"عملية سرية" مكنت إيران والحوثيين من اختراق الحصار الأميركي.. ما القصة؟

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تخوض جماعة الحوثي اليمنية معركة شرسة ضد حاملات الطائرات الأميركية في البحر الأحمر، عبر هجمات شبه يومية تستخدم فيها صواريخ باليستية للهجوم من ارتفاعات عالية، وصواريخ كروز للهجوم منخفض الارتفاع، إلى جانب طائرات مسيرة مفخخة بعيدة المدى.

ورغم أن القتال بدا شديدا للغاية، بحسب موقع "سوهو" الصيني، إلا أنه كانت هناك في الواقع عملية سرية تجرى خلف الكواليس، منتهزة "استحواذ هجمات الحوثيين على كامل انتباه الأسطول الأميركي في المنطقة".

براعة إستراتيجية 

إذ “استغلت طهران انشغال الأسطول الأميركي في محاربة الحوثيين في اليمن”، ونجحت في "تهريب سفينة شحن عسكرية عبر البحر الأحمر وقناة السويس، لنقل أسلحة وذخائر إلى حزب الله اللبناني المحاصر".

ورأى الموقع الصيني أن "هذه العملية تظهر براعة الحوثيين الإستراتيجية؛ حيث استخدموا من جهة صواريخ مضادة للسفن وصواريخ باليستية لضرب مجموعات حاملات الطائرات الأميركية، ومن جهة أخرى، استغلوا انشغال الأميركيين بالدفاع الجوي وصد الصواريخ، مما جعلهم غير قادرين على مراقبة وتفتيش السفن التجارية المحيطة".

وأردف: "في هذه اللحظة، تمكنت سفينة الشحن الإيرانية من اختراق الحصار البحري الأميركي، وعبرت مضيق باب المندب في البحر الأحمر بسرعة".

وبحسب التقرير، تعكس هذه الخطة "إحدى إستراتيجيات (الخطط الستة والثلاثين) الصينية القديمة، المعروفة بـ (إصلاح الجسر علانية، والعبور السري إلى تشن تسونغ)، أي بمعنى آخر، جذب انتباه العدو بتحركات ظاهرة، بينما تُنفذ عملية مفاجئة من جانب آخر".

ومنذ 15 مارس/ آذار 2025، تنفذ أميركا مئات الغارات على اليمن، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات، وتأتي هذه الغارات بعد أوامر أصدرها الرئيس دونالد ترامب لجيش بلاده بشن "هجوم كبير" ضد جماعة الحوثي، قبل أن يهدد بـ"القضاء عليها تماما".

غير أن الجماعة تجاهلت تهديد ترامب، واستأنفت قصف مواقع داخل إسرائيل وسفن في البحر الأحمر متوجهة إليها، ردا على استئناف تل أبيب منذ 18 مارس حرب الإبادة بحق الفلسطينيين في غزة.

خط إمداد بحري

وأوضح الموقع الصيني أن إيران "لجأت لهذا الخيار الخطير، نتيجة سقوط نظام بشار الأسد في سوريا؛ حيث انقطعت خطوط الإمداد البرية التي تربط إيران بحزب الله في لبنان والتي استمرت لأكثر من 40 عاما".

وتابع: "بعد أن دمر الطيران الإسرائيلي حوالي 70-80 بالمئة من مخزون الذخائر بعيدة المدى لحزب الله، أصبح الحزب في حاجة ماسة إلى إمدادات الأسلحة والذخائر والدعم المالي".

وبالتالي، "بدأ الحرس الثوري الإيراني، وتحديدا قوات فيلق القدس، بإعادة بناء خط إمداد بحري عبر مضيق باب المندب الخاضع لسيطرة الحوثيين"، كما أفاد الموقع.

وأضاف: "عبرت سفن الشحن الإيرانية قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط؛ حيث نقلت الأسلحة والذخائر إلى سفن حزب الله الذي يتسلمها في المياه الدولية".

ولم يستبعد التقرير الصيني أن "تدخل السفن الإيرانية مباشرة إلى ميناء بيروت في لبنان، فقد بنى حزب الله شبكة علاقات واسعة مع موظفي الجمارك، وعمال الموانئ، وأمناء المستودعات في ميناء بيروت، مستفيدا من مشاعر العداء تجاه إسرائيل، ودعم الشعب الفلسطيني، والإعانات المالية، وروابط الأخوة بين الشعبين".

"وهو ما يتيح له تفريغ الأسلحة والذخائر من السفن الإيرانية دون تفتيش، ونقلها سرا إلى المستودعات القريبة، ثم تسليمها إلى قوافل حزب الله"، وفق التقرير.

في المقابل، لفت التقرير الصيني إلى أن الإسرائيليين يرون أن "انتقال حزب الله للتهريب البحري يُعد نقطة تحول إستراتيجية كبرى، تعكس فشل التنظيم في استخدام طرق التهريب البرية التقليدية".

ويدعى الإسرائيليون، وفق التقرير، أن "انتقال حزب الله للتهريب عبر البحر يُعد دليلا واضحا على أن جميع محاولاته السابقة للتهريب عبر البر قد باءت بالفشل".

جدير بالذكر أن "90 بالمئة من الأسلحة كانت تصل سابقا من إيران عبر العراق؛ حيث كانت المليشيات الشيعية العراقية تنقلها إلى سوريا، ومن هناك ينقلها حزب الله إلى لبنان، تحت إدارة مباشرة من فيلق القدس الإيراني"، وفق الموقع.

واستطرد: " أما الآن، فقد تغير الوضع بشكل كبير بسبب سقوط نظام الأسد في سوريا؛ حيث عملت السلطات الجديدة في سوريا على وقف تهريب الأسلحة لحزب الله".

ترقب صيني

في الوقت ذاته، أشار الموقع الصيني إلى أن إيران تعمل كذلك على "إنشاء خطوط إمداد جوية من العراق أو تركيا إلى لبنان لنقل الأموال السائلة إلى حزب الله".

كما "تقوم بنقل أسلحة وذخائر إلى العراق؛ حيث أفادت صحيفة "تايمز" البريطانية بأن "الحرس الثوري الإيراني زود المليشيات الشيعية العراقية بصواريخ كروز من طراز "القدس 351" وصواريخ باليستية قصيرة المدى من طراز (جمال 69)".

ويعتقد الموقع أن "هناك عددا كبيرا من المليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق، ترفض نزع سلاحها؛ حيث يهدفون إلى إقامة كيان شبيه بحزب الله في لبنان، أي (دولة داخل دولة)".

وقدّر أن "تسارع إيران بتزويد العراق وحزب الله في لبنان بالأسلحة والذخائر، يأتي في إطار استعداداتها المكثفة لمواجهة حرب وشيكة في الشرق الأوسط".

"وهو ما يعد ردا قويا من القيادة العسكرية الإيرانية، تؤكد فيها على رفضها التام للخضوع للضغوط الأميركية الشديدة"، كما ذكر الموقع.

من جهة أخرى، رأى التقرير الصيني أن "الاضطرابات في الشرق الأوسط تصب في مصلحة بكين، وقال: "إستراتيجية الصين تقوم على مبدأ (أنت تقاتل معركتك، وأنا أقاتل معركتي)".

وأوضح مقصده قائلا: "عندما تركز الولايات المتحدة مواردها العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في الشرق الأوسط، وتتورط بالكامل في الصراع مع إيران والحوثيين في اليمن، وتصبح غير قادرة على الاهتمام بجبهات أخرى، عندها ستأتي فرصة الصين".