عامان من الحرب.. هكذا يواجه السودان أسوأ أزمة نزوح وجوع في العالم

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "الدياريو" الإسبانية: إن السودان يعيش "واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على وجه الأرض"؛ وذلك بعد انقضاء سنتين من الحرب المتواصلة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع.

وسلطت الصحيفة الضوء على الأوضاع الإنسانية في البلاد مع دخول الحرب عامها الثالث؛ حيث يعاني نصف السكان من نقص في الغذاء. 

أزمة النزوح والهجرة

في الأثناء، فرّ ما يقارب 13 مليون شخص من منازلهم منذ سنة 2023، سواء داخل السودان أو عبروا الحدود المجاورة؛ بحثا عن الأمان. 

ووفقا للأمم المتحدة، تعد أزمة النزوح التي يشهدها السودان، ضمن الأكثر خطورة في العالم؛ فقد فر أكثر من 8.5 ملايين شخص من منازلهم ولجأ نحو أربعة ملايين شخص إلى الدول المجاورة مثل مصر وجنوب السودان وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى. 

وتعاني هذه الدول من تداعيات العنف في السودان، ليس فقط بسبب تدفق اللاجئين، ولكن أيضا لتأثير النزاع على التوازنات الجيوسياسية الإقليمية.

وأضافت الصحيفة أن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تندد بالصعوبات التي تواجهها في الوصول إلى المدنيين المحتاجين، سواء داخل السودان أو في الدول المجاورة.

وتواجه هذه المنظمات صعوبة في عملها بسبب نقص التمويل الدولي، خاصة بعد قطع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمساعدات. 

في الأثناء، أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن أسفها للتأثير الخطير الذي ستخلفه "التخفيضات العالمية الأخيرة في التمويل الإنساني" على النازحين داخل السودان وخارجه؛ إذ يحتاج نحو 30.4 مليون شخص - أكثر من ثلثي السكان - إلى أحد أنواع المساعدة بسبب الانهيار الاقتصادي الناجم عن الحرب.

وبحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ارتفع عدد الوافدين السودانيين إلى أوروبا بنسبة 38 بالمئة في أول شهرين من سنة 2025، على الرغم من أن الأرقام لا تزال منخفضة.

"عنف شديد”

وأشارت منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في السودان، إسبيرانزا سانتوس، إلى أن البلاد "عاشت على وقع سنتين من العنف الشديد ضد السكان، والصراع المستمر، وقطع الوصول إلى الإمدادات". 

ويزداد الوضع سوءا وتدهورا بسبب استمرار الصراع ونقص المساعدات الإنسانية، فيما تعاني الخدمات الصحية من الشلل و"نشهد تزايدا في الأوبئة، مثل الحصبة والكوليرا". 

وتسلط سانتوس الضوء على زيادة مستويات سوء التغذية إلى جانب العديد من المشاكل الأخرى، وفق ما نقلت الصحيفة الإسبانية. 

ويواجه 26 مليون سوداني، أي نصف عدد السكان، مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، بعد أن أعلنت لأول مرة بعد سبع سنوات، في سنة 2024، حالة المجاعة في عدة مناطق بالسودان". 

وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، لم تسجل مستويات من الجوع بهذا الحجم في أي مكان آخر بالعالم، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءا مع بداية موسم الأمطار في مايو/أيار. 

وتحذر منسقة الطوارئ من أن "الذروة التالية لسوء التغذية، المتوقعة خلال موسم الأمطار، ستكون أسوأ من سابقتها؛ لأنه لم يكن لدى السكان الوقت الكافي للتعافي من المجاعة". 

وتجدر الإشارة إلى أن الأطفال والنساء الحوامل والأمهات المرضعات هم الأكثر تضررا من سوء التغذية. 

من جانبها، سلطت منظمة أوكسفام الخيرية الضوء على خطورة الوضع، حيث ترى أن عوامل على غرار "موسم الأمطار القادم، وخفض المساعدات من واشنطن وغيرها من الجهات المانحة الرئيسة" تشكل عائقا أمام الجهود الإنسانية مما "يعرض ملايين الأشخاص للخطر". 

وأضافت المنظمة غير الحكومية في بيان أن سودانيا واحدا من كل اثنين يعاني بالفعل من الجوع، وأن نحو 8 ملايين آخرين معرضون لخطر المجاعة.

وتقول منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، التي عالجت بعض الجرحى من بين 10 آلاف نازح وصلوا أخيرا إلى منطقة "طويلة" (شمال دارفور غرب السودان على بعد حوالي 60 كيلومترا من مخيم زمزم): "إنه مثال على وحشية الحرب، وما يحدث منذ العامين الماضيين". 

ووصل هؤلاء في حالة من الجفاف والإرهاق بدون طعام وشراب، ولم يكن لديهم سوى الملابس التي يرتدونها، وهم ينامون في العراء.

عقبات إنسانية

ولطالما تحدثت أطباء بلا حدود والعديد من المنظمات الأخرى العاملة في السودان عن الصعوبات التي تواجهها المنظمات في الوصول إلى السكان المدنيين وعرقلة عمل العاملين في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية من قبل طرفي الصراع.

وفي الحديث عن العوامل التي تؤثر على وصول المساعدات، أشارت سانتوس في المقام الأول إلى "انعدام الأمن والحواجز المادية والجغرافية"، ولكن أيضا "العقبات البيروقراطية التي يضعها طرفا الصراع. 

وأفادت بأن هناك مناطق "محاصرة بالكامل" من قبل أحد طرفي الصراع وأن المساعدات الإنسانية أو أي نوع آخر من الإمدادات لا تصل إليه.

وأردفت: “وكأن ذلك لم يكن كافيا، جرى أيضا استهداف البنية التحتية والخدمات الأساسية بشكل متكرر، مما أدى إلى حرمان السكان المدنيين من الماء والكهرباء أو كليهما”.

وبالإضافة إلى عدم قدرتها على تقديم المساعدات الإنسانية، فإن المنظمات الدولية غير قادرة أيضا على توفير الرعاية التي يحتاجها السكان المدنيون. 

وتشير تقديرات منظمة العمل ضد الجوع غير الحكومية إلى أن أكثر من 12 مليون امرأة وفتاة سودانية بحاجة إلى الدعم لمكافحة العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والذي ارتفع بشكل كبير خلال النزاع المسلح.

وبيّنت أن “الحرب تحد من الوصول إلى الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية الضرورية للنساء والفتيات المتضررات”.

وقالت امرأة تبلغ من العمر 51 عاما من بلدة بحري في العاصمة الخرطوم لـ"هيومن رايتس ووتش": "عدنا إلى الخرطوم فوجدناها مدمرة". 

وأضافت: “في حيّنا، فقد الجميع فردا من عائلتهم أو جارا في القتال. بعض جيراننا مفقودون منذ أشهر”.

وتابعت: "اكتشفنا أن الناس استخدموا حديقة قريبة لدفن موتاهم لعدم قدرتهم على دفنهم في المقبرة".

وتقول رايتس ووتش: إن الجيش السوداني وأعضاء قوات الدعم السريع "ارتكبوا انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القضاء، والعنف الجنسي، والنهب المستشري، ودمروا البنية التحتية المدنية منذ اندلاع الصراع في 15 أبريل/نيسان 2023". 

وأشارت المنظمة إلى أن المدنيين مازالوا يعانون من هذه الفظائع في العديد من المناطق السودانية حيث تستمر الأعمال العدائية، مثل دارفور. 

وفي ولاية الجزيرة وسط السودان، هاجمت قوات الجيش والمسلحون التابعون لها سكان العاصمة والمناطق المحيطة بها خلال عملية استعادة السيطرة على المدينة بين ديسمبر/كانون الأول 2023 وفبراير/شباط 2025.