إستراتيجية إسرائيل الجديدة بغزة.. احتلال طويل الأمد أم تهجير ممنهج؟

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع ألماني أن الإستراتيجية الجديدة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، تهدف إلى إبقائه هناك إلى "أجل غير مسمى، على عكس ما كان عليه الحال في السابق".

وفي تعليقه على التهديدات الأخيرة من قبل تل أبيب، قال موقع "تيليوبوليس": “أصبحت بعض المناطق بالفعل جزءا من المنطقة الأمنية الإسرائيلية، التي من المقرر الآن توسيعها”.

وهدد وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتقليص مساحة غزة وعزلها بشكل أكبر، بالتزامن مع تكثيف العدوان العسكري على القطاع.

وقال في منشور على حسابه في موقع "إكس": "غزة ستصبح أصغر وأكثر عزلة، وسيضطر المزيد والمزيد من سكانها إلى مغادرة مناطق القتال".

وشدد على أن المساعدات لن تصل إلى قطاع غزة، وأن "الجيش سيستخدم الغذاء كوسيلة ضغط" على حركة المقاومة الإسلامية حماس، للإفراج عن 59 أسيرا إسرائيليا بينهم 24 فقط أحياء.

في هذا الصدد، تساءل الموقع الألماني عن فرص نجاح الخطة الإسرائيلية من الناحية العسكرية، في ظل وجود سلسلة كاملة من العقبات والمشاكل، على رأسها رفض عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الخدمة، فيما وُصف بـ "أكبر أزمة تجنيد تواجهها إسرائيل منذ عقود".

معسكرات اعتقال

ويرى أن تصريحات كاتس الأخيرة تأتي على "خلفية إعلان الإدارتين الإسرائيلية والأميركية مرارا وتكرارا خلال الأشهر الأخيرة عن نيتهما إجلاء السكان الفلسطينيين، الذين يزيد عددهم على مليوني شخص، أو إقناعهم بالمغادرة (طواعية) إلى دول أخرى".

وخلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للبيت الأبيض في واشنطن العاصمة، في 8 أبريل/ نيسان 2025، كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة طرد الفلسطينيين من غزة، والتي كان قد طرحها بالفعل في اجتماع سابق في 4 فبراير/ شباط.

ومنذ ذلك التاريخ، أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لعملية "الهجرة الطوعية"؛ حيث بدأت الحكومة الأمنية الإسرائيلية الاستعدادات لتنفيذها، وفق الموقع.

وقدّر أن هذه الخطة "غير قابلة للتنفيذ في ظل الظروف الحالية من ناحية؛ لأن سكان غزة لا يريدون مغادرة وطنهم حتى في ظل المزيد من القصف، ومن ناحية أخرى لأن أي دولة ليست مستعدة لاستقبالهم".

ويعتقد أن حكومة نتنياهو "ربما أدركت هذا الأمر، ولذلك جرت إضافة خطوة وسيطة؛ حيث تستعد إسرائيل الآن لطرد سكان غزة بالكامل من خلال مزيج من أوامر الإخلاء والقصف المكثف، إلى منطقة مغلقة وربما مُسَيّجة".

"ومن ثم يعد كل من يبقى خارج هذه الحدود عنصرا حربيا وهدفا مشروعا، ومن المرجح أيضا أن يجرى هدم المباني في بقية أنحاء القطاع بالكامل"، كما ذكر الموقع.

وأردف: "اقتُرحت هذه الإستراتيجية القائمة على الثكنات في تسريبات عسكرية وتصريحات لكاتس والصحفيين الإسرائيليين، الذين تحدثوا عن إجلاء السكان من أماكن القتال إلى (مناطق إنسانية) يسيطر عليها الجيش مع الحفاظ على خيار إعادة التوطين في بلدان أخرى كهدف محتمل".

وذكر أن "هذه المنطقة الإنسانية كما يُطلق عليها، والتي ينوي الجيش أن يسجن فيها مليوني نسمة من سكان قطاع غزة، يمكن تلخيصها في كلمة واحدة: معسكر اعتقال".

واستطرد الموقع الألماني: "وهذا ليس مبالغة، بل هو ببساطة التعريف الأكثر دقة الذي يساعدنا على فهم ما نتعامل معه بشكل أفضل".

ووفقا له، "تستند الخطة إلى افتراض أن الجوع واليأس، فضلا عن الافتقار إلى الأمل في الحصول على مستقبل قابل للحياة في غزة المدمرة بالكامل، يدفع الفلسطينيين إلى الهجرة ويضغط على الدول العربية لقبولهم".

نقص ضخم

وشكك الموقع في نجاح الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ هذه الخطة قائلا: "مازال من غير الواضح إذا ما كان الجيش أو الحكومة في تل أبيب مستعدين فعليا لتنفيذ التهجير".

وتابع: "في الواقع، هذه الخطة تنطوي على سلسلة كاملة من العقبات والمشاكل، مثل احتمالية مقتل الرهائن الإسرائيليين المتبقين، والضغوط السياسية المتزايدة على نتنياهو من جانب حركة الاحتجاج الإسرائيلية، والمزيد من العزلة الدولية لإسرائيل، خاصة في العالم العربي".

علاوة على ذلك، “فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت الخطة قابلة للتنفيذ عسكريا أم لا”؛ إذ "لا تزال حماس تمتلك القدرة على إلحاق خسائر فادحة بالقوات الإسرائيلية، وهو ما لوحظ قبل وقف إطلاق النار، ومن الممكن أن يؤدي هذا بدوره إلى تعزيز اتجاه آخر مستمر منذ بعض الوقت"، كما أوضح الموقع.

ومن وجهة نظره، يتمثل العائق الأكبر في "رفض أكثر من 100 ألف جندي احتياطي الخدمة، فمنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواجه الجيش الإسرائيلي نقصا متزايدا في عدد الجنود".

وأضاف: “نظريا، بإمكان إسرائيل الاعتماد على حوالي 300 ألف جندي احتياط إلى جانب 100 ألف جندي نظامي”.

لكن التقديرات تشير الآن إلى أن نسبة 50 إلى 60 بالمئة فقط من الاحتياط مازالوا يتقيدون بالخدمة، وهو انخفاض كبير وسريع، وهذا يعني أن أكثر من 100 ألف جندي لم يعودوا متاحين لخوض الحرب، وفق الموقع.

ويقول إيشاي منوحين، أحد قادة منظمة "يش غفول"  الإسرائيلية التي تدعم رافضي الخدمة العسكرية وتأسست خلال حرب لبنان عام 1982: "هذا عدد هائل، ويعني أن الحكومة ستواجه مشكلة في مواصلة الحرب، هذه أكبر موجة رفض للخدمة منذ عقود".

حملات تجنيد

ورأى الموقع أن "القيادة العسكرية تشعر بالقلق من أنها قد لا تملك جيشا كافيا لاحتلال غزة، أو لإجبار الفلسطينيين على التوجه لمعسكرات الاعتقال".

وعزا نقص الجنود، إلى "حالة الإرهاق التي أصابت العديد منهم بعد 18 شهرا من الحرب؛ حيث تقلص العديد من الوحدات العسكرية، الأمر الذي دفع القادة إلى اللجوء لمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وأساليب غير تقليدية لتجنيد جنود احتياط جدد".

من جانب آخر، يرى أن "الأوضاع تغيرت بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر 2023، ففي ذلك الوقت، توافد حتى المحتجون ضد نتنياهو، الذين كانوا يعارضون إصلاحاته القضائية وأوقفوا خدمتهم التطوعية، إلى الجيش وتكاتفوا حول الدولة".

واستدرك: "لكن منذ أن تسببت حكومة نتنياهو في انهيار الهدنة واستئناف الهجوم، تراجعت أعداد المجندين بشكل ملحوظ وفقا لتقارير إعلامية".

وبحسب الموقع، تتعدد أسباب هذا التراجع؛ مشيرا إلى أن “هناك من يرفضون الخدمة لأسباب أخلاقية”.

لكن الغالبية يُطلق عليهم “الرافضون الرماديون”، وهم الذين أصابهم الإحباط أو الإرهاق أو الضجر من استمرار الحرب دون نهاية واضحة، كما أنهم لم يعودوا يدعمون أهدافها.

وتابع: "هذا التغير في المزاج يظهر أيضا في الرأي العام الإسرائيلي السائد، كما تشير بيانات رفض الخدمة، ومقالات الرأي من جنود وأمهات الجنود في الصحف الرائدة؛ حيث ينظرون إلى هذه الحرب على أنها معركة نتنياهو للحفاظ على السلطة".

ومن الناحية القانونية، أبدت قاضية سابقة في المحكمة الدستورية تأييدها لـ "العصيان المدني"، فيما وقّع أكثر من 1000 جندي احتياطي على رسالة مفتوحة تطالب الحكومة بإبرام صفقة للإفراج عن الأسرى لوقف الحرب، وفق الموقع الألماني.

ويعتقد أن "من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى تراجع أعداد جنود الاحتياط المتقيدين بالخدمة، شعورهم المتزايد بالاستغلال، بينما لا تقدم الدولة الدعم الكافي لهم".

وأفاد بوجود دوافع اقتصادية أيضا؛ حيث "أوضح 48 بالمئة من جنود الاحتياط المشاركين في استطلاع، بأنهم يعانون من خسائر كبيرة في دخلهم".

ورغم التصدعات الواضحة، لفت إلى أن "موجة رفض الخدمة لم تتمكن حتى الآن من دفع الجيش إلى إعادة التفكير في سياساته".