ممر زنغزور.. صراع النفوذ بين محور طهران-يريفان وأنقرة-قطر-باكو

منذ ١٢ ساعة

12

طباعة

مشاركة

أشعلت الحرب التي استمرت 12 يوما بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وإيران من جهة أخرى، سلسلة من التحركات الإقليمية التي قد تعيد رسم موازين القوى في منطقة جنوب القوقاز. 

فبحسب موقع "الدبلوماسية الإيرانية"، دفعت هذه المواجهة طهران إلى إعادة بناء قدراتها الدفاعية والنووية، في وقت وجدت فيه دول كتركيا وأذربيجان وحتى الولايات المتحدة فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة، عبر فكرة إنشاء ممر زنغزور.

اقتناص الفرصة 

جدير بالذكر أن ممر زنغزور يمتد لمسافة 32 كيلومترا داخل محافظة سيونيك جنوبي أرمينيا، وقد تحول إلى بؤرة توتر إقليمي منذ أن طرحت أنقرة فكرة تنفيذه، بهدف ربط أذربيجان بجمهورية نخجوان ومن ثم إلى تركيا، ليكون جزءا من "الممر الأوسط" للتجارة بين آسيا الوسطى وأوروبا.

في المقابل، أشار الموقع إلى أن "أرمينيا رفضت استخدام تسمية (زنغزور)، لما تحمله من دلالات أيديولوجية ترتبط بالرواية الأذربيجانية، وتصر على الاحتفاظ بسيطرتها الكاملة على المنطقة".

من جهة أخرى، أثار المقترح الأميركي بإسناد إدارة الممر لشركة خاصة -كجزء من جهود الوساطة بين باكو ويريفان- مزيدا من التعقيد؛ حيث يهدد المقترح بقطع الطريق التجاري المباشر بين إيران وأرمينيا ويُضعف نفوذ طهران في جنوب القوقاز.

وعقب الموقع على التحركات التركية الأميركية قائلا: "تظهر أنقرة وواشنطن ميولا واضحة لاقتناص الفرص التي وفَّرتها ظروف ما بعد الحرب، لتعزيز حضورهما في القوقاز".

ويدعي أن تركيا "تسعى، من خلال دعمها لإنشاء ممر زنغزور، إلى تحويل نفسها إلى مركز تجاري يربط آسيا الوسطى بأوروبا".

ويرى أن "اللقاء الأخير بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان على الأراضي التركية، يعكس جهود أنقرة لتطبيع العلاقات مع يريفان تمهيدا للمضي قدما في تنفيذ هذا المشروع".

أما واشنطن، فترى في الممر -حسب الموقع- "وسيلة لتعزيز وجودها في منطقة تتصاعد فيها التوترات بين الشرق والغرب، خصوصا مع تزايد نفوذ الصين وروسيا".

واستطرد: “ووسط هذا الحراك، تبدو إيران في موقف دفاعي، تحاول من خلاله الحفاظ على موقعها في معادلة النفوذ، وهو ما قد يدخلها في صدام مع تركيا”.

تنسيق مشترك

في هذا السياق، أجرى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان، اتصالا هاتفيا مع نظيره الأرميني آرمن غريغوريان، أكد فيه الطرفان على ضرورة الحفاظ على الوضع الجيوسياسي القائم في المنطقة.

وأكد غريغوريان أن "موقف أرمينيا لم يتغير تجاه ممر زنغزور، الذي يهدف إلى ربط أذربيجان بجمهورية نخجوان عبر الأراضي الأرمينية. 

وجدد "تمسك يريفان بسيادتها على أراضيها".

من جانبه، عبر أحمديان عن تقديره لموقف أرمينيا الداعم لإيران في وجه الهجوم الإسرائيلي. 

وأكد أن "السياسة الإيرانية تقوم على رفض أي تغييرات جيوسياسية في المنطقة". 

وشدد أحمديان على أن "أي تعديل في التوازن الجيوسياسي قد تكون له تداعيات سلبية على الأطراف كافة".

ووفقا للموقع، "يعكس هذا التنسيق بين طهران ويريفان مدى تقاربهما في مواجهة التحركات الإقليمية التي تهدد مصالحهما المشتركة".

وأوضح أسباب رفض طهران للمشروع قائلا: "يشكل ممر زنغزور تهديدا مباشرا لمصالح إيران الإستراتيجية، نظرا لاعتمادها الكبير على الممر التجاري الذي يربطها بأرمينيا".

وتوقع أنه "يمكن لطهران أن تغير موازين القوى بالاعتماد على روافع إقليمية، بما في ذلك العلاقات مع أرمينيا".

وبحسب الموقع، فإن "استغلال تركيا لحالة الضعف الإيراني قد يشعل موجة جديدة من التوتر في المنطقة، ما لم تتحرك طهران بسرعة وفاعلية".

ساحة منافسة

مع ذلك، يرى الموقع الفارسي أن "الدبلوماسية الذكية التي تنتهجها طهران، لا سيما من خلال تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع أرمينيا، قد تُسهم في الحيلولة دون تراجع نفوذها".

ورأى أن "التحركات الأخيرة لتركيا والولايات المتحدة وأذربيجان في جنوب القوقاز، وبشكل خاص في مشروع ممر زنغزور، جعلت من المنطقة ساحة حساسة لتنافسات جيوسياسية معقدة".

ووفق تقديره "يمكن للتحالف بين طهران ويريفان، وتمسكهما بالحفاظ على الوضع الجيوسياسي القائم، أن يحول دون حدوث تغييرات غير مرغوب فيها".

واستدرك: "لكن التدخل المحتمل من أطراف خارجية مثل قطر والإمارات، في مشاريع مماثلة (مثل طريق التنمية العراقي)، والدور المحتمل للصين وروسيا، يزيد المشهد تعقيدا".

في المحصلة، يرى الموقع أن "قدرة إيران على الحفاظ على نفوذها في القوقاز ستعتمد على مدى نجاحها في اتباع دبلوماسية نشطة وتفادي التصعيد، في منطقة تقف على عتبة تحول قد يعيد تشكيل النظام الإقليمي بأكمله".

وفي 13 يونيو/ حزيران 2025، شنت إسرائيل بدعم أميركي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، 

وردت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، ثم أعلنت واشنطن في 24 من الشهر ذاته وقفا لإطلاق النار بين الجانبين.