إيران ترحل آلاف الأفغان منذ نهاية الحرب مع إسرائيل.. ما الذي يحدث؟

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

في أعقاب الحرب التي استمرت 12 يوما بين إيران وإسرائيل، كثفت طهران عمليات الترحيل الجماعي للاجئين الأفغان.

وهو ما سلطت عليه الضوء صحيفة "8 صبح" الأفغانية المعارضة، التي استنكرت ترحيل اللاجئين الأفغان، الذين "لجؤوا لإيران هربا من الفقر والبطالة والاضطهاد، والخوف من الاعتقال أو القتل".

روايات صادمة

ولفتت إلى وجود العديد من التقارير المصورة عند معبر "إسلام قلعة" الحدودي بين أفغانستان وإيران، مشيرة إلى أن "مشاهد التدفق الجماعي للمبعدين أعادت إلى الأذهان أيام سقوط كابل بيد طالبان".

وفي هذا السياق، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن عددَ مَن رُحلوا من إيران إلى أفغانستان خلال أسبوع واحد فقط، بلغ 88 ألفا و308 أشخاص، معظمهم لا يحملون وثائق رسمية. 

وأشارت المنظمة إلى أن "11 بالمئة فقط منهم تلقوا مساعدات إغاثية حتى الآن".

كما أفادت صحيفة “8 صبح” بأن "العديد من المرحلين تحدثوا عن معاملة سيئة واجهوها من الشرطة الإيرانية".

وأضافوا: "رُحلنا قسرا وتركنا ممتلكاتنا وأصولنا في إيران، رغم أن العديد منا يحمل تأشيرات قانونية".

وأشارت الصحيفة إلى أن "العائدين اشتكوا من المعاملة غير الإنسانية التي عاملتهم بها الشرطة الإيرانية في المخيمات؛ إذ صادروا هواتفهم وأموالهم، ووجهوا لهم الشتائم، واعتدوا عليهم بالضرب".

كذلك أشار الأفغان المرحلون إلى أن "سائقي سيارات الأجرة، وملاك العقارات والفنادق في المناطق الحدودية، رفعوا الأسعار مستغلين وضع المرحلين المأساوي".

ونقلا عن مصادر تعمل عند معبر "إسلام قلعة" الحدودي، وتجري يوميا مقابلات مع المرحلين، أشارت الصحيفة الأفغانية إلى وجود "روايات صادمة ومريرة حول ظروف اللاجئين المبعدين".

وادعت هذه المصادر أن "هناك تقارير خطيرة تشير إلى أن بعض عناصر الشرطة الإيرانية طلبوا خدمات جنسية من نساء في المخيمات، ووجهوا لهن شتائم نابية".

قلق مستمر

وأشارت الصحيفة إلى "انتشار تسجيل مصور على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر شابا باكيا، يشتكي من سوء معاملة القوات الإيرانية".

وقال: "كان لدي جواز سفر وتأشيرة، صادروه ومزقوه، وحطموا هاتفي، وضربوني لمدة أربعة أيام، وصادروا كل شيء معنا".

وفي شهادة أخرى، تحدث رجل رُحل قسرا من مدينة قم، قائلا: "قبضت الشرطة علي رغم أن لدي بطاقة هوية، لكنهم صادروها.. كذلك أخذوا أموالنا ووعدونا بإعادتها في مركز الشرطة، لكن ذلك لم يحدث".

وبحسب الصحيفة، "ظهرت عدة مقاطع فيديو أخرى لعائدين يشتكون من قسوة الشرطة وبعض المواطنين الإيرانيين، متهمين الجمهورية بـ(معاداة اللاجئين) ومعاملتهم بوحشية".

وأضافت: "قال بعضهم إن أصحاب العمل رفضوا دفع أجورهم، ثم طُردوا مُهانين صفر اليدين".

وفي مقطع آخر متداول، يظهر رجلا يقول بصوت مختنق: "لم يعطونا أقساط منازلنا التي دفعناها مسبقا، ثم أخرجونا منها".

وفي شهادة أخرى، نقلتها الصحيفة الأفغانية، قال أحد العائدين: "عندما تدخل المخيم، يركض كل شرطي نحوك ويطلب أربعة أو خمسة ملايين تومان (44 ـ 60 دولار)".

وقال أحد الطلاب: "رغم امتلاكنا إقامة سنوية قانونية، ورغم أننا ندرس بالفعل، إلا أننا نعيش حالة من القلق المستمر، حالة من الشعور بالمطاردة وعدم الأمان، ونضطر للهرب أو التخفي أو التنقل بحذر خوفا من الترحيل أو التعرض للمضايقات".

وأضاف: "السلطات تغلق شرائح الاتصالات الخاصة بنا، ولا يمكننا إجراء مكالمات".

وأردف الطالب: "لا يمكن فهم هذا الوضع إلا إذا عشت هنا، كل هذه الظروف تولد الكراهية، وهناك أشياء فظيعة حدثت، لكن لا يمكن قول كل شيء".

مقلق للغاية

وقال مصدر يتعامل بشكل يومي مع المرحلين للصحيفة: إن "الوضع العام لهؤلاء المهاجرين مقلق للغاية ولا يمكن وصفه بالكلمات".

وتابع: "هناك من عاش 50 عاما في إيران، بنى حياته هناك، وحاليا طردوا عائدين صفر اليدين، لا يملكون شيئا في أفغانستان".

واستطرد: "أتحدث يوميا مع أشخاص لا يملكون شيئا في أفغانستان، لا أهل ولا أقارب، ولا مال، ومعظمهم قلقون على مستقبل أولادهم في التعليم والعمل".

وأكد المصدر ذاته أن "من أكبر التحديات التي يواجهها المرحلون هي الأذى النفسي الناجم عن المعاملة السيئة على أيدي الشرطة الإيرانية في المخيمات وعلى الحدود".

وقال: “منذ فترة قصيرة رُحلت فتاة تبلغ من العمر عشر سنوات، وعندما تعود طفلة بهذا العمر دون حماية، ما الذي بإمكانها فعله؟”

وأضاف: "ومن الأمور المقلقة أيضا أنني تحدثت مع أشخاص درسوا في إيران خلال السنوات العشر الماضية، ولكن ألغيت مؤهلاتهم التعليمية ولم تعد صالحة".

من ناحية أخرى، نقلت الصحيفة عن سكان مدينة هرات التي تقع غربي أفغانستان مع الحدود الإيرانية، شكواهم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتضاعف إيجارات المنازل، بسبب عودة الكثير من المهاجرين.

وأكدوا أن "بعض الأشخاص يستغلون هذا الوضع لرفع الأسعار بشكل عشوائي، ما يزيد من معاناة العائدين".

وذكرت الصحيفة أن "هذا الترحيل الجماعي أثار موجة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث تساءل البعض عن سبب صمت الذين دعموا الجمهورية أثناء الحرب مع إسرائيل، في وجه هذا الظلم الواقع على المهاجرين".

بينما رأى آخرون -وفقا للصحيفة- أن “دول الجوار، خصوصا إيران وباكستان، لم ترد يوما الخير لأفغانستان، وأنهم يمارسون الظلم بحق شعبها كلما سنحت لهم الفرصة”.