير من أبناء إقليم كردستان يصفون أجزاء من قبيلة الهركي بأنهم رجال عصابات، ويتعاملون بحذر معهم، بل يخشون البيع والشراء منهم كونهم يتحدون الدولة ويتمردون عليها".
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة "المعلومة" التابعة لـ"كتائب حزب الله" العراقية، عن مصدر مسؤول في أربيل (لم تسمه) أن "الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بين قوات البيشمركة وعشيرة الهركي مرتبطة بصراعات داخلية للسيطرة على حقول النفط وتهريبها إلى تركيا".
وزعمت الوكالة خلال تقرير نشرته في 9 يوليو، أن "شيخ عشيرة الهركي في منطقة خبات، خورشيد، كان قد منع في وقت سابق قوة من حرس مسعود البارزاني من السيطرة على حقول النفط القريبة من المنطقة، وذلك بدعم من متنفذين في حكومة الإقليم منشقين عن الحزب الديمقراطي الكردستاني".
وأشارت إلى أنّ "هذا الموقف دفع قوات حرس الإقليم إلى اقتحام المنطقة، لكنها فوجئت بتعرضها لإطلاق نار كثيف من مختلف أنواع الأسلحة، ما أجبرها على التراجع".
وطبقا للمصدر، فإن "الشيخ خورشيد هدد بإحراق حقول النفط في حال أصرت قوات البارزاني على اعتقاله أو تنفيذ حملة اعتقالات بحق أبناء منطقته الذين انتفضوا ضد حكم البارزاني ومجموعاته المسلحة".
ولفت إلى أن "عددا من عناصر قوات البارزاني (البيشمركة) سلموا أنفسهم لاحقًا إلى قوات العشائر، التي تمكنت من فرض سيطرتها الكاملة على منطقة خبات بعد طرد قوات البارزاني منها".
من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي لطيف الشيخ، أن ما جرى في منطقة خبات التابعة لأربيل، لا يمكن اختزاله بخلاف عشائري تقليدي، بل يحمل مؤشرات على تحولات داخلية أعمق قد تكون ذات طابع سياسي، في ظل مشهد غير مسبوق على مستوى المواجهة مع القوات الأمنية.
ونقلت وكالة "بغداد اليوم" عن الشيخ في 9 يوليو، قوله: إن "خلافات سابقة بين العشائر في مناطق كردستان كانت تقتصر غالبا على نزاعات حول الأراضي أو مصادر المياه، لكنها لم تبلغ يوما مستوى سقوط مناطق بالكامل واندلاع اشتباكات عنيفة مع القوات الأمنية، كما حدث في خبات".
وأشار إلى أن "بعض الأطراف السياسية ربما استفادت مما جرى، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها كانت وراء تحريك الأحداث، غير أن القراءة السياسية للمشهد تشير بوضوح إلى ضرورة أن يعيد الحزب الديمقراطي الكردستاني حساباته بشأن الأوضاع الداخلية".
ولفت الشيخ إلى أن "ما جرى لأحد ضباط البيشمركة داخل أربيل، والاحتجاج الشعبي العنيف بمشاركة الرجال والنساء، يكشف عن نقمة متراكمة قد لا يكون الخلاف العقاري سوى غطاء لها، فالقضية تبدو أعمق، وتتصل على الأرجح بملفات سياسية واجتماعية مهملة".
المصادر
- خورشيد هركي يشكر الرئيس بارزاني
- خورشید هرکی کیست؟ / رهبر عشیرهای که کردستان عراق را به هم ریخت
- أربيل تشتعل تحت الرماد.. اشتباكات خبات تكشف أزمة أعمق داخل البيت الكردي
- اشتباكات خبات بأربيل.. مصدر يوضح لـ"المعلومة" علاقة النفط بالمواجهات المسلحة
- أربيل .. ارتفاع حصيلة اشتباكات خبات الى قتيلين و11 مصابا
- أربيل تشتعل باشتباكات دامية بين قوات أمنية وعشيرة الهركي (فيديو)