موقع أميركي: إسرائيل تمارس التخريب فقط ولا تملك هدفا إستراتيجيا في غزة

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

مع سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على ممر “موراج” جنوب قطاع غزة، يحذر موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي من عودة احتلال القطاع تدريجيا، في الوقت الذي يُقصف فيه المدنيون، وتُستهدف المستشفيات، وسط غياب أي رؤية واضحة لنهاية الحرب.

وقال الموقع: إن "مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في أنحاء غزة، تحوّل التركيز بشكل حاد نحو الجنوب، فقد مثّل توسيع منطقة عازلة قرب ممر موراج -الذي كان جزءا من كتلة استيطانية إسرائيلية سابقة- مرحلة جديدة قد تكون حاسمة في مسار الحرب".

ورغم إعلان القوات الإسرائيلية تحقيق مكاسب ميدانية، إلا أن الغموض المتزايد حول أهداف الحملة العسكرية، إلى جانب تفاقم الأزمة الإنسانية، يدفع محللين وزعماء سياسيين ومدنيين إلى التحذير من عواقب وخيمة.

ويقع محور موراج بين مدينتي خان يونس ورفح جنوبي غزة، ويحمل اسم مستوطنة إسرائيلية كانت مقامة في القطاع قبل انسحاب إسرائيل منه عام 2005.

وفي 2 أبريل/ نيسان 2025، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تسجيل مصور: "نسيطر على محور موراج، الذي سيكون محور فيلادلفيا الثاني".

غياب الرؤية الإستراتيجية

وفي مقابلة مع الموقع، قال مايكل ميلشتاين، الضابط الإسرائيلي السابق ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان، إن "المنطقة العازلة في موراج، جنوب غزة، تُعد إنجازا".

واستدرك: "لكن مرة أخرى، لا أحد يعرف فعليا ما الهدف منها، يبدو الأمر وكأنه سلسلة من الإنجازات العسكرية، لكن في غياب رؤية إستراتيجية واضحة".

وبحسب التقرير، يُستخدم ممر موراج حاليا كمحور عسكري يخترق جنوب غزة، في إطار مسعى إسرائيلي لفرض السيطرة العملياتية وتقييد تحركات حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ إلا أن منتقدين يرون في ذلك مؤشرا مبكرا على عودة تدريجية للاحتلال.

وأشار ميلشتاين إلى أن "العمليات العسكرية حققت نجاحات، من بينها السيطرة على نحو 40 بالمئة من قطاع غزة، وإنشاء مناطق عازلة جديدة، بما في ذلك ممر موراج".

لكنه حذّر أن "من دون هدف إستراتيجي، نتجه نحو احتلال كامل، وذلك دون خطة أو نقاش عام حول تكاليفه، ليس عسكريا فحسب، بل اجتماعيا واقتصاديا أيضا".

وفي دير البلح، تبدو آثار الحملة العسكرية جلية في البنية التحتية المدمرة وتزايد أعداد الضحايا، وقد تحولت المنطقة، التي تغصّ أصلا بالنازحين داخليا، إلى خط مواجهة يجمع بين القصف والصراع من أجل البقاء، وفق وصف الموقع الأميركي.

وقال أحد سكان دير البلح، طالبا عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: إن "الوضع مروع، معظمنا يعيش في خيام وسط الشوارع".

وأردف أن "القصف لا يتوقف، والغارات تسقط من دون سابق إنذار. بالأمس، قُتل ستة من أصدقائي بضربة واحدة على الشاطئ".

تلك الضربة جاءت ضمن تصعيد أوسع شمل أيضا استهداف المستشفى الأهلي، آخر منشأة طبية لا تزال تعمل في غزة.

وقال: "لو كانت إسرائيل تحترم الاتفاقيات الدولية، لما تجرأت على قصف المستشفيات أمام أنظار العالم". وتابع: "لكنها فعلت ذلك مجددا من دون أن تواجه أي عواقب".

تخريب لغرض التخريب

ويرى ميلشتاين أن مثل هذه الضربات تعكس معضلة عملياتية وأخلاقية أعمق.

وأكد الضابط الإسرائيلي السابق أن "المشكلة الحقيقية هي أنه لا يوجد هدف إستراتيجي واضح وراء هذه العمليات، إنه تخريب لغرض التخريب وحسب".

وشدد التقرير على أن الكلفة البشرية باتت فوق الاحتمال، حيث يروي ساكن من دير البلح تجربة مروّعة تكشف حجم الخطر المستمر، قائلا: "كنت عائدا من جنازة لعائلة صديقي، وفجأة وقع قصف جوي على بُعد 20 مترا فقط، كان الصوت قريبا بشكل لا يُحتمل، وظننت أنني لن أخرج حيّا. في غزة، ننتظر دورنا لنموت بصمت".

ومع استمرار القتال، تتزايد التساؤلات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فلا يزال هناك إجماع على المستوى العملياتي، لكن الوضوح الإستراتيجي غائب.

ويقول ميلشتاين: "لا يوجد حوار حقيقي بين الجمهور الإسرائيلي والقيادة، ولا أحد يوضح ما الهدف الفعلي". ويضيف: "القيادة تتمسك بسردية هزيمة حماس وتحرير الرهائن، لكن الجميع يعلم أنه لا يمكن تحقيق الهدفين معا في آنٍ واحد".

وأفاد بأن شخصيات بارزة في الشاباك والجيش تعترف خلف الكواليس بهذا التناقض، لكن قلة فقط تتحدث عنه علنا.

وقال ميلشتاين: "يوجد إجماع واسع داخل الجيش والشاباك، فرئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، كان واضحا في أن الرهائن يمثلون أولوية قصوى، لكنه لم يذكر أبدا أن الحرب يجب أن تتوقف من أجل تحريرهم، وهذا التناقض هو جوهر المشكلة".

بدوره، يرى عطايا التناقض نفسه، لكنه يتوصل إلى استنتاج مختلف، قائلا: "يتظاهر الأميركيون والإسرائيليون بالسعي إلى اتفاق، لكنهم يُطيلون أمد الحرب، والحقيقة هي أنهم يريدون قتل قادة المقاومة وسحق شعبنا، لا التفاوض بحسن نية".

في هذه الأثناء، يبدو أن جولة جديدة من المحادثات التي تتوسط فيها مصر بين حماس وإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى قد توقفت مرة أخرى.

وأوضح ميلشتاين أن "الفجوة لا تزال كما كانت قبل أسابيع، فحماس تطالب إسرائيل بإنهاء الحرب والانسحاب؛ وإسرائيل ترفض، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يُغيّر هذا الوضع هو الضغط الأميركي كما رأينا قبل أكثر من 70 يوما. بدون ذلك لن نتقدم خطوة إلى الأمام".

وأصر عطايا قائلا: إن "إسرائيل هي من تعرقل جهود الوساطة، حتى الولايات المتحدة، التي كان من المفترض أن تكون ضامنة لوقف إطلاق النار، أدارت ظهرها للاتفاق".

وحذّر ميلشتاين من أن استمرار العمليات قد يُعرّض الرهائن -الذين يُعتقد أنهم مازالوا على قيد الحياة في غزة- للخطر.

وقال: "لا يُمكن إطلاق سراح الرهائن بالعمليات العسكرية وحدها، بل إن استمرار الهجمات يُعرّض حياتهم لمزيد من المخاطر. ومع ذلك، لا يبدو أن أحدا مستعد لتغيير مساره".

استمرار المقاومة

خارج غزة، تستمر التوترات الإقليمية في التصاعد، فقد عززت الولايات المتحدة ضغوطها على إيران وشبكتها من الوكلاء، بما في ذلك "حزب الله" اللبناني والحوثيون. وأشارت بعض التقارير إلى أن حماس قد تدرس نزع سلاحها تحت إشراف مصري.

غير أن ميلشتاين كان متشككا، إذ قال: "كل هذه التقارير حول نزع سلاح حماس أو حزب الله إما أخبار كاذبة أو تفسيرات ملتبسة، فلم تُعلن حماس رسميا قط أنها ستُفكك نفسها، صحيح أن محور المقاومة ضعُف، لكنه لم يختف تماما".

من جانبه، كان عطايا أكثر صراحةً، حيث قال: "لا أعتقد أن هذا الادعاء دقيق، إنه تضليل إعلامي يهدف إلى شق صفوفنا وبيع أمل زائف للعدو".

ويتفق ميلشتاين وعطايا على أن محور المقاومة لا يزال صامدا، رغم الانتكاسات التي لحقت به.

ويرى ميلشتاين أن "هناك مبالغة في الغرب بشأن ضعف إيران، فرغم تعرضها لضربات موجعة، لم تُغير طهران ولا حلفاؤها إستراتيجياتهم جذريا، ولم يستسلموا".

لكن ما ينتظر غزة وإسرائيل والمنطقة ليس واضحا بعد، فلا تلوح في الأفق أي بوادر نهاية للحرب، وأي طريق للحل لا يزال بعيد المنال، وفق التقرير.

وقال عطايا: "ستنهض غزة من تحت الأنقاض، لن يحقق العدو أهدافه، وهناك مفاجآت تنتظرنا في الضفة الغربية، سيتحول مستقبل المنطقة في النهاية لصالح المقاومة".

غير أن ميلشتاين حثّ على الواقعية، قائلا: "يخلط الناس بين التمني والتحليل. فكرة أننا على وشك الوصول إلى حل ليست واقعية على الإطلاق".

ومن شوارع دير البلح المدمرة، يتحدث ساكن مجهول الهوية باسم شعب أنهكته الحرب: "نتمسك بالحياة رغم كل شيء... لكننا نعيش في خراب، والموت يلاحقنا".