استقالة وزير داخلية فرنسا المعادي للجزائر.. ما انعكاساته على تحسين العلاقات؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

ارتياح واسع في الجزائر، عقب استقالة وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، الذي يعد من أبرز المتسببين في تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية خلال العام الذي تولى فيه منصبه.

وقالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية: إن "ريتايو لم يفِ في النهاية بالوعد الذي قطعه -ولو بطريقة غير مباشرة- للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون". 

ففي مارس/ آذار 2025، صرح بأن تبون لا يحمل في ذهنه سوى هدف واحد، الوصول إلى استقالته من منصبه وزيرا للداخلية، الذي كان يشغله منذ سبتمبر/ أيلول 2024، وشدد حينها على رفضه أن يمنح الجزائر هذا "الانتصار".

هجوم عنيف

ومع ذلك، قرر ريتايو، في أكتوبر/ تشرين الأول 2025، عدم الانضمام إلى الحكومة الجديدة برئاسة سيباستيان لوكورنو، دون أن يعلن استقالته رسميا.

وحسب المجلة، أثار هذا القرار ردود فعل واسعة في فرنسا، خصوصا أن الوزير السابق لا يخفي طموحه في الترشح للرئاسة عام 2027.

وأشارت إلى أن الجزائر كانت تتابع ريتايو عن كثب؛ حيث إنه كان أحد أبرز الفاعلين في الأزمة الدبلوماسية التي فجرت العلاقات الفرنسية الجزائرية، في فترة لم يُشهد لها مثيل منذ الاستقلال في يوليو/ تموز 1962.

وعلى المستوى الرسمي، أفادت المجلة بأن السلطات الجزائرية التزمت الصمت ولم تعلق على رحيله، لكن العديد من وسائل الإعلام الجزائرية شنت هجوما عنيفا على الوزير السابق. 

وضربت المثل بإحدى الصحف المقربة من الرئاسة (لم تسمها)، التي قالت عنه: إنه "كان الأداة المثالية لتشويه صورة الجزائر" أمام الرأي العام الفرنسي، وهي المهمة التي وصفتها الصحيفة بـ"المهمة القذرة".

وسعت الصحيفة إلى إبراز الفارق بين الوزير السابق وخلفه لوران نونيز، ورغم تأكيدها على أنه "من السابق لأوانه الاستنتاج بأن هناك تغييرا جذريا في فرنسا بشأن قضية العلاقات مع الجزائر"، إلا أنها افترضت أن "أداء نونيز سيكون أفضل في مجال العلاقات الجزائرية الفرنسية، وكذلك في مجال الأمن العام".

أما صحيفة "الشروق"، فوصفت الوزير السابق بـ"مشعل الحرائق"، الذي أجّج الخلافات بين باريس والجزائر. 

ورأت أن خسارته لموقعه الحكومي "قد تكون كارثية على مستقبله السياسي"، حيث إنه "غادر وزارة الداخلية بعدما تفاقمت أزماته بسبب فشله الذريع في إدارة الأزمة مع الجزائر، فضلا عن فشله في طرد أي جزائري رغم سعيه لذلك".

مسار التهدئة

وحسب ما ذكرته "جون أفريك"، يرى مراقبون أن رحيل شخصية تمثّل اليمين المتشدد قد يمهد لإعادة النظر في العلاقات الثنائية. 

وأشاروا إلى أن قرارات الوزير السابق أسهمت في تأزيم الأوضاع، مثل إلغاء اتفاقيات 1968 و2007 بشأن التأشيرات الدبلوماسية، وعمليات ترحيل الجزائريين وإغلاق القنصليات، وكذلك تجميد أموال النخبة الجزائرية وخفض عدد التأشيرات. 

وقالت المجلة: إن "ريتايو لم يدخر جهدا في محاولة إجبار المسؤولين الجزائريين على الاستسلام، لكن دون جدوى".

وتابعت موضحة: "إذ لم يكن الوزير على دراية بطبيعة القيادة الجزائرية، فكلما ضغط عليها أكثر، ازدادت صلابتها". 

وأضافت أن "الرئيس تبون أبلغ نظراءه الفرنسيين أنه لا يريد سماع اسم ريتايو، وأن بقاءه في منصبه يجعل أي محاولة لتطبيع العلاقات مستحيلة، وأن التعاون الأمني سيظل مجمدا ما دام موجودا".

وتساءلت المجلة عما إذا كان خروج ريتايو من الحكومة الفرنسية يمثل بداية لمرحلة تهدئة بين البلدين، على تقدير أنه كان على خلاف دائم مع نهج وزارة الخارجية الفرنسية وقصر الإليزيه، وهو ما جعل الجزائر "تشعر أن باريس تتحدث بصوتين متناقضين".

وأوضحت أن "ذلك تجلى في ربيع عام 2025، حين اتهمت الجزائر الوزير بإفشال مبادرة تهدئة أعقبت اتصالا بين الرئيسين وزيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر".

لكن من زاوية أخرى، يرى مصدر جزائري مطلع أن الأزمة أعمق من شخص واحد، ودلل على ذلك بأن "الأزمات تراكمت، والثقة انعدمت قبل وصوله لوزارة الداخلية"، مشيرا إلى أنه "استغل الملف الجزائري لاستمالة ناخبيه اليمينيين".

في المقابل، ترى مصادر فرنسية أن "الكرة الآن في ملعب الجزائر"، معربة عن أملها في أن "ينتهج صانعو القرار فيها ما يكفي من (الواقعية السياسية) للاستفادة من التغير الجديد والانخراط في مسار تهدئة بدأته الرئاسة ووزارة الخارجية الفرنسية، لكنه لم يجد حتى الآن أي تجاوب من الجزائر".