انسحاب الجيش من الفاشر يُشعل الجدل بالسودان.. قرار إنساني أم تراجع إستراتيجي؟

شدوى الصلاح | منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

جدل واسع أثاره إقرار رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، بانسحاب الجيش السوداني من آخر معاقله في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، وتبريره ذلك بأن القرار اتخذ لحماية المدنيين وتجنيب المدينة مزيدا من الخسائر البشرية والمادية.

البرهان قال في كلمة متلفزة عرضت في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2025، إن قيادة الجيش في الفاشر قررت مغادرة المدينة لما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين.

وأضاف: "الشعب السوداني وقواتنا المسلحة سينتصرون وسنحاسب كل المجرمين الغادرين". مشددا على أن ما يجرى في الفاشر انتهاك لكل الأعراف الدولية أمام العالم. 

وتابع قائلا: "تقدير القيادة في الفاشر كان مغادرة المدينة بسبب ما تعرضت له من تدمير ممنهج، وقواتنا قادرة على تحقيق النصر وقلب الطاولة واستعادة كل الأراضي".

وجاء ذلك في وقت، كشفت مؤسسة أهلية بالسودان، وصول 1117 نازحا جديدا من مدينة الفاشر إلى منطقة طويلة بولاية شمال دارفور غربي البلاد، جراء تصاعد وتيرة العنف وانعدام الأمن.

وتشهد الفاشر منذ أيام اشتباكات ضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، إثر هجوم تشنّه الأخيرة على المدينة المحاصرة من خمسة محاور، في محاولة لبسط السيطرة عليها لما تحمله من أهمية إستراتيجية.

وتعاني آلاف الأسر في المدينة المحاصرة من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، في ظل انعدام انقطاع الإمداد نتيجة للحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية من قبل الدعم السريع، ما يجعل حياة المدنيين، خاصة الأطفال وكبار السن، تحت خطر المجاعة والأوبئة.

وبدورها، أدانت حكومة السودان بأشد العبارات "الجرائم الإرهابية المروعة التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر". وفق بيان لوزارة الخارجية السودانية.

 وذكرت الوزارة في بيان، أن قوات الدعم السريع "ارتكبت ولا تزال ترتكب عمليات قتل عنصري وترويع ممنهجة ضد المدنيين العُزّل، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، في مشاهد صادمة يوثقها مرتكبوها بفخر ووقاحة، كاشفةً عن طبيعتها الإجرامية التي تحترف الدماء والإرهاب". 

وأضافت أن ما وصفتها "مليشيا آل دقلو الإرهابية" خططت "لهذه الإبادة الجماعية بحصار الفاشر وتجويع سكانها لعامين ونصف العام لتتوجها اليوم بمجزرة مروّعة تُضاف إلى سجل المليشيا الأسود من الفظائع والانتهاكات الممتدة من مدينة الجنينة إلى قرى وأرياف ولاية الجزيرة".

وأشارت إلى أن الحكومة السودانية حذّرت مرارا المجتمع الدولي من خطورة الصمت والتقاعس، وطالبت بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2736) لسنة 2024، إلا أن غياب الإرادة السياسية الدولية مكّن المليشيا الإرهابية ومنحها الضوء الأخضر لتحدي القوانين الدولية والديانات السماوية وأن تستمر في زهق الأرواح وتدمير المدن وهتك أعراض الشرفاء".

ورأت أن "تسييس الأزمة وانحياز بعض الدول لمصالحها السياسية والاقتصادية، بدلا من اتخاذ موقف أخلاقي وإنساني تسبب بشكل مباشر في مذبحة الفاشر". 

ومن جانبها طالبت المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية بالسودان قوات الدعم السريع بالسماح بالوصول إلى الفاشر، وتوفير ممرات آمنة للمدنيين، في حين طالب مستشار الرئيس الأميركي لشؤون إفريقيا الدعم السريع بالمضي نحو هدنة إنسانية لـ3 أشهر.

وتباينت ردود فعل الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي حول خطاب البرهان، بين مؤيدين عدّوه محاولة جادة لإعادة ترتيب المشهد السياسي ووعيدا للمليشيا وإنذارا بملاحقتها وردعها، وبين آخرين انتقدوا تصريحات البرهان ورأوها غير موفقة وتظهر ضعف الجيش السوداني.

واستنكروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #البرهان، #الفاشر، #الدعم_السريع_إرهابية، #حميدتي، #دارفور وغيرها، ضعف موقف النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، تجاه ما يحدث في الفاشر، مسلطين الضوء على تداعيات احتدام الحرب وسيطرة المليشيا على إقليم دارفور بالنسبة لمصر.  

وأدان ناشطون الانتهاكات الإنسانية والجرائم التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في الفاشر، مستنكرين تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات حازمة لوقف العنف وتقديم المساعدات الإنسانية وغض الطرف عن جرائم المليشيا والدور الإماراتي الداعم لها.

جدل واسع

وتعقيبا على خطاب رئيس مجلس السيادة السوداني وتقديم لتحليلات وقراءات لما جاء فيه، قال مكاوي الملك: إنه خطاب قوي للقائد من داخل قيادة العمليات.

وأكد أن السودان لا يخسر معركة إلا ليكسب الحرب، والفاشر ستكون شاهدا على أقوى عملية اقتصاص في تاريخ الحروب في العالم، قائلا: "صدقوني من غير تفاصيل سيتكرر للمليشيا نفس سيناريو الوسط.. لكن هذه المرة سيكون مختلفا في التنفيذ وأقوى في التدمير".

وأكدت عزة إيرة، أهمية اتباع معايير الشفافية في التصريحات الحكومية، قائلة: إن ما جاء في خطاب البرهان اليوم من اعترف بأن الجيش انتقل من الفاشر إلى مكان آمن خطوة مهم لأن الحرب لا تُدار بالكذب أو الادعاءات.

وأضافت أن هذا الاعتراف لا يعفي قيادة الدولة من القيام بواجبها الأساسي والمسؤولية الإنسانية في حماية المدنيين، ما يحتم عليها فتح ممرات آمنة وإجلاء المحاصرين، واتخاذ كافة الإجراءات لحفظ حياة المدنيين من هجمات الجنجويد التي تهدد أرواح الناس بالانخراط في حوار شفاف بدون مماطلة يضمن سلامة المدنيين وفتح ممرات إنسانية حتي لا تفقد البلاد المزيد من أبنائها.

وقال المغرد عبودي: إن "البرهان ناوي شر عظيم مطبق على المليشيا من تحليل الخطاب بكلمات بسيطة عادية ورآها فعلا غوائيا مجنونا بغضب سيزلزل المليشيا وقيادتها".

ورجح استهداف القيادات الأولى للمليشيا وهلاك عبد الرحيم دقلو، قائلا: "لنترقب ونجيب فشار".

ورأى أحد المدونين، أن البرهان كان شجاعا وواضحا وقال: إن اللجنة الأمنية قررت الانسحاب من الفاشر لحماية المدنيين وتجنبيهم الضرر وطرحت ذلك على القيادة والقيادة وافقت على ذلك.

وأشار إلى أن هذه التسوية سمحت بوصول عشرات الآلاف من المدنيين إلى ملاجئ آمنة، مثمنا شجاعة الرئيس في مكاشفة الناس وتنويرهم بما حصل في الفاشر.

وفي المقابل، وصف محمد الخاتم، خطاب البرهان بأنه "ركيك وعذر أقبح من الذنب"، مذكرة بأن قبل سنتين عرض عليه خروج الجيش والدعم السريع من الفاشر وتسليمها للحركات المسلحة وقال لا.

وأشار خالد الهاشمي إلى أن البرهان ألقى خطابه بعد هزيمة الجيش في الفاشر، قائلا: "ليته لم يلقِه، فهو خطاب المغيب الفاقد الوعي غير المدرك لآلام الحرب الأهلية وآمال السودانيين".

وانتقد إسماعيل عمر المبررات التي ساقها البرهان، قائلا: “إذا صدقنا هذه الرواية بأنه في جيشنا يوجد فرقة تفرض رأيها على القيادة العليا، أين هذا المكان الآمن؟ مع العلم أن حصار الفاشر جغرافيا كان من جميع الجهات؟ ولماذا انتظرت الفرقة ٦٠٠ يوم مقاومة حتى تكتشف ذاك المكان الآمن؟”

وتابع تساؤلاته: “لماذا المكان الآمن لا يستوعب مواطني الفاشر مثلما استوعب أفراد الفرقة؟ أم أن الأمر كان تسوية مع المليشيا لإخراج أفراد الفرقة السادسة مشاة مقابل الانسحاب لهم من الفاشر؟ أم تبخروا جميعا إلى سماء الفاشر؟” واصفا خطاب البرهان بأنه "كلام لا يستقيم أبداً على ساقين".

ورأى عمر أن التبرير كان أسوأ من الفعل نفسه، ومصير أفراد الفرقة ما زال مجهولاً، فإذا تمت تصفيتهم جميعا من المليشيا فهذه جريمة، وإذا تمَّ أسرهم عند المليشيا، والبيان خرج عكس هذا فهذه جريمة أخرى، وإذا تمت مقايضتهم وفق صفقة سياسية فهذه جريمة أفظع. 

وقال: "في جميع الأحوال تصريح قائدنا العام للقوات المسلحة أفزعنا أكثر من كونه تطمينا لنا في هذا الوقت، لقد أخافنا بتبريره الفطير أكثر من المليشيا، لقد أربكنا ولم يترك عقلنا في مكانه، لقد أحبطنا البرهان أكثر مما نعانيه".

وكتب محمد المصطفى: "الفاشر سقطت؟!! نعم، البرهان وقيادات الدولة تخاذلت؟! نعم.

الجنجويد مبسوطون ويمارسون إبادة المواطنين؟!! للأسف نعم وهذا ديدنهم وكان متوقعا، هل استسلمت الفاشر وانتهت المعركة بالسقوط كما حدث في نيالا وزالنجي؟!! لا وألف لا، ما فعله الجنجويد بالفاشر وما زالوا يقومون به من جرائم سيدفعون ثمنه مضاعفا".

استهجان الصمت

واستنكارا للصمت الدولي على ما ترتكبه مليشيات الدعم السريع في السودان من جرائم مروعة، عرض وهيب كباس نبذة عما ترتكبه المليشيات المدعومة من الإمارات تحت صمت عربي وإسلامي ودولي.

وتمنى من الدول العربية خاصة مصر أن تتحرك دبلوماسيا وعسكريا لإيقاف المجازر، كما تمنى من السعودية وقطر ودول الخليج التحرك فورا لدعم السودان ودعم الجيش وإيقاف عبث دويلة الإمارات في الفاشر.

واستهجنت المغردة سلمى الصمت الدولي من كل حكومات العالم حول ما حدث في الفاشر.

واستبقت ذلك بحث الدولة والمنظمات الحقوقية والدولية على التحرك نحو الفاشر لنقل النازحين إلى مناطق آمنة ولتوفير الحماية لهم، مؤكدة وجوب التدخل العاجل لوقف نزيف الدم في الفاشر ولإيقاف مجازر الجنجويد في حق المدنيين العزل.

واستنكر معتصم الربيعي على علماء الأمة صمتهم المطبق وخيانتهم للأمانة، مذكرهم بأن السودان تذبح ويجب تيسير المجاهدين المتطوعين مع قوافل الإغاثة.

وقال أحد المغردين: إن السودان شعب أعزل يُذبح أمام صمت العالم لا عدسات، لا أصوات، لا وجع يُشاركهم وجعهم، كأن الألم هناك لا يُحتسب ضمن آلام البشر. مشيرا إلى أنه بلد أنهكه الجوع والوجع، أينما أدرت وجهك تجد إنسانا يموت قهرا.

وقال عبدالرحمن الشمباتي: "صمت العالم يقتل! قوات الدعم السريع ترتكب مجازر في الفاشر: قصف على مدنيين، مستشفيات، ومساجد.. عشرات الضحايا، ودارفور تنزف تحت وطأة الإبادة الجماعية". متسائلا: “أين الضمير الإنساني؟ أين العدالة؟”

صمت مصري

وتنديدا بصمت النظام المصري على ما يحدث في الفاشر وتسليطا للضوء على خطورة سيطرة المليشيا على الأمن القومي المصري، تساءل خبير إدارة الأزمات مراد علي: “كيف يسكت النظام المصري على ارتكاب قوات الدعم السريع جرائم ضد الإنسانية في الفاشر في دارفور؟”

وقال: "لا أفهم المصالح التي تدفع بدولة خليجية تبعد آلاف الكيلومترات أن تدخل وتدعم المجرم حميدتي"، متسائلا: “هل حان الوقت كي تدافع مصر عن أمنها القومي في السودان؟”

وتحدث البرلماني المصري السابق محمد عماد صابر عن مخاطر سيطرة حميدتي على الفاشر وكامل إقليم دارفور على مصر، وكيف تؤثر سيطرة الدعم السريع على دارفور بما فيها من أسواق للمحاصيل الزراعية والماشية التي تستوردها مصر من السودان؟

واستبعد أن المشكلة تكمن في تأثير اقتصادي على مصر ولكن إقليم دارفور هو 20% من مساحة السودان وبه 10 ملايين نسمة يعنى ما يقارب ربع سكان السودان فهذه السيطرة تعزز تقسيم السودان بشكل فعلي وهو ما يهدد الأمن القومي المصري بشكل كامل.

وأوضح صابر، أن إقليم دارفور بوضعه الجيو سياسي سيحقق التواصل مع الجنوب والشرق الليبي مما يحقق تواصلا جغرافيا مع مليشيا حفتر وهذا يعزز النفوذ الإماراتي الذي هو ذراع ينفذ المخطط الصهيو أميركي لتجزئة العالم العربي وإعادة رسم خريطة العالم العربي بحيث يتحول إلى كانتونات طائفية وعرقية ومليشيات يسهل السيطرة عليها وتكون تابعة للكيان الصهيوني.

وذكر بأن دارفور رئة رئيسة للماشية السودانية (25%)؛ سيطرة RSF مقرونة بحظر التصدير إلى مصر تعني عمليا انكماشا بين 25% و50% من الإمداد السوداني لمصر مقارنة بخطّ أساس ما قبل الحرب، مع ارتفاعٍ لاحق في الكلفة والأسعار محليا.

وأشار صابر إلى أن أسواق الحبوب والسمسم والماشية في دارفور صارت محليّة ومجزّأة، وازداد التهريب والجبايات، ما يرفع تكلفة الوصول إلى الحدود المصرية ويُضعف موثوقية التوريد. 

وأضاف: "لذلك، الأثر على مصر يكون أمنيًا (حدود)، وتجاريًا (كلفة وكميات)، وماليًا (ضغط على الأسعار والعملة) في وقتٍ قصير ما لم تُنشأ ممرات مُحكمة أو بدائل استيراد رخيصة".

وقال الناشط الحقوقي أسامة علي: "بعد سقوط الفاشر‬ في شمال غرب دارفور، وما يرافقه من مجازر مستمرة حتى الآن ضد المدنيين، بل وحتى ضد جنود الجيش السوداني، ‏يبدو أن نظام السيسي‬ البليد يتعامل مع ما يجرى في السودان الشقيق وكأنه يحدث في أميركا اللاتينية".

وأضاف أن ‏هذا النظام الفاشل الذي تنازل من قبل عن حقوق مصر في شريان حياتها النيل، يرتكب اليوم خطيئة كبرى تؤكد مجددًا أنه لا يفهم شيئًا في مفهوم الأمن القومي المصري، ويتركه نهبًا لـ"أولاد زايد" الذين تحركهم الأصابع الصهيونية لحصار مصر من الجنوب والغرب، بل ومن الشرق أيضا.

وذكر رشدي بأن ما بيننا وبين السودان رباط مقدّس، وهو الذي كان يومًا – ليس ببعيد – جزءًا من مصر، قائلا: "‏وأضم صوتي إلى ما قاله السفير معصوم مرزوق: لقد حان الوقت لوقفة حاسمة مع أولاد زايد المخرّبين الذين باتوا يحاصرون مصر بالمليشيات والمؤامرات والمذابح".

وأضاف أن تفكيك السودان وانعدام الاستقرار في إقليمه قضية أمن قومي لمصر؛ أقلّ تبعاتها تدفق اللاجئين وتحول السودان على حدودنا إلى دولة فاشلة تستقطب المليشيات والإرهاب". 

وتابع رشدي: "أما مخاطر تقسيم السودان، فستنعكس بالضرورة وبالًا على مصر، ‏فإذا لم نكن نحن أول المعنيين، فمن يكون؟! ‏خيبة عليكم وعلى الرتب الفالصو التي تحملونها على أكتافكم وصدوركم!".

ورأى الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل، أن مصر أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تتفرج حتى يصل المشروع الإماراتي الإسرائيلي إلى حدودها، أو أن تتحرك كقوة إقليمية قائدة لحماية أمنها وعمقها الإفريقي.

وتساءل: "حضرتك شايف مصر بتعمل إيه دلوقتي ضد هذا المخطط الذي بدأ منذ سنوات؟"، مجيبا بسخرية: "السماح للإمارات بالتوغل في مفاصل الدولة المصرية خاصة القطاع الاقتصادي والإعلامي!".

وعدد أبو خليل أسباب دعم وتمويل الإمارات مليشيات الدعم السريع بقيادة حميدتي، ومنها الذَّهب؛ إذ تعد أبوظبي هي المستورد الأكبر للذهب السوداني وتسعى لضمان تدفقه عبر دارفور دون رقابة الدولة أو سيطرتها!

ورصد من بين أسباب دعم الإمارات للدعم السريع، طمعها بالنفوذ الإفريقي؛ حيث تمنح السيطرة على غرب السودان، الإمارات طريقًا للتمدد نحو تشاد وإفريقيا الوسطى والقرن الإفريقي ضمن مشروع نفوذ واسع يمتد في عمق القارة السمراء.

وأكد أبو خليل، أن الإمارات تعمل ضمن تحالف غربي إسرائيلي لإعادة ترتيب السودان بما يخدم أمن إسرائيل ويؤمّن البحر الأحمر في الوقت الذي يُضعف فيه النفوذ المصري ويعزل القاهرة عن عمقها الإفريقي.

وأشار إلى أن الإمارات تدعم المليشيا بهدف إعادة رسم خريطة السودان، ومنع عودة الإسلاميين إلى السلطة وتشكيل واقع جديد يخدم المصالح الإماراتية والغربية.

وأوضح أبو خليل، أن حفتر وحميدتي ذراعان لمشروع واحد؛ حيث تبرر أبوظبي للغرب دعمها لحفتر في ليبيا ولحميدتي في السودان بأنهما قوتان ضد الإسلام السياسي فحفتر هو الذراع العسكرية الإماراتية في شمال إفريقيا وحميدتي ذراعها في قلبها.

وأكد أن حفتر شريك فعلي في دعم وتموين مليشيات الدعم السريع وحلقة لوجستية أساسية في المشروع الإماراتي الممتد من بنغازي إلى دارفور بدونه ما كانت تلك الإمدادات الإماراتية لتصل إلى السودان بهذه السهولة.

وحذر محمد العنتبلي، من أن ما يحدث في الفاشر ليس مجرد معركة عادية، وإنما حرب تتغير فيها خريطة السودان، قائلا: إن "كل ما الوضع يسخن هناك كل ما لازم مصر تفتح عينها أكتر؛ لأن الفاشر فى الغرب لكن تأثيرها بيتمد لحد الشرق يعنى فى الآخر قريب من حدودنا".

وأضاف: "مصر مش مقصودة بشكل مباشر فى اللى بيحصل، لكن دايمًا لما حد يحاول يقسم السودان أو يضعف جيشه يبقى هو كده بيقرب من أمن مصر القومي لأن مصر والسودان أمن واحد والحدود بين الاتنين مش خطوط على الخريطة دي دم وتاريخ ومصالح مشتركة".

وتابع العنتبلي: "أما عن موضوع إثيوبيا فالكلام مش بعيد خالص فى مؤشرات بتقول إن فى دعم غير مباشر من إثيوبيا لقوات الدعم السريع وده منطقي؛ لأن إثيوبيا طول الوقت بتحاول تخلق ضغط على مصر من كل الاتجاهات مرة من سد النهضة ومرة من الجنوب وممكن دلوقتى من الغرب عن طريق السودان".

وحثَّ مصر على أن تتأهب لأن ما يحدث في الفاشر ممكن يكون مجرد بداية لسلسلة محاولات لزعزعة الاستقرار حول مصر.

ورأى أحمد زيدان، أن سقوط الفاشر ليس حدثًا عاديًا وإنما زلزال سياسي يضرب قلب السودان ويتسبب في حصار مصر وعزلها عن عمقها الإفريقي.

وأكد أنه بسقوط الفاشر بيد قوات الدعم السريع الممولة إماراتيًا بالمال والسلاح والمرتزقة، يكون إقليم دارفور كله قد خرج عن سيطرة الدولة، في أخطر انقسام تشهده البلاد منذ استقلالها.

وأضاف زيدان، أن دارفور —التي تمثّل ربع مساحة السودان ومصدر ثرواته من الذهب والمعادن— تتحول اليوم إلى قاعدة لسلطة متمردة تمتلك الحدود والسلاح، وتفتح أبواب السودان الغربية على ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان.

وأوضح أن هذا التطور يعني فعليًا تقسيم السودان بين شرقٍ وغربٍ، ويمهد الطريق لقيام كيان انفصالي بدعم خارجي، ما ستكون له عواقب وخيمة على الأمن القومي المصري والعربي.

وأشار زيدان إلى أن انفصال دارفور سيحوّل غرب السودان إلى منطقة نفوذ أجنبي، ويُحاصر مصر من الجنوب والغرب، ويُكمل مشروع تمزيق السودان وعزل مصر عن عمقها الإفريقي.

وقال: "إنه ليس مجرد سقوط مدينة.. بل سقوط لخط الدفاع الغربي عن الأمة كلها.. وتهديد مباشر للدول العربية التي إلى الآن تتفرج ولا تتحرك ساكنا وكأن ما يحدث أمر بعيد عنها".

مجموعات منفلتة

وهجوما على مليشيا الجنجويد وإعرابا عن جام الغضب من تصعيد جرائمها في الفاشر، قال منصور خليل يعقوب: إن المليشيا مازالت تمارس مهنتها المفضلة بقيامها بأبشع أنواع القتل والتعذيب ضد المدنيين العزل الفارين من الفاشر.

وأكد أن هذه الجرائم ترتقي لجرائم حرب بما تحمله الكلمة من معاني والمجتمع الدولي صامت صمت القبور، متوعدا بردّ المظالم إلى أهلها مهما كلف الثمن.

وأكد الشريف السوداني أن خلال ثلاث سنوات من الحرب لم تسطع المليشيا ومن معها أن تغير من صورتها المخزية المجرمة أو تثبت عكس ذلك تلك الصورة التي أخذها عنها المواطن السوداني، غير مجموعات متفلتة مجرمة تسرق وتنهب وتتقوى على المواطن، بقتله وبسفك دماء العزل لم تستطع.

وأشار إلى أن المليشيا تدخل المدن على أنها تحارب الكيزان وتدخل المنازل وتروع المواطن، وتسرق وتنهب، ووصفهم بأنهم "مجرد عصابات غوغائية تبرع في القتل والنهب ليس عندها أي علاقة بأي مشروع وتصور".