30 نائبا مغربيا أمام القضاء بتهم فساد واختلاس.. قراءة في مؤشرات الزلزال السياسي

منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

يشهد المشهد السياسي في المغرب فضيحة غير مسبوقة مع تسجيل رقم قياسي في عدد النواب الملاحقين أو المدانين في قضايا فساد خلال ولاية تشريعية واحدة. 

وبلغ العدد 30 نائبا، بين من يقضي عقوبة بالسجن ومن يواجه محاكمات أو استدعاءات أمام الشرطة القضائية. 

ووفق ما أوردته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، تتعلق هذه القضايا، في معظمها، باختلاس المال العام، والتلاعب في الصفقات الحكومية، ومخالفات مالية وإدارية جسيمة.

ونالت المحاكمات شخصيات من أحزاب الأغلبية والمعارضة على حد سواء، بينها “التجمع الوطني للأحرار” و"الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، إضافة إلى أحزاب أخرى، في حين لم تضم القائمة أيا من نواب حزب العدالة والتنمية.

غير مسبوق

ففي ظل حالة من الركود في الأخبار السياسية بالمغرب خلال فصل الصيف، واصل رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداول مستجدات الساحة السياسية.

وفي هذا السياق، سخر أحد النشطاء قائلا: "البرلمان المغربي أصبح يتكون من ثلاث غرف: مجلس النواب، ومجلس المستشارين… ومجلس عكاشة"، في إشارة إلى سجن "عكاشة" بمدينة الدار البيضاء الذي يقضي فيه عدد من النواب المنتخبين عقوباتهم.

وأشارت المجلة الفرنسية إلى أنه "لم يسبق أن سُجل هذا العدد من النواب الملاحقين أو المدانين في قضايا فساد خلال ولاية تشريعية واحدة".

وأوضح أن "عدد النواب الذين انخرطوا في نزاعات مع القضاء إلى 30 نائبا، بما يشمل ذلك الاعتقالات والاستدعاءات للمثول أمام القضاء".

وأشار إلى أن "جميع القضايا مرتبطة بسوء إدارة المال العام أو عقود البلديات أو اختلاسات مالية".

وأردف: "آخر الملتحقين بهذه القائمة هو محمد كريمين، النائب ورئيس بلدية بوزنيقة (عن حزب الاستقلال)، الذي حكمت عليه غرفة الجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في 29 يوليو/ تموز 2025، بالسجن سبع سنوات نافذة بتهم (تبديد المال العام)، و(سوء استغلال النفوذ)".

وذكرت المجلة أن كريمين ليس "الاستقلالي" الوحيد الذي يلاحق قضائيا، لافتة إلى أن الحزب يضمّ نائبين آخرين مدانين، أحدهما صالح أوغبال في مدينة خنيفرة، الذي أدين بخمس سنوات سجن في قضية شيك بدون رصيد. 

والآخر عبد الرزاق أحلوش في مدينة مراكش الذي أقيل من رئاسة بلدية السويهلة بقرار من المحكمة الإدارية، بسبب "مخالفات إدارية".

وتابع التقرير: "لكن الرقم القياسي في عدد النواب المدانين يعود لحزب التجمع الوطني للأحرار (قائد الائتلاف) -حزب رئيس الحكومة عزيز أخنوش- بثمانية نواب، من بينهم محمد بودريقة (من منطقة مرس السلطان)، المحكوم بخمس سنوات بتهمة اختلاس أموال. 

وعبد الرحيم واسلام (دائرة المحيطة بالعاصمة الرباط)، الذي أدين بالسجن ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 100 ألف درهم (10 آلاف دولار) لإصداره شيكات بدون رصيد".

قضايا صادمة

ومن القضايا التي وصفها التقرير بـ"الصادمة"، هي القضية المتعلقة بحالة النائب البرلماني السابق عن مدينة فاس، رشيد الفايق؛ حيث حُكم عليه بخمس سنوات سجن وغرامة 80 ألف درهم (8 آلاف دولار) بتهم الاتجار بالبشر وهتك عرض قاصر مصاب بإعاقة ذهنية واغتصاب.

وأضاف: "وفي مدينة آسفي، حكم على محمد الحيداوي بالسجن ثمانية أشهر بتهمة إعادة بيع تذاكر مباريات كأس العالم عام 2022، بينما حكم على مصطفى توتو، نائب مدينة جرادة، بأربعة أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة 100 ألف درهم (10 آلاف دولار) في قضية متعلقة بالمناجم".

وأردف: "وفي مراكش، أُدين يونس بن سليمان بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ وغرامة 20 ألف درهم (ألفا دولار) لاختلاس أموال عامة، بينما بُرئ زميله إسماعيل البرهومي، في 21 يوليو 2025، بعد ثماني سنوات من الإجراءات، بعد أن كان حكم عليه سابقا بالسجن لمدة عامين لنفس التهم".

وتابع التقرير: "كما بُرئ محمد السيمو (النائب عن مدينة العرائش) في 14 يوليو 2025، من تهم اختلاس أموال عامة أثناء رئاسته لبلدية القصر الكبير".

أما حزب الأصالة والمعاصرة (ثالث مكونات الأغلبية)، فإنّه يعاني هو الآخر، حسب التقرير، من "أوضاع سيئة".

وأفادت "جون أفريك" بأن "له أربعة نواب في مرمى القضاء، هذا بالإضافة إلى قضية سعيد الناصري المثيرة، النائب السابق والرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي، المعتقل منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023 في ملف (باسكوبار الصحراء)".

ومن بين النواب الحاليين الذين لا يزالون يحتفظون بمناصبهم التشريعية، يلاحَق كل من النائب رحو الهيلع (النائب عن دائرة تيفلت)، وهشام المهاجري (عن دائرة مدينة شيشاوة)، بتهم اختلاس أموال عامة، وفق التقرير.

وأردف: "فيما بُرئ أحمد تويزي (عن دائرة الحوز) من تهم تتعلق بمخالفات مالية، في 3 مايو/ أيار 2025".

وتابع: "كما أُدين عبد الواحد المسعودي (النائب عن دائرة تازة) بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ وغرامة 2000 درهم (200 دولار) بتهم القذف والسب، وجرد من منصبه كرئيس لبلدية تازة".

أحزاب المعارضة

كذلك لم تفلت أحزاب المعارضة من المحاكمات والملاحقات؛ إذ حوكم 14 نائبا آخرين. 

وينتمون لخمسة من أحزاب المعارضة، أبرزها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري (4 نواب لكل منهما)، والحركة الشعبية (3 نواب)، وحزب التقدم والاشتراكية (نائبان)، والحركة الديمقراطية الاجتماعية (نائب واحد).

ولفتت "جون أفريك" إلى أن "حزب العدالة والتنمية (إسلامي) ليس لديه أي نائب ملاحق أو مدان".

وأكدت المجلة على أن "هذا العدد الكبير من المتابعات القضائية بحق نواب منتخبين بتهم فساد أو اختلاس أموال عامة، لم تشهده أي ولاية تشريعية سابقة، وذلك رغم تحذيرات تقارير ودراسات قبل انتخابات 2021 من خطر وصول مرشحين ذوي سوابق قضائية إلى البرلمان". 

وأشارت إلى أن البعض يرى أن “تراكم هذه القضايا دليل على جرأة القضاء في التحرك”. 

واستطردت جون أفريك: “فيما رحبت منظمات غير حكومية معنية بحماية المال العام وحقوقيون بهذا التوجه، مطالبين باستمراره وتعزيزه في المستقبل”.