مؤتمر لاختيار قيادة جديدة. هل يصحح حزب "العدالة والتنمية" المغربي مساره؟

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

مرحلة حرجة يمر بها حزب "العدالة والتنمية" المغربي، وهو يستعد لعقد مؤتمره الوطني الحادي عشر يومي 26 و27 أبريل/ نيسان 2025 بمدينة بوزنيقة قرب العاصمة الرباط، لاختيار قيادة جديدة.

وقالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية: إن "المؤتمر ينعقد في ظلّ تراجع تنظيمي ومالي حاد يعيشه الحزب منذ خسارته الكبيرة في انتخابات 2021، ويُنظر إليه كمحطة محورية لمراجعة داخلية شاملة هي الأولى منذ عقدين".

كما تناولت التحديات التي تواجه الحزب على المستويين الداخلي والخارجي، ومحاولاته استعادة حضوره السياسي قبيل انتخابات 2026، في وقت يُخَيّم فيه الغموض على مستقبل قيادته ومسار استعادته للمصداقية الشعبية.

تضاؤل واضح

وترى المجلة الفرنسية أنّ "المرحلة التي يمر بها حزب العدالة والتنمية هي محطة حاسمة على درب (المراجعة السياسية)".

ولفتت إلى أن "خطاب الإسلاميين، الذين كانوا في السابق منتصرين، بات اليوم أكثر تواضعا، بل يكاد يكون زاهدا".

ولذلك، ترى أن هذه اللحظة هي "لحظة للمراجعة الجماعية للذات".

ومن ناحية أخرى، أوضحت أن "أمين عام الحزب، عبد الإله بنكيران، في 16 أبريل 2025، أعلن أن صفوف الحزب قد تضاءلت بشكل كبير؛ حيث تراجع عدد الأعضاء من 40 ألفا عام 2020 إلى 20 ألفا فقط حاليا، وهو تراجع كبير انعكس مباشرة على الوضع المالي للحزب".

وفي هذا السياق، عبر رئيس الحكومة السابق عن استيائه من صمت وزارة الداخلية بشأن طلب الدعم المالي الذي تقدم به الحزب لتنظيم مؤتمره. 

وأوضح أن الكلفة الإجمالية للحدث تُقدر بنحو 3 ملايين درهم (300 ألف دولار)، وأنه من المفترض أن يحصل حزب "العدالة والتنمية" على 1.3 مليون درهم (130 ألف دولار)، تمثل نصف الدعم العمومي المستحق له.

وبحسب المجلة صرح بنكيران قائلا: "تواصلنا مع الوزارة وأجرينا مناقشات، لكن لم نتلقَّ بعد أي رد".

وكبديل عن الدعم المالي، نوَّهت المجلة إلى أن "الحزب دعا أعضاءه للتطوّع والمساهمة".

وأضافت "من اللافت أنّ عدة شخصيات تاريخية يبدو أنها ابتعدت عن الحزب ستكون غائبة عن المؤتمر، مثل مصطفى الرميد وعزيز رباح، وحتى رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، الذي لم يأتِ بنكيران على ذكره إطلاقا".

أول مراجعة

وفي إطار سعيه للتجديد، أكّد وزير الاتصال الأسبق ورئيس اللجنة السياسية لمؤتمر حزب "العدالة والتنمية"، مصطفى الخلفي، على أهمية هذه المرحلة.

وأشار إلى أن الوثيقة السياسية التي ستُعرض تمثل "أول مراجعة نقدية للحزب منذ 20 عاما".

ووفق ما ورد عن "جون أفريك"، يرى الخلفي أن "الحزب يسعى إلى إعادة قراءة مساره بروح المتواضع بعد الهزيمة، وبإيمان المؤمنين".  

ومن ناحية أخرى، أوضحت أن "مرحلة التجديد" هذه تتمحور حول وثيقتين أساسيتين؛ البرنامج العام، وخارطة طريق سياسية جديدة. 

وبحسب الخلفي، الذي يمثّل الجناح "التجديدي" داخل الحزب، وفق وصف المجلة، فإن أربع أولويات سترسم مسار الحزب الجديد. 

وتتمثل الأولوية الأولى "في إصلاح دستوري وسياسي، والثانية في التركيز على قضيتين اجتماعيتين رئيستين هما الأسرة والتعليم". 

أما فيما يخص الأولوية الثالثة، فقد أشار الخلفي إلى مراجعة ما وصفه بـ"فراغ" مفهوم الدولة الاجتماعية، ويرى أن "ما نعيشه اليوم لا يّمت بصلة إلى الدولة الاجتماعية، ويجب تصحيح المسار". 

أما الأولوية الرابعة، فتخص السياسة الخارجية. 

ووفقا لما نقل عن الخلفي، فإن "الأولوية الرابعة تنقسم إلى محورين؛ دعم الوحدة الترابية للمملكة فيما يخص (إقليم) الصحراء المغربية، وسبتة ومليلية وجزر الشفاريناس المحتلة، ودعم المقاومة الفلسطينية".

ثلاث مراحل

وفي هذا الإطار، لفتت المجلة النظر إلى أن "المؤتمر الوطني الحادي عشر يحمل طابعا رمزيا مهما"؛ إذ أكد رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إدريس الأزمي الإدريسي، حضور وفد من حركة "حماس".

وقد وصفت المجلة هذه الدعوة بأنها "ليست عفوية، لا سيما بالنسبة لحزب وُجهت إليه انتقادات متكررة بتهمة خيانة القضية الفلسطينية بعدما صادق على اتفاق التطبيع مع إسرائيل في ديسمبر/ كانون الأول 2020، أثناء توليه قيادة الحكومة".  

وأضافت: "علاوة على ذلك، يُنتظر أيضا حضور ممثلين آخرين من فلسطين خارج إطار حماس، ومن سوريا وتركيا والأردن، بالإضافة إلى الجانب الإفريقي، موريتانيا وتونس وليبيا والسنغال".

وعلى خلاف العرف المتبع، نوَّهت الصحيفة إلى أن عددا من قادة الأحزاب المغربية استُبعد عمدا من قائمة المدعوين.

ولم تُوجه الدعوة لا إلى رئيس الحكومة وزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، ولا إلى الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر.

ومن جهة أخرى، تحدثت "جون أفريك" عن أن "اختيار الأمين العام الجديد يتم وفق مسار ديمقراطي من ثلاث مراحل، لافتة إلى أن هامش المفاجأة حدد من الخيارات".  

وذكرت أن "رئيس اللجنة القانونية للمؤتمر وعمدة الدار البيضاء السابق، عبد العزيز العماري، قدم تفاصيل العملية التي تنقسم إلى ثلاث خطوات". 

وأضافت: "تتمثل الخطوة الأولى في أن يقترح المؤتمرون اسمين أو ثلاثة، على أن يحصل كل مرشح على ما لا يقل عن 10 بالمئة من الأصوات المعبر عنها".

وأردفت: "ثم تأتي المرحلة الثانية، والتي تُخصص لحوار موسّع قد يستمر حتى خمس ساعات، يُتبادل خلالها الآراء بين المرشحين والمصوتين"، أما فيما يخص المرحلة الثالثة، أفادت بأنها "تتضمن التصويت السري لاختيار الفائز". 

وفي حال لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في التصويت النهائي، يُمنح المنصب للمرشح الأكبر سنا. 

وفي هذه الحالة، من الصعب -في رأي المجلة- منافسة بنكيران، البالغ من العمر 71 عاما، والملقب بـ"شيخ" الحزب، الذي تبدو الأنظار متجهة إليه بالفعل.