إعلان حميدتي تشكيل حكومة موازية في السودان.. لماذا الآن؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع ألماني أن إعلان قائد مليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" تشكيل حكومة موازية في السودان، لم يكن سوى "استجابة لهزائم ميدانية ومحاولة لتعزيز شرعية مفقودة".

ورغم انضمام شخصيات بارزة للحكومة الموازية، تظل الخطوة مثار جدل داخلي ودولي، وسط انتقادات لانتهاكات حقوق الإنسان وتعقيدات إقليمية متزايدة، وفق ما يقول موقع "دير شتاندارد".

وفي الذكرى الثانية لاندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، أعلن "حميدتي" في 15 أبريل/نيسان 2025، عن تشكيل حكومة موازية تحمل اسم “السلام والوحدة”، وفق زعمه.

وجاء الإعلان عبر تطبيق "تلغرام" بعد حظر حسابات المليشيا على منصات التواصل، وتضمن رؤية لـ "السودان الجديد"، تشمل دستورا انتقاليا ونظاما لا مركزيا.

حكومة موازية

وأصبحت الإستراتيجية الإعلامية الاحترافية -كما وصفها الموقع الألماني- لمليشيا قوات الدعم السريع السودانية معقدة في الآونة الأخيرة.

وبعد أن كانت الإستراتيجية تعتمد على نشر معلوماتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حذف "فيسبوك" و"يوتيوب" و"إكس"، حسابات هذا الطرف في النزاع. 

وينوه الموقع إلى أنه عند البحث عن الحسابات التابعة لقوات الدعم السريع على "فيسبوك"، يظهر الآن تحذير يشير إلى أن المحتوى قد يكون مرتبطا بـ "أعمال عنف أو كراهية أو أنشطة إجرامية".

ولذلك، يقول إنه "لم يتبق لحميدتي سوى تطبيق تلغرام لإعلان حكومته الموازية التي طال انتظارها، في مواجهة الحكومة القائمة في مدينة بورتسودان الساحلية". 

وأعلن دقلو عن "ائتلاف مدني ودستور انتقالي جديد ونظام حكم لا مركزي يتضمن مجلسا رئاسيا وتمثيلا إقليميا وعملة خاصة".

وقال: "نُعلن بفخر عن تأسيس حكومة السلام والوحدة، وهو ائتلاف مدني واسع يُمثل الوجه الحقيقي للسودان، وبهذا، نشكل سودانا جديدا". 

وفي هذا الإطار، ينوه الموقع إلى أنه "كانت توجد بعض المؤشرات لهذه الخطوة منذ عدة أشهر، ومن بينها مؤتمر للجاليات السودانية في كينيا، وهي خطوة تعرضت الأخيرة بسببها لانتقادات واسعة لسماحها بعقده على أراضيها".

وبشكل عام، يقول: إن "فكرة الحكومة الموازية ليست جديدة تاريخيا، فقد جرى نفس الأمر في فنزويلا وميانمار وشرق ليبيا (عبر أمير الحرب الانقلابي خليفة حفتر)"، مؤكدا أن "مثل هذه النماذج لا تسهم في استقرار الدول".

تشتيت الانتباه 

وفي تفسيره لهذه الخطوة، يبرز الموقع الألماني أن دقلو، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر السودان في لندن، أراد أن يظهر أن له حضورا سياسيا مؤثرا.

وعقد المؤتمر المذكور خلال أبريل 2025 وجمع ممثلين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحادين الأوروبي والإفريقي، بالإضافة إلى وزراء من 14 دولة ومندوبين عن الأمم المتحدة والجامعة العربية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد أنه "أراد أن يصرف الانتباه عن الهزائم العسكرية التي تكبدتها قواته في العاصمة الخرطوم والمدن المجاورة". 

وقد شدد "أمير الحرب" صراحة في إعلانه على أن "مبادرته تشمل جميع مناطق السودان، وليس فقط الغرب؛ حيث تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من إقليم دارفور، الذي يقارب في مساحته مساحة ألمانيا".

وفي هذا الشأن، يرى جيريت كورتز، خبير الشأن السوداني في مؤسسة العلوم والسياسة الألمانية "SWP"، في هذه الخطوة محاولة واضحة "لتغطية النقص في شرعية قوات الدعم السريع".

وأضاف الخبير أن "الدعم السريع تسعى لتقديم نفسها كصوت الشعب"، لافتا إلى أن "الادعاء بأنها تشكل حكومة من أجل السكان يتعارض بشكل صارخ مع الهجمات الجارية على مخيمات النازحين في شمال دارفور".

وبالحديث عما آلت إليه الحرب في السودان، ينقل الموقع عن الأمم المتحدة أن أكثر من 400 مدني قُتل خلال الأيام القليلة الماضية على يد المليشيا.

ورغم تأكيد دقلو في تصريحاته العلنية أنه "لا يسعى لإقامة دولة أمراء الحرب"، فإن "هذا بالضبط ما يحدث"، بحسب ما يقول كورتز.

الاعتراف الدولي

ومن ناحية أخرى، يشير الموقع إلى أن "الجيش كان في الفترة الأخيرة أكثر براعة من قوات الدعم السريع في نسج تحالفات جديدة مع العديد من الجماعات المسلحة بالسودان، وهو ما يُعد عاملا رئيسا في نجاحاته العسكرية الأخيرة".

ولكن على الرغم من ذلك، يوضح أن "قوات الدعم السريع نجحت في تحقيق إنجاز سياسي بضم عبد العزيز الحلو إلى حكومتها الموازية المعلنة حديثا". 

والحلو هو القائد المؤثر للحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، وهي حزب معارض ذو طابع عسكري، يتمتع بوجود قوي في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وفيما يخص ردود الفعل على إعلانه، يشير الموقع إلى أن "حكومة دقلو لم تحظ بأي اعتراف دولي، وهو أمر غير مفاجئ". 

ففي مؤتمر السودان الذي عُقد في لندن، حذرت كل من السعودية ومصر بشكل واضح من "إنشاء هياكل سلطة موازية". 

إضافة إلى ذلك، وصفت السعودية ذلك بأنه "محاولات غير شرعية تعرض عملية السلام للخطر وتقوض الوحدة الوطنية". 

أما مصر التي تربطها تقليديا علاقات وثيقة بالجيش السوداني، فقد اتخذت الموقف ذاته.

ويختتم الموقع الألماني تقريره بالإشارة إلى موقف دولة الإمارات، التي تُعد من الداعمين لقوات الدعم السريع، موضحا أنها "امتنعت عن إصدار إدانة مماثلة".