أصوات أنين الجوع تتعالى في الفاشر.. وناشطون يحمّلون الإمارات المسؤولية

ندد ناشطون بفرض الحصار على الفاشر ووضع آلاف المدنيين تحت وطأة الجوع
في أعقاب تصاعد الجدل حول دور المجموعة الرباعية "الولايات المتحدة، الإمارات، السعودية، مصر"، لإنهاء الحرب المتواصلة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، صعدت قوات الدعم السريع جرائمها واستهدفت بمسيّرة مواقع مأهولة بالسكان في مدينة الأبيض شمال كردفان وسط البلاد.
جاء ذلك بالتزامن مع استمرار نزوح المئات من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور؛ إذ أعلنت منظمة الهجرة الدولية، في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025، نزوح 1510 أشخاص على الأقل من المدينة خلال 5 أيام، جراء تصاعد وتيرة العنف وانعدام الأمن.
وذكرت المنظمة في بيان أن موجة النزوح الأخيرة وقعت خلال الفترة من 15 إلى 19 أكتوبر، بسبب تفاقم الوضع الأمني واستمرار المعارك بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" في المدينة ومحيطها.
وأوضحت أن النازحين توزعوا في مواقع متفرقة بمنطقتي الفاشر والطويلة شمال دارفور، مشيرة إلى أن "الوضع لا يزال متوترا ومتقلبا، ما ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية".
وفي اليوم ذاته، أصدرت تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر بيانا موجزا حذّرت فيه من تفاقم أزمة الجوع في المدينة، ووجّهت نداءً أخيرًا إلى الجهات المحلية والدولية قائلة: "الجوع يقتل شعبنا رويدا رويدا.. وسنكتفي بعد هذه النداءات المتكررة ونشاهد معكم موتنا".
وختمت التنسيقية التي تعد شبكة محلية ناشطة في تنظيم الاحتجاجات وتنسيق المطالب المدنية بالمحليات المتأثرة بالأزمة، بيانها بجملة: "انتهى البيان يا سادة"، في تحذير ضمني من نفاد سُبل الصمود لدى الأهالي.
وتشهد الفاشر ومناطق واسعة في دارفور ضغوطا إنسانية كبيرة ناجمة عن تعقّد الوضع الأمني، وتدهور الخدمات ونقص المساعدات، ما أدى إلى تفشّي ظاهرة انعدام الأمن الغذائي بين المدنيين.
ومن المفترض أن ينعقد اجتماع دول الآلية الرباعية حول السودان في واشنطن نهاية أكتوبر، حيث يتوقع في اللقاء المرتقب أن تفضي التحركات الدولية الأخيرة هذه المرة إلى تسوية سياسية نهائية للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وصب ناشطون جام غضبهم على المجموعة الرباعية، مؤكدين أن تحركاتها الأخيرة الساعية "ظاهريا" لوقف الحرب في السودان لم تكن حبا في البلاد، وإنما دفاعا عن مصالحها في المنطقة وطمعا في موارد البلاد.
وحثوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #صوت_الجوع، #الفاشر_تموت_جوعاَ، #السودان_المنسي، على استقلالية القرار الوطني السوداني، معربين عن رفضهم تبعية السودان لأي جهة أي ما كانت.
وندد ناشطون بفرض الحصار على الفاشر ووضع آلاف المدنيين تحت وطأة الجوع ومعاناتهم من ويلات الحرب، مستنكرين دور الإمارات الداعم لمليشيات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو “حميدتي” ومحاولة فرضهم على السودان تحت مظلة إقليمية دولية متوافق عليها.
تجاوزات الرباعية
ورفضا لدور المجموعة الرباعية، تساءل المستشار القانوني الدولي النذير إبراهيم محمد أبوسيل، عمن أعطاها التفويض لتملي على الشعب السوداني ومؤسساته الوطنية مساراتٍ سياسية وأمنية واقتصادية دون مرجعية قانونية صادرة من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي؟
وأكّد أن ما يجرى من تدخلٍ في الشأن السوداني، تحت مسميات "الوساطة الدولية" أو "الرعاية الإقليمية"، يمثل تجاوزًا صريحًا لمبادئ القانون الدولي العام، وللمادة (2/7) من ميثاق الأمم المتحدة.
وهذه الأخيرة تنص بوضوح على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يُجيز للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لأي دولة".
وتساءل أبوسيل: "كيف بكيانات إقليمية أو مجموعات سياسية تمنح نفسها حق الوصاية على دولة عضو في الأمم المتحدة؟"، مؤكدا أن الوساطة المنحازة تفقد مشروعيتها.
وأشار إلى أن تقارير أممية وصحفية أظهرت أن بعض الدول المشاركة فيما يسمى بـ"الرباعية" قد فقدت صفة الحياد التي تُعدّ شرطًا جوهريًا في أي وساطة أو تسوية نزاع بموجب اتفاقية لاهاي لعام 1907 الخاصة بتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية.
ووجه أبوسيل بصفته خبيرا في القانون الدولي ومستشارا للمحكمة الدولية لتسوية المنازعات، دعوة صريحة ومسؤولة إلى المجتمع الدولي لضمان حياد الوسطاء، مؤكدا أن لا وساطة دون حياد، ولا تسوية عادلة برعاية من يملك مصلحة في استمرار النزاع.
وحث على تحقيق دولي مستقل، حول التدخلات الخارجية ودعم المليشيات في السودان، تحت إشراف الأمم المتحدة والمحكمة الدولية، مناشدا حماية المدنيين فورا من خلال تطبيق المواد (3 المشتركة) من اتفاقيات جنيف وفرض ممرات إنسانية آمنة للفاشر ودارفور.
ودعا أبوسيل إلى مساءلة الدول والأفراد، بتطبيق قواعد المسؤولية الدولية ومحاسبة من يثبت تورطه في دعم الجرائم ضد الإنسانية، وفقا للمادتين (25) و(28) من نظام روما الأساسي.
وحث على احترام سيادة السودان: بصفته مبدأً غير قابل للتجزئة، وفقا للمادة (1/2) من ميثاق الأمم المتحدة، مؤكدا أن كل ما قاله نداء للضمير الدولي بأن الكيل بمكيالين في تطبيق القانون الدولي يُفقد المنظومة.
وأكد سلطان عبودي، أن الرباعية لم تأت لمساعدة السودان ولا الشعب السوداني، وإنما عبارة عن استعمار جديد بوجه ناعم، مستنكرا أنهم يتكلمون باسم "الدعم الإنساني" و"الانتقال الديمقراطي".
وأوضح أنهم يستهدفون السيطرة على قرار السودان، ويفرضوا عليه سياسات تخدم مصالحهم هم، وليس مصلحة الوطن، مؤكدا أن البلد يحتاج قرارا وطنيا مستقلا، وليس وصاية من أي جهة أجنبية مهما كان اسمها أو نيتها.
وتساءل خليل محمد سليمان، عن شرعية الرباعية وآلياتها، مؤكدا أن اسمها "بلطجة دولية" وأن المال الإماراتي يشتري المواقف لكنه لا يشتري التاريخ.
وأشار إلى أن أيّ لجنة دولية أو قرارات غير صادرة عن مجلس الأمن أو الأمم المتحدة غير ملزمة وغير قانونية.
وقال ياسر مصطفى، إن الرباعية ليست سوى إعادة تدوير للاتفاق الإطاري، ولكن هذه المرة بغطاء دولي، جوهرها تقليص دور الجيش السوداني وتحويله إلى مجرد طرف مكافئ للمليشيات، تمهيدًا لتمكين حكومة مدنية مفصلة على مقاس وكلاء الخارج.
وتوقع أن تكون النتيجة تعزيز النفوذ الإماراتي على حساب الدور المصري التاريخي، وتقديم المليشيات المدعومة من أبوظبي كقوة شرعية.
وحذر مصطفى من أن هذا الترتيب يضع القاهرة في مأزق إستراتيجي؛ إذ تجد نفسها أمام محور إثيوبي-سوداني موحد في الملفات الحساسة، وهو السيناريو الذي لطالما سعت لتجنبه، مؤكدا أن ما عجزت عنه الإمارات بالبندقية، تحاول فرضه بالدبلوماسية.
وأضاف أن الإمارات حين فشلت أدواتها المسلحة في كسر إرادة الشعوب، لجأت إلى طاولات التفاوض لتعيد إنتاج ذات المشروع بوجه ناعم، لكن تغيير الواجهة لا يُخفي جوهر المخطط: تقويض الجيوش الوطنية، وتمكين المليشيات، وتكريس الهيمنة عبر وكلاء مدنيين مفصلين على مقاسها.
وقالت المغردة سلمى: "عجيب أمر مدعي السلام يريدون إعادة الجنجويد (الدعم السريع) إلى قلب الخرطوم بعتادهم العسكري تحت مظلة إقليمية دولية متوافق عليها!!!.".
المجاعة تتفشى
وتنديدا بتفشي المجاعة واستنكارا للصمت الدولي على ما آل إليه السودان، أشار الإعلامي حفيظ دراجي إلى أن مدينة الفاشر ترزح تحت حصار خانق منذ أكثر من 700 يوم، حتى اضطرّ أهلها إلى أكل الجيف وعلف الحيوانات من شدة الجوع.
ولفت إلى أن أوضاعا إنسانية مأساوية تتفاقم بصمتٍ دولي، في واحدة من أبشع صور المعاناة التي يعيشها المدنيون في ظل الحصار والنزاع المسلح.
وأكد دراجي، أن ما يحدث في الفاشر ليس مجرد أزمة غذاء، بل كارثة إنسانية بكل المقاييس، تستدعي تحركًا عاجلًا من الضمير العالمي.
واستنكر مغرد آخر، أن الفاشر بتنزف وجع، والعالم ساكت، والسودان وحيد بين الركام والحصار، داعيا الله أن يخفف عن أهلها وجع الجوع والخوف، وأن يبعث لهم من رحمته ما يحيي الأمل من جديد.
واستهجن مغرد آخر، أن أهل الفاشر يموتون من الجوع دون أن يتكلم عنهم أحد ولا يعرف أنهم محاصرين لأكثر من سنتين، وحتى علف الحيوان الذي يأكلوه لم يعد متوفر، داعيا للحديث عن المجاعة هناك.
ولفت المغرد محمد إلى أن منظمات الإغاثة، بينها برنامج الأغذية العالمي واليونيسيف، تحذر من أن مدينة الفاشر تعيش أسوأ أزمة إنسانية في السودان حالياً؛ حيث يهدد الحصار والجوع حياة مئات الآلاف، مستنكرا أن رغم كل التحذيرات، لا توجد خطة فعّالة لإنقاذها من المجاعة الوشيكة.
وعدت المغردة منون التزام الصمت تجاه الفاشر خيانة للإنسانية، قائلة: إن هذه المدينة “تناديكم.. لا بالصوت العالي، بل بأنين الجوع وصمت الخوف.. من يسمع؟ ومن يتحرك؟”
تورط إماراتي
وهجوما على مليشيا الدعم السريع "الجنجويد" واتهاما للإمارات بالتسبب فيما وصل له السودان، قال المفكر تاج السر عثمان: إن أبوظبي تعزز مليشيات الجنجويد بالأسلحة الفتاكة لخنق الفاشر، مؤكدا أن ما يجرى ليس حربا أهلية بل حرب مرتزقة بتمويل خارجي.
وأضاف أن الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن الدم في دارفور يسفك بأموال أبوظبي ومن يمول القتلة شريك في الجريمة ومن يصمت متواطئ.
وقال أحمد عبدالرحمن، إن كل ما يحدث لأهلنا في الفاشر من تجويع، مرض، قتل واستعباد هو من صنيع دويلة الإمارات الصهيونية.
وأكدت المغردة سلمى، أن حقد مليشيا الجنجويد علي البلاد فاق كل المعقول لا يمكن لسوداني أن يحقد على بلده بهذا الشكل إلا أن يكون قد باع ذمته للإمارات وآل دقلو.
وقال: إن مليشيا الجنجويد تستهدف محيط مطار الخرطوم بطائرات مسيرة وبحمد الله تم إسقاطها جميعا بفضل الله ثم أنظمة الدفاع التي تؤمن المطار.
وكتب آخر: “العرب لا يصلحون لشيء، هذه الجامعة (العربية) هيئة عنصرية تجامل وتدافع عن المطبعين صهاينة العرب ولا تتوانى في ركل دولها الضعيفة والفقيرة لدرجة تأمين وتوفير الغداء للكيان المارق وأهل السودان (الفاشر) يفتك به الجوع”.
وتابع أن "المتسبب في ذلك هي دولة الإمارات اليد الصهيونية التي تعبث في الوطن العربي".