بين صمت وتعاطف.. هذه مواقف دول جوار إيران خلال العدوان الإسرائيلي

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

مع اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل التي وُصفت بأنها واحدة من أكثر الأزمات توترا في منطقة الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة، توجهت الأنظار إلى الدول المجاورة لإيران. 

فقد أثرت مواقف هذه الدول وقراراتها وسلوكها السياسي ليس فقط في مجريات هذه الحرب، بل في مستقبل التوازن الإقليمي أيضا، بحسب صحيفة "هم ميهن" الفارسية.

واستعرض التقرير للصحيفة مواقف الدول المجاورة لإيران، وقيّم دور كل منها في التطورات السياسية والأمنية والدبلوماسية المحيطة بالعدوان الإسرائيلي.

وفي 13 يونيو/ حزيران 2025 شنت إسرائيل بدعم أميركي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين.

توازن حذر 

وتناول التقرير الموقف التركي، قائلا: "بصفتها واحدة من القوى الإقليمية الرئيسة وعضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، اتبعت تركيا سياسة متعددة الأوجه تجاه الحرب بين إيران وإسرائيل".

وأضاف: "فبينما أدانت الحكومة، في تصريحاتها الرسمية والإعلامية، الهجوم الإسرائيلي على إيران وطالبت بوقف فوري للأعمال العدائية، سعت من خلف الكواليس إلى الحفاظ على توازن بين التزاماتها تجاه الناتو وعلاقاتها الإستراتيجية مع طهران".

ويرى أن "تعاون تركيا الأمني غير الرسمي مع المؤسسات الغربية، خاصة في مجال مراقبة التحركات الإقليمية، دليل على سياسة أنقرة المتوازنة".

مع ذلك، تعتقد الصحيفة أن "إغلاق تركيا مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية، ورفضها السماح باستخدامه في شن الهجمات، خطوة داعمة لإيران".

أما العراق "فنظرا للعلاقات التاريخية والمذهبية والجغرافية بينه وبين إيران، كان من أوائل الدول التي شهدت موجات تعاطف شعبي واسعة مع طهران".

فقد أبدت فصائل شيعية عراقية، خصوصا "الحشد الشعبي"، دعمها لإيران وأعلنت بعض الجماعات استعدادها لإرسال مقاتلين إلى الجبهة. وفق التقرير.

واستدركت الصحيفة: "لكن على الصعيد الرسمي، تبنت الحكومة العراقية سياسة حذرة ومتحفظة نسبيا، بهدف تجنيب البلاد الانزلاق في أتون الحرب".

وأوضحت أنه "رغم إصدار بغداد بيان إدانة للهجوم الإسرائيلي، فإنها لم تسمح بمرور أي قوات أو تقديم دعم لوجستي مباشر لإيران".

بالنسبة إلى باكستان فقد وجدت نفسها -بحسب الصحيفة- "أمام تحدٍّ دبلوماسي معقد، نتيجة علاقتها الإستراتيجية مع السعودية وبعض القوى الغربية من جهة، وصلتها الجغرافية والمذهبية بإيران من جهة أخرى".

وأردفت "فقد أدانت إسلام آباد الهجوم الإسرائيلي رسميا ودعت إلى ضبط النفس، لكنها امتنعت عن تقديم أي دعم مباشر لطهران".

في المقابل، "عززت التنسيق الأمني مع إيران على الحدود المشتركة، لمنع استغلال الحرب من قبل الجماعات المتطرفة".

أما أفغانستان، فترى الصحيفة أنه "في ظل الأزمات الداخلية واستمرار هشاشة حكم طالبان، لم تتمكن كابول من لعب دور ملموس في المعادلات الإقليمية المتعلقة بالحرب".

ومع ذلك، أشادت الصحيفة بالبيان الأفغاني الذي شدد على أن "أي عدوان خارجي على الدول الإسلامية مرفوض"، ووصفت تلك الخطوة بـ"الموقف النادر والمدروس".

وتابعت: "رغم الطابع الرمزي لهذا الموقف، إلا أنه لاقى ترحيبا نسبيا في الإعلام بالعالم الإسلامي، وعُدّ لصالح إيران من حيث التأثير المعنوي والدعائي".

سياسة الحياد 

من جانبها، ونظرا لعلاقاتها الإيجابية التقليدية مع إيران "تبنت أرمينيا سياسة (الحياد النشط)، فأدانت الهجوم الإسرائيلي وأكدت حق إيران في الدفاع عن سيادتها". بحسب الصحيفة.

وأضافت: "كما قدمت بعض التسهيلات اللوجستية على الحدود الشمالية الإيرانية، لتلعب دورا موازنا ومضادا لموقف جارتها أذربيجان".

وفيما يخص تركمانستان، فقدرت الصحيفة أنه "وفقا لنهجها التقليدي القائم على (الحياد الإيجابي)، امتنعت عشق آباد عن اتخاذ أي موقف إعلامي أو سياسي من الحرب الإيرانية الإسرائيلية".

غير أنها لفتت إلى "استمرار العلاقات الاقتصادية في مجالات الطاقة والتبادل التجاري والمشاريع المشتركة، حتى في ذروة الأزمة".

ونوهت الصحيفة إلى أن "هذا السلوك الواقعي عُدّ في طهران بمثابة موقف محترم ومحايد".

أما أذربيجان فترى أنه "رغم اتخاذها موقفا رسميا محافظا ومحايدا، إلا أن هناك مؤشرات تدل على تقارب وتعاون متزايد بين باكو وإسرائيل".

وأشارت عدة تقارير إلى "تسهيل أذربيجان لرحلات استطلاع أو تجسس إسرائيلية من أراضيها تستهدف إيران".

وحسب التقرير أثار هذا السلوك انتقادات واسعة في الرأي العام الإيراني، وزاد من التوتر في العلاقات بين طهران وباكو.

الخليج العربي 

على المستوى العربي، رأت الصحيفة أن مواقف دول الخليج العربي اتسمت "بانقسام واضح تجاه الحرب". 

وأردفت: "فبينما تبنت كل من قطر والكويت وعُمان مواقف محايدة وداعية إلى التهدئة، سلكت السعودية والإمارات مسارا مغايرا، اتسم بالصمت والتعاون الاستخبارتي مع الغرب، وهو ما قوبل باستياء غير مباشر عن محور الممانعة الإيراني".

وتابعت: "ورغم عدم إعلان أي من هذه الدول دعما صريحا للهجوم الإسرائيلي، فإن مواقفها الميدانية لم تُحسب لصالح إيران".

وأوضحت أن "سلطنة عمان، كالعادة، لعبت دور الوسيط الهادئ في هذه الأزمة أيضا، فقد أدانت مسقط الهجوم الإسرائيلي، ودعت إلى ضبط النفس واحترام سيادة الدول".

وأضافت الصحيفة أن "مسقط بادرت بجهود لتخفيف التوتر بين طهران وبعض العواصم العربية، خاصة الرياض، واقترحت بشكل غير رسمي إنشاء قنوات دبلوماسية طارئة".

في المقابل، رحبت طهران بـ"النهج الهادئ والمستقل لمسقط في القضايا الإقليمية، ورأت أن سلوكها في هذه الأزمة ودي ومنطقي".

وبناء على ما سبق، تعتقد الصحيفة أن الحرب بين إيران وإسرائيل "كشفت عن الوجه الحقيقي للعلاقات الإقليمية مع إيران".

وخلصت إلى أن "معظم الدول المجاورة اختارت إما الصمت أو إعلان الحياد، ولم تظهر سوى دول قليلة مثل عمان وأرمينيا وتركمانستان سلوكا متوازنا وبناء".

وفي الوقت ذاته، "برز تعاطف شعبي في العراق وبعض المناطق في أفغانستان، مصحوبا برفض واسع لإسرائيل".

واختتمت الصحيفة بالتوضيح: "لكن على أرض الواقع، كانت الاستجابة الحكومية أقرب إلى التقديرات الدبلوماسية والحذر في العلاقات الدولية منها إلى الدعم المباشر".