الخطوط الجوية القطرية والإماراتية.. من يتفوق في سماء إفريقيا؟

"الخطوط القطرية واجهت صعوبة في سد الفجوة أمام منافسيها بإفريقيا"
في ظل تسارع وتيرة سباق التحالفات في إفريقيا على مستويات متعددة وفي قطاعات مختلفة، يحتدم التنافس على النفوذ في سماء القارة السمراء بين شركات الطيران، خاصة الخليجية منها.
مجلة "جون أفريك" الفرنسية سلطت الضوء على التنافس المتصاعد بين كل من الخطوط الجوية القطرية والإماراتية في السوق الإفريقية للطيران، إذ تتصارع الشركتان على السيطرة على المسارات الجوية والاستحواذ على حصص من شركات النقل الإقليمية.

الطموح القطري
ففي مايو/أيار 2025، وخلال زيارة رسمية إلى الدوحة، ناقش الرئيس البنيني باتريس تالون مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني "إمكان التعاون بين شركتي الطيران الوطنيتين، الخطوط الجوية القطرية وأمازون إيرلاينز، إلى جانب بحث إنشاء خط جوي مباشر بين البلدين".
وبالتوجه نفسه، أعرب الرئيس الإيفواري الحسن واتارا عن رغبته في دخول الخطوط القطرية في رأسمال شركة إير كوت ديفوار، وفق ما نقلته "جون أفريك".
وتعلق المجلة قائلة: "تجسد هذه الخطوات طموح الدوحة في تحويل الخطوط القطرية إلى أداة نفوذ في القارة الإفريقية".
من جهته، يشير الخبير سلفان بوسك إلى أن "الخطوط القطرية، التي دخلت السوق الإفريقية متأخرة، واجهت صعوبة في سد الفجوة أمام منافسيها".
ولهذا، تسعى الشركة القطرية لتعويض تأخرها عبر استحواذات إستراتيجية، كان أبرزها في أغسطس/ آب 2024، عندما اشترت 25 بالمئة من "إيرلينك"، أول شركة طيران إقليمية خاصة في إفريقيا، مما عزز وجودها في الجنوب الإفريقي، وفق بوسك.
أما المشروع الأبرز، فيبقى إعلان دخولها عام 2020 بنسبة 49 بالمئة في رأسمال "رواندا إير".
وأضافت المجلة: "رغم بطء المفاوضات، فإن قطر تمول 60 بالمئة من مطار كيغالي الجديد، الذي يتوقع أن يستقبل 14 مليون مسافر بحلول 2032".
وتقول مصادر كونغولية إن هذا التعاون منح الدوحة أيضا دور الوسيط في أزمة شرق الكونغو بين كينشاسا والمتمردين المدعومين من رواندا.
وعلى الرغم من نفيها في أغسطس/ آب 2025 نيتها الاستثمار في إير موريشيوس، تواصل الخطوط القطرية نهجها الواضح: التوسع عبر حصص رأسمالية في الشركات الإقليمية الإفريقية، بما يخدم أيضا المصالح الدبلوماسية للدوحة".

وجود إماراتي قوي
وفي مواجهة المساعي القطرية، تقول المجلة الفرنسية إن "الخطوط الجوية الإماراتية تراهن على خبرتها الطويلة".
فمنذ نهاية التسعينيات، بدأت رحلاتها إلى القاهرة، ثم عززت حضورها خلال كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا.
كما رفعت الشركة معدل رحلاتها إلى ثلاث مدن إفريقية -عنتيبي وتونس وأديس أبابا- بمعدل سبع رحلات أسبوعيا، وأطلقت رحلات جديدة إلى مدغشقر.
وأردفت المجلة: "اليوم، تُسيّر شركة طيران الإمارات 161 رحلة أسبوعيا من وإلى 19 دولة إفريقية، وتكثف رحلاتها إلى وجهات إستراتيجية مثل جوهانسبرغ في دولة جنوب إفريقيا (حتى أربع رحلات يوميا)".
وأضاف: "وبأسطول ضخم من طائرات A380 العملاقة التي تقل نحو 800 راكب، تعتمد الشركة على مطار دبي الدولي الذي استقبل 92.3 مليون مسافر في عام 2024".
ورغم أن طيران الإمارات لا ينتمي إلى أي من التحالفات الثلاثة العالمية الرئيسة لشركات الطيران (OneWorld ،SkyTeam ،Star Alliance)، فقد وقعت ست اتفاقيات رمز مشترك في إفريقيا، مثل اتفاقياتها مع الخطوط الجنوب إفريقية وإيرلينك، مما يسمح لها بربط رحلاتها بشبكات محلية أوسع.
وأشارت المجلة إلى أن الاتفاقات تجمع بين قدراتها وقدرات الشركاء الأفارقة ذوي الطائرات الأصغر حجما، كما تربط طيران الإمارات بشبكة النقل القارية الكثيفة.
ولفتت إلى أن "طيران الإمارات ينقل الراكب المسافر من دبي إلى بورت إليزابيث إلى جوهانسبرغ قبل مواصلة رحلته مع إيرلينك".
تستفيد الشركة كذلك من خدمات "فلاي دبي"، شركة الطيران الاقتصادي الإماراتية التي تسير نحو 40 رحلة أسبوعيا إلى 12 وجهة إفريقية في المغرب العربي وشرق إفريقيا وجنوبها.

تباين وتنافس
وبالمقارنة بين الشركتين من حيث الأداء المالي، أوضحت أن "الخطوط القطرية بقيادة بدر محمد المير، حققت أرباحا بلغت 2.15 مليار دولار عام 2024، واختيرت كأفضل شركة طيران في العالم لعامي 2024 و2025 على التوالي".
وأضافت المجلة أنها تخدم نحو 30 وجهة إفريقية، بينها أبيدجان وجوهانسبرغ والرباط، بأسطول حديث يضم 227 طائرة، لافتة إلى أن "الشركة ستتسلم أكثر من 331 طائرة جديدة خلال السنوات المقبلة".
وتابعت: "كونها عضوا في تحالف OneWorld، الذي يضم 15 شركة بينها الخطوط الملكية المغربية، فإنها تعطي الأولوية للاستثمارات الإستراتيجية".
أما طيران الإمارات، فتتفوق بحجم أسطول عالمي يضم 264 طائرة، كما حققت 39.6 مليار دولار إيرادات في موسم 2024-2025، مع أرباح قياسية بلغت 5.6 مليارات دولار.
ويؤكد تقريرها السنوي 2024-2025 أن إفريقيا تبقى أولوية إستراتيجية ضمن نموذج يعتمد على اتفاقيات تعاون مشترك بدلا من شراكات رأسمالية.
لكن الشركتين الخليجيتين لا تلعبان وحدهما في السماء الإفريقية المزدحمة، حيث تواجهان منافسين أقوياء.
وأفادت المجلة الفرنسية أن الخطوط الجوية الإثيوبية تتصدر المشهد بـ 155 وجهة وإيرادات 6.7 مليارات دولار في 2024-2025.
وبفضل استثماراتها في عدة شركات "مثل اسكي إيرلاينز، وملاوي إيرلاينز، وزامبيا إيرلاينز" وتحالف ستار، تربط الشركة الإثيوبية بين خمس قارات.
في النصف الأول من عام 2025، نقلت الشركة 354 ألف مسافر إلى الصين، التي تُعد أكبر سوق خارج إفريقيا، مقارنة بـ150 ألفًا نقلتهم الخطوط القطرية و139 ألفًا نقلتهم الإماراتية.
ولدعم نموها، تعمل الشركة على بناء مركز رئيس بمدينة بيشوفتو الإثيوبية بـ 10 مليارات دولار أميركي، قادر على استيعاب 100 مليون مسافر سنويا.
أما الخطوط التركية، فتعتمد على موقع إسطنبول الإستراتيجي بين إفريقيا وأوروبا وآسيا، مع واحدة من أوسع الشبكات الإفريقية.
ويؤكد الخبير بوسك أن موقع إسطنبول يتيح لها جذب الرحلات من أوروبا وآسيا وأميركا، بينما تبدو دبي والدوحة أبعد نسبيا عن المحاور الجغرافية للقارة.
وأشار إلى أن الشركات التركية تعزز هذا النفوذ والحضور، خاصة في قطاع البناء، كما يتضح من مطار دكار الجديد.
واختتمت المجلة بالقول: "تكمل الخطوط الفرنسية والسعودية هذا المشهد التنافسي الحاد، حيث يسعى كل ناقل جوي إلى اقتناص نصيبه من السوق الإفريقية المتنامية في ظل ازدهارها الاقتصادي المتسارع".
















