ظروف مناخية أم بفعل فاعل؟.. جدل واسع بشأن المسؤول عن حرائق سوريا

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

موجة من الحرائق ضربت مناطق عدة في ريف اللاذقية غرب سوريا، أعلنت وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث لاحقا توسعها نتيجة سرعة الرياح، فضلا عن وجود مخلفات حرب تعيق حركة فرق الإطفاء.

وأجبرت الحرائق مئات العائلات على الفرار من منازلها، بينما تعرضت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والبنية التحتية الحيوية للتدمير، بحسب ما أكده منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، آدم عبد المولى.

وأعلن الدفاع المدني السوري أن الحرائق وصلت إلى غابات الفرنلق، إحدى أهم الغابات الطبيعية شمال شرقي اللاذقية، ما أدى إلى توسع رقعة النيران وتعقيد عمليات السيطرة عليها.

وتغطي غابات الفرنلق التي تسمى "جنة اللاذقية" نحو 5000 هكتار، وتقع في منطقة كسب الجبلية المحاذية للحدود السورية-التركية، وهي محمية طبيعية تحوي حيوانات متنوعة منها طيور نادرة.

بدوره، أفاد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث في سوريا رائد الصالح، بإصابة 8 من طواقم الدفاع المدني، وتضرر 10 آلاف هكتار إثر الحرائق المندلعة، مؤكدا أنه "لم يتم تسجيل أي إصابات بين المدنيين".

ووصف الوزير السوري نتائج الحرائق بأنها "كارثية، شاكرا  "الحكومة التركية على إرسالها 16 فريقا للمساعدة في إخماد الحرائق، وكذلك الحكومة الأردنية على إرسالها فرق إطفاء و6 مروحيات".

وقال: "نعد أهلنا السوريين أننا لن نغادر مواقع الاستجابة حتى يتم إخماد النيران بالكامل، والسيطرة على جميع البؤر المشتعلة، وإتمام عمليات التبريد لضمان عدم تجددها".

ورغم التأكيدات الرسمية بأن الحرائق المشتعلة على نطاق واسع في اللاذقية وامتدادها نتيجة ظروف مناخية، إلا أن جماعة تطلق على نفسها اسم "سرايا أنصار السنة"، أعلنت مسؤوليتها عن الحرائق، ما أثار جدلا على منصات التواصل حول حقيقة وجودها وأهدافها ومرجعيتها.

وذهب فريق إلى أن "سرايا أنصار السنة" كيان وهمي لا وجود له، ورفضوا تبنيه الحرائق، خاصة أنها وقعت في مناطق ذات غالبية سنية، في حين رجح آخرون أنه فصيل هدفه فقط إثارة النزعات الطائفية وركوب الموجة والتضليل.

فيما وجه ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حرائق_اللاذقية #حرائق_الساحل #حرائق_سوريا، وغيرها، أصابع الاتهام لفلول النظام المخلوع برئاسة بشار الأسد، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بإشعال الحرائق.

اتهامات للفلول

وتفاعلا مع التطورات، عد فيصل القاسم حرائق الساحل السوري استكمالا لشعار بشار وأذنابه "الأسد أو نحرق البلد".

وخاطب الفلول قائلا: “مهما أجرمتم وخربتم  وحرقتم لن تعودوا.. فليس أمامكم سوى مزبلة التاريخ أيها الفاشيون الأنجاس أنتم ومن مازال يشد على أيديكم ويحاول وضع العصي في عجلة سوريا الجديدة”. متسائلا: “من المستفيد من هذه الحرائق سوى أيتام النظام والمستائين من النصر؟”

من جانبه، ذكر أحمد الهواس، أن حرائق الغابات في الساحل السوري، حلقة من حلقات مسلسل الغدر الذي يقوم به الفلول، قائلا: "لن تتوقف أفعال هؤلاء إن لم يتم اجتثاثهم بشكل كامل".

ووجه التحية لرجال الخوذ البيضاء، ولكل من يسهم في إطفاء هذا النيران المفتعلة.

وأشار مؤمن محمد نديم كويفاتية إلى أن خبراء أكدوا أن إشعال الغابات في الساحل السوري بفعل فاعل، لافتا إلى أنه في مثل هذا الوقت وهذا الطقس ليس من العادة أن تكون هناك حرائق.

واتهم الفلول ومن معهم بإشعال النيران في عدة مناطق بآن واحد واختيار الأماكن التي فيها عبارات هواء بعناية للانتشار، مؤكدا أن هذه حقيقة ما جرى ويقف وراء هذه الحرائق الفلول وقسد القنديلية الإيرانيين.

وقال عمر مارديني: إن ما يحدث من حرائق في اللاذقية المتهم الأول والأخير هما حكمت الهجري وغزال غزال، من خلال استخدام الفلول وأذناب النظام الساقط. 

وأضاف: "حمى الله اللاذقية وأهلها الأخيار الأطياب، والعار على كل من يشعل الفتنة".

قسد شريكة

بدوره، طرح حسين حاج حسين، سؤال وصفه بالبريء: "كم صهريج مي بعثت قسد للمشاركة بإطفاء حرائق الساحل، وكم فريق دفاع مدني وسيارة إطفاء بعثت إلى الساحل! ولا إخوّة بس على فيس بوك وتويتر ووقت الفتن والطنبرة!".

وواصل تساؤلاته: “كذلك أيضا الهجري وأزلامه هل أرسل أحد منهم إلى الساحل ولا بس هو قادر يستضيف ويحمي الفلول عنده بالسويدا؟”

وذكرت ندى مشرقي أن فلول الطائفة الأسدية لهم مصلحة في حرق كل هذه الغابات وطبقوا جملتهم الشهيرة "الأسد أو نحرق البلد، مشيرة إلى أنهم فعلوا ذلك بالاشتراك مع  أحبائهم الجدد قسد.

وحذَّرت من أن هذه الحرائق إذا امتدَّت بشكل أكبر فستصل سوريا للأسف إلى التصحر لا مطر ولا بيئة مناسبة والقائمة تطول، قائلة: "هكذا يكونوا قد انتقموا من جميع مكونات الشعب السوري؛ لأنه لم يعد لهم حاضنة شعبية أبدا في الساحل السوري".

وتساءل طالب الدغيم: "أين فزعات تنظيم قسد لإطفاء حرائق الساحل طالما يعد نفسه جزءا من سوريا، وقد رأيناه كيف طبل وزمر يوم صارت أحداث مارس في الساحل، وأرسل المساعدات، ولكن الحق ليس عليهم، وإنما على السلطة التي تجعل هؤلاء يسرحون ويمرحون".

وقال بن هاما: "أثبتوا أهل السنة للعالم أنهم رجال حكم ودولة وأثبتوا الأقلوية أنهم مجرمون بالفطرة"، مؤكدا أن جميع حرائق سوريا مفتعله من فلول النظام بتنسيق مع قسد الإرهابية.

وكتب طلال الحموي: "حرائق سوريا هي جزء من مسلسل عمليات اتبعتها قسد وضباط النظام السابق منذ أربع سنوات بدأت في تركيا بإشراف مباشر من علي مملوك واستمر المسلسل لما بعد سقوط النظام على أيدي الفلول ولدينا ما يثبت ذلك".

"تنظيم وهمي"

وعن إعلان تنظيم يدعى "سرايا أنصار السنة" مسؤوليته عن الحرائق بدعوى أنها رد على العلويين، شككت شيماء راشد، في التنظيم، مشيرة إلى أن الحرائق تستهدف القرى السنية وأن أوائل بل وغالبية إن لم يكن كل المناطق المتضررة هي قرى منكوبة ومهملة ويقطنها أهل إدلب المهجرون السنة.

ورأت أن من المثير للريبة أن هذا التنظيم لا يعرف له أي وجود ميداني حقيقي موثق، ولا يظهر له قادة معروفون ولا مقاطع مصورة ولا قواعد وجبهات، ويستخدم خطابا طائفيا فاقعا يسيء للسنة قبل أن يسيء لغيرهم.

وتساءلت راشد: “(هل سرايا أنصار السنة مجرد واجهة أنشئت لتشويه صورتنا؟ هل نحن أمام تنظيم كاذب خلق لإشعال الفتنة وتبرير حملات أمنية مستقبلية؟” داعية لملاحظة أن تلك السرايا أنشئت وظهرت في فبراير/ شباط 2025.

وتابعت تساؤلاتها: "أليست حملة من الفلول أو ذيول النظام المخلوع للانتقام لسقوطه؟"، مؤكدة أن حرائق اللاذقية تحرق الغابات، لكن هناك من يريد أن تحرق معها الوعي والانتماء والحقيقة.

وكتب المغرد أحمد: "التنظيم التيليغرامي الكوميدي المعروف باسم “سرايا أنصار السنة” لا يحتاج كثيرا من الذكاء لاكتشاف أنه مجرد فبركة ركيكة تقف خلفها جهات مشبوهة تسعى لبث الفتنة والبلبلة في الشارع السوري".

وقال: إن كل من تابع منشورات هذا التنظيم الوهمي يدرك حجم السذاجة والركاكة في صيغته وطريقة إخراجه وتكرار الخلفيات والمصطلحات الهدف واضح تحريض طائفي ممنهج وإعادة إنتاج خطاب الفوضى بطريقة تنسب الإرهاب لمكوّن بعينه لإثارة الفتن.

ورأى أحمد أن ما يدعو للأسف لا بل للشفقة هو أن هناك من يزعمون أنهم "أكاديميون" أو "مطلعون على الشأن العام" يتداولون المقطع الذي تبنى فيه هذا التنظيم الذي وصفه بالكرتوني إحراق الغابات، بكل جدية ويقومون بوسم الجهات الرسمية، مطالبين بالتحرك وكأنهم يواجهون خطرا حقيقيا أو يحاولون بشكل خبيث دس السم بالعسل.

وأكد أن هذا التنظيم هو مجرد أداة من أدوات الدعاية الرخيصة ولا يمكن عد تداول موادهم سوى سقوط أخلاقي وفكري، ويجب حقا أن يراجع طبيبا لقياس معدل ذكائه؛ لأنه بالطبع سيكون بالسالب إذا كانت تمشي عليه ألاعيب كهذه.

في حين أكد أحمد بريمو أنه من خلال متابعة دقيقة لمنشورات القناة التابعة لهذه الجماعة، والاطلاع على ما نُشِر عنها والاستماع لآراء خبراء الجماعات الجهادية في سوريا، يمكن القول: إن "سرايا أنصار السنة" ليست سوى مجموعة تتألف من بقايا تنظيم داعش أو من يحملون فكره. 

وقال: إن وجود الجماعة كأفراد أو كمجموعة أمر لا يمكن إنكاره؛ فتنظيم داعش الذي هُزم عسكريا لم ينتهِ كليا، تمامًا كما لم ينتهِ نظام الأسد الذي تحوّل لاحقًا إلى "فلول" تعمل في مجموعات صغيرة مثل "لواء درع الساحل". 

ورأى بريمو، أن السؤال الأكثر أهمية هنا ليس هل الجماعة موجودة أم لا، بل ما هو حجمها الحقيقي، وما مدى قدرتها الفعلية على تنفيذ مثل هذه العمليات التي تتبناها؟

وأضاف أن من المعروف أن حرائق الساحل ليست جديدة، وهي ظاهرة متكررة في سوريا منذ سنوات بسبب الإهمال والعوامل الطبيعية وغيرها، مستطردا: "حتى وإن صح ادعاء الجماعة بافتعال حريق واحد، فإن هذا لا يغيّر كثيرا من حجم الكارثة المستمرة التي تعيشها البلاد كل صيف".

وأكد بريمو أن جماعة "سرايا أنصار السنة" تتبنى فكر تنظيم داعش بوضوح، وتعمل على تجديد أسلوبه في النشر والدعاية، ما يشير إلى أنها لا تكتفي فقط بإعادة تدوير خطاب التنظيم القديم، بل ستسعى أيضا لاستقطاب متطرفين جدد يشبهونهم في الفكر والمنهج.

وقال أحد المدونين: إن لواء درع الساحل وسرايا أنصار السنة وجهان لعملة واحدة، يتحركان وفق أجندة واحدة لا تمثل أبناء هذا الوطن.

وأكد أن لا درع الساحل يمثّل العلويين، ولا سرايا أنصار السنة تمثّل السنّة، وأن كليهما أدوات رخيصة في لعبة قذرة تُراد بها فتنة داخلية تنهك ما تبقى من روح هذا الشعب.

وأضاف المدون، أن العلويون والسنّة داخل سوريا تعبوا، وملّوا من التحريض والتخوين، وآن الأوان أن نرفض هذه الوجوه المهرّجة التي تحاول أن تزرع الحقد بيننا بأساليب بدائية وتسطيح متعمد للعقول.

وتابع: "ما في شيء أغلى من إنك تشوف بلدك آمنة لأولادك.. فكّر بهالجملة منيح، قبل ما تنفعل أو تصدّق أي خبر عابر على الإنترنت".

وقالت مدونة أخرى: "شلت أيديكم أيها المتأسلمون.. أيها الدخلاء على السنة..يا أتباع الموساد الإسرائيلي والنتن ياهو -في إشارة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو-".

غضب واستياء 

من جهته، عرض الشاعر أنس الدغيم، مقطع فيديو لكلب يحاول إطفاء الحرائق التي اشتعلت في ريف اللاذقية، مستنكرا قيام محسوبين على البشر بإشعالها.

ووصف عبيد الدرعي، من أشعل الحرائق بأنه "خسيس فقد شرفه وشرف خصومته، كائنا من كان"، مؤكدا أن الحرب لا تكون بحرق الأشجار بل للحفاظ عليها.

وأشار إلى أنّ أنصار النظام الجديد يتهمون فلول الأسد، وآخرون يتهمون قسد، وهناك من يتهم النظام نفسه لتهجير أهل الساحل، ثم يخرج من يسمون أنفسهم "أنصار السنة" ليتبنوا الحريق، قائلا: "ولا أعلم من أصدق.. ومن أكذب".

وأضاف الدرعي: "لا أصدق إلا برجال شجعان.. هم الخوذ البيضاء، الذين يقفون بأبسط الإمكانيات لإطفاء نار الحقد التي تحرق الأخضر واليابس".

تحية وتقدير

فيما أشار الصحفي قصي نور إلى أن رجال الإطفاء يواجهون تحديا كبيرا في ظل ظروف جوية قاسية، وتضاريس وعرة، وتهديد مستمر من الألغام الأرضية ومخلفات الحرب التي تُعرّض حياتهم للخطر. 

ولفت إلى أنهم مع ذلك، يواصلون أداء واجباتهم بشجاعة، ساعين لحماية الأرواح والغابات.

ووجه قتيبة ياسين تحية لأبطال الدفاع المدني على خطوط النار وهم لا يجدون فرصة للنوم والطعام، قائلا: "الحمد لله أنهم لا يشاهدون المتنازعين على السوشيال ميديا فريق يتهم الفلول وفريق اخترع تنظيم وهمي ليتبناه".

وحث على الوقوف مع أبطال الدفاع المدني ودعهم بكلمة جميلة أو دعاء، مضيفا: "هذه الأشجار أشجار كل السوريين وهذا التصحر سيؤذيهم كلهم ولن ينظر إلى طوائفهم وأعراقهم قفوا الدفاع المدني.. مع سوريا".

وقدَّمت نور عبدالله، تحية تقدير واحترام لأبطال الدفاع المدني السوري وقوات الجيش العربي السوري وكل المتطوعين الشجعان الذين يواجهون ألسنة اللهب في غابات الساحل السوري.